تركيا تبيع موقف الائتلاف لموسكو

ناصر قنديل

– لم يكن ينقص هيئة التفاوض للمعارضة السورية التي تتخذ من الرياض مموّلاً ومشغلاً ومقراً لها، سوى فضيحة القرار التركي بإلزام أبرز مكوّناتها الذي يقوده الأخوان المسملون، ويشكل الإئتلاف المعارض إطاره السياسي، بالانضمام للعملية السياسية التي تقودها موسكو عبر مؤتمر الحوار الذي ينعقد نهاية الشهر الحالي، بينما أنقرة في ذروة الحاجة لموقف روسي غير ممانع لعمليتها العسكرية في المواجهة مع الأكراد، الذين يفترض أن واشنطن هي التي تدعمهم وقد تركتهم للحرب التركية في مثال متقابل عن كيف يعامل الأميركيون والأتراك حلفاءهم، لتكتمل الكوميديا السوداء لأهم فريقين مسلحين وسياسيين يمثلان نظرياً المعارضة السورية، ويخرجان عن نطاق سيطرة الدولة السورية بعد داعش والنصرة.

– هيئة التفاوض في موسكو وتعلن أنها لمست تغييراً جذرياً في الموقف الروسي يطمئن لمستقبل الشراكة في سوتشي وهي تدرس الموقف قبل اتخاذ القرار. ويشرح بعض أركان الائتلاف أن تغييراً بلغ حد التخلّي عن الرئيس السوري سمعه أركان الهيئة في موسكو، ليأتي الردّ وعلى قناة العربية على لسان الرئيس السابق للائتلاف جورج صبرا بوصف هذا الكلام بالتسويق المهين وبالفضيحة لمجموعة وصوليين يريدون بيع المواقف وتبريرها، وأن الأكيد أن لا تغيير في الموقف الروسي الواضح بمعادلة، من لا يقبل ببقاء الرئيس السوري فلا يُتعب نفسه بالمجيء إلى سوتشي، ثم يشرح أحد أصدقاء المعارضة السورية من باريس حجم الضغوط التركية التي تتعرّض لها هيئة التفاوض، والحاجة التي تحكمها لمراعاة مقتضيات الحلفاء الإقليميين، بمثل ما ترسل مقاتليها لخوض الحرب التركية في عفرين.

– ما يجري في معركة عفرين في السياسة والميدان يقدّم صورة عن نهاية أجسام أدعت على طرفي المعركة تمثيل شعبها. فالأكراد يخوضون معركة الرهان على الأميركي الذي باعهم عند أول مفترق طرق، بعدما استعملهم وأوهمهم أنه سيمنع أي تهديد عنهم، وها هم يتعرّضون لحرب إبادة يمكن أن يلوموا كل العالم عليها، وعلى تركهم يواجهونها، لكنهم لا يستطيعون إنكار أنهم لم يبادلوا أحداً في هذا العالم الحسنة بالحسنة كي يتوقعوا أن يقف معهم أحد، فلا روسيا ولا سورية اللتان قدّمتا كل الدعم للجماعات الكردية وجدتا منها سوى الجحود والاستعداد للخداع والانقلاب عندما تطلب واشنطن ذلك، بحيث لا يمكن لهذه الجماعات أن تلوم على التخلي الأميركي سوى نفسها، وقد وضعت مصالح ناسها ومستقبلها السايسي في العهدة الأميركية، وبالمقابل لا يخجل مَن يحملون اسم سورية أن يقولوا إنهم يخوضون معركة الأمن القومي التركي، وأن يرفعوا الأعلام التركية وأن يتلقوا التعليمات التركية، وهم يدركون أن لا قضية تخصّ ما وصفوهم بأنه مشروعهم كمعارضة تتصل بهذه الحرب، حتى بالمرجعية الدولية والإقليمية فهم يقاتلون مَن يقاتل تحت لواء الأميركي الذي جعلوه معاً صاحب القرار في مستقبل بلدهم.

– في السياسة كما في الميدان لا ناقة ولا جمل لمحصلة هذه الحرب لأي سوري كردي أو عربي، فهي في النهاية ترصيد لمعادلات قوة بين واشنطن وأنقرة سيدفع الفريقان المحسوبان على المعارضة ثمنها دماءً وسياسة، وستنتهي بتحجيم كل منهما وجعله بصورة أوضح من اليوم مجرد ورقة تفاوضية لحساب مصالح الأميركي والتركي، في علاقته بروسيا وإيران، وتبقى الدولة السورية وحدَها مَن يتحدّث بصدق مع الحليف والخصم بلغة المصلحة السورية.

اترك تعليقاً

Back to top button