تركيا تشتري الوقت… وهي أمام استحقاق ما بعد قمة طهران

د. أحمد مرعي

عقدت القمة الثلاثية بين الدول الضامنة لاتفاق أستانة، وهي روسيا وإيران وتركيا. لا مشكلة في مقاربة الوضع في إدلب بين إيران وروسيا وما هو المطلوب منهما، فهما دولتان حليفتان لسورية واستعادة إدلب بالنسبة لهما أمر ضروري لاستكمال وإعلان الانتصار العسكري الذي حققاه بعد أن استعادت القوات السورية معظم البلدات والمدن.

إذن لا مشكلة بين الدولتين في توصيف ما يجري وما هي الأهداف المطلوبة. المشكلة هي لدى التركي، فهو لا يزال مختلفاً في التوصيف وفي تحديد ما يريد. صحيح أنه لم يكن من المتوقع أن تخرج القمة الثلاثية في طهران بحلّ فوري للأزمة السورية، ولكن كان من المتوقع أن تكون تركيا قد اقتربت في نظرتها لمجريات الأمور في إدلب وفي سورية من نظرة روسيا وإيران، لأسباب كثيرة.

ما نتج عن القمة هو عنوان واضح وصريح هو تأجيل المعركة العسكرية ضدّ المجموعات الإرهابية في إدلب، ولكن لماذا تمّ التأجيل؟ تريد تركيا المزيد من الوقت لاستكمال عملية التفاوض التي بدأتها مع المجموعات المسلحة وتحديداً بعد تشكيل ما يسمّى بالجبهة الوطنية للتحرير. يتذرّع أردوغان بالمدنيين، والأرقام الكبيرة التي تظهرها وسائل الإعلام، ويتخوّف من موجة نزوح كبيرة إتجاه الحدود التركية، ستخلفها الحرب، ولكن حقيقة الأمر أنّ أردوغان يريد أن يحلّ محلّ الدولة السورية تحت عنوان: إذا كانت الدولة السورية تعتمد منذ البداية طريقين أساسيين للتعامل مع الإرهاب، الطريق الأول هو فتح باب التسويات والطريق الثاني هو العمل العسكري ضدّ من لا يلقي السلاح ويريد الاستمرار في مواجهة الدولة السورية، فتركيا تستطيع أن تقوم بهذا الدور. عاملاً على ترسيخ وجوده كقوة تعتبر أنّ مفتاح إدلب بيدها، ولكن هل يستطيع أردوغان القيام بهذا الدور؟ حتماً هذا مطلب لا يمتّ الى المنطق بصلة، لا سيما الشق الأول منه، أيّ طريق المصالحات، لأنّ المصالحات بحاجة لمقدّمات وإجراءات لا يستطيع أيّ أحد القيام بها سوى الدولة السورية، حيث تملك القدرة على إصدار الإعفاءات وتسوية أوضاع المسلحين.

الأمر الآخر الذي يريده أردوغان من التأجيل هو كسب الوقت لإقناع جبهة النصرة بالانتقال من إدلب إلى مناطق قتال الجيش التركي لحزب PKK، أيّ أن أردوغان يريد إعادة استخدام هؤلاء الإرهابيين في معركته ضدّ الأكراد، وفي حال لم تفضِ هذه المفاوضات إلى نتيجة يقدّم ما يسمّى بالجبهة الوطنية للتحرير كقوة عسكرية قادرة على ضرب النصرة، وبالتالي لا حاجة لمعركة عسكرية. وهذا أمر ترفضه الدولة السورية التي تعتبر كلّ من يحمل السلاح خارج منظومة الجيش والقوات المسلحة هو إرهابي وهدف للجيش السوري. وهي من ستحرّر أرضها من الإرهاب ومن داعميه.

كما تحاول تركيا شراء الوقت لترى ما الخطوات الأميركية المقبلة اتجاه إدلب ومستقبل علاقتها مع أميركا.

لا شك أنّ تركيا كانت خلال الفترة الأخيرة تحت الاختبار وهي اليوم أمام استحاق، وأثبتت قمة طهران أنها لا تزال ضمن المربع الأول ولم تبدّل موقفها من الدولة السورية، لكن أردوغان سيصطدم في المرحلة المقبلة بوقائع الأمور وسيلعب الدور الإيجابي الذي تأخر عن القيام به.

نائب في البرلمان السوري

اترك تعليقاً

Back to top button