نجمتان: برّي ونصر الله

العلامة الشيخ عفيف النابلسي

السيد حسن نصر الله والأستاذ نبيه بري وجهان تهتزّ لرؤيتهما المشاعر. باتا اليوم وأمام المخاطر التي تُحدق بلبنان كالكبريت الأحمر. تزداد أهميتهما كلّ يوم مع ارتفاع مستوى التحديات، ويترسّخ موقعهما الحيوي في بلد طائفي مقيّد جمهوره بأعراف لا تزال مغرقة في بدائيتها.

لو أعدنا شريط الذاكرة إلى الوراء وما جرى من أحداث كاد فيها لبنان أن يزول عن خريطة الوجود بعد الفتنة الكبرى أو المؤامرة الدولية على سورية. الرئيس بري أدار التوازن الداخلي وحافظ على تماسك البلد سياساً، والسيد نصر الله انخرط في سورية ليحافظ على توازن المنطقة وتماسكها من مشروعات التقسيم والتجزئة والحروب المذهبية والعرقية.

لولاهما لكان المشهد اللبناني سيكون مظلماً مأساوياً بالخراب والدمار والاقتتال المجنون.

الرئيس بري حمل راية العقل وسعى بجهده ليهدّئ من جنون بعض الساسة وتهوّرهم وانحرافهم الخطير. والسيد نصر الله حمل راية المقاومة في وجه التكفيريين وداعميهم ليفقأ عين الفتنة ويردّ على كلّ مََن حمل السوء والشرّ للبنان وأهله.

نحن اليوم في أمان واستقرار وأجرينا انتخابات وندخل في مرحلة جديدة من التعافي والأمل، لأنّ هذين النجمين في سماء لبنان والمنطقة تصرّفا بحكمة ووعي ونبل وشجاعة مع المعطيات والتطورات الداخلية والخارجية. لقد بلغا درجة عالية من جودة الوعي ليحدّدا خطوط المؤامرة الداخلية والخارجية، واستوعبا كلّ الأخطاء والخطايا وكانا مع كلّ انعطافة خطرة ونزوة مؤذية يقدّمان استنارة جديدة للبنانيين وفرصة للحقيقة كي تتسع في عيونهم.

مع انتهاء الانتخابات بهذه النتائج القوية التي عبّرت عن قوة جناحَي المقاومة بدأ الحديث عن سرّ هذه التحالف والتضامن.

وأنا أقول: إنّ القضية في هذا الأمر لا تكمن في القوة التي يخاف منها البعض بلا مبرّر، وإنما في النضج. أمل وحزب الله اليوم أكثر نضجاً ومعرفة بالذات والآخر، بالداخل والخارج، بالصديق والعدو، بالماضي والمستقبل، بالفرقة والوحدة.

لذلك ما نراه اليوم يمثّل خلاصة ما تمنّاه أستاذنا الإمام موسى الصدر وحلمه وأمله ورغبته بالخروج من حالة البؤس إلى العزة، ومن الضعف إلى القوة، ومن الخوف إلى الأمن، ومن التخلف إلى العلم، ومن الحرمان إلى الكفاية.

ولذلك تخاف «إسرائيل» من هذا المشهد الجديد، ويخاف الأعداء من هذا الوعي الذي يفشل مخططاتهم.

فكلّ سلام داخلي يضيرهم، وكلّ قوة ونماء وازدهار عياء بالنسبة لهم، لكن ما يهمّنا أن يبقى لبنان محصّناً بكلّ قائد ومسؤول يتمتع بالبصيرة والحصافة ليحمي شعبه، ولذلك يجب على الجميع أن يتأسّى بهذه التجربة بين أمل وحزب الله حتى نصنع وطناً من نجوم كثيرة، وطناً موحداً عزيزاً يُمنح فيه الإنسان الكرامة وفخر الانتماء لوطنه!

اترك تعليقاً

Back to top button