هل تكون «جبين» نقطة مواجهة سورية تركية؟

نظام مارديني

لم يكن القصف التركي مواقعَ للجيش السوريّ، في بلدة تلّ جبين بريف حلب الشمالي مفاجئاً، فتركيا دولة عدوة بكل مقاييس هذا المصطلح. ولكن «التحرّش» التركي أمس يأتي بعد «نشوة» احتلال مدينة عفرين وانسحاب «وحدات الحماية الشعبية» من المدينة من دون مواجهة تُذكَر!

فهل جاء توغّل الجيش التركيّ وقصفه ومَن معه من جماعات إرهابية في قرى كيمار، براد، برج القاص ليصبح بذلك عند الحدود الإدارية لبلدتي نبّل والزهراء، استكمالاً لاحتلال أراضٍ سورية أخرى، أم يُراد منه المساومة من خلال إمكانية الحصول على بعض المكاسب قبل انسحابهم من المنطقة، قبل معرفة ما ستؤول إليه معركة تحرير أدلب.

ما يحدث في شمال حلب ليس مجرد «نزهة عسكرية» الى الحدود الفاصلة مع تركيا التي حوّلتها، بدورها، أنقرة إلى حطام بسيطرة الجماعات الإرهابية التكفيرية على أدلب ومدينة الباب، وإنما بهدف تنفيذ تفكيك سورية قطعة قطعة، ولكن مَن أعدّوا هذا المخطط سيكونون أمام مفاجآت لم تخطر لهم على بال.

صحيح أنّ اتصالات روسية إيرانية تركية قد تكون جارية في الآن، لوضع حدّ للتحركات التركية في تلك المنطقة، بعدما تولدت القناعة أن وقائع الحسم الميداني لدى دمشق، في ريف حلب الشمالي هو أقلّ كلفة من الانتظار على أبواب مجلس الأمن لاستنباط حلول سياسية ودبلوماسية تقدّم حماية للإرهابيين، كما في الغوطة الشرقية. وبالتأكيد إن لم يحسم الميدان لصالح الجيش السوري، فسيعطي فرصة للجماعات الإرهابية وداعميها في تعزيز قدراتها بالعدد والعديد لاستعادة قوتها.

وبعيداً عن تحليلات بعض السياسيين الذين لا يفرّقون «بين الخيار الاستراتيجي والخيار باللبن» على حد قول الشاعر السوري الراحل، محمد الماغوط، «يبدو أن ديناميكية الميدان السوري ومستجدّاته العسكرية في ريف دمشق، ستسير بوتيرة أسرع مما مضى، وهذه الديناميكية السريعة للميدان السوري كانت بدأت مع بدء عودة الغوطة الشرقية كاملة إلى عهدة الدولة، والغوطة هامة من الناحية استراتيجياً من خلال إشرافها على العاصمة دمشق من جهة، وبصفتها نقطة الوصل بينها وبين البادية، على مثلث الحدود السورية العراقية الأردنية، ولعلنا هنا نتذكر صرخة بوتين باستعمال ترسانته العسكرية المتفوقة لحماية الحلفاء، بعد ورود معلومات عن المخطط الجهنمي للولايات المتحدة بعمل عسكري انطلاقاً من مثلث البادية وصولاً للغوطة الشرقية التي بعودتها سيكون محور العدو ومرتزقته، قد تلقى صفعته الكبرى في ريف دمشق.

ضمن هذا الواقع تدرك دمشق، أن من أصل 100 ألف إرهابي في سورية، كانت الاستخبارات التركية تُمسك، وبتمويل خليجي لا حدود لسخائه، ولا حدود لغبائه، بـ 99 ألفاً منهم، أي أنها تُمسك بالحرب السورية في الشمال السوري خصوصاً، من كل جوانبها، ولذلك كسرُ الإرهاب يعني أن السلطان العثماني وحصانه سيكبوان، رغم أن محور أميركا ـ الخليج، تواطأ مع أردوغان لتقويض الدولة السورية.

لا نزال ننتظر رقصة أردوغان الأخيرة عارياً حتى من ورقة التوت، وهو الذي كان معتقداً أنه الأكثر نضجاً وحذاقة من غيره، ومعتقداً أنه الأكفأ والأنشط بحنكته، ولكنها كانت حنكة الغش والاحتيال والمزايدات المذهبية والعنصرية الرخيصة.

حنكة أردوغان الاخوانية تذكّرنا برئيس الوزراء التركي، عدنان مندريس أحد مؤسسي حلف بغداد ، الذي أعدمته الولايات المتحدة بعدما احترقت ورقة خدماته..!

اترك تعليقاً

Back to top button