الجيش «الإسرائيلي» جبهة داخلية ولا حرب في الأفق والأمر لنا سلماً أو حرباً…
محمد صادق الحسيني
«وجهتنا ليست إلى الحرب، لكننا سنفعل المطلوب لحماية أنفسنا».
هذا ما نشره الصحافي «الإسرائيلي» هيرب كاينون Herb Keinon على موقع صحيفة «جيروساليم بوست» الإلكتروني قبل ساعات ليقطع الشك باليقين…!
والكلام أعلاه لنتن ياهو والذي يأتي بعد كلّ الضجيج الفارغ لرموز حكومته البائسة وضباطه المتخاذلين…
كما قلنا نعيد ونؤكد أنهم أعجز من أن يشنّوا الحرب ضدّنا الآن لا في لبنان ولا في سورية، وقطعاً لا في إيران…!
ذلك لأنّ جيشهم الذي كان يُصوَّر بأنه لا يُقهر بات هشّاً ولأول مرة في تاريخه صار جزءاً من «الجبهة الداخلية» التي لا تتحمّل ظروف الحرب القاسية، كما يصرّح جنوده وضباطه!
وطبقاً لتحقيقات ميدانية يتمّ تداولها في بيوت القادة العسكريين والحكوميين، فإنه لم يعُد يوجد «صهاينة» في الجيش «الإسرائيلي»، بل جنود وضباط يُباعَون ويُشترَون على الحواجز وبثمن بخس، كما ينقل مسؤولون فلسطينيون كبار على احتكاك مع حكومة نتن ياهو…!
فلماذا إذن كلّ هذا الصراخ والضجيج الذي يبعثونه باتجاهنا..!؟
من المعروف أنّ أغلبية الصحافيين والمعلقين والمحللين السياسيين «الإسرائيليين» هم ضباط استخبارات سابقون يستقون معلوماتهم ويأخذون توجيهاتهم من قادة أجهزة الأمن «الإسرائيلية».
فعندما ينبري هؤلاء إلى تفسير تصريحات وزير الحرب «الإسرائيلي» والمسؤولين السياسيين والعسكريين وتهديداتهم للبنان ومقاومته ولسورية وإيران أيضاً على أنها ليست تهديدات بشنّ حرب، وإنما الهدف من ورائها هو منع شنّ هذه الحرب، فإنّ ذلك يؤكد أنّ الجيش «الإسرائيلي» غير قادر على شنّ اعتداءات جديدة على الأطراف المُشار اليها أعلاه.
ويرجع سبب ذلك إلى عدم قدرة الجيش «الإسرائيلي» على تحقيق الانتصار في هذه الحرب أولاً وإلى عدم قدرته على حماية جبهته الداخلية ثانياً. فمن المؤكد أن هذه الجبهة ستتعرض لخسائر هائلة في أي حرب مستقبلية نتيجة طبيعة هذه الحرب والقدرات النارية الكبيرة التي يمتلكها حلف المقاومة.
وهذا ما يفسر قول وزير الحرب بأنه لن يسمح لسكان بيروت بالاستجمام على شواطئ البحر بينما يقبع سكان تل أبيب في الملاجئ، أي أنه يُقرّ بقدرته على منع سكان بيروت من الاستجمام ولا يأتي على ذكر أي احتمالية لنصره في مثل تلك الحرب.
يُضاف الى ذلك أن القادة العسكريين والأمنيين «الإسرائيليين» على قناعة بأن مقاتلي حلف المقاومة سيتمكنون ليس فقط من إفشال أهداف العدوان وإنما بقدرتهم على تحرير الجليل وما بعد بعد الجليل، وصولاً إلى القدس المحتلة.
وما يؤكد هذه القناعة هو معرفة القادة «الاسرائليين» ليس فقط بالوضع المزري لجبهتهم الداخلية، وإنما هم على قناعة بأن وضع جيشهم لم يعُد يختلف عن وضع جبهتهم الداخلية، أي معرفتهم بأن جيشهم أصبح جزءاً من الجبهة الداخلية الهشة وليس جيشاً قوياً قادرًا على حماية هذه الجبهة. وهذا ما أكّده مؤخراً الجندي الوحيد الذي بقي على قيد الحياة من جنود قوة المهمات الخاصة «الإسرائيليين» التابعة لهيئة الأركان «الإسرائيلية»، الذين شاركوا في عملية الإنزال البحري وأبيدوا جميعاً في كمين أنصارية عام 1997. إذ قال هذا الجندي في مقابلة صحافية قبل حوالي أسبوعين إنهم واجهوا جهنم آنذاك وإن نيران جهنم هذه ستكون أشدّ بكثير بعد مرور عشرين عاماً على تلك العملية، وما طرأ من تزايد كبير لإمكانيات حزب الله العسكرية.
