جنبلاط من قصر بعبدا: التصويت الشعبي والسياسي أعطانا حق تسمية الوزراء الدروز الثلاثة
شهد القصر الجمهوري في بعبدا سلسلة لقاءات تطرّقت إلى سبل تمتين الوحدة الوطنية وإشاعة أجواء الهدوء، إضافة إلى مواضيع مطروحة على الساحة المحلية ومسألة تشكيل الحكومة.
وفي هذا السياق، استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، وعرض معه الأوضاع القائمة في منطقة الجبل وسبل تخفيف التشنّج السائد وتعزيز الوحدة فيه.
بعد اللقاء صرّح جنبلاط: «في كل جلسة ألتقي فيها الرئيس عون، ألمس حرصه الشديد على وحدة الجبل خصوصاً ووحدة لبنان». وشدد على ان «القرار المركزي يسري في أحيان، انما لا سيطرة في المطلق على بعض الذين يتهامسون من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لذلك أقدر كثيراً حرص الرئيس عون على وحدة الجبل وتنوع الأحزاب – وقد مرت الانتخابات بهدوء إلا الحادث المؤسف الذي حصل في الشويفات – رغم بعض «الهيجان» على مواقع التواصل الاجتماعي. لذلك، أطلب شخصياً من الرفاق والمناصرين تخفيف حدة اللهجة، والتفكير كما الرئيس عون، في حل المشاكل الكبرى الأساسية ومنها سبل تخفيف العجز ووضع خطة إنمائية من أجل توفير فرص عمل، ويبدو أنه تم البدء بوضع مثل هذه الخطط».
وأشار إلى أن «مدارس لبنان تخرّج بنسب عالية طلاباً يتجهون إلى اختصاصات علمية، لكننا ننسى قطاعاً مهماً هو القطاع المهني الذي نفتقده في لبنان، علماً أنه منتج وتعتمد عليه دول كثيرة مثل ألمانيا التي تؤكد أهمية المهنيين، وهذا سر نجاحها من ناحية الإنتاجية».
ورداً على سؤال قال «لم نتطرّق إلى مسألة الحكومة. فالرئيس لم يفاتحني في المسألة وأنا من جهتي لم أعمد إلى إثارتها»، لافتاً إلى أن زيارته تأتي تلبية لدعوة الرئيس عون لكوني لم أره منذ فترة غير قصيرة.
ورداً على سؤال عن وصفه العهد بالفاشل، أجاب: «لن أتراجع عن الكلمة. فلو نجح قسم من العهد، كي لا نشمل العهد بكامله، في معالجة قضية الكهرباء منذ سنة ونصف سنة لما زاد العجز ملياري دولار».
وأبدى إصراراً على تسمية الوزراء الدروز الثلاثة في الحكومة انطلاقا من نتيجة الانتخابات. فالتصويت الشعبي والسياسي أعطانا هذا الحق.
وكان عون استقبل صباحاً النائب أسامة سعد الذي أثار معه ملفين مرتبطين بصيدا والجوار هما النفايات بعد الأزمة التي نتجت من إقفال معمل «سينيق» وملف الصرف الصحي. وأشار إلى معاناة أهالي صيدا والجوار من تراجع معدل التغذية بالكهرباء وارتفاع التقنين، لافتاً إلى أن وزارة الطاقة تتحدّث عن معدل 280 ساعة تقنين في الشهر تقريباً في كل المناطق، في حين تبلغ في صيدا 400 ساعة.
ولفت إلى الفوضى القائمة في تسعير مولدات الكهرباء، شاكياً أيضاً من الواقع القائم عند مداخل صيدا.
واستقبل عون عضو الكتلة القومية الاجتماعية النائب سليم سعادة وأجرى معه جولة أفق تناولت التطورات السياسية الراهنة ومسار تشكيل الحكومة الجديدة.
وكان الرئيس عون ترأس اجتماعاً اطلع خلاله على الخطوط العريضة لـ«الخطة الاقتصادية الوطنية» التي وصلت مراحلها المتقدمة، من وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري وأعضاء الفريق الاستشاري العالمي «ماكنزي اند كومباني» الذي أعدّ الدراسة.
وحضر الاجتماع، وزير العدل سليم جريصاتي، المستشارة الرئاسية ميراي عون هاشم، مستشار رئيس الجمهورية للعلاقات مع دول الخليج الدكتور فادي عسلي ومستشار رئيس الحكومة للشؤون الاقتصادية الدكتور نديم المنلا.
ودعا رئيس الجمهورية إلى «ضرورة تكاتف الجميع والعمل ضمن فريق واحد لتحقيق الأهداف الطموحة للخطة الاقتصادية الوطنية التي ستنعكس نتائجها على مختلف المسائل الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية، التي تشكل هاجساً دائماً للمجتمع اللبناني».
واعتبر الرئيس عون أن «الخطة تساهم في وضع رؤية متكاملة ومتناسقة بين مختلف القطاعات الإنتاجية الحيوية في البلاد، للمضي قدماً في تنمية وتطوير الاقتصاد اللبناني بشكل مستدام ومواكبة تحديات القرن الحادي والعشرين والمناخات الاقتصادية المتغيرة إقليمياً وعالمياً»، وثمّن «جهود الجهات التي أسهمت في تطوير الدراسة من القطاعين العام والخاص والخبراء الاقتصاديين والأكاديميين»، ولفت إلى «قدرة لبنان ممثلاً بقطاعاته الاقتصادية وطاقاته الشابة، على إيجاد بيئة أعمال جاذبة للاستثمارات الخارجية المباشرة، وعلى تفعيل قطاعات إنتاجية تنافسية قادرة على تعزيز مؤشرات الأداء الاقتصادي، لا سيما أن الدراسة وصفت الحالة والتحديات الاقتصادية وفقاً للواقع الراهن، ووضعت الأولويات في سياقها السليم، وطرحت تشكيل آليات لتنفيذ الخطة ومراقبة مؤشرات الأداء الاقتصادي ومتابعتها».
