وكلاء ينوبون عن القوات الأميركية شرق الفرات.. وسورية تواجه

يارا بليبل

طرح قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سحب قوات بلاده من سورية تساؤلات من نوعين، عمّا إذا كانت هناك دول ستحلّ مكانه ومَن هي تلك الدول المرشّحة لهذا الاحتلال؟

كما كانت قد أكدت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز عن وجود نيّة لدى الرئيس الأميركي، بسحب قواته من سورية. مع اليقين بعدم حسن النيات الأميركية لخطوة كهذه، في حال تمّت، من دون أن ينوب عنها حليف حلفاء جدير بالثقة الترامبية، أو بالأحرى بالميدان مقابل المال.

حيث «أتحفنا» وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أول من أمس، بالإعلان عن «استعداد بلاده لإرسال قوات إلى سورية ضمن مهمة تشمل دولاً أخرى». وانتهى البيان.

هنا تطرح تساؤلات عن هوية الدول المرشحة لمنصب «نائب الاحتلال الأميركي»، أو أن الأمر سيتم بالتزكية على فرض احتمالية التعيين وفق مقتضيات الطلب والعرض في السوق الدولي.

فتموضع قوات سعودية كبديل شرعي مسجل رسمياً في «دوائر نفوس الحلفاء لأميركا» مرفق بإشارة التميّز الدّالة على أهليّة المملكة المالية للسداد المباشر من دون تحمّل عبء التقسيط. الأمر الذي لن يتمّ بمعزل عن وجود حامٍ أوروبي مشارك في عملية التموضع، مع وجود خطر استهداف القوات المشاركة مباشرة من الجيش السوري كقوات معادية.

إنّ مثل هذا الطرح، يضع الميدان السوري أمام سيناريو تدخّل قوات أوروبية، في محاولة لطرح الدول الأكثر ترجيحاً للمضي بخيار كهذا والمعوقات التي من المحتمل أنّ تواجهها، فمن الدول المرشحة تظهر كل من فرنسا وبريطانيا:

في الجانب الفرنسي، إنّ تقدم ماكرون إلى الهاوية الحتمية سيكون من دون أدنى شك بخطوة كهذه، بعد أن شكل جزءاً من الدول المعتدية مؤخراً على سورية. فعلى الصعيد الفرنسي الداخلي، يزداد الضغط الشعبي مع اتساع رقعة التحركات المطلبية والإضرابات التي شملت قطاعات حيويّة شملها قطاع النقل والتعليم الجامعي وبعض المؤسسات الحكومية اعتراضاً على سياسات ماكرون التي تم وسمها بالإصلاح إلا أنها تعرّض مصداقيته للخطر.

خارجياً، إن دخول فرنسا في هذا النفق المفترض سيضعف إنّ لم نقل يقضي على آمال ماكرون التصحيحية اقتصادياً، كما سيهدّد بذلك تطلعاته الاستثمارية في السوق الإيراني بعيد الوصول إلى الاتفاق النووي مع إيران.

في المقلب البريطاني، لقد سلطت زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان للمملكة المتحدة الضوء على واقعة «بيع القيم والمبادئ الإنسانية» التي لطالما تغنت بها بريطانيا، وذلك عبر «طرفة عين» اقتصادية من الزائر السعودي المحمّل بالمليارات، على هيئة صفقات أسلحة تستثمر زوراً وبهتاناً في الحرب على اليمن ودعم المنظمات الإرهابية في سورية، تسدّ فيها بريطانيا ثغرها المفتوح بعد كارثة خروجها من الاتحاد الأوروبي ومفاعيله المدمّرة داخلياً.

تجاهلت إذاً مملكة المبادئ والقيم، بريطانيا، كل الدعوات لعدم استقبال الشاب السعودي المثقلة يداه بدماء أبرياء اليمن، فالرجل آتٍ على صهوة جوادٍ عربيٍّ أصيل!

إنّ بريطانيا بوجودها العسكري المفترض في سورية، لا تمثل خرقاً للسيادة السورية وكقوات معادية فقط، إنّما أيضاً تمثل تحدياً واضح المعالم لروسيا، في ظل الأجواء الساخنة دبلوماسياً بين البلدين، من خلال اتهام الحكومة البريطانية لموسكو بمحاولة اغتيال العميل المزدوج سيرغي سكريبال، والمتوترة سياسياً بعيد مشاركتها في الاعتداء الأخير على سورية.

إنّ كلاً من فرنسا التي كانت يوماً ما ديغولية، وبريطانيا صاحبة الباع الطويل «ظاهرياً» في الدفاع عن حقوق الإنسان حول العالم، نجدهم منحازين بشكل تام لسياسات شعبوية ستثقلهم بمغامرات غير محسوبة النتائج، وربما ستقودهم لعداء تاريخي مع لاعبي المحور المقابل، الذي بدوره قرّر وبوضوح على اعتماد سياسة المواجهة و»اللعب ع المكشوف».

اترك تعليقاً

Back to top button