فلسطين تستعدّ ليوم الأرض… السعودية تعطّل مفاوضات دوما… وترامب لمغادرة سورية قريباًً إقرار الموازنة: بري مهّد وحزب الله سدّد والحريري تعهّد… بحقوق متباري مجلس الخدمة
كتب المحرّر السياسي
بينما تستعدّ فلسطين من البحر إلى النهر لإحياء اليوم ذكرى يوم الأرض وتتصدّر المشهد غزة، وما يُعدّه جيش الاحتلال لمواجهة قد تخرج عن السيطرة، ظهر حجم حرب الغوطة في سورية على حقيقته، كأخطر فصول الحرب السورية، فبعدما تسبّب بشنّ حرب عقوبات دبلوماسية غربية على روسيا بذريعة تسميم الروسي سيرغي سكريبال في لندن، ظهرت آخر معاقل الجماعات المسلّحة في دوما كآخر استثمار سعودي يمكن توظيفه في المفاوضات حول اليمن، حيث كشفت مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع عن عروض سعودية لإيران بالاستعداد لتسهيل تفاهمات خروج المسلحين من دوما مقابل تعاون إيراني بوقف قصف اليمنيين للرياض، ما كشف مضمون التدخل السعودي لتعطيل المفاوضات حول خروج مسلّحي دوما، بينما ردّ اليمنيون بقصف صاروخي رداً على العرض أربك السعوديين ببلوغه أهدافه وتعطّل شبكة الباتريوت الأميركية في مواجهته قبل أيام، بينما كان الردّ السوري إنذار الجماعات المسلحة بعدم وجود مهلة مفتوحة للتفاوض، وبدء التحضيرات لعملية عسكرية ضخمة في حال نهاية المهلة من دون الوصول لنتيجة خلال الأيام المقبلة، أما أكبر نتائج حرب الغوطة، فكانت أميركية بعد القرار الأممي بإعادة نشر وحدات الأندوف بطلب إسرائيلي على خط فصل القوات في الجولان المحتلّ، تعبيراً عن سقوط الآمال الإسرائيلية بجدوى الرهان على التدخل في الحرب السورية، كما كان الحال حتى تاريخ إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة «أف 16»، حيث قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب بكلام مختصر ومعبّر «سنغادر سورية قريباً جداً وسنترك الجهات الأخرى تهتمّ بالأمر».
لبنانياً، انتهت الجلسة النيابية المخصّصة لمناقشة وإقرار الموازنة العامة عشية الاستعداد للمشاركة الحكومية في مؤتمر سيدر في باريس، وقد أقرّت الموازنة وسط نصاب على الحافة، فنالت 50 صوتاً وامتنع 12 وصوّت ضدّها إثنان، لكن البارز كان في مجريات الجلسة، فوز القضاة بالدرجات الثلاث التي طالبوا بها وتوّجها مؤتمر صحافي لرئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي جان فهد الذي شدّد على مفهوم السلطة القضائية المستقلة، بعدما انتقلت قضيتهم إلى الجلسة النيابية وحازت دعم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، رغم معارضة رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة بداعي تأثير ذلك على المالية العامة للدولة.
في شأن دستوري حساس يتمثل بالتعامل مع الفائزين في مباريات مجلس الخدمة المدنية، بعدما عطلت الحكومة تعيينهم تحت ذريعة التوازن الطائفي خلافاً لأحكام الدستور الذي يمنع التوزيع الطائفي للوظائف ما عدا الفئة الأولى، فقد تحوّلت الجلسة إلى حلبة سجال حول الموضوع، فمهّد الرئيس بري، ليسدّد حزب الله بتناوب نوابه على تناول الأمر، وصولاً لانتزاع تعهّد الحريري بخفظ حقوق الفائزين بالتوظيف.
الموازنة بـ50 صوتاً وامتناع 12 عن التصويت
قبيل ثمانية أيام من انطلاق مؤتمر «باريس 4» وشهر ونيف على موعد الاستحقاق الانتخابي، تمكّن المجلس النيابي من الفوز في السباق مع المهل الضاغطة بإقراره موازنة الـ 2018 وتقديمها هدية للبنانيين في عيد الفصح والجمعة العظيمة الذي دخلت البلاد في عطلته التي تمتد الى الاسبوع المقبل.
