«إسرائيل» سقطت في سورية والغرب يحصد مرارة الهزيمة!
محمد صادق الحسيني
عندما تنشر صحيفة مرموقة، كصحيفة «فورين بوليسي» الأميركية، بعد ظهر الخميس 6/9/2018، بقلم الصحافية إليزابيث تسوركوف، تحت عنوان :
«إسرائيل تسلّح وتموّل المتمرّدين في جنوب سورية عبر برنامج سري. والعنوان كما نشر باللغة الإنجليزية هو :
In secret program , Israel armed and funded rebel groups in southern Syria
نقول إنه عندما تنشر هكذا صحافية مقالاً استقصائياً، أعدّته بعد إجراء العديد مع المقابلات مع قياديين سابقين في العصابات المسلحة جنوب سورية، وعلى رأسهم قيادات التنظيم الذي كان يسمّى «فرسان الجولان» والذي كان عناصره ينتشرون في منطقة جباتا الخشب وقيادات تنظيم «لواء عمر بن الخطاب» الذي كان يسيطر على منطقة بيت جن، في محافظة القنيطرة، والذين أقرّوا لصحافيّي «فورين بوليسي» بأن «إسرائيل»، ومنذ بداية الحرب على سورية قد :
قدمت لهم السلاح، بما في ذلك أسلحة من صناعة أميركية، بمختلف أنواعها.
وكذلك التمويل المباشر والذي شمل دفع معاشات شهرية لمنتسبي هذه العصابات المسلحة .
وأيضاً الدعم الناري المباشر، من خلال سلاح الجو «الإسرائيلي» وسلاح المدفعية، وذلك لمساعدتهم في تنفيذ هجماتهم على مواقع الجيش السوري بداية وبهدف منع تقدّم الجيش السوري والقوات الحليفة لاستعادة تلك المناطق صيف هذا العام .
فإنّ ذلك، أيّ نشرها لهذا المقال، الزاخر بالتفاصيل، يؤكد مجدّداً ما كنّا قد أشرنا اليه سابقاً، في معرض معالجة الهزيمة الأميركية «الإسرائيلية» المدوية في سورية، ألا وهو ما يلي :
أولاً: فشل الولايات المتحدة و»إسرائيل» وبقية جوقة غرفة الموك من أعراب وصهاينة وعثمانيين جدد في تنفيذ مشروع تفتيت سورية.
ثانياً: فشل «إسرائيل» في إقامة ما يُسمّى بمنطقة عازله او حزام أمني، شبيه بالحزام الأمني الذي أقامته في جنوب لبنان في ثمانينيات القرن الماضي .
ثالثاً: فشل الحلف الصهيوأميركي في فرض أية شروط على الجيش السوري في ما يتعلق بطبيعة او أماكن انتشاره، مع القوات الحليفة، في محافظتي القنيطرة ودرعا .
رابعاً: وهذا ما جعل جيش الاحتلال الإسرائيلي يقف وجهاً لوجه في مواجهة قوات الجيش السوري وحلفائه على طول خطوط وقف إطلاق النار في الجولان المحتل الى جانب جبهة جنوب لبنان .
خامساً: وهذا ما أسفر عن تحوّل استراتيجي غاية في الأهمية، ليس فقط على جبهة الجولان وجنوب لبنان، وإنما على كامل مسرح العمليات الممتدّ من طهران عبر بغداد ودمشق الى كلّ من بيروت وقطاع غزة. الأمر الذي وضع الجيش الإسرائيلي، ومعه سكان «إسرائيل»، يعيشون حالة ذعر حقيقية أشبه بأفلام الرعب. هذا الرعب الذي تجلى في قيام جيش «إسرائيل»، صاحب نظرية واستراتيجية الضربات الاستباقية الخاطفة، على الطريقة النازية الهتلرية، بتنفيذ ثلاث مناورات تدريبية، خلال أقلّ من شهر، انتهت آخرها يوم أول من أمس، ليتدرّب فيها ليس على تنفيذ هجمات استباقية خاطفة، وإنما للتدرّب على صدّ هجوم واسع يقوم به الجيش السوري والقوات الحليفة، يهدف إلى تحرير الجولان السوري والجليل الفلسطيني، وذلك ليلة رأس السنة العبرية الموافقة يوم الأحد 9/9/2019.
