أيها الأكراد لا تكونوا كرة في مباريات لعبة الأمم كونوا كما كان أسلافكم قبلكم سيف هذا الوطن وترسه

اياد موصللي

هناك مثل يقول: «ليتك لم تزني ولم تتصدقي».. ونقول لأميركا كذلك اليوم.. هذا القول بعد أن أعلنت أميركا عن نيتها إقامة مناطق آمنة في سورية وإنشاء قوات لحمايتها..

أميركا تلعب اليوم الدور الذي لعبته بريطانيا في احتضان اليهود الصهاينة ووعدهم بوطن قومي في فلسطين لا حبّاً بهم وإنما تحقيقاً لمخطط إزالة الهوية الواحدة في المنطقة.. لغوياً وقومياً.. وما حاولته في العراق عبر الأكراد..

وتريد أميركا بعد فشل مؤامراتها الإرهابية التكفيرية ان تكرّر ما قامت به بريطانيا فتثير نعرة عنصرية تؤدي لتقسيم سورية وتجزئتها..

فشلت أميركا في تحقيق مخططها التآمري الإرهابي الذي أدّى لقيام المليشيات لمهاجمة المدن السورية في الشام والعراق وبعد الارتكابات الإجرامية ضدّ البشر والحجر وتشويه التراث الحضاري للبلاد.

بعد هذا الفشل أرادت أميركا ان تلعب لعبة الأكراد في الشام كما لعبتها بريطانيا و«إسرائيل» في العراق.. تحرّكت أميركا تحت شعار المؤازرة والدعم فأنزلت جنودها في المناطق الشمالية تحت شعار المساعدة في محاربة الإرهاب التكفيري..

تصرّفت بمفردها دون موافقة سلطات البلاد. هذا الحب الأميركي.. ومن الحب ما قتل. الحب الأميركي يتمثل في محاولة ضرب الهوية والانتماء عبر بث الفكر المتطرف القائم على إلغاء الآخر.. وخلق نزعة انفصالية لدى الأكراد كما حاول البريطانيون والهيود مع أكراد العراق. تاريخ يعيد نفسه. الورقة الكردية دائماً هي بوكر التوجهات والمخططات الاستعمارية انطلاقاً من الصورة التي رسمها الصحافي الإسرائيلي بينون، والتي تقول: «انّ العالم العربي الإسلامي مبنيّ مثل «برج مؤقت من بطاقات ورق اللعب» أنشأه الأجانب الفرنسيون والبريطانيون في عشرينات القرن الماضي، دون ان يأخذوا في الاعتبار إرادة سكانه ورغباتهم، وهو مقسّم الى 19 دولة تتألف من فئات من الأقليات التي يعادي بعضها بعضاً، بحيث انّ الإطار الاثني الاجتماعي لكلّ من الدول العربية الاسلامية يمكن ان يتحطم الى درجة الحرب الأهلية التي توجد في بعضها فعلاً».

وكتب يينون يقول انّ هذا النموذج بادٍ للعيان في دول المنطقة، وأنّ معظم هذه الدول تعاني مصاعب مالية خطيرة… ويمكن تفتيتها بسهولة بالغة.

أضاف: انّ التفسّخ التامّ في لبنان إلى خمس حكومات محلية إقليمية يشكل سابقة لكلّ العالم العربي بما فيه مصر، وسورية والعراق وشبه الجزيرة العربية، بطريقة مماثلة. ويشكل تفتيت مصر، والعراق من بعدها، الى مناطق ذات أقليات اثنية ودينية على غرار لبنان، الهدف «الإسرائيلي» على المدى البعيد، على الجبهة الشرقية. وإضعاف هذه الدول عسكرياً حالياً هو الهدف على المدى القريب. وسوف تتفتت سورية إلى دويلات عديدة وفق تركيبها الاثني والطائفي، كما يحدث في لبنان اليوم. وفي النتيجة ستكون هنالك دولة شيعية علوية، وستكون منطقة حلب دولة سنية، ومنطقة دمشق دولة أخرى معادية للدولة الشمالية.. وتقسيم العراق أهمّ من تقسيم سورية. فالعراق أقوى من سورية، وتشكل قوة العراق على المدى البعيد الخطر الأكبر على «إسرائيل».. ويمكن تقسيم العراق على أسس إقليمية وطائفية على غرار سورية في العهد العثماني. وستكون هنالك ثلاث دول حول المدن الرئيسية الثلاث: البصرة، وبغداد والموصل، بينما ستكون المناطق الشيعية في الجنوب منفصلة عن الشمال السني الكردي في معظمه».

