أيّ لبنان بعد الانتخابات؟ خطوط عريضة

كيف سيكون لبنان بعدما انتهت انتخابات مستحقة منذ تسع سنوات؟ هذه، بخطوطٍ عريضة، بعض أبرز الظاهرات والاحتمالات التي تُسهم في تكوين إجابة اوليّة:

أ ـ ظاهرات ملحوظة

1 ـ نجاح أركان الشبكة الحاكمة في إجراء الانتخابات وفق قانون مفصّل على قياس مصالحهم ومشاركة شعبية لم تلامس نسبة الخمسين في المئة.

2 ـ عودة التكتلات البرلمانية لأركان الشبكة الحاكمة بأعداد متفاوتة، لكن كافية لتكييف موازين القوى اللازمة بغية الإمساك بمفاصل السلطة.

3 ـ استمرارُ الانقسام السياسي بين معسكرين رئيسين: واحد مضاد للغرب، وآخر صديق له مع لبوس طائفي ظرفي لكلٍّ منهما.

4 ـ تراجعٌ حادّ لقوى اليسار الايديولوجي التقليدي، وظهور محسوس، ولكن محدود، لعناصر المجتمع المدني العلماني.

5 ـ شكوى عامة من اعتماد أطراف متعددة الإثارة المذهبية واستخدام المال السياسي على نطاق واسع في الانتخابات.

ب ـ مظاهر إخفاق قانون الانتخاب في تحقيق صحة التمثيل وعدالته

1 ـ وجود 15 دائرة متفاوتة الأحجام في عدد الناخبين، كما في عدد المقاعد.

2 ـ تكاثرُ اللوائح الائتلافية الانتخابية المتنافسة وتداخلها سياسياً ومذهبياً ما أدّى إلى هشاشة تماسكها.

3 ـ تدني عدالة التمثيل نتيجةَ التضارب بين التزام قاعدة الحاصل الانتخابي وقاعدة الصوت التفضيلي عند فرز الأصوات، بحسب أحكام قانون الانتخاب.

4 ـ نقصٌ فادح في التنظيم نتيجةَ نقص ملحوظ في التدريب على إجراءات تنفيذ أحكام قانون الانتخابات الجديد.

5 ـ مخاطرُ إجراء الانتخابات في ظلّ حكومةٍ أكثر وزرائها مرشحون فيها.

ج ـ احتمالات تقاسم السلطة بعد الانتخابات والأولويات المرجّحة

1 ـ التكتلُ النيابي الأكبر عددياً هو لحزب الله وحلفائه إذ يحظى بنحو 44 نائباً، أيّ ثلث مجموع نواب البرلمان.

2 ـ هذا الثقل النيابي لحزب الله وحلفائه يمكّنه من التجديد لنبيه بري في رئاسة المجلس ومن تأمين مركز تفاوضي قويّ في مداولات اختيار رئيس الحكومة، ولا سيما بعدما بات سعد الحريري الأول بين النواب السنّة وليس الزعيم الأوحد.

3 ـ للتوافق على الأولويات السياسية والاقتصادية دور حاسم في تقرير هوية رئيس الحكومة وتركيبة الحكومة المقبلة وفي تشكيل هوية رئيس الجمهورية المقبل.

4 ـ سيلعب الموقف من سورية ولا سيما من مسألة إعادة النازحين السوريين، دوراً أساسياً في اختيار رئيس الحكومة وتركيبة الحكومة المقبلة.

5 ـ ستعلو الدعوة الى اعتماد موقف وطني مؤيد لأطراف محور المقاومة في الصراع الدائر في المنطقة مع الولايات المتحدة و«إسرائيل».

د ـ الإصلاح والتغيير: أولويات ومقاربات

1 ـ قوى التغيير مشتتة ومبعثرة، وقد فشلت محاولات حثيثة عشية الانتخابات للتنسيق بينها دونما جدوى.

2 ـ قوى التغيير لا تقتصر على اليسار بشتى أطرافه، بل توجد أيضاً في قوى داخل أحزاب السلطة والمستقلين وحزب الله وبعض حلفائه.

3 ـ التوافقُ على مسألة الأولويات في المرحلة المقبلة مفتاحٌ رئيس للوصول إلى جبهة عريضة للإصلاح والتغيير باتت واجبة الوجود.

4 ـ المدخلُ إلى التغيير وشرطه الرئيس هما تغيير البيئة السياسية بتغيير المناهج والوسائل المعتمدة في هذا السبيل.

5 ـ لعلّ الأولويات الأكثر إلحاحاً في متطلبات الإصلاح والتغيير هي الآتية:

أولاً، إعادة بناء الدولة ومؤسّساتها وتشريع قوانينها بالحرص على تطبيق أحكام الدستور غير المطبّقة عملياً حتى الآن، ولا سيما:

ـ المادة 7: اللبنانيون سواء أمام القانون.

ـ المادة 20: استقلال السلطة القضائية.

ـ المادة 22: انتخاب مجلس نواب على أساس وطني لاطائفي ومجلس شيوخ لتمثيل الطوائف. وفي هذا الإطار يُصار الى اعتماد قانون جديد للانتخابات على أساس النسبية في دائرة وطنية واحدة، واعتباره أولوية أولى.

ـ المادة 27: النائب يمثل الأمة جمعاء.

ـ المادة 77: إعادة النظر بالدستور بغية إقرار قاعدة الاستفتاء الشعبي في القضايا الأساسية.

ـ المادة 95: إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وتفعيلها، وإزالة جميع وجوه التمييز ولا سيما ضدّ المرأة.

ثانياً، محاربة الفساد بكلّ وجوهه في الدولة والحياة العامة، ومواجهة الضائقة المعيشية بقوانين ومشاريع لإزالة البطالة والفقر والمرض والتخلّف، وتعميم الضمانات الاجتماعية ولا سيما ضمان الشيخوخة، وتفعيل المشاريع الإنمائية المنتجة للثروة الوطنية والخدمات والضمانات الاجتماعية.

ثالثاً، التوافق على استراتيجية متكاملة للدفاع الوطني وتكريس دور المقاومة فيها.

رابعاً، معالجة مسألة النازحين السوريين بالتعاون الوثيق مع سورية ومؤسّسات الأمم المتحدة ذات الصلة.

خامساً، أخذ الوضع الإقليمي في الحسبان، من حيث ضرورة التعاون الوثيق مع الدول والقوى الشعبية المناهضة للهيمنة والكيان الصهيوني والإرهاب.

ورقة قُدّمت إلى ندوة في «مركز ألف» حول الانتخابات الأخيرة وتداعياتها.

نائب ووزير سابق

اترك تعليقاً

Back to top button