نصرالله: شكّلنا ملفاً لمساعدة النازحين للعودة الطوعيّة ونتّجه إلى انتصار كبير في الجنوب السوريّ
دعا الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للتعجيل في تشكيل حكومة وطنية موسّعة انطلاقاً من الحاجات الوطنية، مشيراً إلى أن هذه الدعوة «لا ترتبط بمخاوفنا في الموضوع الإقليمي، بل على العكس، فإذا كان أحد يراهن على تغيير ما في الموضوع الإقليمي لمصلحته، فعليه أن يكفّ عن ذلك، لأن تطوّرات الإقليم هي لصالح محورنا سواء في جنوب سورية أو في الساحل الغربي جرّاء فشل العدوان في السيطرة على الحُدَيْدة».
وفي كلمة له بثتها قناة «المنار» بعد ظهر أمس، وخصّصها للحديث عن آخر التطوّرات في لبنان والمنطقة، رأى السيِّد نصرالله «أن المشكلة التي حالت حتى الآن دون تشكيل الحكومة هي ضياع المعايير»، مؤكداً وجوب أن يكون هناك معيار واضح للتشكيل والالتزام به. معتبراً أن ما يجري الآن لا يعتمد معايير واحدة، إذ إن كتلتي الوفاء للمقاومة والتنمية والتحرير تأخذ 6 وزراء في حين أن هناك كتلة من 20 نائباً تريد 7 وزراء.
ورأى أن ما يتداول حتى الآن من صيغ لا تصحّ تسميته بحكومة وحدة وطنية، بل حكومة ذات تمثيل سياسي وشعبي واسع، لأن كتلاً نيابية أو طوائف يتمّ تجاوزها في صيغ التشكيل، سائلاً لماذا الإصرار على عدم تمثيل العلويين والسريان، ومطالباً بتمثيل الجميع والالتزام بالنتائج التي أفرزتها الانتخابات النيابية.
عودة النازحين
وعن ملف النازحين السوريين، أشار السيد نصرالله إلى أن هناك مشكلة تؤدي إلى بقاء هذا الملف عالقاً، مبيّناً أن أحداً لم يطرح فكرة العودة الإجبارية إنما العودة الطوعية الآمنة.
وأوضح «أن النازحين الذين يريدون العودة بإرادتهم ستكون عودتهم آمنة ويجب أن تُأمّن لهم العودة»، متّهماً جهات ومنظمات دولية ومحلية بتخويف النازحين السوريين من العودة وتقديم معلومات غير صحيحة لهم، مشدداً على أن هذا الأمر يجب أن يعالج.
ورأى أن الحيلولة دون عودة النازحين يلحق الأذى بالسوريين واللبنانيين والبلدين، كاشفاً «عن أن حزب الله وأمام التعقيدات الموجودة في ملف النازحين، وانطلاقاً من علاقتنا مع سورية يريد أن يمدّ يد المساعدة وبالتالي سنتواصل مع النازحين السوريين ونسجل أسماء مَن يريد العودة ونعرض الأسماء على الدولة السورية ونتعاون مع الأمن العام اللبناني لإعادة أكبر عدد ممكن من النازحين الذي يرغبون بالعودة الطوعية».
وأعلن «أننا شكلنا ملفاً في حزب الله لمساعدة النازحين السوريين للعودة، وكلّفنا النائب السابق نوار الساحلي ومعه مساعدون لديهم مراكز ليتصل بها النازحون»، منبّهاً إلى أنه «ليس هناك وقت لإضاعته، وهناك مَن يريد العودة قبل بدء المدارس وسنستمرّ في المساعدة إلى أن يتمّ حسم الملف بين الحكومتين اللبنانية والسورية»، مضيفاً «أننا سنشكل لجاناً شعبية في مختلف المناطق للتواصل مع النازحين ممن يرغب بالعودة، ونحن نقدّم المساعدة التي تخدم اللبنانيين والسوريين ومصلحة البلدين».
لن نترك بعلبك الهرمل للمجهول
وبشأن الأوضاع في بعلبك – الهرمل، رأى السيد نصرالله أنه بعد انتهاء الانتخابات وإعلان النتائج حصل شيء غير مفهوم في تلك المنطقة من فلتان أمني وضجيج إعلامي وحرب نفسية، معتبراً أن هذا الأمر يجب التوقف عنده.
