الجعفري: وثيقة الخمسة للتقسيم… وحلب نموذج الأمان… وسيتكرّر في الغوطة وإدلب ساترفيلد يحاول استكشاف حجم تعاون الدولة والمقاومة… و«القومي» يعلن مرشحيه اليوم
كتب المحرّر السياسي
توزّعت جبهات المواجهة السورية من عفرين إلى الغوطة وصولاً إلى نيويورك، وبدت الحماوة العسكرية رديفاً للسخونة السياسية، ففي عفرين وصلت تعزيزات سورية وكردية لمواجهة العدوان التركي المستمرّ، بينما أعلنت أنقرة بلسان نائب رئيس حكومتها العزم على مواجهة الجيش السوري في عفرين. وبعد قصف قافلة معونات إنسانية بقذائف الهاون التركية، قامت القوات السورية باستهداف المرابض التركية بالصواريخ، بينما في الغوطة فقد تواصل قصف دمشق بالقذائف التي حصدت عشرات الشهداء والجرحى، بينما تواصلت التحضيرات لعمل عسكري وأمني يحقّق الأمن للعاصمة التي تكبّدت المئات من أبنائها شهداء ومعوقين بنتيجة الاستهداف المتواصل لأحيائها من مرابض المسلحين في الغوطة، بينما كانت السخونة السياسية الموازية قد سيطرت على مناقشات مجلس الأمن الدولي الذي انعقد بدعوة روسية وناقش وضع الغوطة الشرقية لدمشق والمشروع المقترح من الكويت والسويد لهدنة شهر كامل، أضيف إليه تعديل يلبّي أحد طلبات روسيا باستثناء النصرة وداعش من أحكام الهدنة، فيما لا تزال باقي الطبات الروسية موضع تفاوض لليوم، قبل التصويت، وتتناول ضمّ فيلق الرحمن وأحرار الشام وجيش الإسلام إلى لائحة الإرهاب، ما لم تشترك هذه الفصائل بقتال الإرهاب الذي يتمثل بجبهة النصرة، وفقاً لشروط أستانة التي أعلن منها ضمّ الغوطة لمناطق التهدئة، وفقاً لهذا الالتزام الذي لم يُنفّذ.
الحملة التصعيدية المنسّقة بين واشنطن وباريس ولندن لاستهداف الدولة السورية وتجريمها بتغطية من الممثلين الأمميّين، وتقاريرهم، تحت شعار حماية المدنيين، لم تمرّ دون ردود روسية وصينية عنوانها فصل البحث بضمانات لحياة المدنيين في الغوطة عن محاربة الإرهاب من جهة، وتوسيع ضمانات حماية المدنيين لتطال ضحايا الإرهاب وقذائفه على مدينة دمشق. وتضمّن الردّ الروسي اتهاماً واضحاً لواشنطن بدعم الإرهاب وتوظيفه واستعماله بينما كان الردّ الصاعق على الحملة الغربية سورياً بلسان السفير بشار الجعفري، الذي قال «إنّ عقد هذه الجلسة يكتسي أهمية خاصة بعد أن انتقلت أطراف وفي مقدّمتها الولايات المتحدة الأميركية وما يُسمّى «التحالف الدولي» من مرحلة العدوان بالوكالة عبر دعم الإرهاب إلى مرحلة العدوان المباشر بالأصالة. فكلما فشل الإرهابيون الذين جنّدتهم من زوايا الأرض الأربع وسمّتهم «جهاديين»، ثم أرسلتهم إلى سورية كانت هذه الأطراف حاضرة عسكرياً وسياسياً وإعلامياً وأممياً للتدخل وتسعى لتحقيق ما فشل وكلاؤهم الإرهابيون في تحقيقه».
وتابع الجعفري: هنا أسأل الأمانة العامة عن مبرّرات تجاهل المعلومات والتقارير التي قدّمتها الحكومة السورية عن آلاف الرهائن والمختطفين الذين تحتجزهم المجموعات الإرهابية المسلحة في الغوطة داخل ما يسمّى «سجن التوبة» والذين يحتاجون إلى إجلاء طبّي فوري حيث تتناسى أجهزة الأمم المتحدة تسجيلات الفيديو التي بثتها المجموعات الإرهابية حين زجّت النساء والأطفال من هؤلاء الرهائن في أقفاص حديدية وضعتها في الشوارع في مشهد مؤلم يُعيد إلى الذاكرة قصص العبودية والرق.
