دول الغرب المتحالفة مع الإرهاب هي التهديد الحقيقي للأمن والسلم الدوليين

معن حمية

بات من الصعب جداً، لا بل من المستحيل، أن تتقبّل الشعوب الصورة النمطية التي حاول الغرب على مدى عقود أن يظهر بها، وقد سخّر هذا الغرب طاقات كبيرة وصرف أموالاً طائلة، في مجال الإعلام ومن خلال مراكز الأبحاث والدراسات، وعبر مؤسّسات حقوق الإنسان المحلية منها، والدولية، لتقديم نفسه بمظهر مختلف عن حقيقته، وبأنّه يمثل قيم الحرية والديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، في حين كان يخوض حروباً ويغزو دولاً. وقد سجّلت الولايات المتحدة الأميركية رقماً قياسياً في شنّ الحروب والغزوات منذ الحربين العالميتين الأولى والثانية إلى يومنا هذا، ومنها الحروب على كوبا وفيتنام وبنما والعراق وصولاً إلى الحرب الإرهابية التي تقودها ضدّ سورية.

اختباء أميركا والغرب خلف قناع الحرية وحقوق الإنسان، لم يكن سوى محاولة للتعمية على حروب التوسّع والهيمنة التي ارتكزت على مبدأ ممارسة إرهاب الدولة. وقد بدا هذا المسار واضحاً من خلال دعم واحتضان الإرهاب الصهيوني بحق الفلسطينيين، ولاحقاً بغزو العراق تحت ذرائع امتلاكه أسلحة دمار شامل. وهو ما ثبت بطلانه، ومن ثم البدء بحروب ما سمّي الربيع العربي، والذي أخذت فيه فرنسا زمام المبادرة ومارست إرهاب الدولة بإعلانها الحرب على ليبيا، ومن ثم استدعاء حلف شمال الأطلسي لتدمير ليبيا وقتل الليبيين.

أما الحرب الكونية الإرهابية على سورية، والتي لا تزال مستمرة منذ سبع سنوات، فقد كشفت عن قبح الغرب وإرهابه، وبأنه عدو الإنسانية، وليس مؤهّلاً للتعامل الجدي مع قضايا حقوق الإنسان، لأنه موغل في الإرهاب.

الحرب العدوانية على سورية، تكفّلت بإسقاط أميركا والغرب من عالم الإنسانية، وهذا الغرب بممارساته يعمل على تقويض المؤسسات الدولية، وما محاولة أميركا وفرنسا وبريطانيا تحويل مجلس الأمن الدولي منصة لبحث حقوق الإنسان في سورية، سوى سابقة تُظهر مدى صلافة ومراهقة هذه الدول وعجزها حتى عن فهم مهام ووظائف مجلس الأمن الدولي بوصفه مؤسّسة تُعنى بقضايا السلم والأمن والدوليّين.

الغرب بدوله المتحالفة والمتآلفة مع الإرهاب، يشكّل تهديداً حقيقياً للأمن والسلم الدوليّين، وإذا نجحت الولايات المتحدة في أن تثبت بأنها دولة متوحّشة معادية للدول والشعوب، فإنّ الاتحاد الأوروبي يسير في الاتجاه ذاته، وهو باستمراره في سياسة فرض العقوبات على سورية بذرائع استخدام السلاح الكيميائي، وفي انحيازه الواضح إلى جانب المجموعات الإرهابية المتطرفة، يؤكد أننا أمام منظومة غربية أوروبية تتقاسم الأدوار وتتوزّع المهامّ لتحقيق مشروع هيمنة استعمارية يُفرض على الدول والشعوب، غير أنّ ما صرفته هذه المنظومة من أموال وما سخّرته من طاقات لاكتساب صفات الدفاع عن الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان ذهب هباء منثوراً، عدا عن أنّ موازين القوى الدولية شهدت تحوّلاً كبيراً، بعد عودة روسيا القوية إلى جانب الصين ودول أخرى تقف بوجه الهيمنة الغربية.

عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي

اترك تعليقاً

Back to top button