سورية أحكمت السيطرة وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء
معن حمية
الدول التي صنّعت الإرهاب ورعته وموّلته، لا تزال تحت تأثير ووقع الصدمة نتيجة انهيار المجموعات الإرهابية في الغوطة الشرقية، ذلك أنّ هذه المنطقة لم تكن مجرد خاصرة رخوة تهدّد أمن العاصمة دمشق وحياة سكانها وحسب، بل كانت نقطة ارتكاز المشروع المعادي الذي يستهدف إسقاط الدولة السورية.
حين اتخذت القيادة السورية قرارها بتحرير الغوطة الشرقية، كانت تدرك أنّ هذا القرار يرتب عليها خوض معركة كبيرة وحاسمة، ضدّ المجموعات الإرهابية وضدّ الدول الداعمة للإرهاب، ولذلك لم يفت دمشق الاستعداد الكامل لهذه المعركة، سواء لجهة وضع خطط الحسم العسكري السريع، أو لجهة التنسيق مع حلفائها لمواجهة أيّ هجمات تنفذها الدول الراعية للإرهاب على مواقع الجيش السوري لإعاقة مهمّته في الغوطة الشرقية.
مع بدء الجيش السوري بعمليته العسكرية، وتحقيقه إنجازات سريعة، تلمّس رعاة الإرهاب مصيراً أسود ينتظر المجموعات الإرهابية في الغوطة، ولجأ هؤلاء الرعاة إلى ممارسة أقصى درجات التصعيد ضدّ سورية، تارة تحت عنوان حصار المدنيّين، وطوراً عبر اتّهام سورية باستخدام الأسلحة الكيميائية، وعلى هذه المزاعم هدّدت مندوبة الولايات المتحدة الأميركية لدى مجلس الأمن الدولي نيكي هايلي بتوجيه ضربات عسكرية تستهدف الجيش السوري من دون قرار في مجلس الأمن.
استعدادات سورية للمواجهة بالتنسيق مع حلفائها، لا سيما مع الروس، أسقطت مفاعيل الاتهامات والمزاعم التي أطلقها رعاة الإرهاب، وكان للموقف الروسي الحازم بالتأكيد على الوقوف إلى جانب سورية ودعمها لمواجهة أيّ عدوان تتعرّض له، كان لهذا الموقف مفعول قوي، أدّى إلى كبح جماح أميركا وحلفائها. وهذا من الأسباب التي جعلت بريطانيا تفتعل قضية تسميم الجاسوس سكريبال وتوجيه الاتهام لروسيا. وهو الاتهام الذي تبنّته الدول الراعية للإرهاب، ونفذت إثره عمليات طرد جماعي للدبلوماسيّين الروس من نحو خمس عشرة دولة غربية وأوروبية.
وبالرغم من محاولات الدول الغربية والأوروبية التي تدعم الإرهاب إعاقة عملية الجيش السوري في الغوطة الشرقية، إلا أنّ سرعة إنجازات الجيش حسمت المعركة سريعاً، ولم يعد أمام المجموعات الإرهابية سوى أحد خيارين، إما الموت وإما المغادرة. وهذا أيضاً من الأسباب التي جعلت الولايات المتحدة تصبّ جامّ غضبها على السعودية التي ترعى وتدعم وتموّل وتسلّح ما يسمّى «جيش الإسلام»، وهو الفصيل الذي أقام عرضاً عسكرياً ضمّ آلاف الإرهابيّين المدجّجين بأحدث الأسلحة والآليات.
ولأنّ أثر الصدمة لا يزال قوياً، فإنّ واشنطن وباريس ولندن وبرلين، قرّرت مجتمعة القيام بخطوات تصعيدية لاحتواء الصدمة، وذلك بإثارة قضية هجوم خان شيخون الكيميائي استناداً إلى تحقيقات مسيّسة.
لكن كل هذا التصعيد لا يغير في حقيقة الواقع شيئاً، وعقارب الساعة لا تعود إلى الوراء، فقد أحكمت سورية السيطرة على نقطة ارتكاز رعاة الإرهاب في الغوطة. والأنظار بدأت تتجه إلى مناطق أخرى. وها هو مستشار الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في سورية يان إيغلاند يقول: «إدلب لا يمكن أن تصبح منطقة حرب، إنها مليئة بالمدنيين وهم نازحون معرّضون للخطر…!». وهذا القول يكشف عن استعداد أممي لتكرار معزوفة حصار المدنيين بهدف حماية الإرهاب في إدلب.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي