بومبيو يضمن للخليج و«إسرائيل» الحماية مقابل عدم إلغاء التفاهم النووي مع إيران الجيش السوري ينجح بفرض تسويات جنوب دمشق على داعش والجماعات المسلحة
كتب المحرّر السياسي
بدأ الخطاب الأميركي بالتهديد بإلغاء التفاهم النووي بالتراجع، بعدما تم ترتيب السلم الأوروبي للنزول عن شجرة التصعيد في القمم التي جمعت الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقادة الأوروبيين تباعاً، وصار عنوان الموقف الأميركي، لن نسمح بسلاح نووي لإيران. وهذا تحصيل حاصل وفقاً للتفاهم الذي كانت واشنطن تهدد بإلغائه، بل هو جوهر هذا التفاهم، وصارت أوروبا معنية بفتح الطريق لعودة التفاوض مع إبران حول الملفات الإقليمية، انطلاقاً من عنوان عريض هو النفوذ الإيراني، لا يلبث أن يصير المشكلات الناشئة بين إيران والسعودية في المنطقة.
جولة وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو في المنطقة جاءت ترجمة لهذا السياق متضمنة التطيمنات لحكومة الاحتلال الإسرائيلي وحكومات الخليج بأن واشنطن تلتزم حماية حلفائها، وأنها لن تسمح بامتلاك إيران للسلاح النووي، والتمهيد للتفاوض مع إيران تحت شعار أن إلغاء التفاهم سيكون آخر الحلول، إذا لم يتم الوصول لتفاهمات مرضية لواشنطن وحلفائها، وهو تفاوض لا يبدو ممكناً في المدى المنظور مع رفض إيراني واضح وقاطع لكل تفاوض يطرح تحت عنوان تعديل التفاهم على ملفها النووي، ما يعني أن استحقاق الثاني عشر من أيار المقبل سيتم التعامل معه تحت عنوان هذا الخطاب الأميركي الجديد، بعيداً من تهديد الإلغاء، ويرجح احتمال إقدام الرئيس الأميركي على منح مهلة جديدة لحلفائه الأوروبيين لتفادي إحراج الإلغاء.
فيما تبدو العين الأميركية على الملف الكوري الشمالي، يتراجع الملف الإيراني إلى التجميد. وهذا ما يشمل استحقاق الثاني عشر من أيار، والملف الكوري الشمالي يخطو خطوات عملية متسارعة نحو الانفراجات التي شكلت قمة الكوريتين وما صدر عنها أبرز علاماتها، ولاقاها الرئيس الأميركي بالتنويه بالإيجابية التي تظهرها كوريا الشمالية والآمال المتوخاة من القمة التي ستجمعه بزعيمها خلال أسابيع.
التجميد يبدو عنواناً جامعاً للتعامل الأميركي مع ملفات المنطقة لاختبار فرص إحداث اختراقات جدية في الملف الكوري الشمالي وتحصينها بالتفاهمات اللازمة مع كل من روسيا والصين، والتجميد يعني عدم التقدم بمبادرات سياسية أو الإقدام على مغامرات عسكرية. وهذا ما جعل اجتماع وزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران يؤكدون عزمهم مواصلة السير في إحياء العملية السياسية في سورية وفقاً لمسار أستانة، وتركيزهم على الدور السلبي الأميركي والغربي، في ما يخصّ شرق سورية والتشجيع على الحركات الانفصالية. وهو ما ترجمته مواجهة وقعت أمس بين الجيش العربي السوري وحلفائه والعشائر العربية من جهة، والجماعات الكردية المسلحة مدعومة من الطيران الأميركي في قرى شرق دير الزور.
في سورية نجح الجيش العربي السوري بعد عمليات عسكرية نوعية في جنوب العاصمة دمشق بفرض تسويات متزامنة مع الجماعات المسلحة في يلدا وببيلا من جهة، ومع تنظيم داعش في مخيم اليرموك من جهة موازية، وتقوم التسويات على خروج المسلحين مقابل تأمين خروج المحاصَرين في بلدتي الفوعة وكفريا وعدد من الأسرى لدى الجماعات المسلّحة.
لبنانياً، تمّت المرحلة الأخيرة من انتخابات الاغتراب اللبناني وقد شهدت عدداً من الثغرات التي لم تؤثر على سيرها الطبيعي أو على الإجماع حول نجاح التجربة، وبقي الإجماع الموازي حول كونها منقوصة بسبب الحرمان الناتج عن المنع السياسي لحرية تحرك القوى السياسية التي تحظر عليها دول عديدة الوجود فوق أراضيها وتمنعها من نيل التسهيلات التي تضمن تكافؤ الفرص مع منافسيها، كما هو حال لوائح حزب الله في السعودية ودول الخليج وعدد من دول الغرب في مقدّمتها أميركا. وهو ما أكد وزير الخارجية جبران باسيل على وجوده كنقطة ضعف، مشيراً إلى أن التيار الوطني الحر كحليف لحزب الله لحقه بعض التأثير جراء ذلك.
انتخابات الانتشار انتهت بسلام
انتهت المرحلة الثانية من انتخاب المنتشرين في الخارج، بسلام، حيث اقترع امس، المغتربون في اوروبا وافريقيا واستراليا واميركا اللاتينية واميركا الشمالية، بعدما كانت المرحلة الاولى قد بدأت يوم الجمعة في الدول العربية. وقد وصلت نسبة الاقتراع في 32 دولة إلى نحو 31.81 في المئة، فبلغت النسبة في أستراليا 58 في المئة، أوروبا 43.18 في المئة، أفريقيا 52.10 في المئة، أميركا اللاتينية 18 في المئة، وأميركا الشمالية 11.70 في المئة.
وتابعت وزارة الخارجية مجريات المرحلة الثانية لحظة بلحظة، وعبّر رئيس الجمهورية عن ارتياحه لمسار المرحلة الثانية من الانتخابات والإجراءات التي رافقتها لا سيما لجهة معالجة بعض المسائل التي برزت خلال عمليات الاقتراع.
وتبلغ رئيس الجمهورية وصول 31 من أصل 32 طرداً دبلوماسياً يحتوي على صناديق الاقتراع والمغلفات وبداخلها ظروف اقتراع المغتربين اللبنانيين المختومة بالشمع الاحمر، والذين أدلوا بأصواتهم في الانتخابات النيابية اللبنانية التي جرت في الدول العربية، والتي ستوضع في خزنة مصرف لبنان الى حين انتهاء الانتخابات الاحد المقبل، علماً ان الصندوق المتبقي سيصل من جدة اليوم عند الساعة العاشرة والنصف صباحاً.
وأشار وزير الداخلية نهاد المشنوق إلى أن العملية الانتخابية والتي لم تخلُ من الشوائب الصغيرة التي عولجت ليست فخراً لوزيري الخارجية والداخلية، بل هي فخر لكل اللبنانيين.
لادي ترصد مخالفات
وتحدثت بعثة الاتحاد الأوروبي على لسان المندوب خوسيه انطونيو دو غبريال عن اقتراع المنتشرين في الخارج، وقال «لا انتهاكات ولا مشكلات رصدها مراقبونا، كما ان الآليات محترمة، وبُذلت جهود كبيرة للتسهيل لاقتراع ذوي الاحتياجات الخاصة»، لافتاً الى ان «وزارة الخارجية اللبنانية تقوم بتحديث المعلومات كل الوقت، وتقييمنا إيجابي جداً».
في المقابل، رصدت الجمعية الجمعية اللبنانية لديمقراطية الانتخابات «لادي» مخالفات خلال يوم الاقتراع ولغاية الساعة 5 بتوقيت بيروت في ليبيريا وبريطانيا واسبانيا وابيدجان وكندا واستراليا والغابون.
اقتراع المغتربين ناقص
وبينما أكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ «البناء» ان «اقتراع المغتربين يعد إنجازاً مهماً للعهد بشكل خاص، رغم كل الثغرات التي رافقت العملية، فهذه الثغرات من الطبيعي أن تحصل لا سيما انها التجربة الاولى للبنان، ومن الطبيعي ان تعمل وزارتا الداخلية والخارجية في مرحلة لاحقة على الأخذ بالملاحظات التي رافقت مرحلتي الاقتراع في الدول العربية واوروبا والاميركيتين وافريقيا واستراليا واستكمالها بشكل افضل في المستقبل»، كان لافتاً تأكيد حزب الله ان عملية انتخاب المغتربين كانت ناقصة، حيث أعلن عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق «تأييد عملية اقتراع المغتربين، على رغم أن هذا الإنجاز كان ناقصاً، ولم تكتمل بسبب سياسة الترهيب السعودية التي حالت من دون مشاركة المندوبين والمؤيدين للحزب وحركة أمل في الانتخابات هناك». ولفت الى ان «هذه الانتخابات منتقصة قانونياً وديموقراطياً، ونحن سكتنا عن حقنا كي نسهل عملية الاقتراع وحرصاً على إجراء الانتخابات وعلى الوحدة الوطنية».
رسائل بين أمل والوطني الحر
الى ذلك تواصلت المهرجانات الانتخابية في عطلة الاسبوع، وما رافقها من مواقف سياسية وتوجيه رسائل من كل حدب صوب. وأكد رئيس مجلس النواب نبيه بري أن «اسرائيل تبيّت عدواناً ضد لبنان لإرجاعه سنوات الى الوراء»، لافتا الى أنها أعدت منظومات حربية عديدة لهذه الغاية، داعيا لزيادة الانتباه لرد أي عدوان. وغامزاً من قناة وزير الخارجية جبران باسيل من دون أن يسمّيه لفت بري خلال احتفال انتخابي في صور الى ان «هناك من يحاول اليوم أن يسلك طريق تدمير فكرة ورسالة وتجربة لبنان عبر سياح انتخابيين أحدهم «يبرغت» اليوم في دائرتنا ويتكلمون عن حرية تلة مغدوشة ونسوا من حرّرها».
وتوجّه إلى الجنوبيين قائلاً: «نعم لا أخشى عليكم أن تقعوا في براثن التحريض الطائفي والمذهبي الرخيص». واستشهد بكلام رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «الداعي إلى نبذ من يؤجج المشاعر الطائفية»، قائلاً «هل يسمع الأقربون خصوصاً».
وقال: «نريد إنقاذ البلد من الطائفيين والأنبياء الكذبة الذين يأتون بثياب الحملان». وكان وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل خلال مهرجان التيار الوطني الحر في مغدوشة التابعة لدائرة صور – الزهراني أن «لا أحد في العالم يبعدنا عنكم ويمنعنا من المجيء اليكم ونحن لم نترككم رغم كل الضغوط، وسيدة المنطرة مثل سيدة حريصا ومثل كل لبنان. هذه الأرض جزء من الجنوب، حيث استشهد الكثيرون لنبقى ومن هنا نحيي المقاومة وسيّد المقاومة». وقال اذا كانوا يريدون منعنا عن مقعد نيابي فلا يمكنهم منعنا من التعبير عن رأينا كما نريد وفي الوقت الذي نريد ونقول من الجنوب.. الفساد لا يعيش مع التحرير والمقاومة».
وشدّد وزير الخارجية خلال مهرجان لائحة «الوفاق الوطني» في بعبدا، على أنه «على أرض بعبدا ولدنا سياسياً، وهنا نكبر لأن الشرعية اللبنانية مكانها هنا وهنا استشهدنا دفاعا عنها». وأضاف: «يُقال إن جبلين لا يلتقيان، لكن في بعبدا التقى جبلان هما السيد حسن نصرالله والعماد عون. وهنا التقت مقاومتان منذ 12 سنة»، قائلاً «هنا معقل المقاومة لـ»إسرائيل» التي ردّت الاعتبار للبنان والعالم العربي»، ونحن وحزب الله على موعد ليس لمكافحة الفساد، بل لمقاومته بعد 6 أيار». في موازاة هذه المواقف صوّب باسيل من زغرتا سهامه تجاه رئيس تيار المردة منافسه الأساس في دائرة الشمال الثالثة، حيث أكد أن من واجه الهيمنة والتسلط في لبنان ليس كثيراً عليه أن يواجهها في زغرتا ليكسرها ويعيد التوازن».