«العرب» يبيعون القدس اليوم

روزانا رمّال

اليوم الساعة 4 عصراً يبيع «العرب» «القدس» للأميركيين وتستكمل صفقة القرن، بحضور عناصرها..

اليوم يتعزّز الارتباط الاستراتيجي بين «العرب» و«إسرائيل» وبالتحديد مع المملكة العربية السعودية..

اليوم.. كل ما تمّ نفيه عن استدراج عروض أمام الرئيس الفلسطيني محمود عباس والضغط عليه في الرياض منذ شهور صار حقيقة، وكل ما كان يمنع الفلسطينيين من التحرّك سقط.

لم يستفز رؤساء وحكام الممالك والإمبراطوريات الزائفة هذا المشهد امس: المستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى حاملين العلم الإسرائيلي مع استفزازت واعتداءات خلال مسيرة لعشرات الآلاف من المستوطنين تقدّموا من الجزء الغربي للقدس نحو الجزء الشرقي وصولاً إلى باب العامود المؤدي الى البلدة القديمة، حيث استشهد العديد من الفلسطنيين هناك.. هذا الباب شاهد على كل الهمجية وكل التنديس.. لكن لم يُستفز أحد!

بالعكس التصفيق حار جداً للخطوة الأميركية وعساها دعوات لـ «نقلة مباركة» من الجيران «العرب» كيف لا و«الجار قبل الدار»..؟

السفير الأميركي في «إسرائيل»، وزير المالية الأميركي ستيفن مينوتشن وهو أيضاً مستشار الرئيس ترامب وصهره جاريد كوشنير إضافة الى اعضاء في الكونغرس قدموا للاحتفال بوزارة الخارجية بالقدس المحتلة برفقة نائب وزير الخارجية جون سوليفان.

البحرين والسعودية وقطر والسعودية والأردن التي لا تمانع العلاقات مع «إسرائيل» ومنها مَن تحكمه معها اتفاقيات سياسية ودبلوماسية واقتصادية حوّلت المشهد طبيعياً، وبالتالي لا يمكن الحديث عن تطرف بالموقف «العربي بثقله» باتجاه أي خطوة أميركية وبالعودة لأشهر ماضية لحظة اعلان ترامب رغبته نقل السفارة، فإن التسريبات تحدثت عن استحالة توجّه الأميركيين نحو هذه الخطوة بدون الاتفاق مع دول عربية كبرى وبكلام آخر «غطاء» قادر على تأمين هذه الخطوة بسلام، ومن بينها دول جارة غير السعودية.

يبدو أن هناك من نصح الأميركيين من «العرب» بعدم استهابة القرار، بما أن الشعوب العربية اليوم منشغلة بما هو أهم فصارت لحظة نقل السفارة الأميركية الى القدس في هذه الأوقات هي اكثر اللحظات «ملاءمة». فكل الدول الممكن أن تحوي منصات لفصائل المقاومة منشغلة باستحقاقات كبيرة وخطيرة وتداوي جروح حروب، ومنها ما يستمر بمواجهاته بين النار واللهيب بأيدٍ إسرائيلية من العراق وسورية واليمن ولبنان الواقع بين سياسات محلية ترغب بتحييده عما يجري في دول الجوار وبين قوى مقاومة محلية وفلسطينية لا تستطيع المبادرة إلى أي تصعيد قد يأتي بنتائج لا تُحمد عقباها.

بالنتيجة ينشأ اليوم حلف استراتيجي بعيد المدى بين المملكة العربية السعودية وبين «إسرائيل» بوجه إيران ومسألة رعاية المملكة لنقل السفارة الأميركية الى القدس باعتبارها رمزية يمكن ان تعود عليها بتجديد عهود الحماية الأميركية لها، فإنها مستعدة لتقديمها، خصوصاً اذا كان ولي العهد السعودي قد وضع كل اعتماده بوقت مبكر جداً بيد الأميركيين الذين كانوا السبب الرئيس في تسميته عند والده عنوة ولياً للعهد والذين استطاعوا إطاحة محمد بن نايف بقدرة قادر من دون الاحتكام الى اصول انتقال الحكم كما اعتاد عليه السعوديون.

جاريد كوشنير صهر الرئيس الأميركي هو صديق كبير لولي العهد السعودي. وهو وزوجته ايفانكا يحضران لافتتاح السفارة لإثبات أن لكوشنير الدور الأساس. وهو أكثر مَن لعب دوراً فعالاً مع الدول الخليجية وتل ابيب في الأشهر الماضية، وقد نجح بتأمين عائدات مالية كبيرة لشركاته وتعويمها ونجح ايضاً بالتأسيس لمرحلة العلاقة المقبلة مع الخليج على الرغم من استياء أميركي عارم في مؤسسسات الدولة من تدخل صهر ترامب ومن هامش كبير منحه إياه الرئيس ترامب في بداية تسلّمه الحكم حتى إخراجه من البيت الأبيض، كما تداولت المعلومات لتبقي هذه الحادثة ترضية للجميع للصهر كوشنير الذي اعتنق وزوجته اليهودية والحليف «إسرائيل» والمموّل «الخليج».

استحقاقات أساسية مرّت على العالم العربي والإسلامي من دون أن تأتي بأي نتيجة مثل القمة العربية التي تمّ تأجيلها اصلاً بدلاً من التحضير لقمة طارئة منذ شهور ليتبين أن هذا الملف هناك من أراد تمييعه حتى أن القمة معقودة بالرياض، وبالتالي لا يمكن الطلب بتسريعها من جهة تبارك هذه الخطوة ولها مصلحة بجعلها منسية ومحصورة بين البيانات والخطابات.

لم يتأثر الشارع العربي أو يثور من أجل هذا الأمر. وفي هذا إشارة الى إمكانية تمرير نقل السفارة بمعزل عن غضب شارع عربي منشغل باستحقاقاته وبحروب أطالت «إسرائيل» عمرها مع حلفائها الأميركيين والخليجيين من اجل الوصول الى هذا النهار. انشغلت المنطقة بأخبار حرب وشيكة مع إيران وبأخبار قصف متبادل بين «إسرائيل» وسورية وبأخبار الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني حتى صغرت باقي الملفات وبينها «بيع القدس».

التوقيت الأميركي الإسرائيلي ذكي جداً، لكن العمل بالنسبة اليهما غير مضنٍ، لأن أحداً من الحكام «العرب» لم يعلن رفضه ومباشرته بخطوات عملانية.

وحده الشارع الفلسطيني سيغضب اليوم ووحده القادر على تحويل هذا الخيار جحيماً. ووحده قادر على إعلان الانتفاضة بوقتها الذي حان، فإذا لم تكن الانتفاضة من أجل القدس فلأجل ماذا تكون؟..

الأكيد أن «إسرائيل» تتوقع المواجهة، خصوصاً ان هذا الاستفزاز يأتي في ذكرى النكبة 15 أيار، وما تسمّيه تل أبيب يوم تأسيس الكيان الإسرائيلي أو ولادة الحلم.

إيران التي ينتظر الأميركيون ردّها قدمت المساعدة بإعلان صريح من مسؤوليها حال اندلاع أي جولة من جولات الاشتباك بين المقاومة الفلسطينية بالسلاح وكل ما تطلبه المعركة. وبحسب معلومات «البناء» فغن حركة حماس أول الموافقين ومن وقت مبكر على أي عرض من شأنه تقوية المواجهة لصالح القتال المشروع على القضية الحقّة.

اترك تعليقاً

Back to top button