نصرالله: قرّرنا منح الأولوية للحرب على الفساد… ونعمل لسلطة قضائية مستقلة حزب الله أنهى مساعيه بين الحلفاء داعياً للتواضع والتنازل منعاً لضياع الفرصة
كتب المحرّر السياسي
بينما بدأت تثمر معارك الغوطة سياسياً بتحوّل الانتصارات العسكرية نتائج سياسية تمثلت بداياتها بالتوصل لتفاهم يُنهي معارك حرستا، فتعود اليوم عيونها خضراء بدخول الجيش السوري إليها وخروج المسلحين ومَن معهم منها بالباصات الخضر، كان الجيش السوري يُكمل معارك المناطق الجنوبية من الغوطة بالتقدم نحو عين ترما، فيما التفاوض بين المندوبين الروس وميليشيا جيش الإسلام يتواصل حول وضع دوما، خصوصاً مع تصاعد المطالبات بالحسم العسكري بعد مجزرة جرمانا ومواصلة القصف على أحياء دمشق القريبة من الغوطة.
لبنانياً، كان خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله مناسبة للإعلان عن وقف المساعي التي يقودها الحزب بين الحلفاء لتقريب وجهات النظر والسعي لإنشاء تحالفات ضمن الخط السياسي الواحد، بعدما كشف السيد نصرالله عمّا واجهته هذه المساعي من عناد وتعنّت الأطراف المعنية حول مطالبها، وبذلك صار استكمال تركيب اللوائح خصوصاً في المناطق التي ليس فيها مرشحون للحزب على عاتق الأطراف المعنية لخوض التحالفات التي تتناسب مع رؤيتها ومصالحها، علماً أنّ نصرالله حذّر من عواقب الخلاف بين الحلفاء منبّهاً من خطر ضياع الفرصة التي أتيحت باعتماد النسبية لنيل هؤلاء الحلفاء تمثيلاً عادلاً، وهذا يعني أنّ الأيام الفاصلة عن نهاية مهلة تشكيل اللوائح لن تشهد وساطات يقوم بها الحزب، وسترسو على ما بلغته حتى الأمس، حيث الصعوبات التي منعت جمع الحلفاء في لوائح مشتركة تتحكّم بذهاب كلّ منهم للوائح وتحالفات منفصلة. وهذا يعني البقاع الغربي وراشيا حيث حسمت مشاركة نائب رئيس المجلس النيابي السابق إيلي الفرزلي على اللائحة التي يتشارك فيها الوزير السابق عبد الرحيم مراد مع حركة أمل وحزب الله، بصفته الشخصية وليس كممثل للتيار الوطني الحر، كما يعني تحالف الشوف عاليه ومشاكل التحالف بين كلّ من الحزب الديمقراطي اللبناني ورئيسه الوزير طلال إرسلان مع التيار الوطني الحر والحزب السوري القومي الاجتماعي، وحزب التوحيد العربي ورئيسه الوزير السابق وئام وهاب، وكذلك دوائر أخرى تعيش حالاً مشابهة.
الجديد النوعي في كلام السيد نصرالله والذي ستكون له مترتبات كثيرة على الحياة السياسية الداخلية، كانت التعهّدات التي أخذها السيد نصرالله على نفسه وعلى الحزب بمنح الأولوية في الشأن الداخلي للعناوين الإصلاحية السياسية والاقتصادية، وفي طليعتها الالتزام بتقدّم الحرب على الفساد ضمن هذه الأولويات، حيث كشف نصرالله عن تشكيل إطار خاص لهذه الغاية يعمل تحت إشراف السيد نصرالله شخصياً، أسوة بالإطار الخاص بعمل المقاومة، وربط هذا الالتزام بمجموعة من الخطوات الإصلاحية وفي مقدّمتها بناء السلطة القضائية المستقلة ورفض التلزيمات بالتراضي والإصرار على ربط كلّ تلزيم بمناقصة وكلّ تعيين بمباراة، وصولاً لمكننة عمل الإدارات العامة وإنجاز اللامركزية الإدارية الموسّعة.
حزب الله إلى قلب الدولة ومفاصلها
بلغت حركة الاتصالات والمشاورات ذروتها خلال اليومين الماضيين لإنهاء خريطة التحالفات الانتخابية في مختلف الدوائر قبيل ساعات من إقفال باب سحب الترشيحات وأيام قليلة من نهاية مهلة تقديم اللوائح إلى وزارة الداخلية ليل 26-27 الشهر الحالي، وقد تحوّلت المقار السياسية والحزبية خلايا نحل لإطلاق البرامج الانتخابية وتكثيف عمل الماكينات الانتخابية الى الحدّ الأقصى لتقديم إحصاءات نهائية للناخبين ونسبة الاقتراع المحتملة والحواصل الانتخابية المطلوبة والأصوات التفضيلية في كل دائرة ولكل لائحة ومرشح.
