نتنياهو يشبه حال الكيان بعشية حرب العام 48 ويدعو للاستعداد للتضحية باسيل يُنهي وساطته بدعوة الحريري لاسترداد الوزير السني ومنحه لـ«التشاوري»

كتب المحرّر السياسيّ

لم يعد ثمة شكوك تحيط بإصرار الرئيس الأميركي على رفض إصدار موقف يتعامل مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كمتهم أول في قضية قتل الخاشقجي وفقاً لخلاصة تحقيقات وكالة المخابرات الأميركية، فقد حسم الرئيس دونالد ترامب أمره لجهة ترك التفاعلات تجري بعيداً عن موقف ينتظر من البيت الأبيض، وربما يُترك لمسارَي التحرّك عبر الكونغرس، والتحرك نحو تحقيق دولي أوروبياً، أن يتفاعلا لأيام غير قليلة، فيما يسعى لترتيب أوراقه الدولية والإقليمية التي بُني أغلبها خلال عامين على مكانة السعودية فيها، اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً، حيث صفقات السلاح والاستثمارات، وحيث الحرب على اليمن، وحيث العقوبات على إيران، وحيث الرهان على قلب الموازين في الصراع العربي الإسرائيلي عبر حلم صفقة القرن. ومقابل كل ذلك الخشية من وقوع السعودية في أحضان خصوم واشنطن، وفي طليعتهم روسيا التي لا تزال تحتفظ بموقف إيجابي تجاه السعودية وترفض الانضمام إلى الأصوات المشككة بالتحقيق السعودي، بما يُلفت انتباه المراقبين ويزرع الريبة والشكوك لدى ترامب، الذي يلتقي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد عشرة أيام في الأرجنتين على هامش قمة العشرين، ضمن تفاهم مسبق على مناقشة العلاقات الثنائية والأوضاع الدولية، والتي سيتصدّرها وفقاً لمصادر دبلوماسية مستقبل الوضع في المنطقة، خصوصاً بعد المتغيرات السعودية، وما يمكن أن يترتب على اللقاء من تفاهمات، وحده سيقرّر طبيعة الخطوة الأميركية اللاحقة.

في المنطقة صعد خطاب الحرب على لسان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، بصورة تراوحت تحليلاتها الإسرائيلية بين الخشية من سقوط الحكومة، وتعرّض نتنياهو للتحقيقات المهينة أمام الشرطة، كما قال محلل الشؤون العسكرية في يديعوت أحرونوت أليكس فيشمان، متوقعاً عملية عسكرية في غزة بعد تعقيدات حركة سلاح الجو الإسرائيلي في سورية، بينما قالت سيما كدمون محللة الشؤون السياسية في الصحيفة نفسها، إن الحديث عن الحرب والتشبيه بحرب العام 48، وليس العام 67، تريد القول إن «إسرائيل» محاطة بالأعداء الجاهزين للحرب، لكنها لا تملك فرصة ضربة خاطفة وحسم سريع وعليها تحمل التضحيات، فيما تساءل بن كيسبت في صحيفة معاريف عما إذا كانت «إسرائيل» ستخرج معافاة من مغامرة نتنياهو التي بدت مقبلة، ورأت مصادر في قوى المقاومة في غزة أن المواجهة إذا وقعت ضمن سيناريو حرب متدحرجة فإن «إسرائيل» على المستويين السياسي والعسكري ستكون على موعد مع مفاجآت، وستدفع ثمناً غالياً، وستفشل في تحقيق أهدافها، مشيرة إلى ان المواجهة البرية ستكون عالية الكلفة على جيش الاحتلال، وحرب الصواريخ ستهدّد العمق الاستراتيجي للكيان، مؤكدة أن قوى المقاومة في المنطقة لن تتفرّج إذا بلغت الحرب مراحل تهدّد بتغيير قواعد الردع والاشتباك.

لبنانياً، سقطت مبادرة وزير الخارجية جبران باسيل بإعادة الوزير السني الذي كان رئيس الحكومة يرغب بمبادلته بوزير ماروني مع رئيس الجمهورية، ليتم منحه للقاء التشاوري، بعدما أعلنت مصادر رئيس الحكومة أن الصيغة مرفوضة شكلاً ومضموناً، لأن الرئيس الحريري لن يقبل بتوزير اللقاء التشاوري من الأصل، ولن يتنازل عن وزير من حصته، مضيفة أن الحل هو بتمثيل اللقاء بوزير من خارجه يرضى به رئيس الجمهورية ويحتسب من حصته.

بينما تتجه الأنظار في الساعات والأيام المقبلة الى بيت الوسط، لرصدِ ردِّ فعل الرئيس المكلف سعد الحريري حيال حراك وزير الخارجية جبران باسيل، جاء لقاء باسيل باللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين في دارة الوزير عبد الرحيم مراد تتويجاً للمساعي التي يقوم بها رئيس التيار الوطني الحر بتكليف من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، حيث زار باسيل أول امس، الرئيس المكلف سعد الحريري بعيداً عن الإعلام كما التقى النائب وائل أبو فاعور في إطار البحث في حل العقدة المتبقية بهدف الإسراع في تأليف الحكومة. وبينما أشارت مصادر اللقاء التشاوري لـ»البناء» إلى أن اللقاء مع الوزير باسيل كان إيجابياً مثمّنة مساعي الرئيس عون الرامية لحل العقدة السنية، لفتت المصادر إلى أن باسيل أقرّ بأحقيّة اللقاء في التمثيل، حتى ولو كان البعض يعتبر أن هناك اعتلالاً في الشكل. أكدت المصادر لـ»البناء» ان باسيل أشار الى ان حل العقدة يتطلب تنازل الجميع من دون استثناء، وتحدثت عن أن طرح باسيل يستند إلى:

تقديم الرئيس ميشال عون تنازلاً لجهة أن يتخلى عن الوزير السني على أن يستعيد الوزير الماروني من الرئيس المكلّف.

تسليم الرئيس الحريري بمنح المقعد الوزاري السني إلى اللقاء التشاوري للنواب السنة المستقلين.

على النواب السنة الستة التنازل بدورهم وتسمية شخصية تحظى بموافقة الرئيس المكلّف.

وتشير المصادر إلى أن اللقاء التشاوري أبدى اصراراً على أن يمثل اللقاء التشاوري بشخصية من النواب الستة، وأبدوا استغرابهم لكل هذا الرفض من الرئيس سعد الحريري، فكان جواب باسيل أن عليهم الجلوس مع الرئيس المكلف والنقاش في هذا الأمر في حين طلب نواب اللقاء التشاوري من باسيل استكمال مساعيه مع الرئيس المكلف، مشيرة الى أن أجواء إيجابية حيال تأليف الحكومة وتمثيل السنة المستقلين هو رهن الرئيس المكلف.

وشدّد باسيل من جهته على أن رئيس الجمهورية العماد ميشال عون «ليس طرفاً في هذه الإشكالية التمثيلية، وهو ليس لديه مشكلة، بوزير سني من «اللقاء التشاوري» أو بوزير من «المستقبل».

في المقابل، شدّدت مصادر تيار المستقبل لـ»البناء» على أنّ «ما يطرحه باسيل هو مشروع مشكلة وليس مشروع حلّ، ولن يقبل بتمثيلهم من حصته على الإطلاق، فالطرح سيخسر الحريري وزيرين، مشيرة الى ان الحل الوحيد يتمثل أن يتفاهم رئيس الجمهورية مع حزب الله والنواب السنة الستة على حل وسط لتمثيل شخصية من اللقاء أو من خارج اللقاء تحظى بموافقته وتكون من حصة الرئيس عون، وإلا فإن الامور ستبقى على حالها. فالرئيس المكلف قال ما عنده وانتهى الأمر، مشيرة الى ان الرئيس المكلف لم يلتق النواب سنة 8 آذار لأنه التقى بهم مع كتلهم النيابية خلال الاستشارات من دون ان تحسم المصادر إمكانية لقائه النواب السنة المستقلين من عدمه في إطار المساعي العونية. واشارت المصادر الى أن من يدّعي أنه متمسّك بالرئيس المكلف لتشكيل الحكومة عليه أن يعمل على إدخال الحريري «مكرسحاً» الى مجلس الوزراء، لأن القاعدة التي ينتمي اليها الرئيس الحريري لم تعد تحمل، وعندها لا داعي للدخول الى الحكومة، قائلة على حزب الله التراجع عن موقفه او فلتذهب القوى السياسية الى تسمية شخصية سنية غير الحريري الذي قال ما لديه لجهة رفضه تمثيل أي شخصية من النواب السنة المستقلين.

وشددت كتلة المستقبل على ان التشكيلة الحكومية جاهزة بإرادة ومشاركة معظم القوى السياسية، باستثناء الجهة التي ما زالت تتخلف عن الانضمام الى ركب المشاركة، وتصرّ على فرض شروطها بتمثيل مجموعة النواب الستة. وأكدت الكتلة في هذا المجال أن الدور المنوط بالرئيس المكلف في تشكيل الحكومة هو في صلب صلاحياته الدستورية، التي تخوله تحديد الخيارات المناسبة للتأليف وتحصين موقع رئاسة الحكومة في إدارة الشأن العام. وإن بعض المحاولات الجارية للالتفاف على هذه الصلاحيات والخيارات، لا تعدو كونها خروجاً على الأصول والأعراف وسلوكاً غير بريء لتحجيم الدور الذي يضطلع به الرئيس المكلف. وإذ نوّهت الكتلة بالمساعي التي يرعاها الرئيس العماد عون، لتحقيق خرق في الجدار المسدود، جدّدت الدعوة الى وعي تحديات المرحلة والتوقف عن سياسات استنزاف الوقت، والمبادرة الى تسهيل مهمات الرئيس المكلف.

وكان الملف الحكومي حضر في عين التينة وبيت الوسط، حيث عرض الرئيس نبيه بري التطورات الحكومية مع النائب وائل ابو فاعور، في حين التقى الرئيس المكلف الوزير ملحم الرياشي وجرى عرض لآخر المستجدات الحكومية والأوضاع العامة.

الى ذلك أبرق الرئيس الأميركي دونالد ترامب الى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري لمناسبة الذكرى الخامسة والسبعين لاستقلال لبنان. وأكد الرئيس الاميركي «وقوف بلاده الثابت في دعم ازدهار لبنان وأمنه وسلامه، كما أشاد بالتقدم الذي تحقق خلال العام المنصرم لجهة إجراء الاستحقاق الانتخابي النيابي ومكافحة الإرهاب». وأشار الى تطلع الولايات المتحدة للعمل مع الحكومة اللبنانية الجديدة الملتزمة الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله السياسي.

في إطار آخر، ردّ النائب في البرلمان السوري عن مدينة حلب فارس الشهابي على رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل من دون أن يسمّيه، فقال في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، «عزيزي الذي تسيء لسوريا ولتضحياتها الكبيرة من اجل وحدة واستقلال وأمن لبنان شكّل حكومتك اولاً واحترم شعبك بالكهرباء والمياه والنظافة والقانون وبعدها تكلّم عن «الاستئلال»! التحرر لا يكون فقط من التدخل الخارجي او التبعية ولكن من الفساد ايضاً وبالدرجة الأولى».

وكان باسيل، قال من أمام لوحة الجلاء في نهر الكلب «نطلب من نواب كسروان أخذ الإذن اللازم لوضع لوحة عن الانسحاب السوري من لبنان، فهكذا ننسجم مع تاريخنا لأننا ناضلنا حين كان النضال واجباً وصالحنا عندما حان وقت المصالحة».

حياتياً، خلص اجتماع نواب بيروت الى التوقيع على إخبار موجّه الى القاضي سمير حمود ضد كل من يظهره التحقيق مشاركاً او محرّضاً بالتعدي على الأملاك العامة والإضرار بها. وقال النائب نزيه نجم بعد اللقاء «قدّمنا إخباراً واسعاً وعلى القضاء الكشف عن كافة الأسماء وسنقف بوجه كل من ألحق ضرراً ببيروت»، لافتاً الى ان «كل الأحزاب تقف اليوم يداً واحدة فمن غير المقبول ان تستباح كل الادارات ونبدأ من بيروت لنتوسّع نحو كل المناطق». وتابع «دعونا وزراء الداخلية، الأشغال، الطاقة، العدل والبيئة ومجلس الإنماء والإعمار ومحافظ بيروت ورئيس بلدية بيروت وبلديات الضاحية للاجتماع بهم غداً، للوقوف عند كافة المعطيات ونطالب وزارة الاشغال وبلدية بيروت تقديم الخرائط التنفيذية لـeden Bay والصرف الصحي».

اترك تعليقاً

Back to top button