سادساً: ومن نافل القول طبعاً إنّ هذا التحوّل الاستراتيجي في موازين القوى الميدانية، في مسرح العمليات المشار إليه اعلاه، لا يمكن تعديله لا من خلال التمركز البحري والجوي الأميركي في المتوسط وقواعده في مشيخات الرجعية العربية ولا حتى عبر قواعد حلف شمال الأطلسي في جنوب أوروبا، وذلك لأنّ إنجازات قوات حلف المقاومة على أرض المعركة سوف تكون أسرع بكثير من تحرك القوات التي ستهبّ لمنع سقوط «القلعة» أي قاعدة الاستعمار الأوروبي/ الأميركي في فلسطين المحتلة والمسماة «إسرائيل»!
أيّ أنّ هزيمتهم تساوي تماماً حجم استثماراتهم الضخمة في العدوان على سورية وبقية أطراف حلف المقاومة. لذا فلا ينبغي أن يستغربنّ أحد حجم القنوط الذي يعيشه المستوطنون الصهاينة وجيشهم ولا أن يستغرب حجم التفاؤل والانتصار الذي يعيشه ليس فقط جمهور حلف المقاومة، وإنما كلّ من لديه حدّ أدنى من المشاعر الوطنية في العالمين العربي والإسلامي .
وتأكيداً على حالة الرعب والخيبة التي يعيشها العدو، لا بدّ من الإشارة الى ما قامت به قيادة الجيش «الإسرائيلي» خلال شهر واحد بتنفيذ ثلاث مناورات عسكرية كبيرة، على الحدود مع الجولان المحتلّ وإصبع الجليل الفلسطيني في شهر آب 2018، وذلك في محاكاة لعملية صدّ هجوم شامل ينفذه الجيش السوري وحلفاؤه على طول الجبهة السورية اللبنانية، مع الجولان السوري المحتلّ ومع فلسطين المحتلة، حيث تتوقع قيادة الجيش «الإسرائيلي» حصول هذا الهجوم ليلة رأس السنة العبرية التي تبدأ ليلة الأحد 9/9/2019. وقد أشرف على تنفيذ هذه المناورات، التي انتهت يوم 5/9/2018، كلٌّ من وزير الحرب الإسرائيلي ورئيس أركان الجيش شخصياً، وهو ما يعكس حالة الخوف وانعدام الثقة بالنفس التي يعيشها الكيان الإسرائيلي، الذي يحاول تغطية هذا الوضع من خلال حملة إعلامية وضجيج طائرات حربية، لم تعد قادرة على أكثر من تنفيذ عمليات ألعاب نارية هنا وهناك، لا قيمة لها على الإطلاق من الناحية العسكرية.
فلو أنّ قادة هذا الكيان يصدّقون الأكاذيب التي يقومون بضخها في وسائل إعلامهم، حول قيامهم بشنّ أكثر من مئتي غارة جوية داخل الأراضي السورية، وقصفهم سلسلة أهداف عسكرية هامة، خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية، فلماذا تعاظمت قوة الجيش السوري وحلفائه وجعلت الجيش الإسرائيلي مجبراً على مواصلة التدرّب على صدّ هجوم لقوات محور المقاومة على طول الجبهتين السورية واللبنانية!؟
إنّ هذه الحقائق لا تؤكد سوى المؤكد، ألا وهو أنّ ما يسيطر على القيادة «الإسرائيلية»، السياسية والأمنية والعسكرية، هو جوّ الهزيمة والخيبة وليس جوّ الانتصار، كما يحاول المهرّج نتن ياهو أن يصوّر ذلك، من خلال تركيزه على خطوات التطبيع التي تنفذها مشيخات الخليج مع كيانه، والتي كان آخرها رفع علم «إسرائيل» في أبو ظبي، عاصمة مشيخة محمد بن زايد، استعداداً لمباريات رياضية ستعقد هناك خلال الأيام المقبلة!
إنّ الميدان هو الميزان وليست علاقتك مع إبن سلمان أو إبن زايد هي الميزان. وأنت تعرف ذلك بالدليل الملموس وليس من خلال الخطاب الغوغائي الذي تتقن استخدامه.
إذ إنّ الجهات «الإسرائيلية» المختصة قد سجلت، وللسنة الثانية على التوالي، زيادة في عدد الذين يهاجرون من «إسرائيل» على عدد أولئك الذين يهاجرون إليها. الأمر الذي يدلل على فقدان المستوطنين الثقة بهذا الكيان وبمستقبله ويجعل قادته يعيشون حالة القلق والتخبّط والإرباك التي لم تعد تخفى على أحد .
نقطة أول السطر .
بعدنا طيّبين، قولوا الله.