وختم الجعفري رداً على مَن يخشى أن تكون الغوطة الشرقية هي حلب الثانية، فإنني أدعوه ليذهب اليوم إلى حلب ويرى كيف استعاد الملايين من أهلها وليس الآلاف حياتهم الطبيعية بعد أن تحرّرت من الإرهاب.. نعم ستكون الغوطة الشرقية حلب الثانية، وستكون إدلب هي حلب الثانية، وستكون كلّ منطقة تعاني إرهاب المجموعات المسلحة في سورية هي حلب الثانية، لأننا لن نخضع بعد اليوم لابتزاز كلّ من دعم الإرهاب في سورية ولن نتساهل مع خطط حكومات الدول الخمس التي اجتمعت في واشنطن الشهر الماضي بهدف تقسيم سورية وتخريب مؤتمر الحوار الوطني السوري السوري في سوتشي وإفشال العملية السياسية برمّتها. وهذا الخبر كُشف النقاب عنه اليوم في بريطانيا نفسها. ولن نسلّم بمن يستخدم الإرهاب والإجراءات الاقتصادية الجائرة ضدّ الشعب السوري والعدوان العسكري المباشر من أجل تحقيق أجنداته السياسية الرخيصة.
لبنانياً، وسط الانشغال المستمرّ بثنائية الموازنة والانتخابات برزت جولة المبعوث الأميركي ديفيد ساترفيلد بعد عودته من تل أبيب، حاملاً في بعض زياراته أسئلة أمنية عسكرية لاستكشاف نوع ردّ فعل لبنان في حال تعرّضه لاعتداء إسرائيلي على حقوقه المائية من النفط والغاز، ونوع التعاون الذي يمكن للدولة أن تقيمه مع المقاومة أو التغطية التي ستوفرها لها.
على الصعيد الانتخابي، حيث لا يزال الغموض يلفّ مصير التحالفات، خصوصاً بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر، بدأت تتوضح صورة ابتعاد التيارين عن التحالف مع القوات اللبنانية، بينما يعلن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف اليوم ظهراً في مؤتمر صحافي بفندق لانكستر الروشة عن مرشحي الحزب.
5 آذار موعد فاصل وحاسم
ملفان سيُشغِلان المشهد السياسي الداخلي حتى 6 أيار المقبل: الأول الانتخابات النيابية مع تحوّل المراكز الانتخابية الحزبية الى خلايا نحلٍ للانكباب على درس الأرقام والحواصل الانتخابية والأصوات التفضيلية التي تحسم الترشيحات والتحالفات، أما الثاني فهو مشروع موازنة 2018 في إطار التحضير لمؤتمرات الدعم الدولية المرتقبة للبنان، غير أن التاريخ الفاصل والحاسم الذي يجعل القوى السياسية والحكومية في سباقٍ معه، هو الخامس من آذار المقبل موعد إقفال باب الترشيحات للانتخابات والموعد النهائي الذي ضربه رئيس المجلس النيابي لإحالة الموازنة الى البرلمان ليكون لديه متسع من الوقت لدرسها ومناقشتها والتصديق عليها قبل نهاية ولاية المجلس الحالي.
ووسط هذا المشهد الداخلي بقيت عيون كبير المفاوضين الأميركيين دايفيد ساترفيلد منصبة الى المياه الإقليمية للتنقيب مجدداً في الأحواض النفطية على حلولٍ تصب في نهاية المطاف في مصلحة «اسرائيل»، حيث واصل أمس، مباحثاته مع المسؤولين اللبنانيين متنقلاً بين المقار قبل أن يغادر الى جنيف، فزار الرئيس نبيه بري في عين التنية، وتمّ البحث في موضوع المنطقة الخاصة والحدود البحرية. غير أن الموفد الأميركي لم يحمل جديداً بحسب ما أعلن المكتب الإعلامي لبري، وأكد المكتب أن «موقف رئيس المجلس هو نفسه الذي أبلغه للسفير ساترفيلد سابقاً ولا ينقص حرفاً واحداً». وأشارت مصادر عين التينة الى «أن لبنان متمسك بحقوقه النفطية ولا تراجع عنها»، مشيرة الى أن «الأميركيين ليس لديهم من طرح سوى اقتراح هوف، وأن الإسرائيليين يحاولون التحايل بشتى الطرق».
في موازاة ذلك، عُقد اجتماع ثلاثي في رأس الناقورة برئاسة قائد قوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان اللواء مايكل بيري ، بحضور وفد من ضباط الجيش اللبناني برئاسة العميد الركن مالك شمص ، تمّت خلاله مناقشة المواضيع المتعلّقة بالحدود البرية والبحرية بين لبنان و فلسطين المحتلة ، ومسائل تتعلّق بتطبيق القرار 1701.