انطلاقاً من هذا التصوّر والمفهوم تريد أميركا و«إسرائيل» ان تلعبا الورقة الكردية في الشام كما لعبتها «إسرائيل» في العراق.. ولكن الصورة مختلفة جداً فاليهود طوّروا العلاقة بينهم وبين أكراد العراق قبل قيام الدولة الصهيونية، وهنالك تاريخ طويل من تدخل الموساد الخفي، الذي يعود الى عشرات السنين الماضية.. بدأت السلطات اليهودية وتنظيماتها قبل قيام دولة «إسرائيل» تطوير علاقاتها مع أكراد العراق منذ عشرينات القرن الماضي.

ويقول الدكتور صالح عبد الجواد.. أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت في الضفة الغربية وأحد المتخصّصين بالشأن الفلسطيني ومن الفلسطينيين القلائل في دراسة الحركة الصهيونية يقول:

«في نهاية الخمسينات وبداية الستينات من القرن الماضي، أصبحت إسرائيل المصدر الرئيسي للأسلحة والتدريب العسكري للأكراد في قتالهم ضدّ الحكومة العراقية المركزية. ورغم انّ التفاصيل الكاملة لم تكشف بعد، إلاّ أنّ الألوف من عملاء الموساد وأفراد الجيش «الإسرائيلي» كانوا يتمركزون في أرجاء شمال العراق تحت أغطية مختلفة مستشارين عسكريين، وخبراء زراعيين، ومدرّبين، وأطباء .

وقد لوحظت هذه الممارسة مرة أخرى بعد الغزو الأميركي للعراق، عندما أشارت تقارير الصحافي سيمور هيرش وغيره الى وجود عملاء «إسرائيليين» في المناطق الكردية.

وبنت بريطانيا وفرنسا وسارت أميركا على مسارهما سياساتها على إقامة دول طائفية واثنية يمكن إذكاء نار الفتنة في ما بينها عندما يحتاج الأمر ثم التدخل لحفظ النظام فيها.. وحماية من تكون نصبته فيها..

وهذا هو ما نشاهده اليوم من الحماس الأميركي بإقامة مراكز حدودية آمنة.. ودعم الأكراد الحالمين بالانفصال عن أمّتهم وإنشاء كيان خاص بهم.. ففي اللغة والنهج الأميركي يجري استبدال الاستقرار الإقليمي بسلسلة من الثورات تحت رايات الديمقراطية.. وينتج عن ذلك حرب أهلية وعنف طائفي وتمزيق البلاد كما جرى في العراق، وتطمح واشنطن وتل أبيب ليصبح هذا كله نموذجاً للتغيير في المنطقة.. فشل المشروع الذي حضّرته أميركا عبر تركيا و«إسرائيل» واستبدلته الآن بإقامة منطقة آمنة وكيان كرديّ منفصل لتحقق الخطوات الأولى في التفتيت والتجزئة.. ويريدون تكرار ما تمّ في معاهدة سيفر عام 1920…

ما تقوم به أميركا وتركيا و«إسرائيل» نجابهه بلغة القوة المؤمنة. لكن يهمّنا ان لا ينزلق الأكراد في الشام كما انزلق قسم من أكراد العراق في لعبة الأمم.. ولا نريدهم جوكر هذه اللعبة.

انّ طموح ومطامع فئة قليلة من الأكراد المهجرين من تركيا إلى الشام بإنشاء كيانية خاصة لا يعني انّ الأكراد كلهم يسيرون على هذا النهج…

الأكراد هم سيف هذه الأمة وترسها.. من صلاح الدين الأيوبي الى يوسف العظمة وابراهيم هنانو ومحمد كردعلي وآل البرازي وكم الماز والشيشكلي وبوظو وبكداش وكفتارو وحاجو آغا وشمدين آغا ونظام الدين والفلوطي.. مواقفهم وعطاءاتهم حصّنت البلاد من كلّ عدوان أطلّ عليها، لا نعدّدهم تمييزاً بل تذكيراً لمن نسي ويريد ان يعتبر الأكراد عصبية أو قومية خاصة نحن نرى الأكراد حجر الرحى في هذه الأمة وساس وحدتها.

