العَلَم السوري فوق المعبر الحدودي مع الأردن… وتسليم المسلحين سلاحهم سقوط اتفاق معراب يؤجّل تشكيل الحكومة لما هو أبعد من الأجواء الخارجية
كتب المحرّر السياسي
مع تأكيد مصادر متابعة لمباحثات فيينا حول التفاهم النووي الإيراني، التي ضمّت وزراء خارجية إيران والدول الخمس الشريكة بعد الانسحاب الأميركي، أن لا نتائج حاسمة تمّ التوصل إليها، لكن الخماسية صارت مؤسّسة بديلة لصيغة خمسة زائد واحداً التي انبثق منها التفاهم، قال وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف إنّ الدول المشاركة عازمة على إيجاد حلّ يضمن بقاء إيران تحت سقف التفاهم، برفع نسبة التجارة معها وتأمين وسائل مالية مناسبة لا تتأثر بالعقوبات الأميركية، بينما طلب الأوروبيون مزيداً من الوقت ليتمكّنوا من تجهيز سلة حوافز لتشجيع إيران على عدم الانسحاب من التفاهم، بينما قالت مصادر على صلة بالموقف الإيراني من مستقبل التفاهم إنّ منتصف الشهر الحالي سيوضح القرار الإيراني في ذكرى ثلاث سنوات على توقيع التفاهم، وإنّ كلّ الخيارات متساوية، بين البقاء المتحفظ والحذر حتى نهاية العام، أو إعلان خطوات تصعيدية تدريجية منها تشغيل أجهزة الطرد المركزي الحديثة دون رفع نسبة التخصيب إلى 20 ، وتخفيض مستوى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإعلان الجهوزية للخطوات اللاحقة تباعاً، بالتناسب مع العقوبات الأميركية وحجم الأذى الذي تلحقه بالاقتصاد الإيراني، خصوصاً بمبيعات النفط واستيفاء عائداتها، بما في ذلك التحكم بصادرات النفط التي يتمّ تصديرها من الخليج، خصوصاً منع تصدير الزيادات التي قد تلجأ إليها الدول الخليجية للحلول مكان إيران في أسواق النفط العالمية.
على جبهة الحرب في سورية، حقق الجيش السوري إنجازاً تاريخياً تمثل ببلوغ المعبر الحدودي مع الأردن في بلدة نصيب الحدودية، ورفع العلم السوري عليه، بعد سلسلة من الانتصارات العسكرية الميدانية في جبهة الجنوب أوصلت الجماعات المسلحة إلى الرضوخ لشروط التسوية التي رفضوها من قبل، وتضمّنت انتشار الدولة السورية ومؤسساتها في قرى وبلدات الجنوب، خصوصاً مدينة درعا، ومنح المسلحين فرصة لتسوية أوضاعهم، وإفساح المجال للراغبين منهم بالمغادرة للذهاب إلى الشمال السوري، وخلال الأيام القليلة المقبلة مع تطبيق بنود التسوية واستكمال الجيش السوري انتشاره، وإنهاء تسليم السلاح، وخروج قوافل المسلحين المغادرين، تكون قد تبلورت صورة جبهة الجنوب الغربي المحاذي للجولان المحتلّ، حيث المواجهة مع تنظيم داعش وفصائل لم تنضمّ بعد للتسوية، بانتظار حسم موقفها من الانضمام قبل بدء الجولة المقبلة الهادفة لاجتثاث داعش من المنطقة واستكمال الانتشار السوري حتى حدود الجولان المحتلّ.
في لبنان دخلت العلاقة بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية مرحلة من التعقيد مع إطلاق القوات لحملة منظمة تستهدف رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل، وتتهمه بتخريب متعمّد لاتفاق معراب على خلفية طموحاته الرئاسية، وتحمّله مسؤولية تدهور علاقة القوات برئاسة الجمهورية، بينما قالت مصادر متابعة، إنّ هذه الحملة القواتية، تعني من جهة أنّ اتفاق معراب قد سقط، ومن جهة مقابلة أنّ التعقيد المحلي أمام تشكيل الحكومة صار أكبر من مجرد الاستجابة لمناخ الانتظار الدولي الإقليمي، وربما يستمرّ أبعد منه، واصفة الموقف القواتي بأنه القشة التي قصمت ظهر البعير، وصار بعدها من الصعب إصلاح ذات البين بين الفريقين كشرط لولادة الحكومة. فالتيار سيغلق باب التفاوض حول مترتبات معراب، ويترك لرئيس الحكومة تحمّل مسؤولية صياغة معيار تمثيل للقوات يطبّق على سواها، بعيداً عن الربط بوجود حالة خاصة تتمثل بالعلاقة بين التيار والقوات.
الحكومة في مهب صراع «التيار» ــ «القوات»
فيما بقيت تداعيات القنبلة السياسية التي رمتها «القوات اللبنانية» في وجه التيار الوطني الحر تلقي بظلالها على الساحة السياسية وزادت المشهد الحكومي تعقيداً، انعدمت حركة الاتصالات واللقاءات على خط التأليف، مع وجود المعنيين خارج البلاد لا سيما الرئيس المكلف سعد الحريري والوزير جبران باسيل.
