مأزق «إنساني».. ازدحام في الغوطة وغياب في عفرين!

نظام مارديني

كلما غيّرت سورية قواعد الاشتباك في الميدان، كما يحصل في الغوطة الشرقية وإدلب، يُظهر الحدث السوري للملأ أن انقلاباً حدث داخل البيت الأبيض في واشنطن! ألم يعكس تحرير حمص وحماه وحلب ودير الزور وتدمر، الإرادة الصلبة التي يقف عليها الجيش السوري، رغم معاركه المتواصلة التي يخوضها ضد التنظيمات الإرهابية وداعميها على مدى السنوات السبع الماضية؟

منذ بداية العدوان القائم على سورية، بدا واضحاً فشل تركيا في صياغة استراتيجية ثابتة تجاهها.. وانطلق الاحتلال التركي لبعض الاراضي السورية بحجة محاربة داعش في اتجاهين اثنين: تحقيق أحلام أنقرة بإقامة منطقة حظر طيران، ووقف تقدّم كرد سورية واقترابهم كثيراً من الحدود التركية عبر التلويح بعصا ما يُسمّى بـ «الجيش الحر» لمواجهة تقدّمهم ومنعهم من إقامة «الأمر الواقع» «الجيش الحر» الذي طالما هلل له بعض الأكراد باعتباره رمز الثورة، رغم أنه يتكوّن من المرتزقة الذين اندمجوا بالجماعات التكفيرية، كالنصرة وداعش .

ولكن هل كان باستطاعة تركيا العدوان على منطقة عفرين منذ 55 يوماً لولا الضوء الأخضر الأميركي الأميركيون ينظرون إلى كرد سورية بمنطق أولاد الست شرق الفرات وأولاد الجارية غرب الفرات ؟ وهل هي صدفة أن يتزامن الصمت الدولي «الإنساني» في عفرين مع استمرار المجازر التركية اليومية، مع هذه الهيستريا «الإنسانية» الدولية في الغوطة الشرقية دعماً للجماعات الإرهابية في هذه المنطقة التي تطل على دمشق؟

التهديدات الأميركية بقصف مواقع للجيش السوري في دمشق والغوطة لدعم الجماعات الإرهابية، تذكّرنا بغارة دير الزور العدوانية على مواقع الجيش السوري دعماً لداعش لتكشف واشنطن أنها لن تستغني من خلال تعاونها مع «داعش» و»النصرة» عن وضع الخطوط الحمراء أمام التقدّم السوري في الميدان والحيوية الروسية في المنطقة. والسبب أن التدخل الروسي المباشر في دعم الدولة السورية كشف وعلى نحو فاضح أزمة الزعامة الأميركية للعالم.. وها هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلاعب نقاط الضعف الأميركية، من القرم الى الشرق الأوسط.

الروس مقتنعون، بأن المسار المنطقي لخريطة العلاقات في المنطقة يقتضي الحفاظ على الدولة السورية الواحدة. فالبلد دفع ثمناً باهظاً في صراع يُراد أن يختلط فيه على نحو عشوائي، ومدمّر، اللاهوتي مع التاريخي، وموسكو عبر تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، أكدت أنها لن تسمح بقصف دمشق، وهي ستدعم وحلفاءها الجيش السوري في معركته ضد الارهاب.. هل نتذكّر قول أوبير فيدرين وزير خارجية فرنسي سابق عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «لا تراهنوا على انكساره في سورية.. إنه جبل الجليد»!

لم تستطع الولايات المتحدة الصبر طويلاً في كبح شهوة عرقلة انتصارات الجيش السوري في ريف دمشق واتهام روسيا بقصف المدنيين في الغوطة. واذا كانت صدمة انتصارات الجيش السوري كشفت حجم المأزق الذي تعيشه الإدارة الأميركية وحلفاؤها، فهي من جهة أخرى تكشف حجم التقدم الروسي في كشف وكبح المقامرة الغربية ما استدعى هذا الجنون الأميركي والغربي.

نقول،.. إذا تسنى لكم أن تتعرّفوا إلى مواطني سورية.. صاغة الياسمين وصاغة الجمر. فمنهم يوسف العظمة الكردي ، ونزار قباني السني ، وأدونيس العلوي وفارس الخوري المسيحي وسلطان باشا الأطرش الدرزي ومحمد الماغوط الإسماعيلي .. هؤلاء هم في قلب سورية، سورية كلها، وهم صدر العالم العربي وسيفه وترسه!

اترك تعليقاً

Back to top button