نربأ بالأكراد ان يكونوا الأداة بيد «إسرائيل» وأميركا، علِموا ام لم يعلموا… وعندما نقول الأكراد نعني اولئك الذين قدموا من أرياف لواء الاسكندرون والميناء البحري وما أحاط به من مدن وسكنوا منطقة الجزيرة درباسية عامودة القامشلي الحسكة وأقضية حلب وإدلب، نريدهم سوريين وجزءاً من تكوين الأمة كما هم الأكراد السوريون المنتمون لأمتهم جزء أساسي فاعل كتب تاريخها وحرّر أرضها وساهم في تقدّمها. لا توجد في بلادنا قوميات متنافرة، في بلادنا وحدة قومية وفي الوحدة القومية تضمحلّ العصبيات المتنافرة وتنشأ الوحدة القومية الصحيحة التي تكفل إنهاض الأمة.

اذا كانت مؤامرة سايكس بيكو وسيفر ولوزان قد حققت أهدافها بتقسيم البلاد وتوزيعها مستعمرات يديرها محتلّ، فما ذلك إلا لأنّ المقدرات القومية والوطنية كانت بيد غير أبناء الأمة وقادة غرباء، باعها أشراف مكة كالحسين وفيصل وعبدالله صفقات مقابل مناصب ومنافع فإنّ البلاد اليوم بيد أبنائها وهم الذين سيضعون حداً للمؤامرات والتدخلات.

البلاد ليست سائبة حتى تأتي أميركا وتركيا والتحالفات الغريبة تفرض مخططاتها للمساعدة وكأنها هيئات إنسانية.. القيادة السورية واعية أبعاد المخطط الذي يحضّر لتطبيقه، واعلن الرئيس بشار الأسد بصراحة ووضوح:

«انّ أحد أخطر أشكال الحرب الإرهابية التي تتعرّض لها سورية والمنطقة يتمثل في محاولة ضرب الهوية والثقافة العربية وتشويه فكرة الانتماء للعروبة والوطن… من خلال بث الفكر المتطرف القائم على إلغاء الآخر..

ولفت إلى أهمية التكاتف بين الأحزاب السياسية والتنظيمات الثقافية لمواجهة هذه الحرب الفكرية والثقافية التي تتعرّض لها.. وقال أيضاً انّ الدول التي تتدخل في سورية لمحاربة الإرهاب دون موافقة الحكومة السورية يعتبر عملها انتهاكاً للسيادة ومخالفة للقانون الدولي..

وقال الزعيم سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لامم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به، وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.

يجب أن نعارك يجب أن نصارع ، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. واذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».

وما يجري من عمليات في الشمال السوري، الأتراك بداعي إقامة شريط حدودي يبعد الأكراد وخطرهم عن تركيا.. وأميركا ورديفها الغربي يريدون إقامة منطقة آمنة.. محاولات واضحة للتقسيم والتفتيت والكلّ يستعمل الورقة الكردية ونقول للأكراد.. لا تكونوا حصان طروادة بيد أيّ من هذه القوى وخذوا ما جرى في العراق عندما حاول البرزاني ولفيفه إعادة اللعبة التي حرّض عليها شاه ايران وحلفاؤه اليهود..

وتقول للأكراد الارمن ليسوا أكثر منكم ولاء وانتماء.. ومع وجود دولة أرمنية قائمة وموجودة وترحب بهم كلّ حين الا أنهم رفضوا التنازل عن الانتماء لأرض احتضنتهم وأمة فتحت لهم ذراعيها ثم تعرّضوا للاضطهاد والقتل والذبح… حاربوا مع أبناء بلدهم في الشام والعراق واعتلوا أعلى المراكز وكان قائد القوة الأمنية الوحيدة في الشام الدرك هو الارمني الجنرال هرنت.. كونوا جزءاً من شعبكم وأرضكم ومجتمعكم وانصهروا في الوحدة القومية لئلا تذهب ريحكم وتفقدوا وجودكم يوم تتغيّر وتتبدّل مصالح الدول كما جرى في معاهدة سيفر وتخلى عنكم الحلفاء في الحرب العالمية الاولى إرضاء لتركيا ومصطفى كمال.. وبوادر تكرار هذا الامر بدأت تظهر في أقوال وأفعال قادة الدول..

انّ الاختلاف مع السلطة، اية سلطة، يجب ان لا يجعلكم فريقاً معادياً بل لتكن مطالبكم وطنية وحقوقكم كحقوق اية محافظة من محافظات البلاد المطالبة بالإصلاح وبما هو إكمال لاحتياجات حياتية يتمّ عبر الانتماء الوطني لا الانفصال القومي.

فإذا لم تكونوا احراراً من أمة حرة فحريات الأمم عار عليكم.. تحملون لعنة التاريخ وتصبحون لعبة ككرة تتقاذفها أقدام الدول في مسرح الحياة..

اترك تعليقاً

Back to top button