أربعون ربيعاً من ثورة ضد العبودية والطغيان
العلامة الشيخ عفيف النابلسي
أربعون ربيعاً من عمر ثورةٍ قلبت مفاهيم العالم ومعاييره وموازين قواه، وما زالت كالموج الهادر الذي لا يتوقف، تفكك الأوهام وتفضح الكذب الدولي وتفضح الشعارات الزائفة، وتقاوم كل ظالم وفاسد، وتناصر كل مظلوم ومستضعف. ثورة فجّرها إمام امتلأ بالإيمان والحكمة والشجاعة ووضع أمام شعوب الأرض قاطبة رؤية جديدة تُعين الإنسانية على العيش بسلام وعدل.
الثورة الإسلامية الإيرانية هي إرادة الإنسان المؤمن القادرة على الانتصار في وجه كل إرادات الطواغيت الداعية إلى محوه، والإرادة الرافضة للذل والمهانة والاستعباد، الإرادة المتصلة بالمطلق لتصنع حداً نهائياً للفاسدين والظلمة.
الثورة اليوم هي في عمر الحكمة والرشد والنضوج، الثورة التي تندمج فيها روح النبوات وأصالة التاريخ بقوة المعرفة
وما زالت تواصل حركة تقدّمها في الميادين كافة لتظهر نموذجها الرائد الذي يشكل مقياساً في إدارة الحياة والمجتمع.
بدأت الثورة تشق غمار فرادتها في إطار الالتزام بقواعد الإسلام الأصيلة، واختيار ما هو الأصلح في القرارات والمبادئ المرتبطة بالعلاقات الدولية. فنجحت في إبراز منطقها المناصر للإنسان، وللشعوب المستضعفة، واحترامها سيادة الدول مع تأكيدها والتزامها الوقوف إلى جانب الحق ومواجهة المستكبرين.
رغم كل التحديات وصلف بعض الدول خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، فإن الجمهورية الإسلامية الإيرانية على سياق متسارع مع التطور، وثبات في الإرادة، وتقدّم في العلم والمعرفة، والأهم أنها جمهورية متحررة من التبعية ومن البهارج الدولية الفارغة، ومن التحالفات السياسية والعسكرية والاقتصادية القائمة على الأنانيات والاستعداء والغرور الدولي. إيران تُمثل روحية العدل والاستقامة والتعاون في وجه الأزمات المفتعلة التي أحالت العالم كرة من الطمع والحسد والحروب، وجعلت الإنسان يعيش أقسى العذابات.
لذلك نعتقد أن الثورة الإيرانية هي رؤية للخلاص خلاص الشعوب من الظلم والغلبة المزيفة والشجع الاقتصادي الذي لا حدّ له والتسلط من أجل دفع الدول الصغيرة والضعيفة للارتهان والاستسلام.
ثورة الإمام رضوان الله تعالى عليه كانت بحق ثورة الإنسان في كل بقعة من الأرض ضد العبودية.
في عام 1979 سقط الشاه وما زال أكثر من شاه وأكثر من فرعون ينتظر سقوطه على يد الشعوب المظلومة التي تكافح من أجل حريتها.
العالم يتغيّر وسيتغيّر أكثر لصالح الفقراء والمستضعفين. من إيران بدأت القصة وستنتقل ترددات الثورة إلى كل نواحي الأرض لتكتب ولادة جديدة للبشرية.