الجيش السوري لترتيبات لوجستية إلى عفرين… وارتباك في واشنطن وأنقرة نصرالله يرسم علاقة المقاومة بالدولة وميزان الردع: مجلس الدفاع يقرّر ونحن ننفّذ
كتب المحرّر السياسي
لبنان نحو الانتخابات بسرعة مع تبلور مشهد مرشحي الكتل الكبرى خلال هذا الأسبوع، للدخول في رسم التحالفات. فرئيس مجلس النواب نبيه بري سيفتتح الموسم الانتخابي بالإعلان عن مرشحي حركة أمل يوم الإثنين، بينما حزب الله سيعلن مرشحيه يوم الثلاثاء على الأرجح، فيما سيطلق الحزب السوري القومي الاجتماعي ماكينته الانتخابية في بيروت يوم الأحد، بينما ينتظر التيار الوطني الحر وتيار المستقبل الإعلان عن المرشحين النهائيين بعد اكتمال صورة التحالفات، وما تستدعيه من انسحابات يفرضها الخيار التحالفي النهائي بعد فتح المجال في الترشيح لمن يتناسب ترشيحهم مع جميع فرضيات التحالفات.
عن الانتخابات والملف النفطي والردع الذي تمثله المقاومة كمصدر قوة للبنان، كانت كلمة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إحياء ذكرى الشهداء القادة في مسيرة الحزب في المقاومة، بينما التفت نحو سورية مشيداً بالإنجاز التاريخي الذي عزّز ميزان الردع عبر إسقاط طائرة الـ»أف ـ 16» الإسرائيلية، التي اعتبرها إنجازاً لسورية ورئيسها وجيشها، ليتخذ منها العبرة لطرح السؤال عن مبرّر بقاء لبنان دون شبكة دفاع جوي، ليتوقف أمام التلاعب الأميركي بالمعادلة العسكرية والسياسية شرق سورية وشمالها عبر الثنائي التركي والكردي، متحدّثاً للأكراد كجماعة وقيادة داعياً لعدم الوقوع في الفخ الأميركي وأخذ الدروس من التجارب لجهة سلوك التخلّي والخداع الذي يعتمده الأميركيون داعياً للانضواء تحت مشروع الدولة الوطنية السورية كمكوّن سوري رئيسي، وهو ما بدا أنّ ثمة نجاحاً يحققه محور المقاومة والقيادة السورية ومعهما روسيا، على صعيد اجتذاب القيادة الكردية للانخراط ضمن تفاهم يترجم بتولي الجيش السوري حماية عفرين من العدوان التركي، وتوضع في إطاره كلّ الجماعات المسلحة تحت إمرة الجيش السوري كمرجعية أحادية للسيادة في المناطق التي يتولى مسؤوليتها.
فيما أكد المراسلون الإعلاميون في منطقة شمال سورية ومحاور الربط بين مدينة حلب وريفها وصولاً إلى عفرين وجود حركة لوجستية للجيش السوري تشير إلى قرب الإعلان عن هذا التفاهم، بدت أنقرة وواشنطن اللتان تداولتا بحلّ يقضي بانسحاب الأكراد وتولي وحدات تركية وأميركية دخول عفرين ومنبج، وقد أسقط بأيديهما، مع تأكيد مصادر تركية وأميركية لوكالات الأنباء عدم وجود تأكيدات لديهم على وصول الأكراد وسورية لتفاهم ينتهي بدخول الجيش السوري إلى عفرين، وامتنعت كلّ من الخارجية الأميركية والخارجية التركية عن التعليق على فرضية وجود هذا التفاهم.
تلاقي المعطيات الميدانية في منطقة عفرين مع دعوة السيد نصرالله لم يحجب الضوء عن النقطة المحورية في خطابه، التي تتصل بملف النفط في المياه اللبنانية ومضمون المساعي الأميركية تحت شعار الوساطة، حيث كشف نصرالله عن خلفيات الاستنهاض للدور الأميركي لدور يتصل بملف النفط من العراق إلى شرق سورية وصولاً إلى لبنان، ودعا المسؤولين في الدولة اللبنانية إلى موقف ينطلق من وحدة الموقف والتمسك بالحقوق، لفرض معادلة قوة لا تهاب التهديدات طالما لدى لبنان ما يقابل التهديد بالتهديد، راسماً معادلة جديدة لعلاقة الدولة بالمقاومة من جهة، ولميزان الردع النفطي من جهة أخرى، عنوانها فليقرّر المجلس الأعلى للدفاع وقف العمل في منصات النفط الإسرائيلية، وخلال ساعات ستكون المقاومة قد تكفّلت بذلك.
