وحدة الهدف ووحدة البندقية ووحدة المفهوم الطريق الوحيد للانتصار…
اياد موصللي
قال سعاده: «إننا نواجه الآن أعظم الحالات خطراً على وطننا ومجموعنا فنحن أمام الطامعين المعتدين في موقف يترتب عليه إحدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة أو الموت وأية نتيجة حصلت كنا نحن المسؤولين عن تبعتها…»
وسيلعب السيف «الإسرائيلي» في رقابنا ما دامت هذه الرقاب محنية على النطح، وسيبقى سيفهم أشدّ فتكاً من ألسنتنا التي تلعق يد الظلم والبطش.
انّ ما يجري اليوم واضح فاضح، فـ «إسرائيل» حققت المرحلة الأولى من مشروعها بالاستيلاء على الأرض وتريد تحقيق المرحلة الثانية والأخيرة وهي طرد ما تبقى من الفلسطينيين وتوطينهم حيث ينتشر الآخرون في البلاد والأقطار المجاورة وتحقيق التوطين الدائم.. عبر المشروع الأميركي المعروف بصفقة العصر بالنسبة إليهم و»صفعة» أو «بصقة» العصر بالنسبة إلينا.
المدماك الأول بدأ يوم أعلنت السلطة الأميركية اعترافها بالقدس عاصمة لـ «إسرائيل» وانّ فلسطين هي أرض «إسرائيل» بامتداد دولتها.. معتمدة في تحقيق وتمرير صفقتها على مجموعة العربان. بدءاً من السعودية وانتهاء بعُمان التي كانت أكثر وضوحاً في كشف علاقتها بالدولة الصهيونية المغتصبة للدين والدنيا.. واستقبلت رئيس وزرائها نتن ياهو بشكل رسمي وعلني وبحفاوة.
نحن نشاهد اليوم بوضوح خطوات التطبيع مع تلك السلطات والمشيخات والإمارات والممالك التي لا الدين الذي حرّم التعامل مع اليهود منعهم من إقامة هذه العلاقات ولا الجوار والصلات المتعدّدة مع شعبنا في فلسطين والشام والعراق استطاعت إيقاظ شعورهم بأنّ هؤلاء اليهود هم الأعداء الحقيقيون.
وقد قال سعاده: كلنا مسلمون لرب العالمين منا من أسلم لله بالقرآن ومنا من أسلم لله بالإنجيل ومنا من أسلم لله بالحكمة وليس لنا من عدو يقاتلنا في ديننا ووطننا الا اليهود».
ولم يتعظوا بالآية الكريمة التي قالت: «ولتجدن أشدّهم عداوة للذين آمنوا اليهود والذين اشركوا…»
انّ ما جرى ويجري في عالمنا اليوم ما كان له ان يتمّ لو كان هنالك وعي ووضوح رؤية لدى شعوبنا وقادتنا… فالخضوع الأعمى من قادة وزعماء هذه الأمة وانسياقهم وراء مشيئة الولايات المتحدة والعالم الغربي الضامن المنفذ لمشاريع «إسرائيل» هو الذي أوصلنا الى هذه الحالة. إنّ ما نشاهده اليوم من تحركات وانتفاضات وما سنشاهده مستقبلاً لم يحصل نتيجة الوعي والإدراك فحسب، فالوعي والإدراك استغلّ ووجه بشكل يؤدّي الى إجهاض المضمون النهضوي والتقدمي بحيث تنحرف هذه الانتفاضات عن أهدافها السامية بهدوء لتصبح تغييراً في الشكل لا في المضمون. انّ ما جرى وما سيجري لاحقاً كان عملية استباقية لثورة الألم والقهر لدى أجيالنا بحيث تتجه الإمكانيات غير وجهة الأمنيات، فيتمّ التغيير في الشكل والمظهر ويجهض المضمون بكثرة المطالب وتنوّع الشعارات… فإذا تتبّعنا ما بشر به حكماء صهيون في بروتوكولاتهم لاتّضحت لنا الصورة أكثر ولفهمنا سرّ هذا التحرك الثوري في عالمنا دفعة واحدة وبتوقيت متقارب ووفق وتيرة متشابهة. أننا نخشى اليوم على هذه الحركات الثورية المعمّدة بدماء شبابنا من تدخل المخطط الصهيوني لركوب الموجة وتوجيهها نحو أهداف غير أهداف شعبنا، إذ أننا نتابع هذه الأيام تحركات ليست من الثورة في شيء. فجرائم القتل والسرقة ونهب الثروات العامة والخاصة وانعدام أمن المواطن لا يمكن أن يحدث ذلك بدون ترتيب مسبق لا سيما أنه يجري بنفس النسق الذي مرّ على العراق خلال السنوات المنصرمة فالمخطط واحد وإن اختلف المنفذون.
انّ الانتفاضات الأخيرة على كلّ ما توحيه من بشائر اليقظة لا توحي بالأمل لأنّ هذه التحركات على طهارة المندفعين بوحيها الباذلين من أجلها فإنني أخشى انّ حصادها سيكون مراً وأنها حملت أمراضاً كانت واحدة من أسباب سقوطنا، فظهرت العصبيات في بعض البلدان والمذهبيات، والطموحات الدينية، إنّ العدو لا يزال قادراً على إبدال الوليد فيسرقه من أمه ويبدّله بآخر ليربى بحليبها مجدّداً ويأكل ثديها… انّ الدول التي تسارعت لإظهار دعمها لانتفاضة شعوبنا أتت على أساس انّ من حضر السوق باع واشترى، فسارعت للتأييد والدعم وهي التي خلقت وأوجدت ودعمت وساعدت تلك الأنظمة والحكومات المنبثقة عنها، والعرب بدلاً من ان يكون القرار قرارهم سارعوا لتأييد دول دعمت «إسرائيل» ولا تزال في كلّ إجراء قرّرت اتخاذه. مهما كان الحاكم سيئاً او حسناً فعلينا نحن ان نحاسبه لا ان نكون شريكاً لتدخل أجنبي يقتل هذه الانتفاضات ونجعل ثمارها خيراً وغلالها أرزاقاً لشعوبنا وأجيالنا ولا تجعلنا نندم لحصولها وتترحّم على من انتفضت شعوبنا عليهم، انّ ما خطط ويخطط لسورية هو من هذا المعهد الهدام المعادي لكلّ طموحاتنا وأفكارنا وآمالنا وأقطارنا. أراد العدو زرعه طائفياً عبر تحركات إرهابية ولكن الوعي والإدراك الوطني أفشل هذه المؤامرة.
انّ تأمّلاً واعياً متحرّراً، لمفاهيم هذا العدو الذي أصبح قابعاً بين ظهرانينا وما يجري على ساحتنا وفي كواليس ودهاليز الحكم والسياسة من فوضى وتخلف يجعلنا نربط بين ذلك كله وبين الأصابع الخفية لهذا العدو. ولا نبعده أبداً عن كلّ الحوادث التي وقعت سواء منها تلك الاغتيالات والتي طالت جهات عديدة في لبنان بالذات والتفجيرات والاضطرابات والانتفاضات الفوضوية التي حدثت وتحدث في بلاد العرب، انّ معرفة أهداف وتوجهات العدو لا تكفي إذا أُخذت بشكل معلومات ثقافية تزيد معرفتنا بل علينا تربية أجيالنا على تحديد وسائل مجابهة هذه المخططات والأفكار والتوجهات لا ان نقع تحت براثنها بشكل او بآخر.
لقد اعتبروا كلّ أعمالهم مشروعة، لا بل انه مذ نشأ هذا الشعب قام على تعاليم خاصة منظمة هي دستوره وثوراته وليست على تعاليم ديانة سماوية مثل الديانات الأخرى. «إسرائيل» مشروع عدواني مستمرّ لأنه نتاج عقيدة آمن أتباعها بأنهم شعب مختار»، وانّ كلّ ما عداهم هو من «الغوييم» ايّ الغوغاء الذين لا يستحقون الحياة وكلّ تعامل مع «إسرائيل» دون معرفة أهدافها هو سراب في سراب.
انّ «إسرائيل» تفتعل الأحداث وتقنص الفرص من أجل ارتكاب عمل يتمم مخططاتها ويقرب نواياها المتجددة دائماً، القائمة أساساً ووجوداً على الدماء.
وانْ كان قولنا هذا سينسب الى حقدنا، فإليكم ما يقوله اليهود أنفسهم والذي عليه يتربّون ومنه يتغذون كما جاء في البروتوكول الأول صفحة 186:
«دولتنا الماضية قدُماً في طريقها، طريق الفتح السلمي، من حقها ان تبدل أهوال الفتن والحروب بما هو أخفّ وأهون وأخفى على العيون وهو إصدار أحكام بالموت ضرورية من وراء الستار فيبقى الرعب قائماً وقد تبدّلت صورته. فيؤدي ذلك إلى الخضوع الأعمى، قل هي الشراسة ومتى كانت في محلها ولا تتراجع الى الرفق غدت عامل القوة الأكبر في الدولة. ونعود فتقرّر أنه العنف».
هذه هي القاعدة والدستور الذي تسير على هدية حكومة «إسرائيل» وشعبها. والبحث عن السبل الآمنة والطرق السالكة كالبحث عن السلم وتوسّله بالاستسلام… عبثاً التوسّل والاستنجاد عبثاً تقبيل الأيادي، عبثاً التمسك بأذيال الذلّ والخنوع مع شعب هذا هو إيمانه. وحدها وقفة العزّ هي الردّ والجواب.
انّ تأمّلاً واعياً متحرّراً، لمفاهيم هذا العدو الذي أصبح قابعاً بين ظهرانينا وما يجري على ساحتنا وفي كواليس ودهاليز الحكم والسياسة من فوضى وتخلف يجعلنا نربط بين ذلك كله وبين الأصابع الخفية لهذا العدو. ولا نبعده أبداً عن كلّ الحوادث التي وقعت سواء منها تلك الاغتيالات والتي طالت جهات عديدة في لبنان بالذات والتفجيرات والاضطرابات والانتفاضات الفوضوية التي حدثت وتحدث في بلاد العرب، انّ معرفة أهداف وتوجهات العدو لا تكفي إذا أُخذت بشكل معلومات ثقافية تزيد معرفتنا بل علينا تربية أجيالنا على تحديد وسائل مجابهة هذه المخططات والأفكار والتوجهات لا ان نقع تحت براثنها بشكل أو بآخر.
حدّدنا المرض قدر استطاعتنا على التشخيص المبني على شهادات تخرّج مارسنا دروسها وأجرينا تمارينها على أرض التجربة والمعاناة الحسية والعينية فهل يبقى دورنا هو هذا وتنتهي مهمتنا… أم اننا نؤمن بانّ فينا قوة لو جرى تفعيلها لغيّرت مسار التاريخ، وهل ستفعل تلك القوة ام تبقى حبيسة الإرادات المتخاذلة، انّ ايماننا بقضيتنا إيمان حق وإرادة لا إيمان إحساس وتوسّلات، وهذا يجعلنا نرى المستقبل الزاهي يشرق على أمتنا والإرادة الحرة سوف تحقق ذاتها بما يؤدّي الى انتصار فلسطين. فليس عاراً ان ننكب ولكن العار كلّ العار ان تحوّلنا النكبات من أمة حرة الى أمة ذليلة مستعبدة مكبّلة بقيود الذلّ والعبودية والاستسلام. إذ تمرّ على الأمم الحية القوية المحن والصعاب بل والنكبات، فلا يكون لها خلاص منها الا بالإرادة وبالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة وانني لأرى في أجيالنا المعاصرة وما استشفه من أجيالنا القادمة الأمل الكبير في تحقيق إرادة الأمة إرادة الحياة والبقاء والاستمرار لأنّ العمالة والاستسلام قد أعطت رصيدها وانّ إملاءات القوى التي توغلت في أرضنا ونفوسنا لم تعد تستطيع ان تفرض المزيد وان سنوات إهمال الحقوق وبصم صكوك الاستسلام قد شارفت على النهاية فإذا كان أجدادنا قد شاهدوا الفاتحين وعاشوا تحت ذلهم وظلهم فإنّ أبناء أمتنا في أجيال الحياة الجديدة والإرادة الجديدة سيضعون حداً للفتوحات، انّ فجراً جديداً بدأت خيوطه تلوح في الأفق وما حصل في ذكرى 15 أيار عام 2011 وما رافقها من ومضات العز سواء في تجاوز الأسلاك الشائكة للحدود المصطنعة أم في تجاوز أسلاك التوجيه المتخاذل، ما جرى في تلك الفترة ان هي إلا شرارات النار التي سوف تلتهب على أرضنا لتحرق الغزاة والطغاة بأيادي الأباة من قادة المستقبل وطلائع رايات فرسانه.
أنا لا اتنبّأ بل أرى واستطلع علائم العنفوان مثلما شاهدت علائم الاستسلام من عمائم الذلّ والهوان. انه ليوم قريب حين نشاهد جحافل النصر وبيارقه خفاقة… انّ زوال وانحسار المؤامرات التي أدّت الى ضياع فلسطين سيؤدّي حتماً الى زوال ما يدعى بدولة «إسرائيل».
انّ هذه المخيمات وتجمعات الذلّ التي أقاموها ستتحوّل الى معسكرات ينطلق منها الأحرار الأباة ولن تطول فترة الانتظار ولن تبقى النار تحت الرماد فالنار اشتعلت وسيكون وقودها وحطبها أولئك الساعون إلى إقامة مخيمات البؤس لتكريس حالة الانكسار وإيماننا هذا هو وليد إرادتنا لا دعواتنا ولا صلواتنا ولا قراءات الغيب…
لذلك على شعبنا بمنظماته المتعدّدة والمتنوّعة في ايدولوجياتها وولاءاتها القطرية وتنافر قيادتها، ان تقتنع بوحدة قرارها. إنّ استرجاع فلسطين مصلحة فوق كلّ مصلحة، فتعمل لتحقيق هذا الهدف بتوحيد البندقية والراية… فعودة فلسطين هي الدين والدنيا، فلا حماس ولا جهاد إسلامي، ولا فتح ولا جبهة شعبية بتنوّعها، ولا ديمقراطية ونضال، ولا صاعقة، ولا ولا… بل يد وإرادة فلسطينية واحدة تضع حداً للشرذمة وتضع حداً للهرولة والزحف وراء أولئك الذين جلبوا الويل والكارثة، وتقبر التخاذل والمتخاذلين، ننظف بيتنا الداخلي ونفتح القبور للخونة والمتعاملين مع العدو أو مع الأنظمة المتواطئة معه. ويصبح نشيدنا واحداً، كلنا للوطن…
بعد كلّ هذا نعود لما قاله أنطون سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لامم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الأمة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوّتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. واذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».