سنّة 8 آذار والعدل والأشغال عقد التشكيل… و«القومي»: بدوننا لا تكون حكومة وحدة وطنية
كتب المحرّر السياسيّ
لا زالت تداعيات قضية اختفاء جمال الالخاشقجي، ومقتله داخل القنصلية السعودية في اسطمبول الذي صار شبه مسلم به من الجميع، تلاحق الحكم السعودي بالمزيد من الترددات السلبية، حيث سيكون مؤتمر الاستثمار الذي أعدّ له ولي العهد محمد بن سلمان لإطلاق مشروعه الاقتصادي أول الضحايا، بعدما أعلن وزير الخزانة الأميركية ستيفن منوتشين أنّه لن يشارك في المؤتمر الاستثماري في السعودية الأسبوع المقبل، على خلفية اختفاء الصحافي السعودي المعارض جمال الخاشقجي. كما سبق أن ألغى العديد من الوزراء ورؤساء الشركات مشاركتهم في هذا المؤتمر الّذي ينعقد بين الثالث والعشرين والخامس والعشرين من تشرين الأول الحالي في السعودية، بسبب مسألة الخاشقجي المحرجة للرياض، ومن بين الّذين ألغوا مشاركتهم: المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير، وزير التجارة البريطاني ليام فوكس والعديد من رؤساء شركات كبيرة.
التداعيات الأخرى داخل واشنطن تتفاعل إعلامياً بنشر مقالات في كبريات الصحف وتداول معلومات عبر شبكات التلفزة الواسعة الانتشار مفادها، توجيه الاتهام لولي العهد بالمسؤولية عن مقتل الخاشقجي، مستبعدة نجاح مساعي الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو بإبعاد الشبهات عن إبن سلمان تحت شعار البحث عن كبش فداء، ونظرية الأشرار غير المنضبطين، وقد تمّ تداول أسماء الفريق الأمني المحيط بولي العهد وصورهم في القنصلية السعودية في اسطمبول قبل وبعد دخول الخاشقجي إليها كعلامات على حتمية انعكاس القضية على مصير إبن سلمان. وفي هذا السياق نقلت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية عن مصدر دبلوماسي فرنسي تأكيده أن «هيئة البيعة في السعودية تنظر في وضع ولي العهد محمد بن سلمان»، مشيراً إلى أن «هيئة البيعة تنظر منذ أيام وبأعلى درجات الاهتمام والسرية في تعيين ولي لولي العهد».
ورأت الصحيفة أن «تعيين ولي ولي العهد يمهّد لعزل شقيقه الأكبر ولي العهد محمد بن سلمان»، معتبرة أن «الأمير خالد بن سلمان هو المرشح لخلافة محمد بن سلمان الذي قد يغادر منصبه في المدى المتوسط»، لافتة الى أن «محمد بن سلمان خلق لنفسه الكثير من العداوات داخل عائلة آل سعود وفي صفوف الحرس الوطني».
لبنانياً لا تزال موجة التفاؤل بقرب تشكيل الحكومة الجديدة تسيطر على الوسطين السياسي والإعلامي رغم العقد التي لا تزال حاضرة. وتؤكد مصادر رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري أن الثماني والأربعين ساعة المقبلة ستتكفل بحلحلة كل العقد، وقد ظهرت ليلا عقدة تمثيل النواب السنّة خارج تيار المستقبل بعدما بدا أنه تمّ تخطيها، وسط معلومات عن تمسك حزب الله بتمثيلهم، كشرط لقبوله بالتشكيلة الحكومية ومشاركته فيها، بالتوازي مع الحديث عن حلحلة في إسناد وزارة الأشغال لتيار المردة، ومراوحة عقدة وزارة العدل وإمكانية حصول القوات اللبنانية عليها، بينما أعلن الحزب السوري القومي الإجتماعي بلسان عميد الإذاعة معن حمية أن استبعاد الحزب عن الحكومة يشكل أكبر العقد في طريق ولادتها كحكومة وحدة وطنية، لأنها ستكون بلا «القومي» حكومة محاصصة طائفية.
