ليكن عيد المقاومة والتحرير هذا العام انطلاقة متجدّدة للبنان المعزّز بكلّ عناصر القوة
النائب أسعد حردان
الخامس والعشرون من أيار 2000 ليس مجرد تاريخ يضبط ساعة التحرير ودحر الاحتلال «الإسرائيلي» عن جنوب لبنان، بل هو محطة أساسية ومفصلية موصولة بعقود ثلاثة من الزمن، خاضت خلالها المقاومة بكلّ قواها نضالاً صعباً وشاقاً وأقوى المواجهات ضدّ الاحتلال والعدوان.
في هذا اليوم، يحتفل اللبنانيون بعيد المقاومة والتحرير، بما تحمل هذه المناسبة من معانٍ سامية للنضال. فالتحرير من ثمار المجد التي أينعت بدماء الشهداء. وهو نتاج إرادة مصمّمة ومسيرة جهاد وصراع وتضحيات صاغت فجر الانتصار وأنهت سنيّ الاحتلال.
في عيد المقاومة والتحرير نتوجّه بالتهنئة إلى عموم اللبنانيين الذين شكلوا حاضنة للمقاومة، بالموقف والإرادة والصمود، ونحيّي مَنْ صنع التحرير، وفي مقدّمتهم الشهداء، «طليعة انتصاراتنا الكبرى» ، الذين بذلوا الدماء الزكية دفاعاً عن الأرض ومن أجل التحرير.
هذه مناسبة يراها اللبنانيون ونراها، محطة تاريخية ترمز للكرامة الوطنية. ونحن دائماً مشدودون في عملنا وفي تفكيرنا باتجاه تحصين الإنجاز الكبير الذي تحقق في 25 أيار 2000، لأنّ عملية تحصين التحرير توازي عملية التحرير ذاتها، وإذا كان التحرير تطلّب تضحيات جساماً على مدى سنوات، فإنّ حمايته تتطلّب تضحيات بالقدر ذاته.
ولذلك، أمامنا تحدّ كبير، هو كيف نصون الإنجاز، ونحمي لبنان كله من الأخطار والتحديات؟
لبنان أمام فرصة كبيرة يستطيع من خلالها فرض سيادته على أرضه، وتثبيت حقه في تحرير ما بقي منها محتلاً، وبأن يكون في موقع القوة وهو يستخرج الغاز والنفط من حقوله البحرية والبرية، وتحقيق هذه الفرصة يستوجب تشكيل حكومة وحدة وطنية، بعدما سُمّي رئيسها في الاستشارات الملزمة، وأن تعبّر الحكومة المقبلة عن صلابة في الموقف، من خلال بيان وزاري يؤكد وفق أيّ صيغة التمسك بعناصر قوّة لبنان.
ليس هناك من أسباب تستدعي الخلاف على أولويات حماية التحرير، وحذار من أن يضع إحدى هذه الأولويات في مهبّ ريح الانقسامات الداخلية، لأنه بذلك لا يخدم المصلحة الوطنية اللبنانية، ونحن نشدّد على أن تُجمع كلّ القوى على ضرورة تحصين إنجاز التحرير باعتباره تحصيناً للبنان كله.
وإذا كان من السابق لأوانه تحديد ما ستكون عليه «طبائع» بعض القوى اللبنانية ما بعد الانتخابات النيابية، ومدى التأثير الخارجي الذي ظهر عشية الانتخابات وخلالها وما بعدها، إلا أنّ ما هو واضح أنّ لبنان لا يزال في مربّع الخلافات العميقة على أمور جوهرية. فهناك أطراف لا تزال تمتنع عن المساهمة في تحصين التحرير، ولا تتقبّل الاعتراف بواقعية معادلة «الجيش والشعب والمقاومة» . وهذا يشكل عائقاً أمام وصول لبنان إلى برّ الأمان الوطني، ويحمّله أعباء مضاعفة، في حين أنّ الإجماع على حماية التحرير، يخفّف من الكلفة والأعباء.
تحصين لبنان بكلّ عناصر الوحدة والقوة يتطلب إرادة جامعة، والممرّ الإجباري الذي يوصلنا إلى التحصين، هو صون إنجاز التحرير عبر ترسيخ معادلة لبنان الذهبية، وعبر الكثير من الأمور، لا سيما الإنمائية منها. فالإنماء المتوازن مقرّر ومنصوص عنه في اتفاق الطائف، ولا نرى سبباً مانعاً يحول دون السير في هذا الاتجاه. فالمناطق، وخصوصاً الجنوبية منها، تحتاج إلى المدراس والجامعات والمستشفيات ودعم الزراعة وكلّ ما يتصل بالتنمية المستدامة.
نأمل ونتطلّع أن يكون عيد المقاومة والتحرير هذا العام، موعداً لانطلاقة جديدة متجدّدة للبنان المعزّز بكلّ عناصر القوة، سواء على مستوى مواجهة الاحتلال والإرهاب، أو على صعيد إنجاز الاستحقاقات السياسية والدستورية الداخلية بهدوء وانتظام قلّ نظيرهما في أكثر الدول تقدّماً… على أن يلي كلّ ذلك تنفيذ الالتزامات والوعود الانتخابية وترجمتها على أرض الواقع في الاقتصاد والاجتماع والإنماء…
رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي