سورية تودّع شهداء السويداء وتمضي لنصرها… والأسد: إدلب وجهتنا المقبلة دعوة موسكو لثلاثية لبنانية روسية سورية لعودة النازحين… وعقدة الحكومة درزية

كتب المحرّر السياسيّ

ترجم قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني المشهد الحاكم للمواجهة الأميركية الإيرانية بمجموعة معادلات رفعت سقف التحدي، واصفاً نتائج لغة الاستفزاز الأميركية بالمريعة، حيث تحوّل البحر الأحمر من ممرّ آمن للتجارة الدولية إلى أخطر الممرات المائية، وانتقلت السعودية من دولة مهيبة الجانب إلى ساحة لتساقط الصواريخ التي تهزّ استقرار عاصمتها، ويمتدّ القلق على عواصم أخرى تسير في الخطط الأميركية. وقال سليماني للرئيس الأميركي دونالد ترامب متحدياً تكذيبه في مناظرة علنية، لقد طلبتم مني ضمان عدم التعرّض لقواتكم في العراق فلماذا تتبجّحون، وقواتكم كلها لا تحتاج في مواجهة مقبلة إلى الجيش الإيراني. ففيلق القدس سيتكفل بها، ومشكلتكم معي ونحن أقرب إليكم مما تظنّون. وقد وصفت مصادر متابعة للعلاقات الأميركية الإيرانية تزامن كلام سليماني مع تعليق الملاحة النفطية في البحر الأحمر والملاحة الجوية مؤقتاً في مطار أبو ظبي بعد استهدافه بمتفجرات من طائرة بدون طيار، بأعلى درجة من التصعيد والتهديد في تاريخ المواجهة بين واشنطن وطهران، معتبرة التذكير بطلب تحييد القوات الأميركية في العراق بمثابة تهديد مباشر باستهداف هذه القوات.

في سورية كانت السويداء تودّع شهداءها، والحداد عام في المحافظات السورية، والرسالة «الإسرائيلية» بالقدرة على تحريك داعش لارتكاب المذابح حتى لو نجح الحسم العسكري بإنهاء سيطرتها على مناطق سورية، موضع دراسة من المراجع الأمنية في دمشق وموسكو وطهران، لكيفية خوض المواجهة مع هذا الوجه من الحرب، ومنع النيل من مهابة النصر المتدحرج في كلّ جبهات سورية. وكان الرئيس السوري بشار الأسد قد أكد في حديث إعلامي تماسك جبهة حلفاء سورية، والقرار السيادي للدولة السورية بمواصلة الحسم مع الإرهاب، كاشفاً أنّ الوجهة المقبلة للجيش العربي السوري هي إدلب.

على المستوى السياسي الدولي والإقليمي، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين السير بالتفاهمات حول سورية وسبل الحلّ السياسي فيها، بعد لقائه الرئيس التركي رجب أردوغان على هامش قمة «بريكس» المنعقدة في جنوب أفريقيا، والتي تشارك فيها تركيا للمرة الأولى، على خلفية تدهور علاقاتها بواشنطن، ويأتي لقاء بوتين أردوغان وكلام بوتين بعده تأكيداً لمساري أستانة وسوتشي، وما قاله الرئيس الروسي حولهما بعد قمة هلسنكي التي جمعته بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، بينما كان وفد روسي رفيع يبحث الخطة الروسية لعودة النازحين في قصر بعبدا، بحضور رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، واللواء عباس إبراهيم المكلف ملفّ النازحين والتنسيق مع سورية وروسيا.

الوفد الروسي بدّد التسريبات والشائعات التي أطلقها فريق الرابع عشر من آذار حول ظروف وشروط المبادرة الروسية، فالمبادرة ليست لتسهيل عودة النازحين دون التنسيق مع الحكومة السورية، بل لضمان وتسهيل هذا التنسيق، والصيغة المقترحة هي ثلاثية روسية لبنانية سورية، والمبادرة مقترح قدّم وجرى إقراره في قمة روسية أميركية لتسهيل التطبيع الغربي مع سورية تدريجاً، وتحرير الملف الإنساني للنازحين من الفيتو السياسي، وليس تلبية لطلب رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان لتحريره من إحراج التواصل مع الحكومة السورية.

