المعلم: سندخل إلى إدلب… وبعدها شرق الفرات… ونفضل التفاهمات الحريري يعترف بأرسلان شريكاً حكومياً… والناشف من بعبدا لتمثيل القومي
كتب المحرّر السياسيّ
تراجعت السعودية عن تهديداتها بقلب الطاولة بوجه واشنطن قبل أن يجفّ حبر الكلام، وربما يكون الملك سلمان قد اعتذر عن هفوة ولده ولي العهد بما أملاه على تركي الدخيل، بعدما صارت بيد المخابرات الأميركية والتركية مضبطة اتهام جاهزة للسعودية بقتل جمال الخاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، بينما فتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب باب التسوية عبر عرض قدّمه للملك السعودي عبر الإعلام مضمونه اعتراف سعودي بقتل الخاشقجي دون قرار ملكي صادر عن الملك وولي العهد، والبحث عن كبش فداء تلقى عليه المسؤولية، بقوله يمكن أن يكون الخاشقجي قد قُتل على أيدي أشرار غير منضبطين.
مقابل المكر والغموض والصفقات والتخاذل، بدت سورية عنواناً للوضوح والشجاعة والإنجاز والثبات، فبالتزامن مع فتح معبري نصيب والقنيطرة، بما يمثلان من إعلان أردني وإسرائيلي بإغلاق منافذ إمداد السلاح والمال لتخريب سورية، والاعتراف بنصر دولتها ورئيسها وجيشها، والتأقلم مع سقوط المشاريع التي ارتبطت بها حكومات كثيرة في المنطقة ودول كبرى في العالم، خرج وزير الخارجية السورية وليد المعلم ليرسم معادلة مستقبل سورية، في مؤتمر صحافي مشترك مع وزير الخارجية العراقية إبراهيم الجعفري، لم يغب عنه الإعلان عن قرب فتح المعابر بين البلدين، فيقول إن لا مراوحة في مصير إدلب، وإن رفض جبهة النصرة للانسحاب يطرح البدائل التي تملكها الدولة السورية لأن القرار الذي لا رجعة عنه هو وحدة وسيادة سورية مهما كانت التبعات والكلفة. فذلك هو طلب الشعب السوري والدولة عازمة على تلبية إرادة شعبها، ورغم تفضيلها للتفاهمات كطريق يحقن الدماء، فهي لن تتوانى عن اعتماد الخيارات الأخرى إذا تعذّرت التفاهمات، قائلاً، وبعد إدلب شرق الفرات.
لبنانياً، ظهر النائب طلال إرسلان للمرة الأولى منذ البحث بتشكيل الحكومة زائراً لبيت الوسط، بدعوة من الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، وبدت الزيارة مؤشراً لسلوك الحريري طريقاً جدياً لتذليل العقدة الأصعب التي يمثلها المقعد الدرزي الثالث في الحكومة، قبل التوجه إلى قصر بعبدا، ما تعني مواصلته الحركة النشطة التي بدأها في بيت الوسط لبلوغ تشكيلة شبه مكتملة ضمن ما تفاهم عليه مع رئيس الجمهورية ميشال عون، لتظهير الحكومة الجديدة في موعد ترجّح مصادر مطلعة على تفاصيل التفاوض أن يكون أقرب مدى له اليوم الثلاثاء وأبعد مدى هو يوم الجمعة المقبلة، حيث يتزامن ذلك مع العودة المرتقبة لرئيس مجلس النواب نبيه بري واستئناف نشاطه في بيروت يوم الخميس المقبل. وتقول المصادر إن الجهود منصبّة على حسم التمثيل الدرزي بالتراضي، بين جنبلاط وأرسلان اللذين قد يلتقيان بحضور عون أو الحريري أو كليهما قبيل الإعلان عن التشكيلة الحكومية، وربما صبيحة يوم الجمعة في بعبدا، وقد صرّح أرسلان على باب بيت الوسط أنه جاهز للقاء جنبلاط برعاية عون أو الحريري، ومن بعد الحلحلة الدرزية تتمحور حلحلة العقدة المسيحية على الحقائب وليس على التمثيل، سواء ما يخصّ تيار المردة أو ما يخص القوات اللبنانية. وفي هذا السياق قالت المصادر إن مطالبة كل من القوات والتيار الوطني الحر بحقيبة الطاقة مقابل مطالبة كل من التيار الوطني الحر وتيار المردة بحقيبة الأشغال، طرح حلاً يقضي بتجزئة الوزارتين الضخمتين، فحديث التيار الوطني الحر عن اهتمامه بوزارة الأشغال لوضع خطط للنقل لا يتناقض مع تطلع المردة للوزارة من أجل الخدمات. وهذا يتحقق بتجزئة الوزارة إلى وزارتي الأشغال للمردة والنقل للتيار الوطني الحر، وكذلك الأمر بالنسبة لوزارة الطاقة التي تتحدّث عنها القوات اللبنانية فربما تصير وزارتين واحدة للموراد المائية والكهربائية تتولاها القوات وأخرى للنفط والغاز يتولاها التيار الوطني الحر.