وكما كان حزب الله وحركة أمل السباقَيْن في إعلان مرشحيهما وتحالفهما الانتخابي وحسم لوائحهما المشتركة كانا أيضاً في طليعة القوى والأحزاب السياسية في إعلان البرنامج الانتخابي، فبعد إعلان رئيس المجلس النيابي نبيه بري برنامح حركة أمل وكتلة التنمية والتحرير، عرض الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله البرنامج الانتخابي لحزب الله. العلامة الفارقة فيه كانت ولوج الحزب للمرة الأولى في تاريخه الى قلب الدولة اللبنانية ومؤسساتها ومفاصلها ودخوله على خط البحث في حلول المشاكل والأزمات المزمنة المستفحلة في جسد الدولة المالية منها والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية وغيرها من القضايا والملفات الذي لم يكن يتدخّل فيها حزب الله بشكل مباشر بحكم انشغاله في قضايا الوضع الإقليمي السياسية والعسكرية، أما اليوم وبعد إرساء الاستقرار الأمني على الحدود وخلف الحدود ومن خلال مشاركته الفاعلة في مجلسي النواب والوزراء وفي ظل العهد الجديد والمجلس النيابي المقبل وحكومة ما بعد الانتخابات النيابية، بات حزب الله شريكاً أساسياً في الإصلاح والتنمية ومكافحة الهدر والفساد وفي جميع القرارات الكبرى المتعلقة بمالية واقتصاد الدولة وإن كان سيسبب له المشاكل والمتاعب مع قوى سياسية أخرى، كما قال السيد.
وأكد السيد نصرالله في كلمة متلفزة، ضرورة العمل على إنتاج سلطة وطنية انطلاقاً من الاستقرار الذي أمنته المعادلة الثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، مشدداً على أن «حزب الله سيعمل من موقعه النيابي لحماية لبنان وشعبه وأرضه ونفطه وثرواته الطبيعية»، ومؤكداً إعطاء العناية الخاصة لمحاربة الفساد المالي والإداري.
وتضمّن البرنامج الشامل بنوداً عدة أبرزها «تطوير قانون الانتخابات الحالي القائم على النسبية، وتطوير النظام القضائي وتمكين القضاء من أن يكون سلطة مستقلة، إضافة الى تعزيز دور الهيئات الرقابية وتعديل القوانين الراعية لها بما يضمن استقلاليتها والعمل لاستحداث الوزارة الوطنية للتخطيط بمعناه الأشمل والمتخصص». كما دعا السيد نصرالله الى اعتماد مبدأ المناقصات في التلزيمات ورفض التلزيمات بالتراضي، وأعلن أن البرنامج سيشمل «تعزيز دور مجلس الخدمة المدنية وجعله مدخلاً حصرياً للتوظيف في الإدارات العامة»، وكشف عن قرار لدى قيادة الحزب «تشكيل إطار تنظيمي خاص تكون مهمته مواجهة الهدر والفساد ونحن ملتزمون بأن نبقي تنظيمنا وحزبنا نظيفاً وغير متورّط بأي فساد أو هدر وهذا بحد ذاته يحتاج لجهد كبير»، دعا مَن لديه أي معطى أو شك في تورط أي مسؤول في حزب الله بفساد أن يقدّم الأدلة لأننا مصمّمون على الحفاظ على نقاء مسيرتنا، لافتاً الى ان «حزب الله يتطلع إلى دولة رعاية وعناية لا دولة جباية، وفيها ضبط للإنفاق وترشيده بما يتناسب مع حاجات الناس الأساسية».
رسالة للحلفاء: التنازع مقدّمة للفشل
وفي موضوع التحالفات الانتخابية وجّه الأمين العام لحزب الله رسالة «للحلفاء والأصدقاء هي التواضع والتنازل والتفهّم والتفاهم»، أشار إلى أن «التنازع هو مقدمة للفشل»، مضيفاً أن «العلاقة بين حزب الله والتيار الوطني استراتيجية وقائمة وبعد انتهاء الانتخابات مكمّلين بتفاهمنا». وكشف أن «البعض توقع منّا أن نلعب دوراً لا يمكننا أن نلعبه في مسألة تركيب اللوائح الانتخابية وما فعلناه هو أقصى جهدنا ولا يمكننا أن نفرض على أحد شيئاً».