وإذ شكّلت خطوة «القوات» بالكشف عن الشق السياسي لتفاهم معراب هزّة سياسية وإعلامية ستتبعها هزات ارتدادية، وضعت الاتفاق السياسي بين الثنائي المسيحي على حافة الانهيار، ومن المتوقع أن تتظهر نتائجها على مسار التأليف الذي يعود لينطلق بدءاً من الأسبوع المقبل، ما يضع الحكومة في مهب الصراع بين «التيار» و«القوات» غير أن قيادة التيار الوطني التزمت الصمت وآثرت الصمت إزاء خطوات «القوات» التصعيدية الممنهجة. في المقابل استغلت «القوات» غياب باسيل واستكملت رشق التيار بقنابل نارية لم يسلم من شظاياها عهد الرئيس ميشال عون، إلا أن اللافت هو إعادة الصقور «القواتية» لتصدر الواجهة الإعلامية كالنائب السابق أنطوان زهرا الذي عارض اتفاق معراب منذ توقيعه، ما يؤشر الى أن الفريقين مقبلان على معركة سياسية مستعرة في المرحلة المقبلة.
وفيما حاولت «البناء» الاتصال مع أكثر من نائب في تكتل لبنان القوي لتوضيح حقيقة ما نشرته «القوات» عن اتفاق معراب، بيد أن الجواب كان التزام الصمت وانتظار البيان الرسمي الذي سيصدر خلال الساعات المقبلة عن «التيار» أو عن تكتل لبنان القوي. وأوضحت بأن «التيار» «متمسّك بالمصالحة المسيحية، لكنها استغربت وسخرت من اعتبار بعض الأفرقاء أن ما يقوم به باسيل هو ضرب للعهد، فالرئيس عون صحيح أنه رئيس للجمهورية، إلا أنّه يعي جيداً بنود اتفاق معراب التي لم يلتزم بها حزب القوات خلال حكومة استعادة الثقة، ورغم ذلك يُصرّ رئيس الجمهورية على التفاهمات وخفض التشنج لمصلحة الجميع. وهو مصرّ أيضاً على تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة على أساس الانتخابات النيابية».
وسألت مصادر مطلعة عبر قناة الـ «أو تي في»: «لماذا على « التيار الوطني الحر » أن يقاتل من أجل حصول « القوات اللبنانية » على حقوقه في الحكومة المقبلة في حين يُهاجم الأخير العهد منذ بدايته».
إلى ذلك استمرت «القوات» في حملتها التصعيدية ضد باسيل محمّلة إياه مسؤولية الإطاحة بتفاهم معراب، فغرّد النائب السابق فادي كرم على تويتر قائلاً: «من مآثر أجدادنا وآبائنا التي نجل الإنسان بكلمتو شو حال إمضاؤه». وقال رئيس جهاز الإعلام والتواصل في «القوات» شارل جبور ، على مواقع التواصل الاجتماعي: «وزير الخارجية جبران باسيل يتحمّل أمام الله أوّلاً والمسيحيين ثانياً والتاريخ ثالثاً، مسؤولية إطاحة تفاهم معراب الّذي أحيا الميثاق وجسّد التوازن بين الرئاسات والشراكة في مجلسي النواب والوزراء، وأعطى الأمل للمسيحيين بدور وطني يتكامل مع المسلمين لإنجاح لبنان الرسالة، وكلّ ذلك بسبب أطماعه الرئاسية».
هل فُتِحت معركة الرئاسة بين جعجع وباسيل؟
وكشفت أوساط سياسية لـ «البناء» وجود قرار لدى قيادة القوات بالتصويب على رئيس التيار جبران باسيل لتشويه صورته في الشارع المسيحي في إطار مخطط لقطع الطريق عليه للوصول لبعبدا في الانتخابات الرئاسية المقبلة وإخلاء الساحة لرئيس القوات. في المقابل، اتهمت مصادر سياسية مقربة من بعبدا «القوات اللبنانية» بمحاولة عرقلة العهد ووضع عقد أمام تأليف الحكومة التي يعتبرها الرئيس ميشال عون حكومة عهده الأولى، مشيرة لـ «البناء» الى أن «السعودية تضع القوات اللبنانية في وجه العهد بعد فشلها في دفع الرئيس سعد الحريري للصدام مع عون لأسباب عدة، حيث رفض الحريري ضرب العلاقة مع عون، لأنه يدرك ضرورة مهادنة عون طيلة العهد وفي ظل موازين القوى الحالية في المنطقة ولبنان كي يبقى رئيساً للحكومة». وأوضحت المصادر بأن «هدف القوات من خلال الكشف عن اتفاق معراب هو تبرير هجومها على الرئيس عون مسيحياً»، محذّرة من أن «كشف أسرار الاتفاق سيدفع الفريقين الى الطلاق السياسي وفتح صراع طويل بين باسيل وجعجع على رئاسة الجمهورية». وأوضحت بأن «عون لا يتجاوز الرئيس المكلف، بل يمارس صلاحياته ولا يمكن تأليف حكومة من دون موافقته على شكل الحكومة وتوازناتها السياسية والنيابية والطائفية».
