«إسرائيل» «لا تسعى» لحرب إنما..؟
روزانا رمّال
كشف مصدر بارز لـ «البناء» ان اتصالات دولية وإقليمية مكثفة تجري على مستوى التواصل مع القيادة الإيرانية من اجل العمل على تهدئة الأجواء التي تشوب الاستفزازات الإسرائيلية المستمرة في سورية والتي فاقت كل حد، حسب المصدر، وسط معلومات عن نية ردّ إيراني محتوم في فترة قريبة عقبها تحذير وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي «إسرائيل» وداعميها من استمرار تصرّفاتهم الخطيرة مع إيران، مشيراً إلى أن «ردنا سيكون مفاجئاً». وأضاف المصدر أن «الرد الإيراني ربما يكون بعد الانتخابات النيابية اللبنانية ما يعني أن إيران تأخذ بعين الاعتبار إمكانية أن تُقحم «إسرائيل» حزب الله في أي اشتباك مقبل تسعى إيران إلى تجنيبه ذلك قبل استحقاق مصيري من هذا النوع».
من جهة أخرى تقول مرجعية بارزة لـ«البناء» أن «التهديد الإيراني وما سبقه من خلال خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في حفل لائحة بعلبك الهرمل الانتخابي، وما ذكره عن أن المواجهة المقبلة قد تكون بين الأصلاء بعد أن شارفت على نهايتها مع الوكلاء أنها ربما تكون إعلاء للسقف من أجل ردع «إسرائيل» والولايات المتحدة الأميركية، لأن الرد الإيراني هذه المرة يبدو بغاية الجدية».
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي بدا متخوفاً من التهديد الإيراني للمرة الأولى يطلق ، في حديث لقناة الـ «CNN» موقفاً لا ينسجم مع التحريض الذي بذله في مؤتمره الصحافي الذي اعلن فيها عن امتلاك «إسرائيل» لوثائق تؤكد عدم التزام إيران بالبرنامج النووي وما عقب هذا التصريح قائلاً إن « »إسرائيل» لا تسعى للحرب مع إيران «. ما يعني أن تطور الموقف الإسرائيلي في الساعات الماضية يؤكد وقوع «إسرائيل» تحت القلق الذي بثته المواقف الإيرانية الحادة. وما كلام نتنياهو عن عدم السعي لحرب إلا رسالة لعدم التصعيد أو الردّ على الاعتداءات الإسرائيلية في سورية الأمر الذي لم يعُد مضموناً».
الولايات المتحدة الأميركية بدورها تدرك خطورة المشهد الذي يعني اندلاع حرب تطال قواعدها العسكرية في المنطقة بحال تدهور الوضع الامني وهي أكثر من لا يرغب هذه المواجهة والغارات الثلاثية على سورية، الأميركية البريطانية الفرنسية تؤكد ميل واشنطن نحو جعل الحدث معلباً بإطاره الإعلامي أكثر من الدور المنتج والقادر على تغيير الموازين، وإذا كانت الولايات المتحدة تتحاشى دخول حرب مباشرة مع سورية. فهي بالتأكيد ترفض ذلك مع إيران ما يجعل «إسرائيل» بشكل أحادي واقعة ضمن فكي كماشة بين التراجع وبين مواجهة حرب منفردة مع إيران وربما حلفائها.
واشنطن التي أعلنت عبر المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية « البنتاغون «، دانا وايت، أنّ «نحو 5000 عسكري أميركي يتمركزون في سورية والعراق « ترغب في التذكير أن هؤلاء لن يكونوا في وضع جيد بحال أي اشتباك وربما يصبحون رهينة القتال المشترك بين قوى روسية إيرانية سورية يُضاف اليها حزب الله كحلف واحد لن يتنازل عما حققه طيلة سنوات سبع مع تمسك واشنطن بتأكيدها أن هذا الواقع لا يلغي قلقها من استمرار التأثير المؤذي لإيران في المنطقة، ومن استخدام وكلائها حسب المتحدثة مبيّنةً أنّ «للولايات المتحدة الأميركية علاقات قديمة مع السعودية ، وقوات هناك تساعد في العمليات اللوجستية والاستخبارات وفي تأمين الحدود»، أي أنها لن تترك الحلفاء من دون غطاء بوجه الإيرانيين.
السؤال حول الردّ الإيراني المؤجل صار يلزم إيران تقديم تبرير واضح لما يتمّ تداوله عن سقوط عدد من عناصرها العسكريين في سورية بغارات إسرائيلية، لكن «إسرائيل» التي تدرك جيداً أن إيران تعيش تكبيلاً ما يتعلق بعدم القدرة على التحرّك بهامش يجعل الاتفاق النووي بخطر لم تكن تتوقّع أن تكون التهديدات الإيرانية جدية الى هذا الحدّ بحسب المعلومات المحيطة بالمحور الإيراني في الحرب الممتدة من سورية فالعراق واليمن بالتالي سيكون الاستحقاق النووي الإيراني أيضاً محطة تجعل إيران تنتظر بعد الانتخابات اللبنانية بأيام من أجل اتخاذ قرار نهائي. من هنا يصبح التخلي عن القرار إطلاق العنان بالقيام بكل ما يريحها على مستوى تخصيب برنامجها وإنهاء العمل به بأسرع وقت ممكن بعد إنجاز المطلوب. فهل تتقدم كل من واشنطن و«إسرائيل» نحو مخاطرة من هذا النوع؟
الحديث عن الحرب التي طال تأجيلها يؤكد أن الاطراف كافة لا تريدها اي «الأصلاء» الذين تحدّث عنهم نصرالله، لكن هذا لا يعني أن تتوقف الحرب بين الوكلاء، لكن هذه الحرب ربما تكون الطريق الوحيد لإنزال كل الاطراف عن الشجرة وتسهّل المفاوضات. وإذا كانت «إسرائيل» فعلاً لا تريد الحرب او تخشى تطورها إلا إنها بالتأكيد تريد ان يتم حسم ملف الوجود الإيراني في سورية، وما يعنيه ذلك من حضور حزب الله الثابت اي محاصرتها من الجهات مجتمعة. وهذا الملف لا يمكن أن يُحسم بظروف عادية. لهذا السبب ربما تكون الحرب أو الاشتباك قادر على التأسيس لاتفاق وفق ميزان قوى جديد يفضي لاتفاق أممي يرعى الوضع الحدودي، خصوصاً في الجنوب السوري.