العراق: البرزاني والعبادي خاسران وفوز برهم صالح وعادل عبد المهدي بالرئاستين حراك حكومي لبناني بتراجع قواتي بعد التحوّلات العراقية… و«الاقتصاد» تواجه «المولدات»
كتب المحرّر السياسي
مع بلوغ الهذيان الإسرائيلي تحت ضربات الردع العسكري والدبلوماسي اللبنانيين، حدّ تحدث وزير الحرب في كيان الاحتلال عن منشآت نووية في لبنان سيتم الكشف عنها لاحقاً، كانت الضربات تتوالى على رأس قادة الكيان، مع الإعلان الروسي عن إنجاز تسليم شبكة صواريخ الـ«أس 300» لسورية، بينما قال الأميركيون في بيان صادر باسم التحالف الذي يقودونه في سورية، إن الخطوة الروسية لا تؤثر على عمل التحالف ضد تنظيم داعش، بعدما كانوا رفعوا سقوف الآمال الإسرائيلية قبل أيام بوصف الخطوة الروسية بالتصعيد الخطير.
ربما تكون الخسارة العراقية هي الأهم بالنسبة لواشنطن وحلفائها، بعد رهانات امتدت شهوراً وكلفت مليارات الدولارات، لتشكيل تحالف انتخابي وسياسي يحاصر الحشد الشعبي والعلاقة مع إيران، على إيقاع أحداث صاخبة في محافظة البصرة، ولكن النتائج جاءت مخيّبة لكل هذه الرهانات. فقد حُسمت هوية العراق السياسية بعد فوز رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي ورئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الحكومة عادل عبد المهدي بالمناصب الرئاسية الثلاثة عكس ما كانت المشيئة الأميركية السعودية، بترجيح كفّة مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين الذي يترأسه مسعود البرزاني برئاسة الجمهورية، وفوز رئيس الحكومة حيدر العبادي بولاية ثانية لرئاسة الحكومة. ومعلوم أن البرزاني يدفع ثمن مشروعه الانفصالي عن العراق، بينما يحصد برهم صالح ثمار ما زرعه في حسم النهاية الدرامية للانفصال، ويحصد العبادي بالمقابل الخيبة بتخلي التيار الصدري عنه، ومشاركته في تسمية عبد المهدي، بعدما أدّت أحداث البصرة نتائج معكوسة للمرتجى منها، فتكفّلت بشطب اسم العبادي من لائحة المرشحين المقبولين من قبل المرجعية في النجف. بينما جاءت مواقفه السلبية من الحشد الشعبي ومواقفه الإيجابية من العقوبات الأميركية ضد إيران لتتكفل بوضعه خارج السابق الرئاسي نهائياً. وكان لافتاً ما نشره أحد النواب العراقيين في تغريدته، حول تصويت أغلبية النواب السنة للمرشح الكردي الشيعي فؤاد حسين، فيما صوّتت أغلبية النواب الشيعة للمرشح الكردي السني برهم صالح، كدلالة على نجاح العراق بخلط الأوراق الطائفية لحساب الخيارات السياسية.
التحوّل الكبير في العراق، رافقه تأقلم أميركي بارد، يشبه التأقلم الأميركي مع نشر شبكة الـ«أس 300» في سورية، ما فتح الباب على قراءة العديد من المصادر المعنية لدنوّ ساعة الإفراج عن الحكومة اللبنانية، التي تؤخرها حسابات داخلية متشابكة ومعقدة، كما كان الحال في العراق، لكنها تتغذّى من قرار أميركي سعودي بتوظيف التعطيل كورقة ضغط بوجه محور المقاومة ضمن لعبة التجاذبات الكبرى التي تتجه عناوينها للحسم في سورية، حيث يتأقلم الجميع مع معادلات جديدة بالتدريج وتبقى «إسرائيل» وحدها على خط المشاغبة التي لا تملك ما يكفي من الأوراق للعبث أو الهوامش للمناورة فتستعيض عنه وتستعين على عجزها بكثرة الكلام الذي يضاهي الهذيان. ويشكل العراق في القراءة السياسية الإشارة إلى أن عناصر التعطيل الخارجية في طريق الزوال، فيما تشكّل الحركة الخليجية نحو سورية التي عبّر عنها وزير خارجية البحرين، إشارة لبدايات تأقلم سعودي بعيداً عن المشاغبة الإسرائيلية.