ووصفت مصادر سياسية الموقف اللبناني بالممتاز والوطني، مؤكدة أن «الموقف الرسمي استفاد كثيراً خلال جولة المفاوضات الجديدة من المعادلة النفطية الجديدة التي أعلن عنها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بأنه سيقوم خلال ساعات بشلّ عمل مصافي النفط في اسرائيل اذا طُلب منه ذلك المجلس الاعلى للدفاع كرد عن اي اعتداء إسرائيلي على مناطق النفط اللبنانية»، مشيرة الى أن «تهديدات السيد نصرالله وإصرار لبنان الرسمي على موقفه أحبط المحاولات الأميركية بفرض الشروط الاسرائيلية على لبنان وأجبر اسرائيل على خفض تهديداتها وسقفها التفاوضي المرتفع، حيث تراجعت عن مطالبتها بتقاسم المنطقة النفطية الخالصة الى ادعائها ملكية بعض مساحة البلوك 9 «.
وأشارت قيادة الجيش في بيان بعد الاجتماع، الى أن «الجانب اللبناني عبّر مجدداً عن موقف الحكومة اللبنانية المتمسّك بسيادة لبنان على أراضيه ومياهه البحرية وثرواته النفطية، ورفض جميع محاولات العدو الإسرائيلي المسّ بها أو الانتقاص منها، سواء لجهة إمكان مرور الجدار العازل في نقاطٍ لبنانية أو لجهة وضع اليدّ على جزءٍ من البلوك المذكور، كما أكدّ موقف الجيش الحازم في مواجهة أي اعتداء إسرائيلي على هذه الحقوق. كذلك عرض الجانب اللبناني خروق العدو الجويّة والبحريّة والبريّة للبنان وطالب بوقفها فوراً. وأشارت القيادة الى أن «اللواء بيري ركّز على ضرورة الالتزام الدقيق بمندرجات القرار 1701 وبترتيبات التنسيق والارتباط»، مؤكداً أنّ «المحافظة على الاستقرار هي مسؤولية الجميع، وأنّ القوات الدولية جاهزة للمساعدة على حلّ المشكلات المتعلّقة بالحدود».
جلسات مكثفة لإنجاز الموازنة
الى ذلك، واصلت اللجنة الوزارية المكلفة دراسة مشروع قانون الموازنة عملها خلال جلسة عقدتها أمس، في السراي الحكومي برئاسة رئيس الحكومة سعد الحريري وأنهت مناقشة المواد على أن تستكمل البحث في اجتماع يعقد الاثنين المقبل، وأكد رئيس الحكومة أنه سيعمل على إنجاز الموازنة خلال الاسبوع المقبل.
وفي حين شككت مصادر وزارية ومالية بقدرة الحكومة على إنجاز الموازنة في وقتٍ قريب وإحالتها الى المجلس النيابي، أشارت مصادر السراي الحكومي لـ«البناء» الى أن «الرئيس الحريري طلب خلال الجلسة تكثيف اجتماعات اللجنة في محاولة لإنهاء المشروع وعرضه على مجلس الوزراء لإقراره وإحالته الى المجلس النيابي»، مرجحة أن «يكون المشروع على طاولة مجلس الوزراء الأسبوع المقبل». وأوضحت المصادر أن «لا ضرائب جديدة في المشروع، بل الأمر يقتصر على رفع تعرفة الكهرباء في حال تمّ رفع ساعات التغذية الى 24 ساعة في كل لبنان، ما يعني أن الزيادة مرتبطة بزيادة ساعات التغذية».
وبعد الاجتماع أعلن وزير المال علي حسن خليل أنه «تمّ إنجاز معظم بنود مشروع قانون الموازنة بما فيها بعض البنود الإصلاحية، وسيستمكل النقاش يوم الاثنين المقبل بالأرقام»، مشيراً الى أنه «إذا تحمّلت القوى السياسية وممثلو اللجنة مسؤولياتهم وعملنا على خفض أرقام الموازنة حتى نخفض قليلاً نسبة العجز، فسيكون الأمر مهماً جداً». وأوضح أنه «لم تتم مناقشة أي ضريبة جديدة، خلافاً لما تم تداوله اليوم، وما طرح في الجلسة مسألة لها علاقة بزيادة تعرفة الكهرباء عندما تؤمن التغذية 24/24 ساعة. فلا أرقام من خارج المشروع، وكل النفقات يجب أن تكون من ضمن الموازنة».
وأكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة «أننا نسعى لأن يكون هناك تخفيض للعجز، ونحاول بالإمكانيات الممكنة أن نساعد عبر ضبط حركة الفوائد ومع وزارة المالية لتكون هناك منتجات بفوائد أدنى».
وفي حديث تلفزيوني أكد أن «ما يهمنا في مصرف لبنان هي أن لا تتأثر أصولنا بالعملات الأجنبية لنحافظ على الاستقرار بأسعار صرف الليرة ونحافظ على لبنان بالتقييم الدولي»، وطمأن الى أن «الوضع النقدي مستقر والليرة مستقرة».
