رئيس الجمهورية يتلقى اتصالاً من السيسي ويؤكد في رسالة الاستقلال: السيادة كل لا يتجزأ سواء على الأرض أو في السياستين الداخلية والخارجية
قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في رسالة وجّهها إلى اللبنانيين عشية الذكرى الرابعة والسبعين للاستقلال، إن «غداً اليوم يوم ليس كسائر الأيام وعيد ليس كسائر الأعياد، هو عيد الاستقلال والاستقلال ليس لحظة محددة، هو عمل دؤوب ونضال متواصل هو قصة شعب دفع الكثير ولم يزل ليبقى سيداً حر القرار وعلى أرض حرة. هو تاريخ حافل بالمحطات، هو يومكم أيها اللبنانيون. هذا العهد هو محطة من تلك المحطات، وأسعى جاهداً لتكون مشرقة ولتبقى كل الإرادات متضافرة لنحصّن السيادة والاستقلال ونحفظ استقرار وطننا وسط العواصف، ولنكمل عملية بناء الدولة».
وأضاف: «لقد أعلنت في خطاب القَسَم أنه في طليعة أولوياتنا منع انتقال أي شرارة من النيران في الدول المجاورة إلى الداخل، وأكدت ضرورة ابتعاد لبنان عن الصراعات الخارجية واحترام ميثاق جامعة الدول العربية، لذلك انتهجنا سياسة مستقلة وتحاشينا الدخول في النزاعات، ودعَوْنا إلى الحوار بين الأشقاء العرب، لأنه في الحروب الداخلية انتصار للمنتصرين كما للمنهزمين».
وتابع: «فمع بدء الحرب في سورية بدأت التنظيمات الإرهابية تخترق حدودنا الشرقية وتتغلغل إلى الداخل اللبناني محاولة السيطرة على ما أمكنها من قرى وبلدات ومناطق، زارعة الموت والدمار عبر تفجيرات إرهابية طالت كل لبنان. ونحن، على رغم انتصارنا على الأرهاب وتحرير أرضنا منه، ما زلنا نتساءل من أين جاء الإرهاب إلى لبنان؟ مَنْ أرسله؟ مَنْ موّله؟ مَنْ سلّحه ومَنْ درّبه؟ ولماذا؟ أليس لضرب الاستقرار وزرع الفتنة، وقد شهدنا مآل الأحوال في الدول العربية التي تمكنت منها تلك التنظيمات».
وأردف: «من ناحية ثانية، تربض «إسرائيل» على حدودنا الجنوبية وتاريخها مع لبنان، ومنذ قيامها، حافل بالاعتداءات والحروب التدميرية، من اعتداءات الستينيات والسبعينيات إلى اجتياحها للبنان في العام 1982 ووصولها إلى بيروت واحتلالها نحو نصف لبنان ثم انسحابها محتفظة بأجزاء من الجنوب تحت سيطرتها لثمانية عشر عاماً، شنّت خلالها سلسلة حروب تدميرية منها «تصفية الحساب» في العام 1993 وعناقيد الغضب في العام 1996 ومجزرة قانا الأولى، وتدمير محطات تحويل الكهرباء في العام 1999، حتى اضطرت إلى الانسحاب في العام 2000 تحت ضغط مقاومة اللبنانيين، لتعود في العام 2006 وتشنّ حرباً جديدة ارتكبت خلالها أبشع المجازر ودمّرت البنى التحتية بما فيها الجسور، كما دمّرت أيضاً العديد من القرى وضاحية بيروت الجنوبية، ولكنها هذه المرة لم تستطع تجاوز الحدود. وهي اليوم تنتهك سيادتنا براً وبحراً وجواً بشكل مستمر غير آبهة بالقرارات الدولية وتهددنا بحروب جديدة وتدمير جديد. أليس أجدى أن تبادر الأسرة الدولية إلى مقاربة جديدة تقوم على الحقوق والعدالة وحق الشعوب في تقرير مصيرها، تعالج عبرها قضايا السلاح والتسلح والحروب».
وقال: «أيّها اللبنانيون في كل تلك المراحل والمحطّات، كان لبنان يدفع أغلى الأثمان ويحاول جاهداً إبعاد شبح الفتنة فالوطن الذي بذل الدماء سخية، شعباً وجيشاً، ضد العدو «الإسرائيلي»، كما التكفيري، وسطّر بطولات وتضحيات في تحرير أرضه من الاثنين معاً، ليس وطناً تسهل استباحته ما دام يعتصم بوحدته الداخلية في وجه الفتنة التي هي الشر الأكبر».