يبدو أن مفاوضات تأليف الحكومة دخلت المربع الأخير مع حراك المعنيين على أكثر من خطّ من أجل تذليل العقد التي باتت محصورة بتوزيع بعض الحقائب لا سيما أن التباين حول الحقائب بات محصوراً بوزارات الأشغال والتربية والعدل. وفي هذا السياق تشير معلومات «البناء» الى ان لا وقت محدداً لولادة الحكومة، ومن الخطأ تحديد التوقيت، لا سيما ان المعني الاول بالتأليف هو الرئيس المكلف، وقد لجأ الى تعديل موعد ولادة الحكومة أكثر من مرة عطفاً على مواقف كانت تعيد الأمور الى نقطة الصفر.
وتشير المصادر الى ان لقاء رئيس الجمهورية بالرئيس المكلف لم يحدَّد موعده بعد، على عكس ما أشيع، علماً ان قناة الـ «اوتي في» كانت قد ذكرت أمس، أن الاجتماع سيُعقد خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة. وتلفت المصادر الى لقاءات عدة تعقد بعيداً عن الاعلام تلحظ ضرورة التعجيل في التشكيل. وفي هذا السياق أشارت وكالة «المركزية» الى ان وزير الخارجية جبران باسيل التقى السيد حسن نصرالله على مدى ثلاث ساعات، إثر عودته من أرمينيا ونقل اليه مضمون الاجتماع مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حين ان السيد نصر الله أكد أن الوقت حان لتشكيل الحكومة سريعاً ووضع حد للفراغ الذي بات يتهدد مصير الوطن في ظل التطورات المحلية والإقليمية. وكان تأكيد من الجانبين على استمرار التواصل والتنسيق في المرحلة المقبلة.
وأشار رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف من بعبدا الى أن للحزب القومي الحق في التمثيل في الحكومة الجديدة، «لأنه الحزب العلماني الوحيد الذي يطالب باعتماد القوانين المدنية، والحزب اللاطائفي الوحيد على الساحة السياسية اللبنانية».
وفي إطار الحراك الحكومي، شهد بيت الوسط مساء أمس، حركة بارزة تمثلت باستقبال الرئيس المكلف الوزير طلال ارسلان والوزير ملحم الرياشي كلاً على حدة. وقال الرياشي بعد اللقاء إنّ «الأمور تتجه في اتجاهات إيجابية، وخلال أيام أو أكثر بقليل، انشالله أن نشهد ولادة الحكومة»، لافتًا إلى أنّ «الحريري متفائل ويعمل على قدم وساق لتحقيق هذه الغاية»، مبيّنًا أنّ «هناك عراقيل ومطبات عديدة، ولكن يمكنه الوصول إلى نتيجة». وأكد ان «القوات ستتمثل بحجمها الطبيعي».
وكان أرسلان تحدث عن التنازلات التي قدمها الحزب الديمقراطي من أجل تسهيل التأليف قائلاً: قبلنا بعدم وجودي الشخصي في الحكومة، كما قبلنا أن نسمّي حزبيين ديموقراطيين في الحكومة، ثمّ قلنا غننا مستعدون أن نسمي اصحاب كفاءة دروز قريبين منّا ولكن من خارج الحزب الديمقراطي اللبناني ولكن لست قادراً على التسهيل أكثر».
واعلن عن حسن نية إضافية عندما اشار الى انه «قال للحريري إنه حاضر لأي لقاء يجمعه برئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط برعايته أو برعاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.» وقال: ان كان الإلغاء تسهيلاً «فليخيطو بغير هالمسلة».
وتعقيبا على ما قاله أرسلان أمس، رجحت مصادر مطلعة لـ»البناء» أن يطلق رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط موقفاً إيجابياً من تأليف الحكومة في الساعات المقبلة.
علماً أن مصادر مطلعة في 8 آذار رأت في حديث لـ»البناء» أن النائب جنبلاط أسوة بحزب القوات قد يقبل بما سيعرض عليه في النهاية، أو ربما سيبقى مستنداً على غرار حزب القوات الى خاصرة إقليمية لم يكن لبنان ضمن أولوياتها، مشيرة الى ان الرئيس الحريري عليه أن يغامر بالاتكاء على ما لديه من ضوء فرنسي والإسراع في التأليف.
