لأتباع أميركا: استفيقوا
معن حمية
جرعات الدعم التي قدّمها مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد هيل ومرافقوه إلى أتباع أميركا في لبنان، تتمتع بخاصية نادرة، لأنّ مفعولها لا يقتصر على التخدير وحسب، بل يجعل كلّ من يتلقاها غائباً عن الوعي ومنفصلاً عن الواقع.
صحيح أنّ هناك انقساماً حاداً في الإدارة الأميركية على خلفية قرار ترامب الانسحاب من سورية، ولكن هذا الانقسام لا يلغي حقيقة أنّ رأس الإدارة الأميركية اعترف من خلال قرار الانسحاب بفشل مخطط أميركا في سورية، ولذلك، فإنّ الولايات المتحدة تحتاج إلى مَن يخفّف عنها وطأة الفشل والهزيمة، وليس العكس.
على كلّ حال، فإنّ مدير الاستخبارات القومية الأميركية، دان كوتس، كان واقعياً خلال عرض تقريره أمام لجنة الاستخبارات لمجلس الشيوخ التابع للكونغرس، حيث أكد أنّ قوات الجيش السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد «هزمت المعارضة لدرجة كبيرة وتسعى حالياً لاستعادة السيطرة على كامل أراضي الدولة». وقد أسهب مدير الاستخبارات الأميركية في شرح هزيمة الإرهاب ورعاته، مؤكداً أن الدولة السورية انتصرت، وذلك بناء على ما تجمّع من معلومات استخبارية ووقائع ميدانية.
ولكن، من الصعب جداً أن يفهم أتباع أميركا في لبنان، وهم في حالة تخدير وانفصال عن الواقع، بأنّ قرار ترامب الانسحاب من سورية هو تعبير عن فشل مدوّ، وأنّ تقرير كوتس اعتراف بانتصار الدولة السورية وهزيمة الإرهاب، وأنّ مجيء «الديفيدَيْن» هيل وساترفيلد إلى لبنان، لا يعدو كونه مجرد «سياحة سياسية» لا تغيّر في الواقع شيئاً.
بعض اللبنانيين، وللأسف لم يستفيقوا بعد من تأثيرات المخدّر الأميركي، وهم «يتفاصحون» في المواقف والتصريحات، ويقدّمون أنفسهم «دراكولا» هذا الزمان، معلنين الوقوف «بالمرصاد» لصدّ «محاولات سورية استعادة علاقاتها مع لبنان»… إنها حقاً لمفارقة!
إنّ ما لا يفهمه أتباع أميركا في لبنان، أنّ الشام التي لم تخذل لبنان يوماً، وقفت إلى جانبه في أصعب الظروف، أسقطت مشروع تقسيمه وصانت وحدته، أحبطت الفدرلة ومشاريع الإدارات المدنية وساهمت في بناء مؤسسات الدولة كافة، دعمت المقاومة بمواجهة الاحتلال اليهودي، وقدّم جيشها تضحيات جساماً دفاعاً عن لبنان. وما قدّمته سورية من أجل لبنان واللبنانيين، لا يتنكّر له إلا الذين أعمى الحقد بصيرتهم، والذين راهنوا على عتو الاحتلال و17 أيار الخياني.
بالمناسبة، سورية لا تحتاج لبنان معبراً لعودتها الى جامعة الدول العربية. فهذه المسألة محسومة سوريّاً، والمعادلة بالنسبة لدمشق واضحة، وهي عودة الجامعة إليها، لأنّ بعض الدول العربية التي كانت سبباً في تجميد عضوية سورية، هي التي تآمرت على السوريين ودعمت الإرهاب وموّلته. وهذه الدول والممالك والإمارات هي من يجب أن تطلب الصفح.
في الأحوال كلّها، لا بدّ من لفت الانتباه، إلى أنّ سورية وفي ظلّ الحرب الإرهابية الكونية ضدّها، أجرت أكثر من استحقاق ديمقراطي رئاسي وبرلماني وبلدي، ضمن مواعيدها، وشكلت أكثر من حكومة في غضون ساعات أو أيام. أما في لبنان فقد استغرق تشكيل الحكومة 9 أشهر، من دون الاكتراث بمصالح البلد والناس.
لأتباع أميركا، استفيقوا من التخدير، كفى استثماراً في معاناة النازحين السوريين. كفى نعيقاً، فالعلاقة مع سورية مصلحة للبنان واللبنانيين، واعلموا أيها المخدَّرون أن بيروت من دون دمشق بلا دور وبلا روح.
عميد الإعلام في الحزب السوري القومي الاجتماعي