مسيرات العودة والزحف الشعبي الحدودي

ناصر قنديل

– في نهاية شهر آذار من كلّ عام تحلّ ذكرى يوم الأرض في فلسطين، يوم خرج فلسطينيّو الأراضي المحتلة عام 48 دفاعاً عن هويتهم الفلسطينية وملكية أراضيهم وقدّموا الشهداء في أمّ الفحم وغيرها من البلدات المحتلة، قبل اثنتين وأربعين سنة، وهذه السنة يحيي الفلسطينيون الذكرى يوم الجمعة بمسيرات ستكون أهمّها تلك التي يستعدّ لها سكان مخيمات غزة من أبناء أراضي العام 48 وصولاً للشريط الذي يفصل غزة عن قوات الاحتلال، وتمتلئ الصحافة الإسرائيلية بالتحليلات والتعليقات والمقترحات، تحت عنوان مواجهة الخطر العظيم، حيث التساهل سيؤدّي لتوسّع الظاهرة، والتشدّد سيؤدّي لمجازر بحق المدنيين يستنهض رأياً عاماً دولياً لا تحتمل «إسرائيل» ضغوطه وهي في أسوأ حالاتها.

– هناك مَن يقترح نشر القناصة، وهناك مَن يدعو لرمي المواد التموينية من الطائرات بين الجموع لإبعادهم عن الشريط، وهناك مَن يدعو للتنسيق مع القاهرة وعمّان ورام الله لأنّ الظاهرة ستتوسّع، وتصير مصدر خطر على كلّ خطوط الحدود، والمقصود التحضيرات التي يتداولها ناشطون فلسطينيون في الأردن ومصر ولبنان وسورية لإحياء مختلِف لذكرى اغتصاب فلسطين منتصف شهر أيار المقبل، وهو الموعد الذي قرّره الأميركيون لافتتاح سفارتهم في القدس، والإحياء المتداول للذكرى يقوم عبر الدعوة لتجمّعات شعبية على حدود فلسطين تضمّ الشيوخ والنساء والأطفال وترفع أعلام فلسطين ومفاتيح البيوت التي صادرها الاحتلال، والبعض يقول إنّ في المتداول دعوات للبقاء على الشريط قرب الحدود والاعتصام هناك، ويلاقيهم فلسطينيّو الداخل من وراء الشريط على الحدود.

– القرار الأميركي بنقل السفارة الأميركية إلى القدس ليس هو القضية، بل ما كشفه حول المفهوم الأميركي لحلّ الدولتين وقاعدته تخلّي الفلسطينيين عن القدس، وما يعنيه ذلك من سقوط خيار التفاوض في الحساب الفلسطيني، بعدما كان واضحاً أنّ التفاوض يُسقط حقوق فلسطينيي 48 بسقف هو دولة على الأراضي المحتلة عام 67 من جهة، ويهدّد بإسقاط حق العودة من جهة أخرى في ظلّ مواقف عربية ودولية وفلسطينية تحدّثت علناً عن استحالة عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، ويأتي الموقف الأميركي ليسقط ثالث مقدسات القضية الفلسطينية، وما تمثله القدس، فلا يتبقى شيء يستحق التفاوض، ويعود الشارع الفلسطيني لمراجعة كلّ قبول بتنازلات كان وارداً من قبل، لتندمج معادلة فلسطينيي 48 و 67 واللاجئين والقدس، بعنوان المواجهة، ومسيرات العودة تعبير شعبي سلمي وديمقراطي وشرعي وقانوني، لا يملك أحد حق الاعتراض عليه.

– قيادة كيان الاحتلال في حالة ذعر، وتعرف أنها لا تملك فعل الكثير في مواجهة الخطر القادم إذا تحققت التوقعات وانطلقت المسيرات بزخم، وأنّ المواجهة التي ستقع ستشكل تزخيماً للمسيرات شعبياً وسياسياً وإعلامياً، لذلك تبذل جهود سياسية ومخابراتية، لتحريك دور عربي وتركي وأوروبي وفلسطيني لإجهاض هذه المسيرات، والتعاون للتخريب على مساعي الناشطين لإطلاقها. وهذا التحدّي الممتدّ في الأيام المقبلة فرصة لا تعوّض لقوى المقاومة ولأحرار فلسطين والشرفاء المؤمنين بالقضية الفلسطينية ليضمّوا أصواتهم وجهودهم ضماناً لنجاح المسعى التاريخي وما سيفتحه من مسارات نوعية جديدة.

اترك تعليقاً

Back to top button