أميركا تستهدف «الأونروا»… والمقاومة سبيل وحيد للتحرير والعودة
معن حمية
حين استخدمت الولايات المتحدة «الفيتو» في مجلس الأمن الدولي ضدّ قرار بوجه قرار اتخذه الرئيس الأميركي دونالد ترامب يعترف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال اليهودي، بدا واضحاً أنّ الإدارة الأميركية عازمة على اتخاذ الإجراءات كافة لجعل قرار رئيسها نافذاً. وهذا الاتجاه برز في ردة فعل المندوبة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، بعد تصويت أعضاء مجلس الأمن لصالح مشروع قرار يناقض قرار ترامب، فاعتبرت التصويت «إهانة وصفعة»، وقالت: «لن ننسى هذا الأمر أبداً».
وبعد تصويت الجمعية العامة للأمم المتحدة على قرار بشأن القدس يناقض القرار الأميركي، خرجت هايلي عن طورها، وأكدت أنّ قرار واشنطن بشأن القدس «يعكس إرادة الأميركيين»، وهدّدت بوقف المساعدات عن الدول التي صوّتت ضدّ إرادة واشنطن، وعن منظمة الأمم المتحدة، ولاحقاً أعلنت هايلي أنّ بلادها اقتطعت 285 مليون دولار مساعدات سنوية مخصّصة للأمم المتحدة، مشيرة إلى أنّ هناك «العديد من الإجراءات الأخرى».
الموقف الأميركي الآنف الذكر، يشير بوضوح إلى أنّ واشنطن لا تكترث بمواقف الدول الرافضة قرار ترامب، وستعمل ما في وسعها لتدعيم قراره، من خلال مجموعة إجراءات لم تفصح عنها، لكن تهديدات ترامب وتأكيدات هايلي بالتوقف عن تمويل منظمة الأونروا ، تكشف جانباً من الإجراءات الأميركية.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا تقول إنها لم تتبلغ من واشنطن أيّ قرار بهذا الخصوص، لكن هذا لا ينفي حقيقة أنّ القرار قد اتُخذ، فواشنطن ترى بأنّ إنهاء مهمة هذه المؤسسة الدولية، سيؤدّي إلى إسقاط حق العودة، كما أنّ الاونروا نفسها، اتبعت خلال السنوات الماضية سياسة تخفيض التقديمات للفلسطينيين بشكل كبير وكبير جداً.
وأمام هذا التحدّي، الذي يمثله قرار ترامب بشأن القدس والإجراءات التي تصاحبه، فإنّ السؤال، عن أيّ دور يمكن أن تؤدّيه الدول التي وقفت ضدّ خطوة ترامب؟ وهل تستطيع هذه الدول تأمين مصادر تمويل كي تستمرّ تقديمات الأونروا من دون مساهمة واشنطن؟
حتى الآن ليس هناك إجابات واضحة، لكن ما هو غاية في الوضوح أنّ الولايات المتحدة حين قرّرت الاعتراف بالقدس عاصمة لكيان الاحتلال اليهودي، قرّرت مجموعة إجراءات لمواكبة هذا الاعتراف، وفي مقدّمها تقويض دور الأونروا وشطب حق العودة، وإعادة طرح توطين الفلسطينيين خارج فلسطين، وهذا الأمر مهّد له ترامب قبل أشهر، حين دعا إلى توطين اللاجئين في البلدان التي يُقيمون فيها! وإذا كانت دعوة ترامب لتوطين اللاجئين جاءت على خلفية النقاش بأوضاع النازحين السوريين، فإنّ الهدف منها هو توطين اللاجئين الفلسطينيين.
ما هو مؤكد أنّ واشنطن لن تألو جهداً لتحقيق الهدف «الإسرائيلي» ـ الأميركي بتصفية المسألة الفلسطينية من خلال عمليات الاستيطان والتهويد وشطب حق العودة وتوطين الفلسطينيين خارج ديارهم، وبتغطية من بعض الدول العربية والإقليمية، غير أنّ إسقاط المشاريع والخطط والقرارات الأميركية ـ الصهيونية، رهن بانتفاضة شعبنا والتمسك بخيار المقاومة سبيلاً وحيداً للتحرير والعودة.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي