ترامب: لا نقبل أقوالاً من بيونغ يانغ بل أفعالها.. وبوتين يشيد بنتائج قمة الكوريتين
عقب انعقاد القمة الكورية التاريخية بين الرئيسين كيم جونغ أون ومون جيه إن، تسعى الولايات المتحدة الأميركية إلى خلق كوريا شمالية خالية من السلاح بشروطها التي تريد فرضها دون إعارة الانتباه إلى مدى تطابق هذه العبارات الصاخبة مع الواقع الشمالي، فيما تسعى الكوريتان إلى خلق كوريا موحّدة بلا سلاح نووي بحيث لم تقرّرا فقط العيش بسلام، بل تحدّثتا عن نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية وتوحيد البلدين.
ترامب
في هذا الصّدد، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ولاية ميشيغان أول أمس، «أنّ اجتماعه مع الرئيس الكوري الشمالي سيعقد في غضون الأسابيع الـ3 أو الـ4 المقبلة».
وقال ترامب بهذا الصّدد: «أعتقد أننا سنلتقي مع رئيس كوريا الشمالية في الأسابيع الثلاثة أو الأربعة المقبلة، وسيكون هذا اللقاء مهماً جداً».
كما أكد ترامب أنّ «واشنطن لا تلعب مع بيونغ يانغ»، وقال الرئيس الأميركي أمام تجمع حاشد في ميشيغان: «نحن لا نلعب ، والكثير من الأشياء الجيدة تحدث في كوريا الشمالية».
وأضاف ترامب «أنّ منتقديه قالوا قبل ثلاثة أو أربعة أشهر، إنّ تصرفات الولايات المتحدة تجاه كوريا الشمالية يمكن أن تؤدي إلى حرب نووية»، وأكد أن الأمر «ليس كذلك، وأن القوة هي التي ستساعدنا في تفادي الحرب».
بومبيو
وفي سياق متصل، أوضح وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو نهجه في معالجة ملف نووي كوريا الشمالية، قائلاً «إنّ واشنطن لم تعد تقبل وعوداً من بيونغ يانغ، بل تتوقع منها أفعالاً حقيقية».
وشدّد بومبيو في حديث لقناة «أي بي سي نيوز» بث أمس، على أنّ «الولايات المتحدة ستواصل حملة ممارسة أقصى قدر من الضغوط على كوريا الشمالية حتى تتخذ بيونغ يانغ خطوات حقيقية نحو نزع السلاح النووي في شبه الجزيرة الكورية».
وأكد بومبيو أنه «سيتبع نهجاً مغايراً في المفاوضات مع كوريا الشمالية يختلف عما كان عليه في السابق»، مضيفاً: «نعرف التاريخ والمخاطر وسنطالب باتخاذ هذه الخطوات، وليس من قبيل الصدفة أننا نستخدم عبارة نزع شامل لا رجعةَ فيه للسلاح النووي ، إذ إننا سنطالب بخطوات ستضمن تحقيق نزع النووي ولن نقبل وعوداً وأقوالاً بل سنتابع أفعالاً فقط وحتى ذلك الحين سنواصل، كما قال الرئيس دونالد ترامب ، حملة الضغوط».
كما تحدّث بومبيو عن «فرصة حقيقية» لإحراز تقدم في ملف نووي بيونغ يانغ بعد لقائه لأول مرة الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون الأسبوع الماضي، مؤكداً أنّ «حلاً لمشكلة كوريا الشمالية يجب أن يكون دبلوماسياً»، مشيراً إلى أنّ «كيم أون مستعدّ لوضع خطة لنزع السلاح النووي من شبه الجزيرة الكورية».
وقال بومبيو «إنه خلال لقائه مع كيم في بيونغ يانغ في عطلة عيد الفصح بهدف الإعداد للقمة الأميركية -الكورية، أبدى كيم استعداده لتقديم خطة من شأنها أن تساعدنا في تحقيق هذا الهدف»، أي نزع السلاح النووي.
وشدد بومبيو على أنّ «بلاده تدرس إمكانية إخلاء كوريا الشمالية من الأسلحة النووية، بشكل كامل وقابل للتحقق ولا رجعة فيه».
وقال: «من واجبنا استخدام الخطاب الدبلوماسي لإيجاد حل سلمي كي لا يتم تهديد الأميركيين من قبل كيم جونغ أون وترسانته النووية. هذه هي المهمة والهدف».
سيول
أعلنت كوريا الجنوبية «أنّ الرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون وعد خلال لقائه بالرئيس مون جيه -ن بإغلاق موقع للتجارب النووية في أيار المقبل».
كما أعلن المكتب الرئاسي في سيول «أنّ الرئيس الكوري الجنوبي مون جيه إن، أبلغ نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون برغبه طوكيو في تطبيع العلاقات مع بيونغ يانغ».
وقال المكتب الرئاسي الجنوبي أمس: «نقل مون لكيم خلال قمتهما، أمل اليابان في تطبيع العلاقات مع كوريا الشمالية».
ويأتي هذا الإعلان غداة قمة الكوريتين التاريخية، التي اجتمع فيها الزعيمان الشمالي والجنوبي في المنطقة منزوعة السلاح بين البلدين.
وفي ختام الاجتماع، أصدر الجانبان بياناً مشتركاً أعلنا فيه عن عزم بلديهما على جعل شبه الجزيرة الكورية منزوعة السلاح، وتحسين العلاقات الثنائية بينهما والسعي إلى لمّ شمل العائلات المفرقة بين الجنوب والشمال.
الكرملين
من جهته، أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مكالمة هاتفيه مع نظيره الكوري الجنوبي مون جيه إن، بـ «نتائج قمة الكوريتين»، معرباً عن «استعداد روسيا لدعم تعاون البلدين».
وجاء في بيان عن الكرملين أمس: «أطلع الرئيس الكوري الجنوبي الرئيس بوتين على نتائج لقائه رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ أون».
وأشار الكرملين إلى أنّ «بوتين أكد لمحادثه على استعداد روسيا لدعم التعاون بين الكوريتين، خاصة من خلال تنفيذ المشاريع الثلاثية في مجال الطاقة والبنية التحتية».
كما شدّد بوتين على «أهمية مواصلة جهود جميع الأطراف المشاركة في الحل السياسي الدبلوماسي في شبه الجزيرة الكورية، مع الأخذ بعين الاعتبار المعايير الواردة في خريطة الطريق الروسية الصينية للتسوية الكورية»، وأشاد الجانبان بـ «نتائج القمة والاتفاقات التي توصلت إليها».
وأعرب بوتين ومحادثه عن «ثقتهما بأنّ الإجراءات التي تم الإعلان عنها في القمة لتطوير التعاون بين الكوريتين، ستساهم أيضاً في تقدم المنطقة نحو السلام والاستقرار».
دوتيرتي
من جانبه، أشاد الرئيس الفلبيني رودريغو دوتيرتي بالرئيس الكوري الشمالي كيم جونغ أون، وأكد أنه أمسى معبوده بعد قمة الكوريتين مؤخراً»، واصفاً إياه بـ «بطل اليوم».
ونقلت بوابة Rappler عن الرئيس الفلبيني بعد عودته من سنغافورة: «يجب أن تعرفوا أنه أصبح معبودي».
ورحّب رئيس الفلبين بـ «تعهّد بيونغ يانغ بنزع السلاح النووي». وأكد أنه «يأمل في لقاء كيم جونغ أون ذات مرة، لتهنئته»، ولم يستبعد أن «ينظر كيم أون إليه كصديق».
خبراء ومحللون
فيما يرى الخبراء والمحللون في انعقاد القمة الكورية حدثاً تاريخياً، يحوي الكثير من الدلالات ويحمل في طياته تساؤلات عدّة حول كيفية ومدى تحول تلك القمة إلى استراتيجية ناجحة.
أسمولوف
في هذا الصّدد، يرى الباحث في الشؤون الكورية قسطنطين أسمولوف «الكثير من الاستعراض والصور الجميلة، حول هذه القمة التاريخية». مع أنّ «انعقاد القمة بحد ذاته حدث مهم بالفعل يخفض التوترات بين الكوريتين. ولكن يبقى السؤال: إلى أي مدى يتحوّل هذا الدفء التكتيكي حالة استراتيجية؟».
وهو مقتنع في أنّ «سيول تلعب لعبتها. فلصعوبات داخلية يعانيها الرئيس الكوري الجنوبي، يوجه أقصى الاهتمام إلى أجندة العلاقة بين الكوريتين».
لانتسوفا
فيما ترى الخبيرة في الشؤون الكورية إيرينا لانتسوفا، في اجتماع الرئيسين، «لحظة تاريخية واستعراضاً». وأشارت إلى أنّ «الوضع في شبه الجزيرة الكورية وصل في العام الماضي نقطة حرجة وأن المفاوضات الحالية أفضل من المواجهة».
قربانوف
وفي السياق، أشار رئيس قسم الدراسات الكورية في الكلية الشرقية في جامعة سان بطرسبورغ الحكومية، سيرغي قربانوف، إلى أنّ «مسألة نزع السلاح النووي من شبه الجزيرة أعلنت بوصفها رغبة». واعتبر أنّ «الشيء الرئيس في قضية نزع السلاح النووي الذي لم يرد ذكره في وسائل الإعلام، هو أنّ كوريا الشمالية تطلب شيئاً واحداً: إنشاء نظام موثوق للضمانات الأمنية لجمهورية كوريا الديمقراطية الشعبية. هذا ما لم يناقش في أي مكان. وإلى أن يتم حل هذه المشكلة، فإن نزع السلاح النووي أمر مستحيل…».
ويتوقع أسمولوف أنّ «كيم جونغ أون، بصرف النظر عن نتيجة القمة، لن يتخلى تماماً عن الأسلحة النووية. فهي بالنسبة لكوريا الشمالية ضمان حقيقي للسيادة». وقال: «لا تنسوا أنّ الميزانية العسكرية الكورية الجنوبية تزيد 25 مرة عن ميزانية كوريا الشمالية. وهكذا فتصوّر أن كوريا الجنوبية بلد لا حول له ولا قوة له، تحميه المظلة الأميركية فقط، أقل ما يُقال فيه إنه تصورٌ غير صحيح».