هل تعتدي الولايات المتحدة على سورية بذريعة الكيماوي؟
حميدي العبدالله
هل تشنّ الولايات المتحدة عدواناً عسكرياً جديداً على سورية بذريعة استخدام الجيش السوري السلاح الكيماوي؟
هذا السؤال بات مطروحاً بقوّة في ضوء العودة إلى نغمة امتلاك سورية للأسلحة الكيماوية واستخدام هذه الأسلحة ضدّ الجماعات المسلحة. ومعروف أنّ الولايات المتحدة دائماً تستحضر «ملف الكيماوي» في كلّ مرة يحقق فيها الجيش السوري وحلفاؤه تقدّماً على التنظيمات الإرهابية، ومعروف أنّ العدوان الأميركي على مطار الشعيرات، بذريعة استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي، كان محاولةً مكشوفة لوقف تقدّم الجيش السوري باتجاه دير الزور، لأنّ من المعروف أنّ المساندة الجوية للقوات البرية التي كانت تتقدّم باتجاه دير الزور، كانت من مطار الشعيرات. اليوم تأتي إثارة هذه المسألة من جديد من قبل الولايات المتحدة بالتزامن مع التقدّم الذي يحققه الجيش السوري في محافظة إدلب، ولا سيما بعد استعادته لمطار أبو الضهور العسكري.
من حيث المبدأ لا يمكن استبعاد لجوء الولايات المتحدة إلى شنّ عدوان عسكري يستهدف مواقع للجيش السوري وحلفائه، ولكن الظروف قد تغيّرت بشكلٍ كبير وبات احتمال الاعتداء محفوفاً بمخاطر قد تقود إلى نشوب حرب كبرى، عالمية وإقليمية، وهو خيار تتحاشاه جميع الأطراف المنخرطة في الحرب السورية.
معروف أنّ خيار الحرب الشاملة مستبعد بسبب دعم روسيا وإيران والمقاومة للدولة السورية، وبالتالي فإنّ أيّ عدوان أميركي واسع ومفتوح على مواقع الجيش السوري وحلفائه سيقود إلى نشوب هذه الحرب، وستكون حرباً مدمّرة ومكلفة بالنسبة لجميع الأطراف، بهذا المعنى فإنّ هذا الاحتمال غير وارد على الإطلاق، لا من قبل الولايات المتحدة وحلفائها، ولا من قبل سورية وحلفائها، لكن تكرار سيناريو عدوان يشبه العدوان على مطار الشعيرات قد يداعب خيال بعض المسؤولين في الولايات المتحدة.
لكن حتى هذا الاحتمال ضعيف للغاية إذا ما أخذنا بعين الاعتبار النتائج والتداعيات التي أعقبت الاعتداء الأميركي على مطار الشعيرات. من المعروف أنه بعد ذلك الاعتداء قرّرت روسيا وقف العمل بمذكرة التفاهم بينها وبين الولايات المتحدة التي تنظم الطلعات الجوية في سماء سورية، كما أنّ روسيا هدّدت بإسقاط أيّ هدف طائر للولايات المتحدة غرب نهر الفرات ووصلت العلاقات الروسية – الأميركية إلى مستوىً من التوتر غير مسبوق، والأرجح أنّ روسيا هذه المرة لن تدع عدواناً جديداً، بذريعة الكيماوي، يمرّ في ضوء اعتراضها على آلية التحقيق المشتركة والانحرافات التي وقع فيها الفريق الذي كلف بالبحث في مسألة الكيماوي. موقف روسيا هذه المرة موقف استباقي، وقد عبّر عنه ممثل روسيا في مجلس الأمن في جلسته الأخيرة التي ناقشت إمكانية صدور بيان عن مجلس الأمن حول هجمات بالسلاح الكيماوي وتوجيه الاتهام للحكومة السورية، حيث كان موقف روسيا حازماً هذه المرة، إذ قال مندوب روسيا الدائم في مجلس الأمن حرفياً «لا نقبل بتوجيه تهديدات لدولة ذات سيادة» وهذا موقف غير مسبوق سوف يجعل احتمال تكرار سيناريو الشعيرات احتمالاً ضعيفاً ومحفوفاً بالمخاطر.