وفي إطار الخلافات حول الحصص الوزارية، فإن معلومات «البناء» تشير الى أن حزب القوات يركز في مفاوضاته حول الحقائب الأربع على ضرورة الحصول بالاضافة الى نيابة رئاسة مجلس الوزراء على حقيبة العدل التي لا تزال عالقة في ظل رفض الرئيس عون ان تذهب الى القوات، في حين أن المسودة الحكومية المطروحة أحالت الى حزب القوات الشؤون الاجتماعية والثقافة والتربية التي يطالب بها النائب السابق جنبلاط لحزبه إضافة الى وزارة الزراعة، لا سيما بعدما رفض عرض وزارتي العمل والبيئة. اما على خط وزارة الأشغال فلا تزال الشغل الشاغل للمعنيين على خط تيار المردة والتيار الوطني الحر الذي يريد أن ينتزع هذه الوزارة من تكتل لبنان الحر الموحد لتضاف الى الحقائب الوزارية التي ستسند إليه، علما ان حزب القوات يعتبر بحسب مصادر ان وزارة الأشغال اذا لم تبق مع المردة فيجب ان تذهب الى القوات. وبانتظار ما سيعلنه رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية يوم الخميس المقبل عبر الـMTV، قال النائب طوني فرنجية لـ»الجديد» إن تياره يطالب بالطاقة أو الأشغال وليس مطروحاً تبديل الحقائب مع حزب الله ونحن على تنسيق مع حلفائنا وهم يعرفون أن ما نطالب به حق لنا».
على خط آخر، وبينما أعاد الجانبان السوري والأردني صباح أمس، فتح معبر نصيب الحدودي رسمياً، كان لبنان أول المرحّبين بالخطوة لما لها من انعكسات إيجابية على قطاعاته الإنتاجية. وفي هذا السياق، نوّه رئيس الجمهورية بفتح المعبر قائلاً «يعود بالفائدة على لبنان ويُعيد وصله براً بعمقه العربي ممّا يتيح انتقال الأشخاص والبضائع من لبنان إلى الدول العربية وبالعكس». وأكد أن فتحه سيُنعش مختلف القطاعات الإنتاجية اللبنانية، ويخفّف كلفة تصدير البضائع من لبنان إلى الدول العربية.
استقبل الرئيس عون رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي المحامي حنا الناشف الذي أشار إلى أننا توقفنا خلال لقائنا عند فتح معبر نصيب الذي يساعد في إعادة تصريف الإنتاج اللبناني في مختلف القطاعات بكلفة مقبولة ما يساهم في إنعاش الاقتصاد اللبناني ويخفف من الضائقة التي تعيشها قطاعات الإنتاج في لبنان».
في موازاة ذلك، نقل رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع إبراهيم ترشيشي عن المدير العام للامن العام اللواء عباس إبراهيم تأكيده امكان مباشرة عملية التصدير من لبنان الى الدول العربية عبر معبري نصيب وجابر عند الحدود السورية الأردنية، لا سيما ان الطريق باتت مفتوحة أمام المنتجات اللبنانية وان الوضع بحسب المعلومات عاد الى ما كان عليه قبل الازمة.
في مقابل كل هذه الأجواء الإيجابية، صنف وزير العدل الأميركي 5 جماعات بينها حزب الله على أنها جماعات للجريمة العابرة للحدود.
وقال إنه سيتمّ فرض عقوبات قاسية على حزب الله بسبب زعمه أنه تورط في العديد من الجرائم الإرهابية، على حد قوله.
وبعيداً عن السياسة الاميركية، لعب الرئيس نبيه بري الى جانب عدد من رؤساء البرلمانات العربية والإسلامية وبرلمانيين آخرين، دوراً أساسياً في التصدي لمحاولة المقايضة بين اقتراح يتعلق بحقوق المثليين والاقتراح المتعلق بالأونروا والقضية الفلسطينية المطروح من قبل المجموعتين البرلمانيتين العربية والإسلامية. ورأى في طرح إعطاء المهاجرين حقوقاً سياسية «لغماً آخر ينطوي على مخاطر كثيرة، ومنها محاولة تمرير التوطين». وقال: «إن هاتين المحاولتين تشكلان لغمين اساسيين ينبغي أن نواجههما بقوة. ومثل هذه المحاولات مسألة خطيرة تستدعي أن نكون حاضرين بقوة في جلسات الجمعية العامة للاتحاد البرلماني الدولي».