أما على المستوى الحكومي فقد أكدت مصادر متابعة أنّ الحلحلة ليست قريبة، رغم التقدّم المحقق على مسار التمثيل القواتي وتخفيض سقف المطالب من خمسة وزراء إلى أربعة، والقبول بدون حقيبة سيادية أو منصب نائب رئيس الحكومة. فالعقدة المتبقية لا تزال في التمثيل الدرزي جدية ومعقدة، بسبب إصرار اللقاء الديمقراطي على احتكار التمثيل الدرزي، ومجموع التمثيل الوزاري بين كتلتي الرابع عشر من آذار، أيّ تيار المستقبل والحزب التقدمي الاشتراكي وحزب القوات اللبنانية، والثامن من آذار، أيّ حركة أمل وحزب الله وحلفاؤهما من دون التيار الوطني الحر، لا يزال مختلاً، فمقابل 44 نائباً بقي لقوى الرابع عشر من آذار وفقاً للصيغة المقترحة 13 وزيراً مقابل 7 وزراء للثامن من آذار مقابل 45 نائباً.

روسيا للبنان: سورية المدخل الوحيد لحل أزمتكم

في ضوء القرار الدولي المنبثق عن قمة هلسينكي، وضع الاجتماع الروسي – اللبناني في بعبدا أمس، قطار عودة النازحين السوريين على السكة الرسمية الصحيحة، وذلك بعد محاولات شاقة قادها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم منفرداً كموفد شبه رسمي من خارج الإجماع الحكومي تمكن خلالها من إعادة قسم من النازحين، أما وقد دخل الروس على خط المعالجة بالاستناد الى مروحة تفاهمات مع الاميركيين، فلم يعد باستطاعة الفريق الآذاري وضع العصي في دواليب طريق العودة الآمنة والطوعية.

لكن هذا الطريق لن يكون سهل المرور، كما يشتهي رئيس الحكومة المكلف وحلفاؤه في 14 آذار، قالها الوفد الروسي للجانب اللبناني بأن المدخل الوحيد لحل أزمة النزوح في لبنان هو التواصل مع الدولة السورية وأي دربٍ آخر لن يحقق المرجو منه بل سيعقد الأمور ويحبط جهود اللجنة.

اجتماع بعبدا والموافقة «غير الطوعية» للفريق الآذاري على المبادرة الروسية، فضح الدور الذي لعبه هذا الفريق في إحباط مبادرات داخلية وخارجية عدة لحل أزمة النزوح، التي رتبت على لبنان أثماناً باهظة على المستويات كافة، ما يدفع الى التساؤل: لماذا لم يقبل رئيس الحكومة المكلف حل أزمة النزوح بالتواصل المباشر مع الدولة السورية منذ سنوات إن كان سيعود ويقبل مكرهاً بذلك في الوقت الراهن؟ وهل سيوافق على أن تُجري حكومته العتيدة مفاوضات رسمية مع الحكومة السورية للاستفادة الاقتصادية من الفتح القريب لمعبر نصيب وإنقاذ اقتصاد لبنان من الانهيار أم أنه سينتظر ايضاً مبادرة روسية على هذا الصعيد؟

ووفق مطلعين على ملف النازحين فإن روسيا نسقت مع الدولة السورية بالمبادرة قبل زيارة لبنان، «إذ لا يمكن أن تُقدِم روسيا على أي خطوة من دون التنسيق مع سورية»، مشيرين لـ«البناء» الى أن «الدور الروسي هو محفز ومشجّع للنازحين للعودة الى سورية عبر ضمانات أمنية يوفرها للعائدين من منطلق وجود القوات العسكرية الروسية على الأرض السورية، لكن التواصل مع الدولة السورية هو الممر الوحيد لإعادة النازحين وحل أزمة النزوح في المنطقة».