وأضاف: «إن ما تلقاه لبنان هو تداعيات الصدامات وشظايا الانفجارات، ولا شيء ينفع في معالجة التداعيات إن لم يقفل باب النزاعات. ولكنه في كل الحالات لن ينصَاع إلى أي رأي أو نصيحة أو قرار يدفعه باتجاه فتنة داخلية، ومَن يُرِد الخير للبنان يساعدْهُ على تحصين وحدته، لأنها صمام أمانه. وفي هذا السياق تأتي الأزمة الحكومية الأخيرة، والإشكالية التي أحاطتها، وصحيح أنها عبرت، إلا أنها قطعاً لم تكن قضية عابرة، لأنها شكّلت للحكم، وللشعب اللبناني اختباراً صادماً وتحدّياً بحجم القضايا الوطنية الكبرى، يستحيل إغفالها والسكوت عنها. فهل كان يجوز التغاضي عن مسألة واجب وطني فرض علينا لاستعادة رئيس حكومتنا إلى بلده لأداء ما يوجبه عليه الدستور والعرف، استقالة أو عدمها، وعلى أرض لبنان؟ ثم أنها، أولاً وآخراً، مسألة كرامة وطن وشعب أظهر حيالها تماسكاً وطنياً فريداً، فالسيادة كلٌّ لا يتجزأ سواء على الأرض أو في السياستين الداخلية والخارجية».
وتابع: «أيّها اللبنانيون وسط الغليان الحاصل حولنا، بضع رسائل أودّ توجيهها بكل صراحة وصدق. رسالتي الأولى هي للأشقاء العرب: إن التعاطي مع لبنان يحتاج إلى الكثير من الحكمة والتعقل، وخلاف ذلك هو دفعٌ له باتجاه النار. وعلى رغم كل ما حصل لا تزال آمالنا معقودة على جامعة الدول العربية، بأن تتخذ المبادرة انطلاقاً من مبادئ وأهداف وروحية ميثاقها، فتحفظ نفسها والدول الأعضاء فيها، وتنقذ إنسانها وسيادتها واستقلالها. وأتوجّه أيضاً إلى المجتمع الدولي المدرك أهمية الاستقرار في لبنان، وأدعوه ليصونه من خلال التطبيق الكامل للعدالة الدولية».
أما إلى اللبنانيين فأقول: بوحدتكم تخطيتم الكثير من الصعاب والأزمات والمخاطر، فلا تسمحوا للفتنة أن تطلّ برأسها بينكم، لأنها الدمار الشامل الذي لا ينجو منه أحد. وحدها وحدتكم هي المنقذ، هي أمانكم، هي استقراركم، وهي مستقبل وطنكم وأولادكم. وإلى جيشنا وقوانا الأمنية أقول: أنتم حراس الوحدة الداخلية وحماة الحدود، فكونوا دوماً جاهزين لأداء واجبكم والوفاء بقسمكم».
وختم: «أيتها اللبنانيات، أيّها اللبنانيون، لقد دفعنا جميعاً أغلى الأثمان كي يعود الاستقلال عيداً، بعد أن كان ذكرى، فافرحوا به واحتفلوا، وهذا حقكم. وصونوه وحافظوا عليه وهذا واجبكم. عشتم، عاش لبنان، حراً سيداً مستقلاً».
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب للرئيس عون بمناسبة عيد الاستقلال: «كان لبنان شريكاً قوياً مع الولايات المتحدة في مواجهة تهديد الإرهاب والتطرف العنيف. ونحن نقف بثبات مع لبنان وسنواصل دعم جهود بلدكم لحماية استقرار لبنان واستقلاله وسيادته».
وأبرق الرئيس السوري بشار الأسد مهنئاً الرئيس عون بعيد الاستقلال، ومؤكداً «الحرص على تعزيز الروابط الاخوية القائمة بين بلدينا الشقيقين لما فيه مصلحة شعبينا والمصالح العليا للأمة».
وقالت ملكة بريطانيا اليزابيت الثانية للرئيس عون: «يسعدني ان اهنئكم باليوم الوطني، وأن أعرب لكم في آن عن أفضل التمنيات بالسعادة للشعب اللبناني».
وأبرق خادم الحرمين الشريفين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود مهنئاً، ومتمنياً للرئيس عون الصحة والسعادة، وللشعب اللبناني اطراد التقدم والازدهار.
