أين «المجتمع الدولي» و«إنسانيته» من جرائم تركيا في عفرين؟
معن حمية
في العام الماضي دفعت تركيا بقواتها الى داخل الأراضي السورية، واحتلت مدينة جرابلس ومناطق عدة أخرى بعد معارك مزعومة مع تنظيم «داعش» الإرهابي، والتي كانت بمثابة عمليات تسلّم وتسليم بين أبو بكر البغدادي ورجب طيب أردوغان.
ومنذ ما يقارب الشهرين تشنّ تركيا هجوماً على مدينة عفرين السورية وقد احتلت عدداً من البلدات والقرى وهي تدكّ المدينة بصواريخ الطائرات وقذائف المدفعية التي تدمّر البنى التحتية وتقتل المدنيين لا سيما الأطفال وتفرض الحصار على أهلها وتقطع المياه عنهم.
نحو مئتي ألف مدني نزحوا حتى الآن من عفرين تحت وطأة القصف التركي، وهم أصبحوا يواجهون معاناة إنسانية كبيرة، غير أنّ ما يسمّى «المجتمع الدولي» بمؤسّساته السياسية والإنسانية، يلوذ بالصمت المطبق حيال هذه المعاناة، على عكس ما يحدثه من صراخ وضجيج، في حالات قيام الجيش السوري بتضييق الخناق على المجموعات الإرهابية في منطقة ما. فـ»المجتمع الدولي» أقام الدنيا ولم يقعدها، وفبرك التقارير والمسرحيات الكيميائية والأزمات الإنسانية المفتعلة، حين حوصر الإرهاب في الزبداني وغير منطقة سورية. ويفعل الأمر ذاته في محاولة منه لوقف تقدّم الجيش السوري في الغوطة الشرقية. أما معاناة مئات آلاف السوريين في مدينة عفرين بسبب عمليات القتل والحصار والتجويع التي يمارسها الجزار التركي، فهي لا تستأهل من أميركا والغرب إصدار مواقف الإدانة والاستنكار، لأنّ فائض «الإنسانية» عند مدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان، يستخدم وفق سياسة ازدواجية المعايير، لمصلحة الإرهاب حصراً وضدّ الدول والشعوب التي تحارب الإرهاب وترفض الهيمنة الأميركية.
إنّ صمت أميركا وحلفائها عن جرائم تركيا بحق أهل عفرين وأطفالها، دليل ساطع على أنّ أميركا والغرب والدول الإقليمية والعربية التي تدور في فلكها، كلها متفقة على قرار واحد، هو قرار استمرار الحرب على سورية وسفك دم السوريين، ولتشكيل خط دفاع عن المجموعات الإرهابية من خلال تلفيق الأكاذيب وحملات الفبركة والتضليل.
تصريحات المسؤولين الأتراك التي تواكب الهجوم على عفرين، تكشف في جانب منها عن تنسيق قائم مع القوات الأميركية بشأن مدينة منبج ومنطقة شرق الفرات، وهذا التنسيق ينسف الرواية التي تتحدّث عن أنّ هناك افتراقاً بين الأميركي والتركي حول سورية، ويؤكد أنّ تركيا لا تزال تعمل تحت مظلة حلف شمال الأطلسي الذي تتحكم أميركا بقراره، وأنّ ما حصل خلال الفترة السابقة من «انعطافة» باتجاه روسيا وإيران تمثلت باشتراك أنقرة في مسار أستانة، لم يكن سوى محاولة للتخفيف من أثر الصفعة التي تلقتها تركيا بعدما تمكّن الجيش السوري من تحرير حلب وطرد الإرهاب منها. فخسارة تركيا ورقة حلب، أفقدها توازنها، وأسقط رهاناتها كلّها. وهي اليوم بهجومها على عفرين تحاول تعويض هزيمتها في حلب، من خلال إقامة ما تسمّيه «منطقة آمنة» في الشمال السوري بالاشتراك مع الأميركي.
ولأنّ حياة السوريين ليست في أولويات أميركا والغرب والمؤسّسات الدولية، فلن نسمع صوتاً دولياً يقول لتركيا كفى إجراماً وقتلاً للأطفال وكفى حصاراً وعدواناً، بل سنشهد تصعيداً غربياً ضدّ سورية لحماية الإرهاب في الغوطة الشرقية وللتغطية على جرائم تركيا في عفرين والشمال السوري.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي