السعودية للحريري: لعدم توزير «سني» خارج «العباءة»

روزانا رمّال

على الرغم من ان حزب الله او «المعني» الاول بأزمة التأليف الحكومية اليوم نظراً لما توقف عنده من اهمية «الوفاء» لحلفائه السنة خارج تيار المستقبل، فيما تبدو سياسة متبعة لدى الحزب كان اولها لحظة التمسك بترشيح عون لسنوات، قد اكد عبر لسان رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد ان الازمة الحكومية هي «داخلية» الا ان المعلومات الأمنية والدبلوماسية تشير العكس بما يضع علامات استفهام او «يؤكد» عدم رغبة حزب الله من صب الزيت على النار ورمي الاتهامات القادرة على حقن البلد اكثر. فقد كشف مرجع أمني كبير لـ«البناء» أن هناك طلباً أميركياً سعودياً للحريري بعدم القبول بأي شكل من الاشكال في الوقت الراهن بتوزير «سني» خارج العباءة السعودية او مؤيد للمحور الإيراني لما في ذلك من تعزيز لحضور إيران في الشارع اللبناني ومن وراءه السني المحلي والاقليمي في الوقت الذي تعمد فيه واشنطن مع حلفائها على عزل إيران وزجها ضمن منطق «التطرف». وهذا من شأنه التأثير على حسابات المملكة الإقليمية، خصوصاً لارتباط المحاور بعضها ببعض وبينها ما يختص بالحكومة العراقية وتجاذبات إيرانية سعودية أميركية هناك فلا يأخذ الحريري على عاتقه هذا التنازل الكبير. ويكشف المصدر ان «لا حكومة قبل نهاية العام لأن الامور لا تبدو أنها متجهة نحو تسوية واضحة المعالم قريباً».

كلام المصدر أكده تصريح علني للمملكة العربية السعودية على هامش جلسة مؤتمر التعاون الخليجي الذي انعقد في السعودية، حيث عبر وزير خارجية السعودية عادل الجبير بوضوح عن موقف السعودية الداعم للحريري بكل ما يقرّر مديناً سياسات حزب الله «التخريبية» كما أسماها في لبنان ما يعطي جرعة دعم إضافية لمساعي الحريري وتمسكه بموقف لم يعُد على ما يبدو ملكاً له بل صار يمثل تنازلاً عن محور بأكمله ومصالح كبرى تتوقف عندها المملكة العربية السعودية، لكن الامور لا تبدو بالاتجاه الذي يصب لصالح الحريري بعد بدء حديث حول البحث في امكانية سحب التكليف وبين هذا وذاك فإن اكثر المتضررين هو الشارع اللبناني الذي ينتظر فرجاً ينعش اقتصاده المنهار.

السفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه رفع الصوت لجهة ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة وانقاذ مؤتمر سيدر وإلا فإن هناك من سيفقد لبنان الفرصة وتستغلها دول أخرى. وهذا ما يبدو مؤلماً لفريق بنى أغلب اتفاقاته السياسية و«الثنائية» على آمال هذا المؤتمر المنشود هذا بغض النظر عن الاوضاع المأزومة التي يعيشها الرئيس الفرنسي اليوم ايمانويل ماكرون. وكان فوشيه قد صرح بالاشهر الماضية في اكثر من مناسبة معبراً عن اهتمام بلاده الكبير بالمؤتمر، معتبراً ان «هناك أملاً في أن يجمع هذا المؤتمر أكبر عدد ممكن من الفرقاء وأن يسمح للبنان بتنفيذ الخطة الاستثمارية الطموحة المقترنة بالإصلاحات بهدف استحداث فرص العمل اللازمة لإعادة إطلاق عجلة الاقتصاد بشكل مستدام».

وفيما يتلقف اللبنانيون نتائج المبادرات المطروحة وتوسيع حكومة مفترَضاً بين تشكيلتي 32 و36 وزيراً عرف عدم قبول الحريري بالأولى، فان الاجواء المشحونة في الساعات الماضية لجهة اشاعة مناخ متوتر بين قصر بعبدا وبيت الوسط، فان الاستياء الملحوظ من الحريري لجهة سفره خارج البلاد في الوقت الذي يحتاجه البلد من أجل المزيد من التفاوض واللقاءات وعدم إضاعة اي دقيقة قادرة على انقاذ الوضع الاقتصادي، فإن الأمور لا تزال على حالها في عطلة نهاية أسبوع لم تأتِ بأي جديد، بل على العكس زادت قناعة عند المتابعين بأن الامور لا تتجه نحو الانفراج.

وفيما تترقب المنطقة تطورات تفرج عن الساحتين اللبنانية والعراقية المرتبطتين بشكل كبير على ما يبدو نظراً للنفوذ الإيراني المتوزع عبر حلفاء كشفوا عن تقدّم واضح المعالم في سياسات البلدين المحلية، تصبح التحديات الأمنية اكبر تجاه لإمكانية تقطيع الوقت في لبنان عبر تمرير رسائل ورسائل مضادة في وقت تتكثف أجواء الدعم وأصوات التأييد ما بعد حادثة «الجاهلية « بين داعم للحريري وقوى الأمن ورافض لها وغيرها مما تتكفل به الحدود اللبنانية مع الأراضي المحتلة والتطور الحاصل لجهة بدء عملية «درع الشمال» التي تضغط باتجاه المزيد من إشاعة أجواء اللااستقرار الحدودي.

وبالعودة لتشكيل الحكومة اللبنانية فالاحتمالات فتحت على كافة الصعد في الوقت الذي يؤكد فيه أغلب الأفرقاء عدم نيتهم التخلي عن الرئيس سعد الحريري، ومن بينهم حزب الله وحلفاؤه الذين لا يعتقدون أن هناك بديلاً أفضل في الوقت الراهن، الا ان هذا لا يعني ان يصرف هذا الموقف باتجاه تعطيل البلاد بدون إيجاد حل ملائم وكل شيء صار وارداً، ومنه تحرك الشارع، اذا ما بقيت الامور على حالها. وفي هذا الحال فإن استغلاله من قبل جهات ترغب بالعبث بالساحة اللبنانية ستكون الأكثر حظاً.

اترك تعليقاً

Back to top button