صفقة القرن تترنّح بين عواصم الإذعان والمقاومة الفلسطينية تناور بعواصم الممانعة!
محمد صادق الحسيني
يسابق الرئيس الأميركي الريح في الانتقال بالرهان من عاصمة الى أخرى من عواصم التبعية والخضوع لتمرير مخططة المشؤوم في تصفية القضية الفلسطينية دون جدوى!
فشل محمد بن سلمان في إدارة صفقة القرن وتراجع حظوظه في تربع عرش المملكة المتهاوي دفع بدونالد ترامب بنقل المهمة من كتف الأمير المتعثر الى كتف الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي…!
فقد أفاد مصدر أمني أجنبي، متابع للشأن الفلسطيني، ان مسؤولاً كبيراً في مخابرات السيسي المخابرات العامة المصرية قد أبلغ رئيس حركة حماس، السيد اسماعيل هنية الذي يزور القاهرة حالياً، بما يلي :
رفض وزير المخابرات المصرية، وبالتالي الرئاسة المصرية، تنفيذ هنية جولته الخارجية، التي ينوي خلالها زيارة دول عدة عربية وأجنبية، قبل أن يوافق على العرض الذي قدم له، في غزة قبل ايّام، خلال اللقاء الذي عقد بينه وبين مسؤول في المخابرات المصرية ومبعوث الأمم المتحدة للسلام السيد ميلادينوف، الذين قدموا له مشروع اتفاق أو تفاهمات تهدئة، بين فصائل المقاومة و»إسرائيل»، يقوم على :
تقديم تسهيلات انسانية، من فتح معابر الى السماح بدخول البضائع لأسواق القطاع وتسهيلات مالية مختلفة.
تشكيل لجنة إدارية، تكون مهمتها إدارة قطاع غزة، بما في ذلك مالياً، وتعمل تحت إشراف دولي.
تقوم هذه اللجنة بحصر سلاح مختلف فصائل المقاومة وتتولى تنظيم استخدام هذا السلاح، تحت إشراف المخابرات المصرية حتى الآن وقد يقترحون إدخال جهات دولية أخرى للإشراف على هذا السلاح أو بالأحرى سحبه من أيدي المقاومة .
تم إبلاغ السيد هنية بأنه إذا لم يوقع على هذه الوثيقة، التي عرضت عليه ومن خلاله على المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، فلن يسمح له بالسفر من مصر إلا الى لقاءات موسكو التي دعت لعقدها الخارجية الروسية.
الهدف من وراء هذه الإجراءات المصرية المجحفة بحق السيد هنية والمهينة لجميع فصائل المقاومة، هو منعة من السفر الى تركيا، الى جانب إيران ولبنان وذلك لأن وزير المخابرات المصري «مقتنع» بأن إيران وحزب الله بشكل خاص، اللذين سوف يحرضانه على رفض الموافقة على الصيغة المطروحة، حسب الوزير المصري.
إذ إن مصر مكلفة رسمياً، من قبل البيت الابيض، بترتيب هذا الجانب من صفقة القرن، والمتمثل في خلق الظروف اللازمة، لإنشاء دولة فلسطينية في قطاع غزة. وبالتالي فإن وزير المخابرات المصرية يعتبر أن فشله في إرغام المقاومة الفلسطينية، على الموافقة على التفاهمات المطروحة وبالصيغة الأميركية الإسرائيلية، سيؤدي إلى إضعاف دور مصر وتعزيز الدور الإيراني الروسي في موضوع القضية الفلسطينية.
أكد المصدر أن فصائل المقاومة الفلسطينية الاخرى في غزة غير موافقة على الصيغة المطروحة. وعليه فلن يكون باستطاعة حماس تحمّل تبعات الدخول في مواجهة مع هذه الفصائل، خاصة أن موقف الأغلبية في حركة حماس، وفِي الجناحين السياسي والعسكري، يرفض الخضوع لشروط «إسرائيل» والولايات المتحدة.
لذلك فإن المصدر يعتقد بأن السيد هنية سيضطر للسفر الى موسكو فقط والعودة الى قطاع غزة بين 12 الى 15 الشهر الحالي ، الا اذا تدخلت موسكو لدى السيسي لطلب رفع القيود المصرية، المفروضة على جولة هنية الخارجية التي يرغب بها.
هذا وتجدر الإشارة الى ان هنية الذي يتعرض لضغوط هائلة من قبل القيادة المصرية سبق له أن شارك في الاجتماع الثلاثي الذي عقد في غزة يوم 1/2/2019، حيث شارك فيه مبعوث السلام الأممي ميلادينوف ومسؤول كبير في المخابرات المصرية، وجرى خلاله بحث مواصلة تطبيق تفاهمات التهدئة، بين فصائل المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة من جهة وحكومة الاحتلال من جهة أخرى، وأنه قد تم بناءً على أمر مباشر من البيت الأبيض لكل من :مصر / «إسرائيل» / السعودية / قطر / الإمارات، للقيام بما يلي :
على الجميع المذكورين أعلاه تقديم او الموافقة على كل «التنازلات» التي تطلبها حماس، في ما يتعلق بتخفيف إجراءات الحصار على قطاع غزة تدريجياً، وبشكل فوري وقبل موعد لقاء المصالحة الفلسطيني الفلسطيني، الذي اقترحت موسكو عقده هناك أواسط
الشهر الحالي.
