أجّلتم الحكومة لتمرّروا القمة… فلتأجّلوا القمة لتشكّلوا الحكومة
ناصر قنديل
– الأجواء الآتية من كواليس المشاورات العربية حول دعوة سورية لحضور القمة العربية الاقتصادية في بيروت، تكشف حجم التلاقي بين لائحة من الأطراف الداعية للتمهل في عودة سورية إلى الجامعة العربية ودعوتها إلى القمم العربية، وحيث تحمل التمنيات الأميركية رائحة الحسابات الإسرائيلية، تحت شعار «أن الأهم ألا يبدو أن خصوم سورية قد هزموا وأن سورية قد انتصرت»، تسمح بفهم حجم لائحة الذين يجمعهم هذا الشعار، والتدقيق باللبنانيين من بينهم، ولكن خصوصاً ما تبرزه الأجواء من مساعٍ حثيثة بذلها الرئيس المكلف بتشكيل الحكومة سعد الحريري، لطلب عدم إحراجه وفريقه وحلفائه بدعوة سورية، وتقديم غياب حكومة فاعلة كعذر للعجز عن اتخاذ قرار لبناني موحّد، يكشف العلاقة بين تشكيل الحكومة وانعقاد القمة ودعوة سورية لحضورها.
– خلال ثمانية شهور نجح الرئيس المكلف بتأجيل ولادة الحكومة، متنازلاً عن صفته كصاحب صلاحية أولى في إنتاج التشكيلة الحكومية، بهدف رمي المسؤولية بالفشل الحكومي، الشبيه بالفشل الكلوي في الأجساد البشرية، على سواه، فهو مرّة غير معني لأن القضية بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، ومرّة بين القوات ورئيس الجمهورية حول منصب نائب رئيس الحكومة أو حول الحقيبة السيادية، ومرّة بين رئيس الجمهورية والحزب التقدمي الاشتراكي حول المقعد الدرزي الثالث، وبعد حين يكشف أنه تجاهل طلب ثنائي حركة أمل وحزب الله بتمثيل نواب اللقاء التشاوري، والتجاهل لتظهير المطلب كعقدة في طريق التشكيل، وترك البلد بلا حكومة، وبقاء الرئيس المكلف بلا مسؤولية، وصولاً للقول إن العقدة هي في الثلث المعطل الذي يطلبه رئيس الجمهورية ورئيس التيار الوطني الحر، بينما يحتفظ الحريري وحده بالثلث المعطل مرتاحاً، متفرجاً تاركاً البلد بلا حكومة، وطريق ولادتها سهل وستظهر سهولته عند ولادتها ويكون السؤال مشروعاً: لماذا تمّ هذا الآن ولم يتم من قبل، كما في كل مرة؟
– نصب الحريري ومن وراءه فخاخاً للجميع، ويجب الاعتراف أنهم وقعوا فيها، عندما أوحى لهم أنه يتنازل عن دوره في تشكيل الحكومة لهم، وهو في كل مرة يؤكد أنه يفعل ذلك ليحمل سواه مسؤولية عدم ولادة الحكومة، لا أن يمنحه شرف حل عقدها، فتهرّب الحريري من معادلة عادلة لتوزيع المقاعد بين فريقي 14 و8 آذار وفاز مع حلفائه في 14 آذار بضعف عدد مقاعد خصومه في 8 آذار تقريباً، وتبادل مع رئيس الجمهورية مقعداً سنياً بمقعد ماروني ليحمله مسؤولية تمثيل اللقاء التشاوري، ويحتفظ بحق الفيتو في التمثيل ليضمن الفشل، والحصيلة أمامنا، تنازلات من الجميع والحريري رابح، لكن الآخرين يحملون مسؤولية بقاء البلد بلا حكومة، وهو هنا رابح مرة ثانية، لأن القضية أن تبقى البلد بلا حكومة حتى تنعقد القمة العربية، بحضور سورية فيغيب كرئيس حكومة تصريف أعمال، أو بغيابها فيحضر، وفي الحالين تولد الحكومة بعد القمة.
– المعادلة التي أعلنها رئيس المجلس النيابي نبيه بري بالدعوة لتأجيل القمة بسبب غياب حكومة في لبنان، تجيب على كل الأسئلة وتقول ضمناً، أجلتم الحكومة لتمرّروا القمة، فلتأجّلوا القمة حتى تشكلوا حكومة.
– هل يتلقف رئيس الجمهورية دعوة بري، لوضع النقاط على الحروف؟