وقال مصدر معني بالعلاقات اللبنانية السورية لـ«البناء» إن «سورية أبلغت السلطات الروسية الموافقة المبدئية على المبادرة واستعدادها للتعاون وتقديم ما يلزم من ضمانات للمترددين في العودة وعقد مصالحات داخلية من خلال اللجان الأهلية والرعاية الخدمية لإنجاح المبادرة ومستعدة ايضاً لاستقبال اللجنة الروسية اللبنانية والبحث بالآليات التنفيذية لذلك». ووفقاً للمبادرة الروسية أضاف المصدر «فقد اتفق الرئيسان ميشال عون وسعد الحريري على أن يكون اللواء إبراهيم موفداً من قبل الدولة اللبنانية وليس موفداً رئاسياً فقط في اللجنة للتنسيق مع الجانبين الروسي والسوري، وذلك بعد أن وافق الحريري على ذلك». وكشف المصدر بأن «فتح معبر نصيب ينتظر التواصل بين سورية والاردن، وأن سورية مستعدة لفتح هذا المعبر لكنها تطالب الأردن بتصحيح العلاقات السياسية على مستوى حكومتي البلدين وكذلك ستفعل مع لبنان، إذ إن أي انفتاح اقتصادي على سورية سيقابله تطبيع للعلاقات السياسية على مستويات رسمية». ودعا المصدر الدولة اللبنانية لـ«العمل لتحقيق قفزة نوعية في مسار العلاقات بين لبنان وسورية عبر الانتقال الى المستوى السياسي وأن لا يبقى التواصل محصوراً بمستوى القناة الأمنية والمدراء العامين في الوزارات»، ودعا أيضاً الى «فتح القنوات السياسية الرسمية بأسرع وقت لتمكين لبنان من تحقيق مصالحه الوطنية عبر خطوط ثلاثة: إعادة النازحين أولاً والاستفادة من فتح معبر نصيب ثانياً والدخول في عملية إعادة الإعمار في سورية ثالثاً»، محذراً من أن «استمرار اعتراض بعض المسؤولين اللبنانيين على ذلك سيخسر لبنان فرصاً ذهبية على صعيد الخروج من أزماته المالية والاقتصادية وتشجيع الاستثمار والتجارة الخارجية لتحقيق نهوض اقتصادي حُرِم منه لبنان منه طوال الثماني سنوات الماضية بسبب الحروب في سورية والمنطقة».

وأكد اللواء إبراهيم في حديث تلفزيوني أن «رئيس الجمهورية طلب منه المشاركة بالاجتماع المعني بملف عودة النازحين السوريين، لأنه مكلف الحوار مع سلطات سورية»، مشيراً الى أنه «إذا كان هناك قرار دولي بالعودة، فلا شيء يوقف هذا المسار». ولفت الى أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يدرك حجم تجاوب السلطات السورية بتوليه الملف»، موضحاً أنه «لا مشكلة لدي أن أكون عضواً في أي لجنة معنية بهذا الملف او لا اكون». مشدداً على أن «العلاقات بين لبنان وسورية ستعود الى طبيعتها والجغرافيا والتاريخ يحددان شكل العلاقة بغض النظر عن شكل النظام».

وكان رئيس الجمهورية رأس الاجتماع اللبناني – الروسي الذي عرض الخطة التي أعدتها وزارة الدفاع الروسية بالاشتراك مع وزارة الخارجية الروسية لتنظيم إعادة النازحين، بحضور رئيس مجلس النواب نبيه بري والرئيس الحريري، وكان بحث في المقترحات الروسية لتأمين عودة النازحين السوريين الى اراضيهم. وحضر الاجتماع عن الجانب اللبناني، الى الرئيسين بري والحريري، وزير الدفاع الوطني يعقوب الصراف، وقادة الأجهزة الامنية وممثل وزارة الخارجية، بينما ضم الوفد الروسي مبعوث الرئيس الروسي الى سورية ألكسندر لافرنتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، القائم باعمال السفارة الروسية في بيروت فاتشلاف مقصودوف، الجنرال ستانيسلاف غادجيما غوميدوف والجنرال فانسييف، اضافة الى الدبلوماسيين والضباط والمستشارين في وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين والسفارة الروسية في بيروت.

وأكد لافرنتييف باسم الوفد أن «المحادثات كانت إيجابية جداً وسنواصل العمل المشترك في ملف العودة»، مشدداً على ان الدعم الدولي مهم لتحقيقها، واضاف: نرى عودة يومية لنازحين ما يدل الى ان لا تهديدات من قبل الحكومة السورية. وهذه اشارة مشجعة، موضحاً ان المطلوب توفير الظروف الملائمة لهذه العودة والحكومة السورية مستعدة للقبول بمن يريدون العودة. وقال: «النزوح حمل ثقيل وفي لبنان هناك تفاهم والدولة جاهزة للتعاون مع مبادرة اعادة النازحين».

ترحيب لبنان بالمبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى بلادهم، معتبراً ان «هذا الموقف يتجاوب مع الدعوات اللبنانية لتأمين عودة آمنة للنازحين، ما يحد من تداعيات النزوح السوري على الوضع في لبنان».

وشكر الرئيس عون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على «دعمه للبنان والدور الذي لعبته روسيا لمحاربة الإرهاب ومنع تمدده»، وأعرب عن «استعداد لبنان لتقديم المساعدة اللازمة لتنفيذ المقترحات الروسية بإعادة النازحين، سواء عبر اللجان التي ستُشكّل لهذه الغاية، او عبر الآلية التي ستعتمد».