2 – يجب العمل على إنشاء او تشكيل لجنة إدارية فلسطينية، لإدارة شؤون المواطنين في قطاع غزة، بما في ذلك الشؤون المالية. ويحبذ أن تشارك فيها جميع التنظيمات الفلسطينية الناشطة في القطاع.
3 – يتم إنشاء هيئة دولية للإشراف على إيصال المساعدات والأموال الى سكان قطاع غزة، وذلك بهدف تحسين الوضع المعيشي للمواطنين تمهيداً للبدء بتنفيذ مشاريع إعادة إعمار قطاع غزة، وذلك من خلال تفعيل قرارات مؤتمر القاهرة لإعادة إعمار قطاع غزة، الذي عقد بتاريخ 12/10/2014 وتقرر خلاله جمع خمسة مليارات وأربعمئة مليون دولار لتمويل ذلك.
4 – في إطار تقديم التسهيلات لقطاع غزة تقوم مصر بفتح معبر رفح البري ومعبر صلاح الدين التجاري بشكل كامل مع الأخذ بالاعتبار ضرورة التزام حركة حماس بتهدئة مسيرات العودة وذلك تسهيلاً لمواصلة الجهود.
5 – توضع أسلحة فصائل المقاومة الفلسطينية، جميعها وبمختلف أنواعها، تحت إشراف اللجنة الإدارية التي ستتولى إدارة قطاع غزة، وتكلَّف مصر بالإشراف على أمن السلاح يعني عدم استخدامه من قبل فصائل المقاومة .
6 -بعد تنفيذ الخطوات المذكورة أعلاه والتأكد من نجاحها، تبدأ الجهات الدولية المعنية بتفكيك السلطة الفلسطينية في رام الله، عبر استخدام العديد من الأدوات والأساليب، وذلك تسهيلاً لإعادة الحياة الى مفاوضات فلسطينية إسرائيلية، تفضي الى اتفاق سلام بين الطرفين يعني تطبيق صفقة القرن وإخضاع المواطنين الفلسطينيين، دون أرضهم، في الضفة الغربية لسيادة «إسرائيل» .
وتابع المصدر قائلاً :
7 – إن هدف الولايات المتحدة، من الاستعجال في تنفيذ الخطوات المتعلقة بقطاع غزة، في إطار صفقة القرن، يتمثل في قطع الطريق على موسكو للعودة بالإمساك بخيوط الحل للقضية الفلسطينية، عبر المصالحة الفلسطينية الفلسطينية التي تعمل على تحقيقها، تحضيراً لمؤتمر دولي للسلام في الشرق الأوسط ستدعو لعقده روسيا.
وذلك تكريساً للنجاحات العسكرية التي حققتها في سورية، الامر الذي سيؤدي الى تعزيز حضورها، ليس فقط في حوض البحر المتوسط، بل في جميع انحاء الشرق الأوسط وصولاً الى مضيق جبل طارق، وما يعنيه ذلك من مكاسب استراتيجية تؤثر بشدة على توازن القوى في الشرق الأوسط وجنوب أوروبا.
8 -تعتقد المخابرات المصرية أن حركتي حماس والجهاد الاسلامي ستكونان إكثر مرونة، في هذه المرحلة، وذلك لقناعة الفصيلين بأن الدعم الإيراني لهما سيتقلص بشكل مؤثر، نتيجة للعقوبات المفروضة على إيران، حسب تقدير قيادة جهاز المخابرات المصرية طبعاً.
9 – وأن ما يعزز هذه القناعة، لدى قيادة المخابرات المصرية، هو تقييمها للحوار، الذي أجراه السيد حسن نصر الله مع قناة الميادين، على أنه كان مخيباً لآمال الفصائل الفلسطينية، وذلك لعدم تركيزه على القضية الفلسطينية، ومرونته غير المعهودة في كل الموضوعات التي تطرق اليها.
10 – ستقوم المخابرات المصرية بالطلب من وفدي حركتي حماس، والجهاد الاسلامي بشكل خاص اللذين سيزوران القاهرة قريباً صاروا في القاهرة ، ضبط العناصر المسلحة «المنفلتة» في غزة، مثل المجموعة التي قنصت الضابط الإسرائيلي على حدود القطاع الشمالية، خلال المواجهات التي جرت بين المواطنين وجيش الاحتلال يوم 22/1/2019.
11 – تجري حركة حماس مشاورات مع فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في غزة، حول كل ما ذكر أعلاه، في الوقت الذي رفضت فيه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين هذا التوجه، «كما رفضنا مشروع الانتخابات في الضفة»، حسب تعبيرهم. ولا معلومات عن موقف بقية الفصائل حتى الآن.
ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.
بعدنا طيبين، قولوا الله.