روسيا مستعدّة لتزويد لبنان بدفاع جويّ فهل يوافق «الآذاريون» وحلفاؤهم الخارجيون؟
محمد حمية
لم يعُد خافياً على أحد «الفيتو» الذي تضعه الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا على امتلاك لبنان سلاح دفاعي جوي يُوفّر مظلة أمان جوية ضد الاستباحة «الإسرائيلية» لأجوائه.
وإن كان الجيش «الإسرائيلي» وبدعمٍ أميركي غربي قد احتفظ بتفوقه الجوي على الدول العربية على مدى عقودٍ، فإن واشنطن و»إسرائيل» تسعيان بالتوازي أيضاً لإجهاض أي محاولة من دول المنطقة للحصول على دفاعات جوية لتعطيل سلاح الجو «الإسرائيلي» أو على الأقل إعاقة حركته الجوية، حيث وقفت أميركا بالمرصاد أمام سعي الحكومات اللبنانية المتعاقبة للحصول على الدفاعات الجوية لا سيما من روسيا وإيران.
اليوم تقِف المنطقة برمّتها على حافة الحرب التي قد لا تكون قريبة، لكن المؤكد أن صراع المصالح الاقتصادية والنفوذ السياسي والاستراتيجي وتضاربها في الشرق الأوسط وصل حدوده القصوى، وباتت الاستراتيجية الاميركية مرسومة وفقاً لوثيقة الأمن القومي الأميركية الجديدة ونقاط انتشار الجيش الأميركي في المنطقة وحسب انتشار آبار وأحواض النفط والغاز وخرائطها في البر والبحر، وقد وَسّع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أمس، رقعة المواجهة النفطية لتشمل المنطقة الممتدة من المياه الإقليمية في البحر المتوسط حتى آبار النفط في شرق الفرات وصولاً الى الخليج حيث الصراع بين السعودية وقطر بتحريض أميركي، وقد تُضَم الى هذه المساحة الواسعة مزارع شبعا التي من المُمكِن أن تختزِن في باطنها ثروة نفطية ما يرفع احتمالات الحرب، بحسب خبراء عسكريين.
فهل بوسع لبنان امتلاك سلاح دفاع جوي لردع الطائرات الحربية «الإسرائيلية» مع تشكُّل عهد جديد وسلطة جديدة بقيادة الرئيس ميشال عون؟ وكيف يُعِد لبنان نفسه وبأي استراتيجية دفاعية سيجابه أي عدوانِ «إسرائيلي» محتمل؟
وهل تتلقف الحكومة والقيّمين على الشأن العسكري في لبنان تساؤلات السيد نصرالله حيال سماء لبنان واتخاذ قرارات وبرامج تنفيذية لتسليح الجيش بنظام دفاع جوي؟
إن كان السلاح الإيراني مرفوضاً لأسباب داخلية وخارجية معروفة، فلماذا لا يكون السلاح من روسيا؟ لكن هل هذا ممكن في ظل العلاقات الجيدة بين روسيا و»إسرائيل»؟
للإجابة على هذا السؤال تكفي الاشارة الى أن السلاح الذي أسقط طائرة الـf16 «الإسرائيلية» هو سلاح روسي ما يُثبت أن موسكو تملك الإرادة السياسية لتزويد لبنان بدفاع جوي، كما زوّدت سورية بصواريخ «أس 200».
مصادر دبلوماسية روسية رفيعة المستوى في لبنان تؤكد لـ «البناء» أن «روسيا مستعدة لتزويد لبنان بنظام دفاع جوي لحماية أجوائه من الاعتداءات الإسرائيلية إن طلبت الحكومة اللبنانية ذلك». في المقابل تقول مصادر دبلوماسية سورية رفيعة لـ «البناء» ان «النظام الدفاع الجوي السوري يتكامل مع السلاح الذي تملكه المقاومة في لبنان ويمكن أن يُشكّل درع حماية للمجال الجوي اللبناني»، وتشير الى أن «سورية تضع السلاح الجوي المتطوّر الذي تملكه في خدمة لبنان إن طلبت الدولة اللبنانية ذلك»، وأوضحت أن «سلاح الجو السوري وسلاح المقاومة سيتكاملان في أيّ حرب مقبلة كما تكاملا على الأرض السورية في قتال الإرهاب».
التجربة الروسية العملية في تسليح سورية تؤكد أنها غير متواطئة مع «إسرائيل» كما تدّعي بعض الأنظمة العربية، كما يُثبت بأن حزب الله يريد فعلاً تسليح الجيش ليصبح قوياً ما يُعزّز ويُمتّن المعادلة الذهبية وفي المقابل يُضعف «إسرائيل» وحينها يصبح لبنان قادراً على حماية حدوده البرية والبحرية وسمائه وثروته النفطية واستعادة أرضه المحتلة لا سيما مزارع شبعا وعلى تحصين حدوده من خطر الارهاب، وإلا كيف تطلب بعض القوى الداخلية من حزب الله التنازل عن سلاحه وحقه في المقاومة من دون ايجاد البديل لحماية لبنان؟
مصادر وزارية مطلعة أشارت لـ «البناء» الى أن «قوى 14 آذار والعهد الرئاسي السابق ورؤساء الحكومات السابقين خضعوا للضغوط الأميركية والسعودية لرفض العروض الإيرانية والروسية لتسليح الجيش اللبناني بمختلف أنواع الأسلحة لا سيما الجوية»، مشيرة الى أن «بعض السلطة اللبنانية من الفريق الآذاري لا يزال خاضعاً للمعادلة القديمة حتى الآن ويتعرض لضغوط كبيرة من أميركا والسعودية لتعطيل تسليح الجيش، بينما تتولى فرنسا الضغط على بعض حلفائها الجدد في لبنان للهدف نفسه».
الحكومة اللبنانية التي وقعت اتفاقيتي التنقيب واستخراج النفط مع تحالف الشركات الثلاث الأسبوع الماضي مطالبة باستكمال هذا الإنجاز بوضع استراتيجية دفاعية للمواجهة المقبلة وعِمادها دفاع جوي حديث ومتطور لحماية هذا النفط، وإلا ستكون منصات ومصافي النفط في مرمى استهداف الصواريخ «الإسرائيلية» في الساعات الأولى للحرب المقبلة.
أما السؤال الذي يضعه الشعب اللبناني برسم الحكومة والمسؤولين فهو: لماذا لم يطالبوا وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون الذي جاء الى لبنان للتنقيب عن المصالح القومية «الإسرائيلية»، بتزويد لبنان بصواريخ أرض جو في إطار برنامج تسليح الجيش؟ ولماذا لم تُسمِع ضيفها بأنها ستعمل على طلب هذا النوع من السلاح الدفاعي من دولة أخرى كروسيا أو إيران إو سورية إن رفضت أميركا ذلك؟ التجربة السورية الحيّة ماثلة أمامنا وهي السبيل لحماية سيادة الأجواء من العربدة الصهيونية، فهل يحذو لبنان حذو سورية؟