القدس فلسطينية.. والمقاومة ردّنا الأساس
داليدا المولى
منذ «وعد بلفور» اللا إنساني واللا حقوقي قبل مئة عام، ونحن نواجه الويل الذي جلبه الأجنبي على شعبنا وبلادنا. واليوم، مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب القدس عاصمة لكيان الاحتلال اليهودي، نشهد انقلاباً على كل القوانين والمواثيق الدولية والإنسانية ليصبح الويل مضاعفاً.
ليس خافياً أن «وعد بلفور» المشؤوم، لقي تأييداً من أنظمة عربية فاسدة، لم تكتفِ بالتآمر على فلسطين في السرّ وفي العلن، بل طبّعت علاقاتها مع العدو اليهودي، وبدلاً من أن تضع خطة فعلية تواجه جنون المستعمر، فإنها تركت فلسطين لقدرها تواجه التنين اليهودي.
وحدها، الحركة السورية القومية الاجتماعية بما تحمله من توجّه وتحدٍّ وفهم عميق للهوية السورية والمجتمع وإمكانيات الأمة السورية وفي صلبها فلسطين، جاءت لتشكّل الخطة المنظمة التي تخرج سورية من جمودها إلى التحرّك ولتقول بمحورية المقاومة المنظمة للدفاع عن حقوقنا بوجه مطامع اليهود ومآربهم في فلسطين.
لقد ثبُت أنّ القرارات الدولية لم تمنع العدو اليهودي من عدوانه وسياساته العنصرية والاستيطانية والتهويدية، لا بل إنّ معظم القرارات الدولية كانت لتمرير أهداف «إسرائيل» تحت عباءة الدول الغربية الممسكة بمفاصل السياسة الدولية والتي تعمل وفق استراتيجية واضحة هدفها شرعنة كيان الاحتلال وتصفية المقاومة. وقد رأينا هذا الغرب، ومعه أدواته من العرب، كيف خطّطوا ونفّذوا مشروع هدم الكيانات السورية من بغداد إلى دمشق ومحاولة ضرب المقاومة، في محاولة لهدم المحور المقاوم الأساسي بوجه المشروع «الإسرائيلي» الرامي إلى تفتيت المنطقة.
لكن، لا يمكن لقوة على وجه الأرض ردّ صاحب الحق عن المطالبة بحقوقه، والتّمسك بحقه في مقاومة العدوان وبالوسائل كلّها… فالصراع، ظاهرة معقدة ومتشابكة، يمثل وجودها أحد معالم الواقع الإنساني، في مستوياته المختلفة، فردية كانت أم جماعية، وفي أبعادها المختلفة نفسية كانت أم ثقافية أو سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية. ولا يمكن للفلسطيني تركُ الصراع في سبيل أرضه وترك مصيره في يد شتات يهود العالم وأوهام «وطنهم» المزعوم.
ما نقوله هنا: إنّ أيّ قرار حول مصير فلسطين، لا يعنينا، وسيفشل كسابقه. فقرارات اتخذت كثيراً وتسويات جاءت بالعدوان وبلبوس الصديق كثيراً، وبقينا نقول إنّ فلسطين للفلسطينيين، فلسطين لسورية، ولا يمكن لأحد أن يقرّر مصيرها إلا الأمة السورية، وستبقى المقاومة ردّنا وحقنا المكتَسَب لضمان الأمان وتحصين المصير وبناء المستقبل. وهذا حق لا تستطيع أية جهة انتزاعه أو تصفيته.
فلسطين هي ملك أسماء آلاف المناضلين والشهداء المحفورة في بنيان الذاكرة الجمعية… فلسطين ملك المفاتيح التي تملأ المخيمات وتنتظر استرجاع حقوقها. الدماء الزكية التي سقت الأرض حتى ارتوت من قدس روح أبنائها هي من تقرِّر مصير القدس وكلّ فلسطين… تضحيات الأمهات وأفئدتهن تفتقد فلذاتها لها وحدها يرجع القرار.. سواعد مقاومين تعمّدت بالبطولة وأبت أن تسلّم مصيرها لمحتلّ ومستعمر وتجار الهيكل لها وحدها أن تقول القرار الفصل في مصير فلسطين… سورية كلها بشعبها ووحدة مصيرها ووحدة الخطر المتربّص بها هي مَن تقرّر حقيقة فلسطين وتاريخها ولمن الغلبة في القدس.
لا يمكننا، وقد وصلت الأمور إلى هذه المرحلة من التحدّي والعنجهية الأميركية «الإسرائيلية» إلا أن ندعو شعبنا إلى الوحدة، وحدة الاتجاه والمعركة بين بغداد ودمشق أولاً من أجل تثبيت الانتصار المحقق وإمكانية وقف مهازل «اتفاق أوسلو» و»عملية السلام» ومفاوضات التسوية كلّها وحشد الإمكانيات الإقليمية والدولية لدعم مقاومة فلسطينية موحّدة في مواجهة إرهاب دولة العدو على كامل التراب الفلسطيني. قوّتنا تكمن في وحدتنا. وما أوصل فلسطين إلى هذا الدرك سوى الانقسامات…
وكيل عميد شؤون عبر الحدود
في الحزب السوري القومي الاجتماعي