وعرض الوزير خوري وأعضاء الفريق «الملامح الرئيسية للدراسة التي ترمي إلى تفعيل سائر القطاعات الإنتاجية على مستوى الجمهورية اللبنانية، ضمن آلية اقتصادية تكاملية»، ولفت الى ان «الدراسة ستعرض على رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري تمهيداً لعرضها والتصديق عليها من قبل الحكومة المرتقبة فور تشكيلها».
وأوضح أن «الجهة المكلفة تطوير الدراسة، وهي شركة الاستشارات العالمية «ماكنزي آند كومباني»، حرصت على العمل بشكل مكثف ووثيق مع ممثلي القطاعين العام والخاص والمجتمع الاكاديمي والخبراء الاقتصاديين اللبنانيين، لاستقراء تجاربهم في مجالات عملهم ونظرتهم الى سبل تحقيق التنمية المستدامة والتنافسية المنشودة للقطاعات الاقتصادية الإنتاجية والحيوية والواعدة في لبنان. وستستمر في المرحلة المقبلة ورش وجلسات المراجعة مع المزيد من الخبراء والمعنيين، لوضع اللمسات الأخيرة على الدراسة، للوصول الى الصيغة النهائية للخطة الاقتصادية التي تحمل رؤية متكاملة للاقتصاد اللبناني وسبل تطوير طاقاته الإنتاجية».
واتبعت الدراسة منهجية تستند الى «التواصل مع كل الشركاء المحليين المعنيين بالاقتصاد اللبناني للاستفادة من خبراتهم وتصوراتهم للحلول والممارسات الاقتصادية الناجعة، كما تتضمن تقييماً حول مؤشرات الاقتصاد الكلي والميزان التجاري وتوصيفاً دقيقاً لواقع الاقتصاد اللبناني، وتبحث بشكل معمّق في تحديات وإمكانات قطاعات منتجة رئيسية، هي الموارد الطبيعية والزراعة والصناعة والسياحة واقتصاديات المعرفة والخدمات المالية والتعليم والرعاية الصحية وقطاع العقارات والإنشاءات والتجزئة والتجارة واللوجستيات والنقل والاتصالات والكهرباء والماء ودور المغتربين في تعزيز الأداء الاقتصادي وكذلك فاعلية التخطيط المدني».
وتتطرّق الدراسة الى «التطلعات الاقتصادية اللبنانية وسبل تحقيقها من خلال اتباع أفضل الممارسات العالمية من الناحيتين التشريعية والتمويلية، للوصول لبيئة اقتصادية مرنة وقادرة على استقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة، وإطلاق العنان للقطاعات الإنتاجية الواعدة والمستدامة، وتستدرك قدرات لبنان التنافسية ضمن محيطه الإقليمي والواقع والمتغيرات الاقتصادية العالمية».
وطوّرت الدراسة «منهجية مؤسسية وآليات حوكمة مفصلة، لدعم وتمكين تنفيذ التوصيات المنبثقة عن الرؤية الاقتصادية التي تتضمنها، بالإضافة الى المتابعة والرقابة وقياس مؤشرات الأداء».
كما حرص فريق الرؤية الاقتصادية على «أن تشمل الدراسة توصيات حول مشاريع محورية وملحّة، من شأنها تحريك عجلة الاقتصاد اللبناني وإطلاقها في القريب العاجل. ومن المرتقب إطلاق الدراسة بحلتها النهائية، بمجرد التصديق عليها من قبل الحكومة المقبلة، وذلك لبدء تطبيق منهجية عمل متكاملة للقطاعين العام والخاص، تراعي التناغم بين سائر القطاعات الاقتصادية».
بعد اللقاء، عقد الوزير خوري ندوة صحافية، قال فيها «لأن الأهمية الكبرى تبقى في التنفيذ وتحقيق النتائج، فقد حرصنا على أن تشمل التوصيات وضع إطار واضح للتنفيذ والمتابعة والرقابة وقياس مؤشرات الأداء، كما يبقى التطبيق على عاتق الحكومة المقبلة. ونحن نعلم أن اللبنانيين جميعاً يترقبون باهتمام غير مسبوق هذه الدراسة للخطة الاقتصادية الوطنية، لذلك من المرتقب إطلاقها بحلتها النهائية فور تصديقها من الحكومة المقبلة والعمل على تطبيقها».
وأشار إلى أنه «بعد عرض الدراسة على فخامة الرئيس، سيتم في القريب العاجل عرضها على رئيس الوزراء المكلف الشيخ سعد الحريري، تمهيداً لعرضها وتصديقها من الحكومة العتيدة. وقد أعرب فخامة الرئيس عن دعمه لهذه الخطة، كما دعا الى «تكاتف سائر الجهات المعنية والعمل كفريق عمل واحد، لتحقيق الأهداف الطموحة للخطة التي تنعكس على مختلف القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل هاجساً عند المواطنين».