وأوضح السيد نصرالله ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن كلام منسوب إليه عن مرشحي اللوائح المنافسة للائحة الوفاء والأمل، وقال: «ما نقل عني منذ أيام غير دقيق، وما قلته إن في بعلبك الهرمل أصدقاء لنا في اللوائح الأخرى، وهذا حقهم، فيما هناك آخرون تابعون لقوى وجهات أيّدت الجماعات المسلحة وقدّمت لها الدعم المادي وحمتها ومنعت الجيش اللبناني لسنوات من حسم المعركة معها».
اكتمال لائحة 8 آذار في البقاع الغربي
وقد بدأت صورة اللوائح تتظهر تدريجياً بانتظار الحسم النهائي في العطلة الأسبوعية، وفي دائرة البقاع الغربي حسم نائب رئيس مجلس النواب السابق المحامي إيلي الفرزلي خياره بالانضمام إلى لائحة رئيس حزب الاتحاد الوزير السابق عبد الرحيم مراد أو لائحة 8 آذار والمدعومة من ثنائي أمل وحزب الله، وذلك بعد اتصال أجراه الفرزلي برئيس المجلس النيابي أبلغه انضمامه الى اللائحة، في وقت لم يحسم التيار الوطني الحر خياراته في هذه الدائرة في ظل رفض بري مطلب التيار بمقعدين في الدائرة. وقد باتت هذه اللائحة شبه منتهية، بحسب ما قالت مصادرها لـ «البناء» بانتظار الإعلان عنها خلال اليومين المقبلين، وتضمّ الى جانب مراد عن المقعد السني الفرزلي عن المقعد الأرثوذكسي وناجي غانم عن المقعد الماروني والنائب السابق فيصل الداوود عن المقعد الدرزي والقيادي في حركة أمل محمد نصرالله عن المقعد الشيعي.
في المقابل لم تُستكمل بعد لائحة تيار المستقبل التي تضمّ حتى الآن زياد القادري ومحمد قرعاوي عن المقعدين السنّيين، وأمين وهبي عن المقعد الشيعي، وائل أبو فاعور عن المقعد الدرزي. في حين لم يحسم المقعد الماروني حيث يتمسّك التيار العوني بمرشّحه الماروني شربل مارون في حين يُصرّ المستقبل على مرشحه هنري شديد. كما لا يزال المقعد الأرثوذكسي مدار خلاف بين المستقبل والحزب الاشتراكي. في ما تتجه القوات اللبنانية إلى تشكيل لائحة ثالثة بعد تعثر مفاوضاتها مع المستقبل.
ولم يرشح أي جديد على صعيد مفاوضات المستقبل والقوات في بقية الدوائر، في ما الاتجاه المستقبلي الى التحالف مع التيار الحر في دوائر عدة.
لائحة فرعون «القوات» في الأشرفية
وبعد افتراقه عن التيار الأزرق والتحاقه بحزب «القوات» سجل وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون اللائحة الأولى في دائرة بيروت الأولى في وزارة الداخلية والبلديات، وأبرز أعضائها الى جانب فرعون النائب نديم الجميل عن المقعد الماروني ومرشح «القوات» عماد واكيم عن مقعد الروم الأرثوذكس.
وفي ما ترددت معلومات عن انضمام المرشح جو حبيقة نجل الوزير الراحل إيلي حبيقة الى لائحة التيار الوطني الحر أمل حزب الله في بعبدا اكتفى حبيقة بالقول في سؤال «البناء»: «مزيداً من الصبر وكل شيء يتوضّح».
وأكد الرئيس بري بأن لوائح الأمل والوفاء لا تمثل احتكاراً انتخابياً إنما العكس هو الصحيح. وقال خلال استقباله في دارته في المصيلح وفوداً شعبية من الجنوب «لو كان الأمر كذلك لكنّا وجدنا لوائحنا قد فازت بالتزكية وهذا ما لم يحصل، ونحن ذاهبون الى الانتخابات وإن غداً لناظره قريب».
نصرالله: لا مشكلة بالاستراتيجية ولا للديون
وتطرّق السيد نصرالله الى السياسة الداخلية في كلمته، وقال: «فخامة الرئيس بإمكانه أن يدعو لبحث الاستراتيجية الدفاعية الوطنية وليس لدينا أي تحسس من هذا الموضوع». وفي ما يتعلق بؤتمر روما، قال «ليس لدينا أي تحفظات والمعيار هو أن يُمكّن الجيش اللبناني من الحصول على أسلحة تمكّنه من الدفاع عن لبنان».