نصرالله: الدولة تُقرّر ونحن جاهزون…
خطا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله خطوة متقدمة على طريق وضع سلاح المقاومة في خدمة الدولة، حيث كان قرار المقاومة منذ العام 1982 حتى العام 2006 بيد قيادتها السياسية والميدانية الى جانب تنسيق مرن مع الدولة عبر الجيش اللبناني من دون إدخال العنصر السياسي في القرار، لكن بعد إرساء المعادلة الذهبية الجيش والشعب والمقاومة وتضمينها في البيان الوزاري للحكومة الحالية وخطاب القسم للعهد الجديد وثقة المقاومة والشعب والجيش في لبنان برئيس الجمهورية العماد ميشال عون انفتحت المقاومة على العنصر السياسي، وصحيح أن السيد نصرالله وضع السلاح في خدمة قرار الدولة الذي هو شريك أساسي فيها، لكن لا يعني أن قيادة المقاومة تخلت عن الجزء المتعلق بالمبادرة الفردية. فهناك وظيفة دفاعية للمقاومة لا تنتظر القرار من أحد للردّ على أي عدوان، ووظيفة ردعية خاضعة لقرار الدولة السياسي والاستراتيجي ما يُعَد مرحلة جديدة من العلاقة بين الدولة والمقاومة.
ومدّ الأمين العام لحزب الله الدولة بجرعات من القوة وتكاملت مواقفه مع الموقف الرسمي الذي عبر عنه الرؤساء الثلاثة للمسؤولين الأميركيين في ملفات النزاع مع «إسرائيل»، وقال: «إن لبنان قوي ولديه القوة وخلينا نجرّب». وأشار إلى أنه «في حال أخذ مجلس الدفاع الأعلى اللبناني قراراً بأن تتوقف محطات استخراج النفط «الإسرائيلية» عن العمل نحن جاهزون لنوقفها خلال ساعات».
واعتبر أن «الثروة النفطية في جنوب لبنان اليوم هي للبنانيين جميعاً وملكٌ لهم، وأن المعركة على البلوك رقم 9 اليوم هي معركة كل لبنان»، موضحاً أن أمام الديون الكبيرة، فالأمل الوحيد للبنان هو الثروة النفطية». كما لفت إلى أن «أهم من الحدود البرية هي الحدود البحرية ومسألة النفط»، معتبراً أن «هذا يستدعي وحدة لبنان التي تعتبر من أهم عوامل الانتصار في المعركة»، موضحاً أن «حزب الله لا يتدخل في مسألة الحدود البرية أو البحرية. وهذه مسؤولية الدولة».
وتابع: «على الدولة أن يكون لديها موقف شجاع وراسخ وقويّ ونحن ندعمها»، وأضاف: «نحن أقوياء ويجب أن نفاوض كأقوياء و«اسرائيل» التي تهدّد بإمكاننا أن نهدّدها، وإذا أتى الأميركي يقول عليكم أن تسمعوا لي لأردّ «اسرائيل» قولوا له عليك أن تقبل مطالبنا لنردّ حزب الله عن «اسرائيل»»، مشيراً الى أن «المقاومة القوة الوحيدة لدى لبنان لحماية الحدود والثروات».
المنطقة دخلت في حرب على النفط
ولعل الجديد والأبرز في خطاب السيد نصرالله إعلانه عن بداية الحرب على النفط والغاز في الشرق الأوسط، وهذا معطىً جيواستراتيجي جديد يؤشر الى أن أمد الصراع سيمتدّ ويتفاعل مستقبلاً. والأهم بحسب مصادر مطلعة أن «السيد نصرالله اعتبر المقاومة في لبنان جزءاً أساسياً من معركة النفط والغاز في المنطقة ما يشكّل رسالة لأميركا بأن المقاومة لن تقف على الحياد في هذه المعركة وستتنصر فيها».
وقال نصرالله: إن «المنطقة كلها دخلت علناً في معركة النفط والغاز. وما يحصل في لبنان من محاولات صهيونية لأخذ البلوك رقم «9» ليس منفصلاً». وأوضح أن «الذي يزيد من الصراع على النفط والغاز هو الرئيس الأميركي من خلال جشعه وطمعه بالثروات»، لافتاً الى أن «إسرائيل» تريد في ظل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الحصول على قرار دولي بضمّ الجولان إلى الكيان الغاصب».