اما مناورات الجيش «الإسرائيلي» التي بدأت يوم أمس الاول في جنوب فلسطين والتي ستتواصل بالاشتراك مع وحدات من سلاح الدفاعات الجوية الـميركية المضادة للصواريخ في الأيام المقبلة والتي ستحاكي مواجهة هجوم واسع بالصواريخ على «إسرائيل» على أكثر من جبهة بعد أن تحوّلت منذ يوم أمس الأحد مناورات شاملة ، فما هو إلا تعبير واضح عن الخوف الذي تعانيه المؤسسة العسكرية «الإسرائيلية». كما أنه يمثل محاولة أميركية لطمأنة الجانب «الإسرائيلي» وإيصال رسالة له ولمن يعنيه الأمر بأن الولايات المتحدة مصمّمة على حماية «إسرائيل» وجيشها من الانهيار خلال الحرب المقبلة.
أي أن هذه المناورات ليست أكثر من استعراض للقوة بهدف إيصال رسائل معينة، ولكنها لا يمكن أن تصل الى حد وجود قدرة فعلية أميركية على تحقيق هذه الحماية، بخاصة أن 38 في المئة من إجمالي طائرات سلاح الجو الأميركي ليست في وضع يسمح لها بالقيام بمهمات قتالية، بسبب مشاكل في الصيانة. كما أن نصف الأساطيل البحرية الأميركية خارج الخدمة للأسباب نفسها. وهذا ما أعلنه العديد من المسؤولين العسكريين والأمنيين الأميركيين في وسائل الإعلام.
وحتى لو قامت الولايات المتحدة بتقديم الدعم الجوي والبحري لـ»إسرائيل» في مواجهة هجوم شامل لقوات حلف المقاومة، فمن هو الجيش الذي سيمسك بالأرض ويدافع عنها في ظل حالة الاهتراء التي يعاني منها الجيش «الإسرائيلي»؟ وهل الولايات المتحدة قادرة على إرسال ربع مليون جندي للقيام بهذه المهمة المستحيلة؟
ومَن قال إن المقاتلات الأميركية وقطع الأسطول السادس ستكون قادرة على تنفيذ أي مهمة قتالية، إذا قامت فرق الحرب الالكترونية لحلف المقاومة بتعطيل كافة أنظمة الاتصالات التي تعمل على تشغيل هذه الأساطيل الجوية والبحرية؟
ألم تقم «جهة مجهولة»، قبل حوالي الشهرين، بالسيطرة الالكترونية على كامل الأجواء الإسرائيلية وتمكّنت هذه الجهة من تعطيل كامل وشامل للحركة الجوية المدنية والعسكرية في تلك الأجواء مما اضطر الحكومة «الإسرائيلية» للإعلان عن إغلاق مطار تل أبيب وتحويل الطائرات الآتية الى المطارات القبرصية ولمدة تقارب الساعة؟
فماذا لو تحوّلت هذه التجربة عملية ليست محددة بسقف زمني، كما حصل في هذه المرة؟ كيف سيتم تأمين الغطاء الجوي والبحري لـ»إسرائيل»؟
لكل هذه الاعتبارات نقول إن تهديدات «إسرائيل» الأخيرة ليست أكثر من صراخ الخائف للاحتماء بصدى صوته غير الملموس والمتلاشي في الفضاء.
إنه الرعب والارتعاد الذي يعيشه حتى رموز النخبة لديهم من لحظة وثوب رجال الله إلى الجليل أو الجولان أو كليهما في آن. من هنا حديثهم الدائم للمراسلين الأجانب وآخرهم توماس فريدمان بأن جل جهدهم هو الحفاظ على الوضع الراهن، لأنه الأفضل من أي حالة جديدة مجهولة لا نعرف أفقها…!
وعلى الرغم من ذلك، فإن من المبادئ العسكرية اتخاذ كافة إجراءات الحيطة والحذر في حال قيام العدو، أياً كان، بمناورات وتمارين عسكرية سواء مثل الحالية أو حتى لو كانت على شكل مناورات أركان، أي مناورات افتراضية يتم تطبيقها نظرياً في هيئة الأركان.
الحيطة والحذر دائماً جزء لا يتجزأ من سياسة ردع العدو ومنع قيام الحرب، كما من قواعد الاستعداد لخوض الحرب في حال نشوبها..
إنهم الآن بالذات أوهن من بيت العنكبوت فعلاً…
وإننا الأعلى والأكثر إشرافاً على مسرح العمليات الحربية…
بل الأمر لنا، واليد العليا لنا في السلم كما في الحرب، بخاصة أنه بات لدينا من السلاح النوعي ما يُعمي بصر الكيان!
بعدنا طيّبين، قولوا الله…