لكن السيد نصرالله أعلن موقفاً متقدماً من مؤتمر باريس «سيدر» وأوضح أنه «إذا ذهبت الحكومة إلى باريس لجلب المساعدات إلى لبنان، فهذا ممتاز. أما إذا كانت تريد الإتيان بقروض وديون فنريد أن نناقش الأمر في الحكومة ومجلس النواب، لأن علينا ديناً يناهز 80 مليار دولار»، موضحاً أنه «ليس لدينا مشكلة بأصل الاقتراض لكن البحث هو كيف سيتمّ تسديد هذا الدين؟ وما الجدوى من المشاريع المزمع تنفيذها؟».
الحكومة تجاوزت «لغم» الكهرباء وأقرّت ورقة «سيدر»
وتجاوز مجلس الوزراء في جلسته التي عقدت أمس، في بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية «لغم» الكهرباء، الذي لم يُدرج على جدول أعمال الجلسة، إذ لا يريد رئيس الجمهورية طرح خطة الكهرباء على التصويت لمنع إثارة الخلافات داخل الحكومة في هذه الظروف، بحسب مصادر وزارية لـ «البناء»، وقد استحوذ موضوع لائحة المشاريع الاستثمارية الخارجية التي يطرحها مؤتمر سيدر في السادس من نيسان على النقاش في الجلسة التي استمرت قرابة الخمس ساعات. وأبدى بعض الوزراء خلال الجلسة بحسب معلومات «البناء» لا سيما الوزير علي قانصو، ملاحظات عدة على اللائحة أبرزها غياب الشفافية والوضوح في تحديد طبيعة الاستثمار ونوع القطاعات الكهربائية التي يتم الاستثمار فيها. ودار نقاش دام خمس ساعات وحسم رئيس الحكومة سعد الحريري النقاش بتأكيده أننا بعد نهاية المؤتمر سنعود الى مجلس الوزراء ونحدّد طبيعة المشاريع والاستثمارات بحسب حجم الدعم المادي المرتقب، غير أن بعض الوزراء تخوّف من أن تترتب على هذه القروض ديون اضافية ما يرفع خدمة الدين العام، وبالتالي سيعمد البنك الدولي الى فرض شروط على لبنان تحت شعارات إصلاحية ما يدفع الدولة الى زيادة الضريبة على القيمة المضافة وما يترتب عن ذلك من تداعيات سلبية في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، ومن أن نصبح رهينة لإملاءات البنك الدولي. وطال النقاش الى أن وافق المجلس على مشروع البرنامج الاستثماري الوطني للبنى التحتية، ورفعه الى مؤتمر «سيدر».
وأعرب الوزير قانصو قبيل الجلسة عن رفض الحزب السوري القومي الاجتماعي ربط قروض الدعم الدولي للبنان بشروط، لا سيما اذا كانت سياسية. وأوضح قانصو لـ»البناء» أن «مؤتمر روما لم يقدم الا الوعود بدعم الجيش والمؤسسات»، وفي ملف الكهرباء شدد على أننا «لا زلنا على موقفنا الداعي الى بناء معامل لانتاج الكهرباء لا استئجار بواخر». وأوضح «أننا لسنا ضد بحث تصور للدفاع عن لبنان، لكن يجب تحديد العدو والأخطار التي تتهدد لبنان وهما العدوان الإسرائيلي والارهابي وليس التماهي الداخلي مع الضغوط الإقليمية والدولية لتحويل الامر للبحث في سلاح المقاومة الذي هو الاساس في أي استراتيجية دفاعية الى جانب الشعب والجيش المعادلة التي أرست الردع مع «إسرائيل» والإرهاب».
وكانت سبقت الجلسة خلوة ثنائية بين الرئيسين عون والحريري تم التداول فيها في جدول الاعمال.
سجال «التيار» «القوات» مستمر
الى ذلك، ومع اقتراب موعد استحقاق 6 أيار تصاعدت وتيرة السجال بين التيار الوطني الحر و«القوات اللبنانية» وبعد السجال الكهربائي بين النائب انطوان زهرا ووزير الطاقة سيزار أبي خليل أمس الأول، كشف زهرا في مؤتمر صحافي من مجلس النواب أمس، أن «نصف الدين العام البالغ 80 مليار دولار هو دعم لكهرباء لبنان مع الفوائد». وقال زهرا متهكماً على أبي خليل: «أعتذر من الأمهات في هذا العيد الى التطرّق الى أولاد «بلا تهذيب»، والضعيف هو من يكذب لتبرير أفعاله». ورد أبي خليل على زهرا قائلاً: «زهرة دبلانة ما بقى إلا تهر».