رسائل « البشير» تصل إلى خصوم سورية في لبنان

روزانا رمّال

تنفّس الرئيس السوداني عمر البشير الصعداء أخيراً بزيارة الصديق العزيز الرئيس السوري بشار الأسد بعد انقطاع «أرغم» عليه البشير لسنوات، حسب مصادر «مقربة» بعدما صار مهدداً بوجوده على رأس السلطة في البلاد، البشير اول الواصلين الى دمشق وأول من وطأت قدماه ارض الثورة المفترضة وأول من زار سورية حاملاً الكثير من الرسائل «الكبيرة» والتي تؤكد انقلاب المشهد السياسي والعسكري بالمنطقة. جاء البشير ليقول كلمة واحدة «انتصر الأسد» بقي على رأس السلطة في بلاده وها نحن نعود من البوابة نفسها التي كان من المفترض أن يخرج منها كما سمع البشير من زعماء الخليج في السنوات الماضية لحظة سؤال و»عتاب».

ضحكة البشير تتحدّث عن انفراج كبير حيال العلاقة بين البلدين من ورائها حسابات تبدّلت برمّتها وتطورات سياسية ضخمة بينها قراءة ما وراء الزيارة التي ضجت بها وسائل الإعلام الإقليمية والدولية وهي مؤشرات التقدم العربي باتجاه سورية والذي يمثل أول بوادره الرئيس السوداني الذي بشّر بعودة العلاقات السياسية والدبلوماسية والاقتصادية الى ما كانت عليه سابقاً وفتح صفحة جديدة مع دمشق قوامها احترام سيادة البلدان، لكن الأكثر قوة وحضوراً هي الحساب السياسي التي تقيمه السودان بعلاقتها الجديدة بسورية ومعروف عن ارتباطها بالمملكة العربية السعودية ولهذا أهداف لامست الاستراتيجية وحافة الهاوية باللعب بين البلدين. فواضح أن البشير لم يستسلم للأمر الواقع الخليجي بداية الأحداث العربية، ولم يكن ضمن القطار الداعي لإسقاط الأسد وصار بعد ضغوط كبرى أحد ركائز الدعم للسعودية «عسكرياً».

السودان هي الدولة التي شكلت بوقت من الأوقات الأكثر قدرة على إنقاذ التحالف العربي بحربه على اليمن، وتحديداً الجيش السعودي الذي لجأ الى سودانيي الأصل من اجل الانضمام لهذا التحالف فصارت ركيزة الجنود المعوّلة عليهم حرباً ضروس لم تنته حتى اللحظة، لكن بوادر نهايتها صارت اقرب هي الأخرى بتوقف اطلاق النار بالحديدة وما يعنيه ذلك من بدء تبلور صيغة جديدة للوضع السياسي الذي حكم لسنوات المنطقة بغض النظر وفق اي حساب، لكنه بلا شك لا يصب في مصلحة الخليجيين في اليمن ولا في سورية بعد ان صاروا كمن يلتحق بركب الحدث بدل صناعته كما كان مأمولاً.

زيارة البشير أكدت لحلفاء المملكة العربية السعودية على امتداد المنطقة أن الأمر قد قضي واكدت ما كان يشاع عن لسان الأمير محمد بن سلمان حيال سورية والرئيس الأسد وقد صار اليوم حقيقة بانه باقٍ وأن التواصل السعودي السوري موجود منذ أكثر من سنتين عبر معنيين أمنيين بالتالي صار لزاماً على باقي الحلفاء قراءة المشهد.

الحليف السعودي الاول في لبنان هو تيار المستقبل الذي سيكون أمام إحراج كبير تفرضه المملكة العربية السعودية بمجرد شروع أول وفد سعودي باتجاه سورية أو العكس بطريقة علنية وبمجرد الإعلان عن عودة السفارات، والحديث عن هذا صار علناً من جهة الإمارات وتجهيز السفارة في سورية الذي هو هدف إماراتي جاد.

رسالة البشير التي وصلت الى مسامع الأفرقاء في لبنان حلفاء المملكة العربية السعودية أحيت، حسب مصادر مطلعة لـ»البناء» «إمكانية عودة قريبة لإدارة سياسية محلية في البلاد تشبه الـ»سين سين» التي ستضع الحريري بموقف لا يُحسد عليه وهو الذي اكد في غير مرة انه لن يهادن مع سورية وهو موقف قد يكون الحريري تورط به مع العلم ان لديه رغبة كبيرة بالمشاركة في إعادة إعمار سورية حسب ما تتداول الاوساط السياسية الاقتصادية وهو أتى على ذكر لبنان في أكثر من محفل دولي لهذا الغرض آخرها «لندن» لاعتباره منصة دولية لإعادة الاعمار الواعدة في دمشق، لكن السؤال حول دمشق بذاتها وعما اذا كانت ستتقبل السعودية مع «ذيول» المرحلة وما فيها من تجاذبات وتوابع ام انها ستحصر العلاقات الرسمية برمزية العودة والحضور»، ويختم المصدر «بدون شك سيبدأ المعنيون في لبنان بعد زيارة الرئيس السوداني بتغيير مستوى اللهجة والخطاب، وهذا هو المتوقع في المرحلة المقبلة.

من الحديدة الى قصر الشعب في سورية توضحت التوازنات الجديدة وصارت أسهل على الساسة المحليين لقراءة ولملمة تداعيات وذيول مرحلة قاسية، لكن الأقسى هو إعادة ترتيب المشهد مع تقبل أمر واقع لا يحتمل سياسة الانكار التي قد تعود سلباً على الأوضاع الاقتصادية التي تتراجع بوضع عراقيل لإعادة عقارب الساعة السياسية الى الوراء.

دبلوماسيا يرخي السفراء الخليجيين في لبنان اجواء واضحة حيال تواصل مع سورية عبر الأراضي اللبنانية وبينها ما كان يتم منذ أكثر من سنتين وربما تكون المهمة المقبلة الموكلة إليهم الطلب من الأفرقاء المعنيين بمخاصمة سورية «تاريخياً» بدء التراجع والتبدل حيال الموقف، منها خصوصاً أولئك الذين اصطفوا بأوامر خليجية خلف فكرة التخلص من النظام السوري وذهبوا الى آخر الطريق وصار التراجع اصعب لعلها تكون المهمة الاصعب التي تحتاج لوقت يبدو أنه لن ينتظر لحمله مفاجآت كتلك الزيارة المفاجأة لزيارة الرئيس السوداني الى سورية.

اترك تعليقاً

Back to top button