وبعد إنجاز لجنة المال والموازنة النيابية مشروع الموازنة في وقتٍ قياسي ربما يُدخلها في موسوعة «غينيس» أقرّ مجلس النواب بالمناداة موازنة الـ2018، بـ50 صوتاً واعتراض نائبين هما سامي الجميل وسيرج طورسركيسيان وامتناع 11 نائباً عن التصويت، وهم نواب كتلة الوفاء للمقاومة: محمد رعد، علي فياض، نوار الساحلي، حسن فضل الله، نواف الموسوي، حسين الموسوي، بلال فرحات اضافة الى النواب شانت جنجيان وطوني أبي خاطر وغسان مخيبر وخالد الضاهر ونبيل نقولا.
ووافق المجلس في الجلسة المسائية على إعطاء 3 درجات للقضاة وأعاد العطلة القضائية الى شهر ونصف رغم اعتراض رئيس الحكومة سعد الحريري والرئيس فؤاد السنيورة، كما أقرّ المادة المتعلقة بجواز السفر للمغتربين لشهرين فقط ودوام العمل في القطاعات العامة 34 ساعة وترك للحكومة تحديدها.
وطرحت المادة 26 المتعلقة بالسماح للمكلفين بـ«إجراء تسوية ضريبية ومن ضمنها ضريبة الدخل للعام 2016»، ودار نقاش طويل في هذا البند»، فقال الحريري: «نحن عوّلنا على هذا البند، لأنه يحقق لنا 300 مليار ليرة»، فردّ بري: «نحن اعتراضنا على هذه التسوية، لأنها لا تساوي بين الجميع»، واقترح النائب حسن فضل الله إلغاء المادة 30 المتعلقة بتعديل التقديرات لضريبة الأملاك المبنية للوحدات المشغولة، لأنها تصيب أصحاب الدخل المحدود.
وطرحت المادة 51 المتعلقة بحق القضاة المنتدبين الى الادارة العامة العودة الى القضاء والاستفادة من صندوق تعاضد القضاة. وبعد نقاش برز خلاف بين الوزراء حول المادة، فطلب الرئيس بري إعادتها الى الحكومة بناء على اقتراح النائب حسن فضل الله، ولم يتم الاتفاق على مطالب المعلمين، ولم تُبت المادة 49 المتعلقة بأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وتتعلق بإعفاء درجات الأساتذة من اشتراكات الضمان الاجتماعي.
وقد لوحظ عدم اكتراث النواب لما يدور داخل قاعة المجلس ما أفقد النصاب لأكثر من مرة ما دفع رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى دعوة النواب للدخول الى الجلسة للتصويت على مشروع الموازنة والمواد الأخرى. كما لوحظ استثمار النواب إقرار مشاريع تعود لمناطقهم في السياق الانتخابي.
وبعد الفروغ من قانون الموازنة مدّد بري الجلسة لاستكمال جدول الأعمال المتبقي الذي تضمن بعض البنود المتعلقة بمؤتمر «سيدر»، وتم تعديل المادة 84 من قانون الانتخابات النيابية المتعلقة بالبطاقة البيومترية، وذلك لمرة واحدة تجنباً لتعرض الانتخابات ونتائجها للطعن أمام المجلس الدستوري.
وقد سجلت الجلسة الصباحية سجالات عدة أبرزها بين الرئيس الحريري وعدد من النواب على خلفية تطرّق بعض النواب الى ملف الفساد، حيث أسف الحريري للكلام العشوائي عن الفساد مطالباً بإعطاء أسماء الفاسدين «لنحاسبهم حتى ولو كانوا من تيار المستقبل»، وحمل على مَن ينتقدون إنجاز الموازنة سريعاً والإعداد لمؤتمر سيدر، سائلاً «مَن سيستفيد منه؟ أنا أو البلد»؟ فرد رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد على رئيس الحكومة بالقول إن «الفساد ليس مجرد إشاعة، كلنا نعرف انه يوجد فساد في البلد، ولكن نحن معنيون في المجلس والحكومة بمتابعة الثغرات التي يتسلل منها الفساد والهدر».
غير أن اللافت سؤال رئيس الحكومة عن مكامن الفساد ودعوته النواب وربما المواطنين الى ارشاد الحكومة الى مكان وجود هذا الفساد، فيما الأجدى بأجهزة الرقابة أن تلعب دورها وتتحمّل مسؤوليتها في هذا الصدد.