ولفت إلى أن الحرمان في بعلبك الهرمل عمره 40 سنة، وعندما كان المسلحون في الجرود كان الوضع الأمني أفضل. وهذا ما يستدعي البحث في ما حصل من أوضاع بعد الانتخابات.
ودعا السيد نصرالله الجيش والأجهزة الأمنيّة للعمل الجاد والمتواصل وعدم القبول من أحد بتغطية أحد، مؤكداً أن لا غطاء سياسياً عن أيّ مخلّ في الأمن.
كما دعا أهل المنطقة إلى التعاون الكامل مع الأجهزة الأمنية والتجاوب مع كل الإجراءات التي يتخذها الجيش في المنطقة، وإلى الاطمئنان والثقة بالبقاء في منطقتهم، مشدداً «على أن لا الدولة اللبنانية في وارد التخلّي عن مسؤولياتها، والرئيس نبيه بري كانت له مواقف حازمة وحزب الله لن يترك وسيلة دون حفظ أمن المنطقة دون الوسائل المتاحة وكل الخيارات في النهاية ستكون مفتوحة. فلا حزب الله ولا حركة أمل بصدد ترك هذه المنطقة للمجهول».
وتطرّق السيد نصرالله إلى ما حصل في اليمونة والعاقورة، مشيراً إلى «أنها مشكلة على عقار. ونرجو أن لا يتمّ تحويل الملف ملفاً طائفياً، وأن لا يزايد أحد في هذا الملف وأن يكون الملف بيد الجيش وأن يكون هناك هدوء وحوار».
ونبّه إلى أن دفع الأمور باتجاه استخدام السلاح والتحريض الطائفي والإعلامي يصل إلى حدّ الخيانة الوطنية، معتبراً أن فتح هذا الملف في هذا التوقيت هو أمر مشبوه.
ملاحظات على مرسوم التجنيس
وفي ما خصّ مرسوم التجنيس، أعلن السيد نصرالله «أننا في حزب الله لم نكن على علم بهذا المرسوم لا من قريب ولا من بعيد»، مشيراً «إلى أننا لم نكن نعلم أنه صدر إلا من خلال وسائل الإعلام».
ولفت «إلى أننا لا نعرف الكثير من هذه الأسماء في المرسوم، وقد تكون لدينا مجموعة ملاحظات حوله، ولكن لا نعرضها في وسائل الإعلام بل سيذهب أحد نوابنا إلى فخامة الرئيس لوضعه في أجوائها».
وقال السيد نصر الله إنه في موضوع أولاد اللبنانيات يجب إجراء دراسة هادئة، لهذا الملف ولتكن هناك فرصة حوار ونقاش جاد وداخلي.
محرّكات «صفقة القرن» تعمل
وفي الشأن الإقليمي، نبّه السيد نصرالله إلى أن محرّكات «صفقة القرن» تعمل بقوة، وعلى كل المعنيين بالقضية الفلسطينية أن يراقبوا بالتالي التطوّرات الجارية فلسطينياً.
ورأى أن «من الواضح أننا دخلنا في مرحلة العمل الأميركي و»الإسرائيلي» الجدي لإنجاز صفقة القرن، وقد نكون على مقربة من إعلان رسمي أميركي حول هذه الصفقة، معتبراً «أن هذا الملف سيعطى أولوية في منطقتنا، لأن صفقة القرن تعني تصفية القضية الفلسطينية».
وحثّ السيد نصرالله الجميع على تحمّل مسؤولياته في دعم الفلسطينيين لمواصلة مسيرات العودة ومواجهة الخطوات التنفيذية لصفقة القرن.
انهيار المسلّحين في جنوب سورية
وحول التطورات التي تحصل في جنوب سورية، رأى السيِّد نصرالله أنها «إيجابية جداً والمعطيات تؤكد انهيار الجماعات المسلحة». مؤكداً أن كل المنطقة في جنوب سورية سواء في درعا أو غيرها هي أمام الانهيار ولا أفق في قتالها.
وأوضح «أن هناك اندفاعة شعبية في الجنوب السوري للعودة إلى حضن الدولة ونحن أمام تحوّل كبير ونتّجه لانتصار كبير جداً».
لا للتسامح مع العدوان في العراق
وعن استشهاد وسقوط عدد كبير من الجرحى جرّاء قيام طائرات معادية باستهداف مواقع لكتائب حزب الله عند الحدود السورية – العراقية، أعلن السيِّد نصرالله «عن مساندتنا لأي قرار تتخذه فصائل المقاومة العراقية بالردّ على الاعتداء الذي تعرّضت له».
وأمل أن تتوصل كتائب حزب الله إلى الجهة المعتدية، محذّراً من أنه «إذا تسامحنا مع الاعتداء فإن العدوان سيستمر».
وتوجّه السيد نصر الله بالشكر لفصائل الحشد الشعبي في العراق عن كل ما قدمته من مساعدة في سورية والعراق لمحاربة «داعش».
معجزة يمنية
وفي ما خصّ تطورات اليمن، رأى السيد نصرالله أن ما يحصل في الساحل الغربي هو معجزة حتى بالمعايير العسكرية، مشيراً «إلى أن المجاهدين اليمنيين في الساحل الغربي حققوا واقعاً «تِدْ في الأرض قدمك، تزول الجبال ولا تزُل».
وقال «يجب أن ننحني إجلالاً لهؤلاء الأبطال في الساحل الغربي وقياداتهم الحكيمة والمجاهدة»، مضيفاً «أنا خجول أنني لستُ مع المقاتلين اليمنيين في الساحل الغربي، وأنا أردّد بيني وبين نفسي عندما أرى البطولات في الساحل الغربي يا ليتني أستطيع أن أكون مقاتلاً من مقاتليكم تحت راية قائدكم الشجاع، وكل شريف في هذه الأرض يقول هذه العبارة».
واعتبر أن «معركة الساحل الغربي درس عظيم يُضاف إلى الإنجازات العظيمة في لبنان وفلسطين وغيرها»، مبيّناً أن «القتال في الحُدَيْدة يحصل بين أهم الأسلحة والطائرات والإمكانات والأجهزة والقيادات وبين شعب لديه الإرادة والتوكل على الله».
وأكد أن ما شهدناه في اليمن في معركة الحُدَيْدة في المطار والمدينة والأماكن المحيطة بها «هو فضيحتان إحداهما عسكرية ميدانية والأخرى إعلامية، حيث أسقطت قوى العدوان مطار الحُدَيْدة مرات عديدة وتبيّن أن ذلك غير صحيح».
وشكر السيد نصرالله رئيس الحكومة الجديدة في ماليزيا ووزير الدفاع على قرارهما بالخروج من التحالف المشؤوم.
وناشد الدولة السودانية والشعب السوداني بالخروج من هذا التحالف، معرباً عن أسفه لرؤية الجيش السوداني في هذه المعركة، بعد أن كان له حضور كبير في وجدان أبناء المنطقة.
وإذ شدّد على أن المعركة في اليمن بلا أفق، أمل أن تكون تجربة معركة الساحل الغربي عبرة للسعودية والإمارات بأنهما أمام شعب لن يستسلم ولديه قدرة عالية على الصمود.
وقال «قوى العدوان على اليمن أعلنت قبل أيام أنه نتيجة القصف الجوي في صعدة سقط 8 شهداء لحزب الله بينهم قادة، ومرة أخرى قالوا إنه تمّ أسر 8 من حزب الله ومن ثم تراجع خبر الأسر لمصلحة خبر القتل»، لافتاً إلى «أننا لا ننفي ولا نثبت ما إذا كان لدينا أخوة في اليمن، وسواء كان لدينا وجود أم لا فإن خبر الشهداء كاذب».
وأضاف «لو افترضنا أنه في يوم من الأيام كان لحزب الله شهداء في اليمن، فإننا لا نخفي ذلك ولا نستحي بذلك، بل نفتخر ونعتز بذلك»، مشدّداً على «أننا لا نخجل بسقوط شهداء بل نخجل بعدم تقديم المساعدة المطلوبة لأهل اليمن».