العقدة خارجية
في سياق ذلك، وإذ من المرتقب أن يعقد اللقاء التشاوري السنيّ مؤتمراً صحافياً في المجلس النيابي الثلاثاء المقبل، سأل النائب عبد الرحيم مراد ، بتعليق تلفزيوني، «لمذا نريد أن نحرم النواب السُنة الستة من خارج « تيار المستقبل » من تمثيلهم في الحكومة الجديدة؟»، مؤكّدًا أنّ «من حقّ هؤلاء أن يتمثّلوا، ونأمل أن يُستجاب لطلبنا».
ولفت مصدر في 8 آذار، لـ«البناء» أن «التلكؤ في تأليف الحكومة يكشف بشكل واضح أن العقدة في الخارج ما الشروط الداخلية إلا تعبير عن الضغط الخارجي لتأجيل التأليف لكي يتظهّر المشهد في المنطقة»، مشيراً الى أن «الرهان كان على أن يحدث الهجوم على اليمن نتائج سريعة على مستوى المنطقة»، معتبراً أن «الرئيس المكلف يقف بين ضغطين الخارجي المتمثل بالسعودية التي تريده وسيلة للحفاظ على مصالحها وإعادة موقعها في لبنان وبين الأكثرية النيابية الجديدة التي أفرزتها نتائج الانتخابات، ما يجعل الرئيس المكلف في موقع ضعيف وعاجز عن التقاط المبادرة وحتى عن ممارسة صلاحياته، وبالتالي لا يستطيع تأليف حكومة لا تنال رضى السعودية، لأنها ستكون من دون مظلة عربية وخليجية». وانتقد المصدر طريقة تأليف الحكومة التي تراعي الحصص والطوائف بدلاً من نتائج الانتخابات»، وبيّن أن «فريق المقاومة سيعود للتمسك بحصته الوزارية التي يجب أن لا تقلّ عن 10 وزراء». وحذّر المصدر من الضغط الأميركي على الحكومة اللبنانية لتقديم تنازلات في مسألة النزاع البري والنفطي بين لبنان و«إسرائيل» ومن ربط التأليف بهذه الملفات وبسلاح المقاومة».
وأكد الرئيس عون أن لبنان لن يوفّرَ جهداً لاسترداد مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر ، ولفت الرئيس عون إلى أن لبنان يُجري حالياً محاولةً لترسيم الحدود البرية على أن تكون مزارع شبعا وتلال كفرشوبا جزءاً من هذا الترسيم. وكشف رئيس الجمهورية أن عملية الترسيم هي تحت رعاية الأمم المتحدة وليس بشكلٍ مباشر مع الإسرائيليين».
تلكؤ الدولة في ملف النازحين
ودعا المصدر الى أن تبادر الحكومة فور تشكيلها الى حلّ أزمة النازحين من خلال التواصل مع الدولة السورية، مبدياً استغرابه «اتهام البعض حزب الله بأنه يتجاوز صلاحية الدولة في مهمة إعادة النازحين». وقالت مصادر وزارية وأمنية سابقة لـ «البناء» إن «لبنان لم يعُد بإمكانه استيعاب أكثر من مليون ونصف نازح سوري بعد أن تحمل العبء على مدى 6 أعوام»، مشيرة الى أن «الخلاف السياسي داخل الحكومة حول معالجة هذا الملف والخشية من حصول انقسام فيما لو تمّ اتخاذ قرار بإعادة النازحين عبر التواصل مع الحكومة السورية، دفع بحزب الله الى انتزاع زمام المبادرة من الدولة ووضع الملف في عهدته رغم عدم رضى بعض الأطراف السياسية، لكن الحزب بسبب وجوده العسكري في سورية وعلاقته بالدولة السورية وتمكنه من تقديم الضمانات اللازمة يمكن أن يشكل حلاً مؤقتاً للأزمة القائمة محذرة من تفاقم هذه الأزمة على كافة الصعد الأمنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية فيما لو استمر الوضع على ما هو عليه، واعتبرت بأن حديث البعض عن خطر على النازحين من قبل النظام هو ذريعة لعرقلة العودة وإبقاء النازحين».
وأوضح رئيس اللجنة المكلفة ملف النازحين في حزب الله النائب السابق نوار الساحلي أن «آلية عودة النازحين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم طوعياً سهلة وتقضي أولاً بتعبئة استمارة العودة»، مؤكداً «أننا ننسق مع السوريين. وهذا الأمر طبيعي جداً وذلك من أجل فك العقبات».
وفي حديث تلفزيوني، لفت الساحلي إلى أن «هناك تلكؤاً من الدولة اللبنانية في هذا الملف في حال أرادت التنسيق مع الدولة السورية من أجل إنهاء الملف. فنحن بخدمة الدولة اللبنانية»، مشيراً إلى ان «حزب الله سيتعاون مع التيار الوطني الحر من أجل تنسيق عودة النازحين السوريين إلى بلادهم».