نصرالله… لا تراجع في الملف الحكومي وتمسك بمطالب الحلفاء
روزانا رمّال
لم يكن خطاب أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله منتظراً من قبل جزء من اللبنانيين بالدرجة التي أتى عليها من الصراحة المطلقة تجاه رؤيته من تشكيل الحكومة اللبنانية والتأخر فيها ولا منتظراً لجهة التحدي المتضمن سلفاً بكلامه لكل من تشتبه عليه الأمور لجهة الرهان على موقف جديد من حزب الله باتجاه التشكيلة وتفاصيلها.
وفي هذا الإطار كشف مصدر متابع لخطاب أمين عام حزب الله امس، ضمن إحياء ليلة العاشر من محرم ان نصرالله عمد إلى ارسال ما يضع النقاط على الحروف ويوضح بما لا يحمل أدنى شك أن ثبات موقف الحزب من حجم حلفائه وتمثيلهم بالحكومة كجزء يترجم النتيجة الأخيرة للانتخابات النيابية غير قابل للتفريط ولا للحساب. والأهم أنه لا يخضع للضغوط أياً كانت. وأضاف كلام نصرالله لجهة تذكير المعنيين المحليين بأن حزبه جزء لا يتجزأ من صناعة انتصارات المحور، بل بوابته ما يعني أن الانتصار السياسي المحقق لهذا المحور لن يكون معرضاً للابتزاز لجهة طول المدة وما شابه من عملية إطالة أمد التشكيل. ختم المصدر «الأكيد أن حزب الله مستعدّ أن ينتظر اسبوع او اسابيع او أشهر أو حتى سنوات»، كما قال نصرالله في معرض توصيفه للوضع معتبراً أن «شيئاً لا يلوح بالأفق والمشهد ضبابي. وبكلامه هذا قطع الطريق على الرهانات التي من المفترض أن تشكل منفذاً لقلب المعادلة المحلية تماشياً مع أي تطور إقليمي منشود سعودياً يمكن من خلاله تقوية نفوذها في لبنان حكومياً بعد خسارتها ذلك مع حلفائها نيابياً».
كلام نصرالله المرفق بإيحاءات «الانتظار» ليس إلا إعلاناً عاماً وواضحاً ان حزب الله «المنتصر» لن يسلم البلد لـ«المهزومين» إقليمياً ولن تكون هناك حكومة يظهر فيها حلفاؤه من موقع الضعف ضمن دائرة الابتزاز الواقعة فيه دوامة الحركة السياسية المحلية ومن ضمنها انفجار معيشي ضخم يؤدي الى فورة شعبية لا يمكن كبحها بدون حلول واضحة.
لكن الأهم هو ما يُعاد الى الواجهة وسط ثبات موقف الحزب وهو مرحلة انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتمسكه بترشيحه واتهامه بتعطيل البلد لمدة سنتين. فكيف بالحال في ما يتعلق بتشكيل حكومة تعتبر حكومة التحول السياسي في لبنان تؤسس لنهاية الهيمنة الأميركية الخليجية عليها لصالح حكومة جامعة تحفظ لحلفاء الحزب موقعهم كمنتصر نيابي لطالما طال انتظاره؟ وهذه الصراحة التي تحدث فيها نصرالله عن ضبابية المشهد ما هي الا تمسك بنتائج عريضة على مستوى المنطقة والحكومة اللبنانية هي جزء لا يتجزأ من صورة الانتصار الكبير الذي تتوجّه نحوه القوى التي تحدث عنها نصرالله وقد كرّر عبارات حلف المنتصرين والانتصارات وما الى هناك تذكيراً بموقع حلفائه السياسي.
في كل الأحوال وصلت رسالة حزب الله المباشرة الى المعنيين في تشكيل الحكومة. وهم الذين يوصفون بمن تتوقف ولادة الحكومة عند تأمين مطالبهم القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي ومن ورائهما من امتدادات وحسابات. وعلى هذا صار لزاماً التعاطي مع الخيارات على أنها مسدودة من جهة حزب الله، لأن الانطلاق من مسألة الانتصار الإقليمي هي تأكيد على عدم السماح هذه المرة للتفريط بحصص ضمن التسوية المعهودة في لبنان وأطر الاجتهادات كحكومة وحدة وطنية تنقذ المشهد.
معيار التوزير أياً كان سيُعطي لحزب الله وحلفائه قدرة التحكم بالحكومة وإلا فهي لن تولد طالما أن الانتظار سيد المشهد بالنسبة لنصرالله وكأنه يقول هذا ما عندنا… ننتظر ما عندكم من طروحات وهي طبعاً بمعناها الأدق «تنازلات». فهل يفاوض المنتصر على تخفيف تمثيله؟
الانتظار ايضاً يعني ان الرهان من قبل خصوم الحزب لا يزال مفتوحاً، خصوصاً أولئك الذين لا يعترفون بهذا الانتصار المقصود. وهم مستعدون للدخول في أي مشروع يقدر له النجاح في تغيير المعادلة. وإذا سلم اللبنانيون جدلاً بأن ما يحذر منه نصرالله ممكن بالنسبة لطول وقت التأليف فإن الرهان على المحكمة الدولية ونتيجتها النهائية في شهر شباط سيتقدّم أكثر، طالما ان هناك سوابق أخذت الرئيس تمام سلام نحو 9 أشهر من تصريف الاعمال وعندها تعود التحذيرات من مخاطر اندلاع اي اشتباك سريع في البلاد إذا أعلنت المحكمة اتهام حزب الله. الأمر الذي حذر منه نصرالله في خطاب سابق محذراً القوى المراهنة على نتائج المحكمة والتي ترهن معها لبنان بانتظار الاستفادة من نتائجها التصيعيدية بـ»أن لا تلعبوا بالنار!».
تمسك حزب الله بموقفه الذي يستتبع معه تمسك حلفائه بعدم التنازل في موضوع الحصص الوزارية هو في كل الاحوال تمسك محور بأكمله باحتساب أوراق القوة الجديدة. وهي أوراق تفاوضية كبرى تأخذ المحور الذي يعتبر حزب الله فيه بوابة انتصاراته، كما وصفه نصرالله نحو ترجمة مباشرة لترسيخ قوته الإقليمية.