الوزير السابق سليمان فرنجية الذي أكد التمسك بحقيبة الأشغال مشيراً إلى أن حلفاءه لا يتخلون عنه وأنه يثق بهم ثقة مطلقة، خصوصاً إشارته إلى أن علاقته بحزب الله أكثر من ممتازة. وهكذا كانت في زمن الاستحقاق الرئاسي وهكذا هي اليوم وهكذا ستبقى. ودعا فرنجية للإيجابية في العمل السياسي لأن لبنان لا يتحمّل السلبية، مذكراً بأنه قال بعد انتخاب رئيس الجمهورية أن خطنا السياسي قد انتصر وأن رئيس الجمهورية لا يدعونا بل يستدعينا متى شاء، لكنه لم يلقَ إيجابية مقابلة، مشيراً إلى الحديث عن معركة الرئاسة بصورة مبكرة لم يصدر من عنده بل من كلام رئيس الجمهورية عن اعتبار الوزير جبران باسيل متقدماً على الآخرين في المعركة الرئاسية المقبلة، وتناول فرنجية وقائع ترشيحه للرئاسة من قبل فرنسا والرئيس سعد الحريري فقال إنه اشترط لترجمة التفاهم على ترشيحه موافقة العماد عون آنذاك، وأكد للرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند أنه لن ينزل إلى مجلس النواب دون حلفائه لينتخب رئيساً، وأنه تفاهم مع الرئيس سعد الحريري بأنه سيزور سورية بمثل ما يزور الحريري السعودية، وتحدّث فرنجية عن مشروع المصالحة مع القوات اللبنانية، فقال إن المشروع صار على خواتيمه، وهو قريب من الإنجاز كترجمة لمسار بدأ منذ مدة وتعطل بطلب من القوات في مرحلة الانتخابات الرئاسية، نافياً وجود وثيقة مكتوبة بل بيان ختامي علني، معتبراً المصالحة شأناً إيجابياً رغم الخلاف السياسي في الخيارات، فلكل خياراته الإقليمية وأنا لا أساوم على خياراتي ولا على تحالفاتي ولا ثوابتي، وإن تعرّضت خيارات الثامن من آذار إلى الخطر فأنا أول من يحمل السلاح، لكن طالما أن خطنا السياسي في وضع مريح ومستقر فالانفتاح والاستيعاب واجب، رافضاً ربط الأمر بالاستحقاق الرئاسي المقبل من الآن.
أكد عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي معن حمية أنّ لبنان يحتاج إلى حكومة وحدة وطنية قادرة على تحمّل مسؤولياتها على المستويات كافة، وهذا يحتّم اعتماد مقاربات وطنية في عملية التشكيل، تأخذ بعين المصلحة الوطنية من خلال احترام أحقية تمثيل القوى اللاطائفية، وفي طليعتها الحزب السوري القومي الاجتماعي.
ولفت حمية في تصريح أمس، الى أنّ حصر مشاورات التشكيل بالعقد المتداولة يؤدّي إلى حكومة «ائتلاف عقد»، ويضيّع فرصة تشكيل حكومة وحدة وطنية يعوّل عليها اللبنانيون لمعالجة الأزمات وحلّ المشكلات المتفاقمة.
واعتبر أنّ عدم تمثيل الحزب القومي في الحكومة، أكبر من كلّ العقد، لأننا سنكون أمام حكومة محاصصة طائفية ومذهبية، تضع البلد مجدّداً في المربع الخطأ الذي يحول دون الارتقاء بالحياة السياسة نحو تكريس مفهوم الوحدة الوطنية الحقيقية.
وختم حمية قائلاً: نحن لا نريد مقعداً وزارياً من أجل مصالح خصوصية، بل نريده لنكون الصوت المدوّي المعبّر عن إرادة شعبنا في الاتجاه نحو إلغاء الطائفية وإقامة دولة المواطنة وممارسة الحياة المدنية بالتساوي والعدل بما يرسّخ مفهوم المواطنة.