كما أثار موضوع اعتكاف القضاة سجالاً بين رئيسي المجلس والحكومة وعدد من الوزراء والنواب، فقد انتقد الحريري اعتكاف القضاء، فرد بري مطالباً بمساواة القضاة مع الآخرين. وإذ منح رئيس المجلس شهادة جيدة لأداء الحكومة وإنجازها الكثير من الأمور قال: «لكن هناك امور بديهية تشكل 70 بالمئة من المشاكل، بالنسبة الى الكهرباء لو نفذ القانون وتشكل مجلس الادارة والهيئة الناظمة لحلت 99 بالمئة من مشكلة الكهرباء»، وأشار الى «وجود 39 قانوناً تحتاج الى تطبيق وقد عرضتها من قصر بعبدا، عندما دعا رئيس الجمهورية الى الحوار».
وطالب النائب علي عمار «بالتزام الدستور وتعيين الفائزين بامتحانات مجلس الخدمة المدنية، فإما أن نحصّن الهيئات الرقابية ونلتزم الدستور او نلغي هذه الهيئات ولا يجوز إهدار حق هؤلاء بحجة التوازن الطائفي لأن ذلك جريمة»، فأثارت هذه النقطة جدلاً وبلبلة في القاعة، وحاول النائب عقاب صقر العزف على وتر الخلاف والتصويب على وزير الخارجية جبران باسيل واستدراج بري وحركة أمل لانتقاد باسيل، ومن جهة ثانية الغمز من قناة الحريري، وقال صقر: «وزير الخارجية قال لا تعيينات من دون توازن طائفي». فما كان من بري إلا أن قاطع صقر رافضاً التسميات، فحسم الحريري الأمر بالقول إن السبب في عدم تعيين الناجحين في مجلس الخدمة سياسي فعلّق رئيس المجلس قائلاً: «سنسجل في المحضر أن حق هؤلاء محفوظ». وحاول النائب حسن فضل الله انتزاع وعد من رئيس الحكومة بأن حق هؤلاء محفوظ وحتى لو مرت على نجاحهم سنتان»، فلم يجب الحريري بشكل واضح.
وبعد ذلك ارتفعت وتيرة السجال في هذا البند حتى طلب بري قطع البث الاعلامي عن الجلسة ليبدأ التصويت على بنود الموازنة.
وأشار وزير المال علي حسن خليل في بداية الجلسة الصباحية الى «أننا امام ازمة في نمو الدين، لكننا بالتأكيد لسنا دولة مفلسة، إنما موثوقة مالياً وتحترم التزاماتها ولم تتعرّض يوماً لانتكاسة في دفع التزاماتها للجهات المقرضة»، مقراً في المقابل «بحصول تجاوز في بعض أصول التعيينات والتوظيفات».
ثغرات في الموازنة
وعلق أحد الخبراء الماليين والاقتصاديين على مشروع الموازنة التي أقِرت في المجلس، مشيراً لـ «البناء» الى أنها «موازنة انتخابية وهذا كان السبب والدافع للإسراع في إقرارها في مجلسي النواب والوزراء»، وعدد جملة ملاحظات وثغرات في الموازنة، وأهمها:
موازنة حسابية رقمية لا تتضمن رؤية اقتصادية اجتماعية تشبه موازنة الـ2017.
تضمنت إصلاحات متواضعة كإنشاء مبانٍ حكومية بدل الايجارات وإلغاء المجالس والصناديق في العام 2020 كمجلس الجنوب ومجلس الإنماء والإعمار وصندوق المهجرين.
– غياب الاصلاحات البنيوية كإصلاح القطاع العام لجهة رواتب التقاعد وتعويضات نهاية الخدمة.
– غياب سياسة ضريبية واضحة ونظام ضريبي فعلي، كإقرار ضريبة موحدة على المداخيل.
– ارتفاع العجز في الموازنة الى 7300 مليار ليرة وربما يرتفع الى 8300 مليار ليرة في نهاية العام الحالي بسبب ارتفاع أسعار النفط عالمياً الذي يرفع عجز الكهرباء، والسبب الثاني ارتفاع معدلات الفوائد عالمياً اضافة الى كلفة بواخر الكهرباء التي تصل خلال الأسبوعين المقبلين الى بيروت ما يعني تسجيل عجز في الموازنة وبالتالي ارتفاع حجم الدين العام الى 85.5 مليار دولار في نهاية العام 2018 أي ما نسبته 151 في المئة من الناتج المحلي. وتبلغ كلفة بواخر الكهرباء المستقدمة 800 مليون دولار سنوياً أي ما يعادل ملياراً و800 مليون دولار على خمس سنوات، ويشير الخبير الى أن «الايجابية الوحيدة في الموازنة هو أنها لم تتضمن ضرائب جديدة»، ولفت الى التناقض بين قانون الإيرادات الضريبية الذي أقرّ في العام الماضي وبين سلة الاعفاءات الضريبية لبعض المؤسسات في قانون موازنة 2018، ما يدفع العديد من المكلفين الى عدم دفع الضرائب المتوجبة عليهم وانتظار الإعفاءات ما يحرم الدولة من موارد.