«بحصة انتخابية» في بيت الوسط
على الصعيد الانتخابي، تتجه الأنظار الى بيت الوسط التي ستكون على موعدٍ الأسبوع المقبل مع بحصة «انتخابية» «يبقّها» رئيس تيار المستقبل سعد الحريري في احتفال يقيمه للإعلان عن مرشحيه لخوض الانتخابات ويتطرق خلاله الحريري الى شكل التحالفات مع القوى والأحزاب السياسية في مختلف الدوائر، ما سيشكل مفاجأة بحسب مصادر لجهة المرشحين وشكل التحالفات والبرنامج الانتخابي. ويبدو أن تحديد تيار المستقبل موعداً للإعلان عن مرشحيه من دون حسم العلاقة الانتخابية مع «القوات» يؤشر الى إغلاق باب التحالف بين الطرفين، غير أن مصادر أخرى تؤكد أن الحريري يتريث بانتظار إشارات سعودية للبناء على الشيء مقتضاه، لا سيما وأنه أعلن صراحة في 14 شباط الماضي بأنه لا يوجد مال انتخابي وأنه سيخوض الانتخابات بلوائح مستقلة، مشيرة الى زيارته المرتقبة الى المملكة العربية السعودية خلال الأيام القليلة المقبلة. فهل ستقايض السعودية دعم الحريري مالياً بتحالفه الانتخابي مع القوات؟
أوساط نيابية مستقبلية أشارت الى أن «أسماء المرشحين بقيت طيّ الكتمان دون الإفصاح عنها لاستكمال النقاشات مع بقية القوى السياسية قبل الحسم»، ولفتت لـ «البناء» الى أن «التحالفات لم تتضح حتى الآن لكن ما بات ثابتاً هو أن المستقبل سيكون لديه مرشحون في دوائر الشمال وبيروت والبقاع والجبل»، أما التحالفات فأوضحت الأوساط المستقبلية أنها ستتظهر خلال الأيام القليلة المقبلة، مشيرة الى أن «التحالف مع حزب القوات اللبنانية غير واضح حتى الآن».
وتعمد «القوات» الى بعث رسائل تحذيرية عبر وسائل إعلامية الى كل من تيار المستقبل والتيار الوطني الحرّ بأن مرشحيها في مختلف الدوائر سيشكلون مفاجأة للحلفاء قبل الخصوم، وردّت أوساط المستقبل بالقول: «حينها تكون القوات قد اتخذت قرارها ونحن أيضاً سنتخذ قرارنا».
وعلمت «البناء» أن «رئيس القوات سمير جعجع وبتعليمات أميركية يضع شرطاً أساسياً للتحالف مع المستقبل وقوى أخرى وهو خوض الانتخابات تحت عنوان ثوابت 14 آذار في كل لبنان في وجه لوائح 8 آذار»، لكن المصادر المستقبلية تساءلت: «وهل بقي 14 و8 آذار في ظل الاصطفافات والتحالفات الجديدة ما بعد التسوية الرئاسية والتطورات المحلية والإقليمية؟».
وعلمت «البناء» أيضاً أن الحريري لن يخوض الانتخابات تحت مظلة «14 آذار» بل وفق مصلحته الانتخابية، بحسب كل دائرة، وهذا ما أبلغه لجعجع عبر الوزير ملحم الرياشي ولوزير الخارجية الأميركي خلال زيارته الى لبنان.
وأملت الأمينة العامة لـ« القوات» شانتال سركيس من تيار المستقبل أن «نستعيد مشهدية ثورة الأرز لأنه يجمعنا معهم مشروع سياسي كبير»، معربةً عن أملها «أن لا يكون التعاون انتخابياً فقط، بل سياسي أيضاً من أجل استكمال المشروع السياسي الذي بدأ مع ثورة الأرز ». وأشارت الى أن «تحالف «القوات اللبنانية» و« التيار الوطني الحر » ظرفيّ والمصلحة العامة لا تسمح بأن نكون دائماً على تلاقٍ. وفي كسروان جبيل لائحتنا مكتملة اما في المتن فلدينا الحاصل الانتخابي ونطمح إلى أكثر من مقعد». ما يعني بأن اللاتحالف هو سيّد الموقف حتى الآن في دائرة كسروان جبيل وفي دائرة المتن، وحيث ترجّح مصادر «القوات» بأن لا تحالف مع «التيار الحر» باستثناء بيروت الاولى الاشرفية أما مصادر التيار الوطني الحر فتشير لـ«البناء» الى أن «لا تفاهم بين التيار والقوات حتى الآن في دوائر المتن وجبيل كسروان وزحلة والبترون الى جانب أن القوات رشحت في دائرة بعبدا الوزير بيار أبي عاصي».