إدلب: معركة أو تسوية؟
حميدي العبدالله
تتضارب التحليلات والتوقعات بشأن مصير محافظة إدلب، البعض يعتقد بأنّ هذه المنطقة لن تشهد معركةً عسكريةً لتحريرها على غرار ما حدث في الغوطة الشرقية والمنطقة الجنوبية، ويستند هذا البعض إلى أمرَين أساسيين…
الأمر الأول، الوجود العسكري التركي، حيث تنتشر نقاط مراقبة هي أقرب إلى المواقع العسكرية في أنحاء مختلفة من محافظة إدلب، ولا سيما في مورك وقرب جسر الشغور ومنطقة العيس في الريف الجنوبي من محافظة حلب.
الأمر الثاني، تفهّم روسيا لموقف تركيا، وحرص موسكو على إبقاء أنقرة جزءاً في مسار أستانة، بل يذهب هذا البعض أكثر من ذلك ويتحدث عن صفقة روسية تركية تكرّس بقاء تركيا فترةً لا تقلّ عن ثلاث سنوات في هذه المحافظة، والسعي لأن يكون دور للإخوان المسلمين المرتبطين بتركيا في أيّ حلّ نهائي للوضع في سورية.
البعض الاخر يعتقد أنّ المعركة العسكرية قادمة وسوف تشبه سيناريو المعارك الأخرى، ولا سيما معركة تحرير الجنوب، أيّ الدمج بين خيار المصالحات والحسم العسكري.
لكن أيّاً من الاعتقادين هو الأقرب إلى أن يكون سيناريو ما سيحدث في محافظة إدلب في وقت قريب لا يتعدّى بضعة أسابيع، أيّ بعد انتهاء الجيش السوري من تحرير حوض اليرموك من داعش، واستكمال نشر القوات التي سترابط على خط وقف إطلاق النار مع العدو الصهيوني في الجولان المحتلّ؟
لا شكّ أنّ الخيار الثاني، ليس فقط هو المرجح، بل هو الحتمي على عكس كلّ الاعتقاد السائد، وهذا الاستنتاج تؤكده الوقائع الآتية:
أولاً، تصميم الدولة السورية على استعادة كلّ شبر من الأرض السورية خاضع لسيطرة الإرهابيين والجيوش الأجنبية، وهذا التصميم أكده أكثر من مسؤول كبير في الدولة السورية وفي أكثر من مناسبة، بما في ذلك الرئيس الدكتور بشار الأسد.
ثانياً، محافظة إدلب في جزئها الأكبر ومدنها الهامة تقع تحت سيطرة جبهة النصرة، وتحديداً مدن إدلب وأريحا وجسر الشغور وخان شيخون وسراقب ومعرة النعمان وسرمين ومعرة مصرين وبنش وتفتناز وسلقين، وجبهة النصرة مستثناة في مسار أستانة الذي وافقت عليه تركيا من اتفاقات وقف القتال.
ثالثاً، روسيا التي توجّه إليها الانتقادات بأنها أبرمت صفقة مع تركيا، هي التي بدأت التمهيد لخيار المعركة العسكرية لتحرير المحافظة من سيطرة الإرهابيين، كان ذلك قبل بدء معركة تحرير الجنوب على لسان وزير الخارجية الروسي، وجرى تأكيده بعد تحرير منطقة الجنوب من خلال بيانات وزارة الدفاع الروسية التي صدرت الأسبوع الماضي وشدّدت على أنّ الإرهاب يحتشد في إدلب، ويسعى للتمدّد من جديد، ومن حق الدولة السورية الحفاظ على سيادتها واستقرار البلاد.
هذه الوقائع وغيرها تؤكد أنّ سيناريو الحسم العسكري المصحوب مع المصالحات هو السيناريو الذي سوف تسلكه المواجهة في إدلب.