وتحدث سيد المقاومة عن الاستباحة الجوية الصهيونية لسماء لبنان، سائلاً: هل تنازلنا عن الجو للصهيوني ليستبيحه دون التعامل معه؟ وهنا يشير خبراء عسكريون لـ «البناء» الى أن «السيد نصرالله قد يكون ألمح الى أن المقاومة باتت تمتلك سلاحاً جوياً قادراً على حماية الأجواء اللبنانية من العدوان الجوي الإسرائيلي. وهذا فحوى حديثه عن دعوة الدولة لمفاوضة الاميركي من موقع القوة، لكن السيد لا يريد الكشف عن هذا السلاح لاعتبارات عدّة منها مفاجأة العدو بهذا السلاح الجديد في أي حرب مقبلة ما يجعل الانتصار فيها حتمياً للمقاومة والهزيمة للعدو الذي ستتعطّل حركته الجوية، وبالتالي سينهزم في الميدان».
إسقاط الـ f16 إنجاز نوعيّ
ووصف السيد نصرالله إسقاط الطائرة الصهيونية بأنه «إنجاز كبير جداً وأن ما قبله ليس كما بعده، وان هناك حسابات جديدة لدى الصهيوني على حركة سلاح الجو»، وأوضح أن «هناك قراراً سورياً ينفذ منذ أشهر عدة، بأن أي طائرة صهيونية تدخل فعلى الدفاعات الجوية أن تتعامل معها، وكذلك أي ضربات صاروخية يجب التعامل معها». ولفت إلى أن قرار التصدي للطائرات الصهيونية هو قرار سوري ومن الرئيس بشار الأسد فقط، وشدّد على أن الذي أسقط الطائرة الصهيونية هم فقط ضباط وجنود الجيش العربي السوري البواسل».
الوسيط الأميركي غير نزيه
كما شدّد نصرالله على أن الوسيط الأميركي غير نزيه ولا يريد مصلحة لبنان بل يريد مصلحة العدو الصهيوني ويريد أن يأخذ نفطنا ويعطيه للصهاينة، وأوضح أنه «يجب أن لا نخدع وأن لا نؤخذ بالتهويل والتهديد، مؤكداً أننا منتصرون».
وفي سياق ذلك، ورغم عودة وزير الخارجية الأميركي ريكس تليرسون الى بلاده خالي الوفاض بعد إبلاغه الرفض اللبناني للعرض الأميركي النفطي المفخخ، غير أن ملائكته كانت حاضرة في لبنان عبر مساعده دايفيد ساترفيلد الذي واصل حركته الدبلوماسية التفاوضية اللافتة متنقلاً بين قصر بسترس وعين التينة وبيت الوسط، في محاولة لإقناع المسؤولين اللبنانيين بالتفاوض وفقاً للعرض الذي قدمه، وزار أمس رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي أبلغ زائره رفض لبنان الطرح الاميركي ورفض التنازل عن حقوقه النفطية الى «اسرائيل» تحت أي ذريعة وضغوط». وأصرّ بري على الموقف لجهة ترسيم الحدود البحرية عبر اللجنة الثلاثية المنبثقة عن تفاهم نيسان 1996. كما نُقل عن مصادر بيت الوسط قولها إن «الأميركيين ما زالوا يطرحون اقتراح هوف في المنطقة التي تدّعي إسرائيل أن لديها حقوقاً فيها وأنها لا ترى حلاً قريباً لهذه المشكلة».
وفي وقت لم يدلِ الدبلوماسي الأميركي بأي تصريح، توجّه الى الأراضي الفلسطينية المحتلة لاستكمال المفاوضات مع الحكومة «الاسرائيلية»، حيث سيبلغها الموقف اللبناني من النزاع الحاصل على أن يعود الى لبنان بطرح جديد، كما تقول المصادر.
«القومي» يزور ضريح مغنية
مواقف السيد نصرالله جاءت خلال مهرجان القادة الشهداء الذي أقامه حزب الله في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، وكان وفد من قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي زار بمشاركة فصائل رمزية من «نسور الزوبعة»، ضريح الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، في الذكرى السنوية العاشرة لاستشهاده. وأكد رئيس المكتب السياسي المركزي د. كمال النابلسي، في كلمته أننا «سنبقى مقاومة، جنباً إلى جنب مع المقاومين في حزب الله، نواصل الصراع ضدّ العدو اليهودي، حتى تحرير كلّ أرضنا في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجولان وكلّ فلسطين وإلى الذين يتهمون المقاومة بالإرهاب.. نقول لهم أنتم الإرهاب بعينه.. أنتم قتلة الأطفال ومرتكبو المجازر في فلسطين وقانا وصبرا وشاتيلا»..