وعن مؤتمر «باريس» أوضح الخبير بأن «البرنامج الاستثماري للحكومة مضخم «250 مشروعاً» بـ 23 مليار دولار في خطة على 12 عاماً من خلال قروض ميسرة طويلة الأمد وليس هبات كما في مؤتمري باريس 2 وباريس 3»، ولفت الى أنه كان «على الحكومة الذهاب الى المؤتمر ببرنامج استثماري محدد ينعكس ايجاباً على الاقتصاد كمشاريع إنتاجية في قطاعات الكهرباء والنقل والنفايات ومشروع الليطاني، ما يعني حجم مشاريع كبير وجدوى اقتصادية منخفضة».
وفي ما حجب ملف الموازنة الضوء عن الانتخابات النيابية، يعود الزخم الانتخابي مطلع الأسبوع المقبل مع بدء المهرجانات الانتخابية والخطابات السياسية والسجالات الإعلامية التي ترتفع وتيرتها حتى موعد استحقاق 6 أيار، وفي سياق ذلك، تواصل وزارة الداخلية والمؤسسات الأمنية التحضير للاستحقاق. وقد أصدر وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق أمس، قراراً ينظّم آلية فرز صناديق الاقتراع في لجان القيد الابتدائية والعائدة لموظفي الأقلام وللناخبين اللبنانيين الذين اقترعوا في الخارج. وقد نصّ القرار على نقل مغلّفات الاقتراع المختومة العائدة لانتخاب اللبنانيّين المسجّلين للاقتراع في الخارج، المحدّد يومَي 27 و29 نيسان 2018 ولموظفي أقلام الاقتراع المحدّد في 3 أيّار، بمواكبة أمنيّة، من مبنى مصرف لبنان في الحمراء بيروت إلى مقرّ لجان القيد العليا في بيروت، وذلك يوم الأحد 6 أيار اعتباراً من الساعة 11:00.
على صعيد آخر، أشار القائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري في تصريح له من مطار بيروت الدولي خلال وصول أكبر طائرة في العالم تابعة للخطوط الجوية الإماراتية الى بيروت الى أن «هناك دراسة لرفع التحذير السعودي من زيارة لبنان. وهذا الأمر يعتمد على المؤشرات الأمنية التي نتلقاها من الحكومة اللبنانية».
ترامب: سننسحب قريباً من سورية
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشكل مفاجئ مساء أمس الخميس، أنّ بلاده ستنسحب من سورية، وأنها ستترك الأطراف الأخرى تهتمّ بالأمور هناك، في حين نفت الخارجية الأميركية علمها بمثل هذه الخطوات.
وقال ترامب في خطاب ألقاه بولاية أوهايو إنّ قوات بلاده ستنسحب «قريباً جداً وتترك الجهات الأخرى تهتمّ بالأمر»، مضيفاً: «سنترك سورية بعد أن هزمنا داعش 100 في المئة، وفرّوا وتقهقروا بشكل كبير. لقد هزمناهم بوتيرة سريعة».
أضاف ترامب في إعلانه المفاجئ: «نحن هناك لسبب واحد وهو التخلص من داعش والعودة للمنزل»، وتابع: «نحن لسنا هناك لأيّ سبب آخر».
وأشار إلى أنّ الولايات المتحدة «في حاجة للدفاع عن حدودها وإعادة بناء البنية التحتية المتهالكة». وذكر أنّ الولايات المتحدة أنفقت منذ ثلاثة أشهر 7 تريليونات دولار في الشرق الأوسط، وقال: «بنينا مدارس وقصفوها، وبنينا منشآت وهم يقصفونها، لكن إذا أردنا أن نبني مدارس في أوهايو أو آيوا، فإننا لا نحصل بسهولة على الأموال».
من جانبها، نفت وزارة الخارجية الأميركية علمها بالخطوة التي تحدث عنها ترامب بشأن الانسحاب من سورية. وقالت الخارجية في بيان أمس: «لا علم لنا بأيّ خطة لسحب القوات الأميركية من سورية».
ولا يزال نحو ألفي عسكري أميركي منتشر في سورية في إطار تحالف مع قوات «سورية الديمقراطية»، وتتمركز هذه القوات في منبج الواقعة شمال شرقي محافظة حلب في شمال سورية، وفي التنف جنوب شرقي سورية.