بدوره لفت وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في مؤتمر تعزيز الحرية الدينية إلى أن «التهديد الأكبر على صيغة التنوع في لبنان هو النزوح السوري واللجوء الفلسطيني على أرضنا، الذي تتوجب إعادتهم سريعاً الى بلدانهم، آمنين كريمين كي لا يمس التنوع الذي هو أساس لأي حل دائم في المنطقة. وهناك معادلتان أصبحتا ثابتتين، إن النزوح الكثيف يقسم الضيوف والمضيفين الى فئات، ويؤدي الى فرز مجتمعي أساسه الأحادية وهو ما يؤدي الى التطرف وصولاً الى الإرهاب، ومعروف أن كليهما، التطرف والإرهاب هما مرادفان لمنع الحرية الدينية والثانية أن الدولة هي الضامن للحريات الدينية، لأنه عندما تغيب المؤسسات تعم الفوضى، فيجنح الإنسان بطبيعته نحو التقوقع مع مَن يشبهه دينياً، حيث لا قانون يحميه. هكذا يَسهل على الإرهاب التغلغل والتحكم للقضاء على الحريات».

اجتماعات رئاسية حول الحكومة

وبعد انتهاء اللقاء، عقد اجتماع ضم الرؤساء عون وبري والحريري لمدة عشر دقائق تم بحث الوضع الحكومي، وبعد مغادرة بري استكمل عون والحريري البحث لمدة عشر دقائق واتفقا على عقد لقاء آخر خلال 48 ساعة المقبلة الى حين عودة باسيل الى بيروت.

وإذ علمت «البناء» أن الرئيس عون اتفق والحريري على أن يجري الأخير سلسلة مشاورات تشمل رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع خلال الساعات القليلة المقبلة، في محاولة لإقناعهم بالاقتراحات التي قدّمها حيال حل العقدتين المسيحية والدرزية، لفتت مصادر الحريري لقناة «أو تي في» الى أن « الحريري اقر امام رئيس الجمهورية امس انّ العقدة لتشكيل الحكومة ليست مسيحية، بل درزية وسيعمل لإيجاد حل مع رئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط، الذي لا يزال يتمسك بحسب مصادر «البناء» بالحصة الدرزية كاملة ورفضه أي حل وسطي يقضي بتوزير شخصية على صلة بالنائب طلال أرسلان، فيما نفت مصادر الأخير تلقيه أي عروض تفاوضية بشأن حل العقدة الدرزية.

أما على صعيد العقدة القواتية فيبدو أن تقدماً حصل بحسب المعلومات المتداولة، حيث شهدت الاتصالات الاخيرة مرونة قواتية إزاء الحصة الوزارية، حيث وافق جعجع على 4 وزراء مع وزير دولة وثلاث حقائب من دون حقيبة سيادية ولا نائب رئيس الحكومة، وترافقت هذه المعلومات مع رسائل واشارات ايجابية وجهها جعجع أمس باتجاه بعبدا، حيث دعا «الاطراف المعرقلة للكف عن ممارساتها تسهيلاً لعملية تشكيل الحكومة»، ورداً على سؤال قال «نحن داعمون للعهد وأقصى تمنياتنا أن يكون أنجح عهد في لبنان، وبما يتعلق بتشكيل الحكومة كل له رأيه. وتبين أننا والمستقبل والاشتراكي وأمل لدينا وجهات نظر متقاربة». وأكد «عدم تشكيل تحالفات ضد العهد لإفشاله».

في المقابل أشار النائب ألان عون، إلى أنّ «هناك تحريكًا للجمود في الملف الحكومي ويمكن البناء عليه»، مركّزًا على أنّ «توزيع الأحجام على الكتل النيابية، يجب أن يكون منسجمًا مع الواقع».

اللجان المشتركة

واستبق المجلس النيابي تأليف الحكومة من خلال عقد الجلسة الأولى للجان النيابية المشتركة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي في ساحة النجمة، وتم خلالها إقرار مشروع قانون حماية كاشفي الفساد ومشروع قانون النفايات الصلبة وإرجاء البنود الاخرى الى جلسة لاحقة. الا ان الجلسة انتهت على على سجال سياسي، مع انسحاب النواب بولا يعقوبيان، الياس حنكش وسامي الجميل لدى مناقشة بند النفايات الصلبة.

اترك تعليقاً

Back to top button