معركتنا الانتخابية ليست مع أحد
وفي الشأن الداخلي تطرّق السيد نصرالله الى الاستحقاق الانتخابي وقانون الانتخاب، معتبراً أن «هذا القانون ليس قانون حزب الله كما يُشاع، وإن كان الحزب شريكاً وفاعلاً ومؤثراً في صنع هذا القانون، موضحاً ان هذا القانون هو مفخرة سياسية، وهو أهم إنجاز سياسي في لبنان، لأنه فتح المجلس النيابي أمام كل من يريد أن يتمثل في البرلمان، وسيحصل الكثير من الضغط على حزب الله حتى حصول الانتخابات سواء ما يتعلق بالعقوبات أو المحكمة الدولية أو غيرها». وحدّد السيد نصرالله تحالفات الحزب الانتخابية وأن معركته ليست مع أحد، وقال «متحالفون مع حركة أمل ومتفاهمون مع قوى 8 آذار»، مضيفاً أن «تيار المستقبل منذ شهر وأكثر يقول في كل مناسبة لن نتحالف مع حزب الله، ولكن حزب الله لم يطرح الأمر عليهم أصلاً، أما مع التيار الوطني الحر فلكل منا الحرية في اختيار مصلحته الانتخابية».
وفي وقتٍ أشار السيد نصرالله الى أنه سيعلن الاثنين أو الثلاثاء المقبل أسماء جميع مرشّحي حزب الله، يعقد الرئيس بري مؤتمراً صحافياً، بعد ظهر الإثنين المقبل، في مقر الرئاسة الثانية، يخصّصه لإعلان أسماء مرشحي حركة «أمل» وكتلة «التنمية والتحرير»، غير أن التيار الوطني الحر، سيعقد مؤتمراً لإعلان لوائح «التيار» الانتخابية ومرشحيه النهائيين، في 24 آذار المقبل.
وقدّم الحزب التقدمي الاشتراكي أمس، طلبات الترشيح الخاصة بأعضاء اللقاء الديمقراطي في وزارة «الداخلية»، وقالت مصادر إن رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، سيطلق اليوم مواقف انتخابية، خلال مؤتمر «نحو رؤية إصلاحية علمية لقطاع الكهرباء» الذي يُعقد في فندق الرفييرا في بيروت.
على صعيد آخر، لم تتضح بعد العلاقة الانتخابية بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ من جهة وحزب «القوات اللبنانية» من جهة ثانية، في ظل تعثر مساعي المصالحة حتى الآن، وقد ظهر ذلك من خلال رد وزير الإعلام ملحم الرياشي في سؤال عن العلاقة بين «القوات» و«التيار» الوطني الحر حالياً، بالقول آسفاً «أحسد ثنائية حزب الله وحركة أمل الشيعية على كيفية التعاطي بينهما».
وفي سياق ذلك، يطلق الحزب السوري القومي الاجتماعي ماكينته الانتخابية لمدينة بيروت، خلال لقاء يُعقد من فندق الكوموردر ـ الحمرا، صباح الأحد المقبل بحضور عدد من أعضاء قيادة الحزب.
على صعيد آخر، يعقد مجلس الوزراء جلسة خاصة قبل ظهر الاثنين المقبل للبدء في بحث مشروع الموازنة لعام 2018.
عفرين: غارات تركية وسلاح كيميائي
أفاد مراسلو وكالات الأنباء منتصف الليل في مدينة عفرين عن وصول مصابين مدنيين إلى مستشفيات المدينة نتيجة حالات اختناق ناجمة عن قيام سلاح الجو التركي بشنّ غارات ليلية على المدينة استخدمت خلالها أسلحة كيميائية وغازات سامة محرّمة…!
غوتيريس: كابوس حرب بين «إسرائيل» وحزب الله
اعتبر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، «أنّ «اندلاع حرب جديدة بين إسرائيل و حزب الله ، سيكون أسوأ كابوس»، موضحاً أنّ هذه الحرب «ستعني تدمير جزء كبير من لبنان ».
ولفت إلى أنّ «الوضع معقد جداً وصعب جداً»، مشيراً إلى «أننا نحتاج في مجلس الأمن رؤية مشتركة للأوضاع في الشرق الأوسط».