المعلومات التي تحدّثت أمس، عن بداية جديدة في مقاربة القوات اللبنانية نحو قبول الصيغة التي يعتقد الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أنها تلقى قبولاً من رئيس الجمهورية، وقد عرضها على رئيس القوات قبل أيام قليلة، وتتضمّن أربعة مقاعد بحقيبتين، ونائب رئيس حكومة ووزير دولة، تفتح الطريق على حلحلة تبدو ممكنة واقعياً في العقدتين السنية والدرزية، مع إشارات أطلقها النائب السابق وليد جنبلاط حول الاستعداد للتداول في مخارج عندما يجري الحديث معه بشكل مباشر بصيغ واضحة، ملمحاً إلى اهتمامه بنوعية الحقيبة الرئيسية للوزير الذي يسمّيه أكثر من تمسكه بحصرية الحصول على المقاعد الدرزية الثلاثة، وعندها لا مشكلة بوزير دولة درزي وحقيبة عادية لوزير غير درزي، بينما قالت مصادر مطلعة على تفاهمات رئيسَي الجمهورية والحكومة إنّهما حسما سابقاً تبادل مقعدين سني وماروني، يسمّي بموجبه الرئيس الحريري مستشاره غطاس خوري وزيراً، ويسمّي رئيس الجمهورية أحد النوّاب السنة من خارج تيار المستقبل وزيراً ضمن حصته.
المستقبل: مواقف باسيل تُسبب عزلة لبنان..
فيما استمرّت حالة المراوحة على خط تأليف الحكومة مع تلكؤ مقصود من المعنيين بالتأليف من القيام بأي حركة تشاورية جدية لاستيلاد الحكومة، بقيت التهديدات الإسرائيلية ونتائج جولة وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل والوفد الدبلوماسي في واجهة الاهتمامات، أما اللافت فهو الصمت المريب لثلاثي القوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل على مدى أيام تجاه الحرب الدبلوماسية والإعلامية والسياسية التي يشنها رئيس حكومة العدو على لبنان، فيما يسارعون الى تقديم أوراق اعتمادهم للخارج الأميركي والإسرائيلي والسعودي وكيل التصاريح والخطابات النارية في وقت قياسي للردّ على كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أو غيره من المسؤولين في المقاومة، إضافة الى التعرض للرئيس السوري بشار الأسد والدولة الإيرانية معرضين مصالح لبنان للخطر، غير أنّ المستقبل الذي أُصيب بإحراج شديد خلال الأيام القليلة الماضية سارع الى استلحاق نفسه وتضمين بيان كتلة المستقبل فقرة أدان خلالها التهديدات الإسرائيلية، لكنه زاد الغموض غموضاً والالتباس التباساً، فبدل أن يثني على مبادرة الوزير باسيل غمز من قناة وزير الخارجية من خلال إشارة البيان الى «سلبيات الخوض بإطلاق ردود الفعل الشعبوية الّتي تساهم عن قصد أو غير قصد، في عزلة لبنان عن التخاطب المسؤول مع المجتمع الدولي»، وطالبت «الكتلة المجتمع الدولي وكلّ الأصدقاء في العالم، الوقوف على الأهداف الحقيقية لتلك التهديدات، والمحاولات الّتي ترمي إلى ربط مصير لبنان بالنزاعات القائمة في المنطقة». إلا أن ما يثير التساؤل في البيان الذي أشار الى نأي لبنان بنفسه: هل يستطيع ذلك إزاء أي عدوان إسرائيلي على لبنان؟
وقالت مصادر سياسية لـ»البناء» إنّ خطوة باسيل أظهرت أن الضاحية الجنوبية ليست معزولة عن لبنان وليست محرمة أو مقفلة أمام الدولة ومؤسساتها الأمنية والعسكرية»، مشيرة الى أن «الجولة الدبلوماسية على المواقع التي ذكرتها «إسرائيل» لم تكن بطلب من حزب الله، بل من وزير الخارجية كممثل للسياسة الخارجية للدولة اللبنانية وبموافقة من رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي»، بينما أبدت المصادر استغرابها لصمت رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، متسائلة: هل باتت مصالحه الخاصة ومصلحة المحور الذي ينحاز اليه أهم من مصلحة لبنان وأمنه القومي؟
في المقابل أسف تكتل «لبنان القوي» لبعض الأصوات الشاذة التي انطلقت في الداخل اللبناني، وأشار النائب الياس بو صعب بعد اجتماع التكتل الأسبوعي برئاسة باسيل أن «مواقف البعض ممن سخف العمل الدبلوماسي للدفاع عن لبنان ويبرر للإسرائيليين ولأدرعي وغيره الكلام الذي قاله. هذه رسالة لكل اللبنانيين، اذا كان هناك من خلافات سياسية بين الأفرقاء تستطيعون ان تحكموا من خلال موقف الفريق الآخر عندما تكون هناك مصلحة تتعلق بلبنان وباللبنانيين»، ودعا هذه «الأصوات الشاذة، ان تقف مع الفريق اللبناني ومع الدبلوماسية اللبنانية صفاً واحداً للدفاع عن المصالح اللبنانية». وبينما أشاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري بخطوة باسيل محذراً ما تخفيه التهديدات الإسرائيلية، استنكرت لجنة الشؤون الخارجية في المجلس النيابي ادعاءات نتنياهو وأثنت على خطوة باسيل في جمع السلك الدبلوماسي وزيارة الأماكن التي ادّعى رئيس حكومة العدو وجود صواريخ فيها.