عون: الحكومة قاب قوسين أو أدنى
إلى ذلك، تمكّنت الاتصالات التي بلغت ذروتها يوم أمس، من فكفكة العقد التي كانت تعترض ولادة الحكومة التي باتت قاب قوسين أو أدنى، كما أعلن الرئيس ميشال عون خلال «كزدورة» صباحية في حديقة القصر الجمهوري ، وما يجري حالياً هو تفكيك بعض ألغام الحقائب والمفاوضات لم تنتهِ حتى ليل أمس، وتدور على حقائب ثلاث العدل والأشغال والصحة، على أن تتبلور الصورة النهائية اليوم، أما في بيت الوسط فبات لدى الرئيس المكلف سعد الحريري صيغة نهائية كاملة لتوزيع الحصص على القوى السياسية بعد خمسة أشهر من ممارسة حلفائه سياسة التعطيل، إذ أشارت مصادر بيت الوسط لـ»البناء» الى أن العقد أصبحت وراء الرئيس المكلف وما يجري الآن هو البحث في بعض التفاصيل الصغيرة»، غير أنها كشفت أن الرئيس الحريري يتكتم على الأسماء كي لا «يحرق الطبخة»، لكنه أكد أن الحكومة ستولد خلال أيام، مرجحة أن «يزور الحريري بعبدا اليوم أو غداً لإعلان الحكومة إن انتهى من وضع اللمسات الأخيرة عليها». وأكدت المصادر أن العقدة الدرزية حُلّت وكذلك العقدة المسيحية حيث تمّ الاتفاق مع الحريري على حصة القوات باستثناء العدل كما تم تثبيت التمثيل الأرمني، فيما لن يكون هناك تمثيل للقاء التشاوري، بحسب المصادر». وعلمت «البناء» أن «وزارة الصحة ستبقى مع حزب الله أما الأشغال فأشارت مصادر بعبدا الى أنها حسمت لمصلحة تيار المردة، غير أن رئيس التيار الوزير سليمان فرنجية قال أمس إنه لم يتبلغ رسمياً هذا الأمر، معلناً إصراره على الأشغال وأنه لن يدخل الى الحكومة دونها. أما وزارة العدل فرجّحت المصادر أن تبقى من حصة رئيس الجمهورية في ظل إصرار القوات اللبنانية عليها.
وعبر الحريري عن تفاؤله بولادة الحكومة خلال ما تبقّى من أيام هذا الأسبوع، وأكد خلال دردشة مع الإعلاميين في «بيت الوسط»، أنّ «كلّ الجهات السياسية ستكون مشاركة في الحكومة بمن فيها القوات اللبنانية ». وتوجّه إلى الإعلاميين بالقول: «إذا أردتم مساعدتي فلا تدخلوا في أخبار توزيع الحقائب».
وكان الحريري وفي إطار مشاوراته المفتوحة، التقى في بيت الوسط الوزيرين علي حسن خليل ويوسف فنيانوس وعرض معهما المستجدات المتعلقة بالتشكيل.
وعاد رئيس المجلس النيابي نبيه بري أمس، الى بيروت بعد مشاركته في أعمال مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في جنيف.
وإذ أشارت معلومات الى أن الحريري سيسير بحكومة من دون القوات إذا استمرّت على شروطها، نفت مصادر مستقبلية ذلك مشيرة لـ»البناء» الى أن «الحريري لن يسير بحكومة من دون القوات، لكن المواقف العالية السقف التي أطلقها مسؤولو حزب القوات أمس، أوحت بأنها لم تُمنح ما أرادته من حقائب وأنها ستقبل على مضض ما عُرض عليها لكنها حاولت في مفاوضات الربع الساعة الأخيرة انتزاع الحد الأقصى من المكاسب الوزارية، لكن وفق مصادر لم تعد القوات بموقع وضع شروط على الرئيس المكلف، حيث إن قطار الحكومة قد سلك ولن يعود للوراء ومَن يركبه يدخل الى «جنة الحكومة» ومن يتخلّف عنه فسيبقى خارج الحكومة ولا يمكن للقوات أن تفعل.
وبحسب المصادر فقد عرضت على القوات نيابة رئاسة الحكومة وحقائب الصناعة والثقافة والشؤون الاجتماعية، لكن جعجع أصر على العدل، وقال النائب جورج عدوان: «الحكومة لا بكرا ولا بعد بكرا»، مضيفاً من مجلس النواب «لا نسعى لحصص وحقائب معينة»، واشار الى ان «من يراهن على خلاف القوات والحريري فرهانه في غير مكانه». وتابع «اي حكومة لا تعكس التوازنات في البلد يُكتَب لها الفشل قبل ان تقوم بمهامها وهو أمر يعرفه الحريري». وقال «تلقينا عرضاً من الرئيس المكلف في ما يتعلق بوزارة العدل والحكومة تسير بالاتجاه الصحيح وهي لا تزال تحتاج الى بضعة أيام كي تبصر النور». أما رئيس القوات سمير جعجع فأشار الى أن «غالبية الأفرقاء تريد القوات في الحكومة باستثناء بعض الوجوه الصُّفْر». وأضاف: «يضحك كثيراً مَن يضحك أخيراً».
