هل المواجهة مع «إسرائيل» مقبلة في البحر؟
هتاف دهام
تريد «إسرائيل» أن تستثمرَ بالنفط في حربها ضدّ لبنان. خرج وزير الحرب في حكومة العدو أفيغدور ليبرمان ليدّعي أنّ بلوك الغاز الرقم 9 في البحر الأبيض المتوسط هو لـ «إسرائيل»، ومع ذلك أعلن لبنان مناقصة بشأنه. يأتي ذلك في محاولة لردع الشركات الأجنبية عن الدخول في المناقصات عشية يوم 9 شباط الموعد المحدّد في «بيال» لتوقيع عقود الاستكشاف والتنقيب عن النفط في المياه الإقليمية اللبنانية مع تحالف شركات النفط «توتال» الفرنسية، «نوفاتك» الروسية، و»إيني» الإيطالية.
فهل يأتي هذه المرة، النزاع الحربي بين لبنان و»إسرائيل» من البحر؟ أم أنّ كلام ليبرلمان ومن سبقه من قادة «إسرائيليين» لا يتعدّى «الحرب النفسية» على لبنان؟
الناطق العسكري باسم جيش العدو رونين منليس، وفي مقالة له تحت عنوان «2018 خيار اللبنانيين» يقول من «الجدير تحذير سكان لبنان من اللّعبة الإيرانية بأمنهم ومستقبلهم. الحديث عن سنة صراع وامتحان بالنسبة لمستقبل الكيان اللبناني. ينبع هذا الصراع من جهة واحدة، بين الحاجة للوصول لاستقرار في الدولة، ولازدهار اقتصادي، وبين استمرار العمليات لحلّ هيمنة إيران – حزب الله. تطوير مجال الغاز الّذي سيحسّن الاقتصاد في العقديْن القادميْن، ويؤدّي إلى زيادة الصناعات المحلية الخام للدولة، ومساهمة كبيرة في مجال العمل والتوفير بالعملة الخارجية، ومن جانب آخر، وصول ميليشيات شيعيّة مسلّحة إضافية للبنان، والمسّ بصورة لبنان في عيون الجمهور الدولي، وعدم تطوير الاقتصاد، وتسبيب الضّرر للسياحة، وإمكانية زعزعة خطيرة بالأمن. فالصراع بحسب منليس يتعلّق بمتغيّريْن اثنين: هل الجمهور الدولي ولبنان سيسمحان لإيران وحزب الله باستغلال براءة رؤساء الدولة اللبنانية وإقامة مصنع صواريخ دقيقة، كما يحاولان في هذه الأيّام؟ وهل سينجح حزب الله برعاية الانتخابات الجديدة بإسقاط الأحزاب السّنية في انتخابات أيّار 2018 من التمسك بالحكم وتحويل الدولة بشكل رسميّ إلى دولة برعاية إيرانية»؟
غالباً، ما كانت القوى السياسية ترى في تهديدات العدو للبنان منذ آب 2006 استعراضاً لقوّته أمام «الإسرائيليين» وخلق حالة من الذعر في صفوف اللبنانيين ضمن خطة مبرمجة. لكن القوى نفسها تدعو اليوم إلى عدم الاستخفاف بالتهديدات. وتطرح علامات استفهام عدة حيال توقيت كلام ليبرلمان ومحاولته استغلال مواعيد معينة تتصل بـ 9 شباط وبالنزاع الداخلي الذي «شوّق» «الإسرائيلي» الدخول على خط الأزمة، في ضوء ما سبقه من تسريبات حيال القلق «الاسرائيلي» من نتائج الانتخابات النيابية المقبلة في أيار 2018. يترافق ما سبق أيضاً، مع تركيز رئيس مجلس النواب نبيه بري من الأخطار التي قد تحدق بلبنان جراء ما يجري على مستوى المنطقة وتأكيده أمام زوّاره أنّ «زيارة رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو إلى موسكو أكثر من خطيرة مما يتطلب من جميع اللبنانيين التنبّه والتشبّث بالوحدة».
وتعتبر مصادر مطلعة عبر «البناء» أنّ كلام ليبرمان هو تهديد ضاغط ويشكل تحدّياً للدولة اللبنانية التي عليها أن تواجهه ضمن منظومة القوة اللبنانية. وتبدي المصادر أسفها للجو السياسي في البلد الذي لا يساعد أركان القوة الجيش والمقاومة ولا يهيّئ الظرف المناسب للمواجهة المريحة مع العدو.
بيد أنّ أجواء حزب الله مختلفة. فتوازن الرعب، بنظر المقاومة هو ما يمنع «الإسرائيليين» من شنّ حرب على لبنان. وبالتالي لن تورّط «إسرائيل» نفسها في أية حرب ستكون مدمّرة لها، خاصة أنّ الحزب يملك القدرة على ضربها ويملك خبرات قتالية وتكتيكات جديدة ومهارات في استخدام العتاد، وهو يحتاج إلى 100 ألف صاروخ لإلحاق الهزيمة بها.
من ملفّ النفط إلى التهديد «الإسرائيلي» بين الفينة والأخرى ببناء الجدار الإسمنتي على الحدود مع لبنان، وصولاً إلى العقوبات على حزب الله. كلّ ذلك يمثّل، بحسب مصادر مقرّبة من المقاومة، إشارات تراكمية تؤكد أنه في الوقت الذي سترتفع فيه نسبة الأخطار الخارجية على لبنان في الأشهر المقبلة، فإنّ الداخل اللبناني لا يكتفي فقط بالتلهّي بالبحث عن جنس الملائكة وتسعير منطق الحرب الأهلية السياسية، فهو من دون أن يدري يهيّئ أرضية خصبة لأيّ عدوان خارجي قد يستهدف البلد في المرحلة المقبلة. علماً أنّ حزب الله المستهدف، بحسب المصادر نفسها، ينزف حليفيه: واحد يؤمن له غطاءه الشيعي والثاني يؤمّن له غطاءه الوطني والرسمي.