وأعرب ولي العهد السعودي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع محمد بن سلمان في برقيته عن تمنياته للرئيس عون بموفور الصحة والسعادة، وللحكومة والشعب اللبناني المزيد من التقدم والازدهار.
وكان الرئيس اليوناني قد أبرق متمنياً للرئيس عون السعادة وللشعب اللبناني الازدهار.
وتمنى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في برقيته للرئيس عون أن «يتعزّز السلام والاستقرار في لبنان ونرغب في زيادة التعاون في جميع المجالات».
وقال الرئيس التونسي: «مرتاحون للروابط الأخوية العريقة وعلاقات التعاون المتميزة التي تجمع تونس ولبنان. وأؤكد لكم عزمنا الراسخ على العمل سوياً من أجل دعمها».
وتلقّى رئيس الجمهورية اتصالاً هاتفياً من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تمّ خلاله التداول في التطوّرات الراهنة، وشكر الرئيس عون الرئيس المصري على الاهتمام الذي أبداه في معالجة الأزمة التي نشأت بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري استقالته واتفق الرئيسان على استمرار التشاور بينهما.
ونقلت صحيفة «اليوم السابع» عن السفير بسام راضي، المتحدّث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية المصرية، قوله إن الاتصال تناول سبل تعزيز العلاقات الثنائية بين مصر ولبنان، في ضوء العلاقات القوية التي تجمع البلدين.
كما تمّ خلال الاتصال بحث تطوّرات الأوضاع السياسية في لبنان، حيث تمّ تأكيد أهمية الحفاظ على استقرار لبنان، وضرورة إعلاء المصلحة الوطنية اللبنانية، واتفق الرئيسان على مواصلة التنسيق والتشاور المكثف إزاء مستجدّات الموقف.
واستقبل عون في قصر بعبدا، قائد الجيش العماد جوزف عون وأعضاء المجلس العسكري: رئيس الأركان اللواء الركن حاتم ملاك، المدير العام للإدارة اللواء محسن فنيش، المفتش العام اللواء الركن سمير الحاج، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء الركن سعد الله حمد، وعضو المجلس اللواء الركن جورج شريم. وخلال اللقاء، سلّم قائد الجيش رئيس الجمهورية بزة القتال الجديدة التي اعتمدها الجيش مؤخراً، والتي ارتداها العماد عون وأعضاء المجلس العسكري، والتي سيرتديها أيضاً العسكريون المشاركون في العرض العسكري اليوم للمرة الأولى.
وعرض عون مع وزير السياحة اواديس كيدينيان الحركة السياحية في البلاد والاستعدادات التي اتخذتها الوزارة للسياحة الشتائية.
ثم استقبل بحضور وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل سفير ايطاليا في لبنان ماسيمو ماروتي الذي عرض معه برنامج الزيارة الرسمية التي ينوي رئيس الجمهورية القيام بها الى ايطاليا ابتداء من 29 تشرين الثاني الحالي، وحتى الأول من كانون الاول المقبل. وتم خلال اللقاء التداول في الأوضاع العامة والتطورات الأخيرة والعلاقات الثنائية وسبل تطويرها.
واستقبل عون المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان الذي نقل إلى رئيس الجمهورية تحيات رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان وتقديره للدور الذي لعبه في معالجة الأزمة التي نشأت عن إعلان رئيس مجلس الوزراء الرئيس سعد الحريري استقالته، والمواقف التي اتخذها حيال الملابسات التي رافقت الاستقالة. وأشاد المفتي قبلان بمواقف رئيس الجمهورية من البيان الذي صدر عن مؤتمر وزراء الخارجية العرب الذي انعقد في القاهرة، والتي عبر عنها خلال استقباله أمس، الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.
وتسلم رئيس الجمهورية من الرئيس سليم الحص رسالة نقلها إليه مدير مكتبه رفعت البدوي، وتضمّنت إشادة بالمواقف التي اتخذها في إدارته الأزمة الحكومية الراهنة، والتي جنبت البلاد أزمة وطنية. وعبر الحص في رسالته عن دعمه للخطوات الوفاقية التي يتخذها الرئيس عون منوّهاً بالتشاور الذي اجراه مع القيادات اللبنانية كافة.
ومن زوار بعبدا وفد من ثانوية السيدة للراهبات الانطونيات في الجمهور والحازمية.