وقالت أوساط تيار المستقبل لـ»البناء» إن «السبب الاهم الذي دفع باتجاه تأليف الحكومة هو عامل الوقت الذي أرهق الجميع ووضعهم أمام مسؤولياتهم الى جانب أسباب اخرى قد لا تكون داخلية». ووصفت الحكومة بأنها حكومة الامر الواقع، لكنها رأت أن «التوزيع الحكومي كان يمكن أن يتم منذ خمسة أشهر». لكن المصادر حذرت من أن اي ثغرة أو خطأ في المفاوضات قد يعيد الامور الى نقطة الصفر ويؤخر الولادة اياماً عدة». وكشفت أن «وزارتي الداخلية والاتصالات حُسمت للمستقبل الى جانب وزير دولة ربما الوزير غطاس خوري، أما بقية الحقائب التي ستؤول للتيار فإنها تنتظر التوزيع النهائي للحقائب على بقية الاطراف على أن يأخذ المستقبل ما يتبقى منها».
فرنجية: لن نشارك بلا الأشغال أو الطاقة
وأشار رئيس تيار المردة سليمان فرنجية في حوار على قناة أم تي في مع الإعلامي مارسيل غانم الى ان «التفاؤل الحكومي موجود لدى رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ، إلا أنه في الكواليس العقد 80 في المئة هي نفسها، والعقدة الدرزية انحلت، عقدة القوات والمردة ترتفع وتنخفض، والعقدة الأخيرة هي عقدة سنة المعارضة، اضاف «سنة المعارضة يجب أن يتم تمثيلهم، والموضوع بات اليوم أكثر جدية وأساسياً عند فريقنا السياسي، وأشك ان تتشكل حكومة دون سنة 8 آذار». وقال: «لدينا حلفاء لا يتركوننا وبخاصة أن مطالبنا محقة». وأوضح انه تم فتح معركة ضد حقيبة الاشغال، وهناك محاولات تحجيم ومعركة حقيبة الأشغال لم نكن نريدها، وقد تخلّلتها محاولة لتشويه سمعة وزير الأشغال يوسف فنيانوس، واليوم المعركة أصبحت معركة كرامة. اضاف «انا على تنسيق دائم مع أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله». وأكد أن لا «مشكلة لديه مع الرئيس عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، ونحن اليوم لا نعتبر أنفسنا في مواجهة مع الرئيس عون، وفي فترة الانتخابات الرئاسية كانت هناك منافسة اما اليوم هو مَن ربح وانتخب رئيساً وقلت من مجلس النواب عند انتخاب عون إن خطنا ومشروعنا السياسي انتصر».
ولفت الى ان «المصالحة بيني وبين جعجع ستتم على الأرجح في بكركي وبرعاية سيدنا البطريرك، وستتم أول خلوة بيني وبين جعجع»، واشار الى ان الناس في زغرتا تثق بقياداتها وتعرف ماذا لديها ونحن لدينا شهداء ونعمل باللحم الحيّ. أضاف «نحن ذاهبون الى أي لقاء حقيقي ومسيحي وجداني». وشدد على انه رغم الخلاف السياسي بيننا وبين القوات، يجب أن نتفق وأن نتقارب. وأكد أنه لن يكون هناك اتفاق خطي مع القوات، بل سيكون هناك بيان مشترك عن الاجتماع».
إسراء سلطان تعود أدراجها
على صعيد آخر، يبدو أن أزمة الكهرباء ستطرق مجدداً أبواب المواطنين لا سيما في مناطق كسروان ومحيطها، بعد أن عادت باخرة اسراء سلطان أدراجها الى تركيا، وأعلنت شركة «كارباورشيب» في بيان، أنه «بعد تولي باخرة الطاقة «إسراء سلطان» دعم مشروع الطاقة بـ 200 ميغاواط إضافية لصالح الشبكة اللبنانية خلال الصيف، ستستهلك الباخرة ما تبقى من كميات الفيول المخصصة لها وسيتم توقيف إنتاجها للكهرباء غداً بعد الظهر في 19 تشرين الأول 2018. ومن المرجّح أن تستغرق عملية انفصالها عن الشبكة يومين أو ثلاثة كي تبحر بعد ذلك باتجاه المياه التركية، وفقاً لأحوال الطقس والبحر».