وقرّرت اللجنة التي يرأسها عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر خلال اجتماعها أمس، القيام بزيارة الجنوب لتفقد قيادة الجيش اللبناني ولزيارة اليونيفيل والإعراب عن تمسك اللجنة بوجودها في جنوب لبنان لحماية لبنان لأن العدوان الإسرائيلي كان دائماً غداراً».
وفي سياق ذلك، أبلغ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وزيرة خارجية النمسا كارين كنسيل التي زارته في بعبدا أن «ادّعاءات نتنياهو لا اساس لها من الصحة، لكنها تخفي تهديداً إسرائيلياً جديداً للسيادة اللبنانية واستهدافاً لمطارنا الدولي». ودعا النمسا ودول العالم الى التنبه لما تخطط له «إسرائيل» تجاه لبنان لا سيما انها تواصل انتهاكاتها للقرارات الدولية ولا سيما منها القرار 1701. ولفت الى انّ لبنان سيواجه ايّ اعتداء إسرائيلي ضدّ سيادته. وأطلع الرئيس عون الوزيرة كنسيل التي تعنى أيضاً بشؤون أوروبا والاندماج، على موقف لبنان الداعم لعودة النازحين السوريين الى المناطق السورية الآمنة، عارضاً للتداعيات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي نتجت من تدفق النازحين السوريين الى لبنان منذ العام 2011.
وبدورها دعت الوزيرة النمساوية الى اعتماد حلول تدريجية للأزمة السورية تساعد على إنهاء معاناة النازحين وتحدّ من تداعياتها على لبنان. وجددت تأييد النمسا لسيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه داعية الى احترام تنفيذ قرار مجلس الأمن الرقم 1701، وتعزيز العلاقات اللبنانية – النمساوية وتطويرها في المجالات كافة.
«القومي» ينوّه بمواقف باسيل
وكان البارز أمس الزيارة التي قام بها رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف على رأس وفد من قيادة الحزب إلى رئيس التيار الوطني الحر وزير الخارجية جبران باسيل في مقرّ التيار في سنتر ميرنا الشالوحي.
وقد نوّه الناشف خلال اللقاء بالمواقف الوطنية الصلبة التي يتخذها الوزير باسيل في مواجهة تهديدات العدو «الإسرائيلي»، لا سيما خطوته الدبلوماسية المميّزة التي أدّت إلى كشف أكاذيب رئيس وزراء العدو أمام العالم أجمع.
بيت الوسط خالٍ من الزوار
على صعيد تأليف الحكومة، لم يسجّل يوم أمس، أيّ لقاء باستثناء اتصال هاتفي، كما تردّد أجراه الرئيس سعد الحريري بالرئيس عون مهنّئأ بسلامة العودة من نيويورك، ومستعرضاً الأوضاع العامة ولقاءات الرئيس عون في الأمم المتحدة. إلا أنّ بيت الوسط خلا من الزوار الحكوميين وحركة المشاورات وحلّ المعنيون بالشأن المالي والاقتصادي، ولم تبرّئ كتلة المستقبل خلال اجتماعها في بيت الوسط أمس برئاسة الحريري، أياً من القوى السياسية في عرقلة تأليف الحكومة. وقد أشارت للمرة الأولى الى القوات اللبنانية، حيث انتقدت الكتلة «العودة إلى سياسة رفع سقوف المطالب الوزارية وطرح معادلات جديدة لتأليف الحكومة، واعتبار التشكيلة الحكومية صندوق هدايا، نهدي منه من نشاء ونحجب الهدايا عمّن نشاء، يعكس وجود إرادات لا تستعجل تأليف الحكومة، وإغراق البلاد في تجربة جديدة من تجارب تعطيل المؤسسات وتعليق العمل بالموجبات الدستورية». أهابت مجدّداً بالقوى السياسية «تسهيل مهمّة رئيس الحكومة المكلف للخروج من حلقة المعايير والمعايير المضادة، والتزام حدود المصلحة العامة والتنازلات المتبادلة التي توجبها التحديات الداخلية والخارجية».
المواجهة مستمرة بين «الاقتصاد» وأصحاب المولدات
في سياق آخر جدّد وزير الاقتصاد والتجارة رائد خوري التأكيد على «أنّ صاحب المولد ملزم بتنفيذ قرار الوزارة ولا يمكن أن يتهرّب».
وفي اجتماع عقده لمراقبي مديرية حماية المستهلك أعطى خوري المراقبين التوجيهات والتعليمات الواجب اعتمادها في عملية مراقبة أصحاب المولدات الكهربائية في المناطق اللبنانية كافة.
وقال لهم: إنّ كلّ واحد منكم هو الدولة اللبنانية، وهو وزير الاقتصاد. وكلّ واحد منكم هو الشرعية اللبنانية. لا تتردّدوا ولا تحملوا همّاً، نحن كلنا في الدولة اللبنانية وراءكم.