إرهابيون ضدّ أعدائنا والخونة في أمتنا وستبقى المقاومة أصغر جيش أذلّ العدو الصهيوني
اياد موصللي
في 2 تشرين الثاني 1917 أعلن وزير خارجية برطانيا بلفور وعده بإنشاء ما أسماه «وطناً قومياً لليهود» في فلسطين.
وفي تموز 1936 صدر تقرير لجنة اللورد بيل البريطاني وفيه مشروع تقسيم فلسطين إلى دولتين فلسطينية ويهودية.
وفي 24/2/2019 أعلن وزير خارجية بريطانيا جيريمي هانت باسم حكومته أنّ حزب الله اللبناني هو حزب إرهابي… وحزب الله مقرّه الرئيسي في لبنان وهو يمثل المقاومة اللبنانية ضدّ «إسرائيل» التي كانت تحتلّ لبنان لعدة أعوام، وأجبرتها ضربات المقاومة على الاندحار والانسحاب من الأراضي اللبنانية المحتلة باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وقرية الغجر.
بريطانيا ينطبق عليها قول الأديب القومي الرفيق سعيد تقي الدين «أفصح ما تكون القحباء عندما تحاضر بالعفاف».
لولا بريطانيا ووجودها محتلة مستعمرة أرض فلسطين لما تهيّأت الظروف لاستقرار اليهود والتمتع بالحماية والدعم والمساندة التي أسّست لقيام دولتهم وتمكينهم من السيطرة. ولولا الإرهاب البريطاني الاستعماري لما كانت النكبة وضياع فلسطين وتشريد أهلها.
واليوم تجد «إسرائيل» نفسها عاجزة عن فرض إرادتها وتحقيق رغباتها بالسهولة التي كانت تملكها بفعل القوة التي بين يديها، والضعف الذي يواجهها قبل أن تنشأ المقاومة وتفرض إرادتها وتقف وقفة العز… فاستنجدت بأميركا التي أرضعتها من ثديها فأنجدتها بكلّ السبل والميادين… ولكي لا تكون سلة بريطانيا فارغة أو لكي لا تطلع من المولد بلا حمّص، كما يقول المثل… أدلت بدلوها وأعلنت حزب الله إرهابياً وهي التي كانت ولا تزال أمّ الإرهاب وأبوه…
والآن نريد أن نسأل البريطانيّين لماذا هذا الاندفاع والسخاء في الدعم للمواقف «الإسرائيلية»… من وعد بلفور ولجنة اللورد بيل والانسحاب المفاجئ من ميناء حيفا في 24 نيسان 1948 وقبل الموعد المحدّد والمعلن في شهر أيار مما أتاح لليهود الفرصة للسيطرة على الميناء وجعله مورداً ومستقراً للأسلحة التي تدفقت عبره.
كانت بريطانيا تقدّم الوعود الكاذبة لأهالي فلسطين وتقدّم العون المادي والعسكري لليهود وتهيّئ لهم جيشاً يستطيعون بواسطته تحقيق مشروعهم وبناء دولتهم.. وفي المقابل وعودهم الكاذبة تقدّم لنا…
ويقول لورنس البريطاني عن تلك الفترة في الصفحة 388 من كتابه أعمدة الحكمة السبعة:
«لقد صدّق هؤلاء العرب رسالتنا وآمنوا بتحقيقها، فارتضوا الموت لأنفسهم في سبيلها».
إنّ قصة الثورة العربية من أوّلها إلى آخرها ليست سوى قضية حياة أو موت بالنسبة للعرب، أمـا نحن فقد تبنّيناها حباً بأنفسنا، أو على الأقلّ طمعاً بكسب مستقبل ولم يكن في مقدورنا تحاشي ذلك إلا بخداع أنفسنا في ما نشعر ونحسّ به».
ويقول في الصفحة 392 من نفس الكتاب، نثر الوعود في كلّ الاتجاهات والى كلّ الفرقاء بعد وعدها أ للشريف حسين ب ووعدها للحلفاء ج للجنة العربية، طلعت الحكومة البريطانية بوعد رقم 5 أطلقه اللورد روتشيلد للقوة الجديدة فدغدغت أحلامها بمكاسب ممكنة في فلسطين ويعني به «وعد بلفور لليهود…»
يحدّثنا التاريخ الحديث للصهيونية العالمية أنه عام 1902 عرض هرتزل على الثري اليهودي البريطاني اللورد ناثينيال روتشيلد بمساعدة الصحافي البريطاني الصهيوني ليوبولد غيرينرغ تخليص بريطانبا من المتشرّدين اليهود القادمين من روسيا بإسكانهم في قبرص أو في شبه جزيرة سيناء. وقد اهتمّ وزير المستعمرات البريطاني آنذاك جوزيف تشمبرلن بهذه الفكرة واعتبرها مغرية لتحقيق التوسع البريطاني بالاعتماد على اليهود إضافة إلى تخليص بريطانيا منهم. فبعث هرتزل رسالة إلى تشمبرلن جاء فيها أنّ توطين اليهود شرق البحر المتوسط سيقوّي إمكانية الحصول على فلسطين.
يخطئ من يظنّ انّ حكومة بريطانيا هي حليف للسياسة الأميركية. فبريطانيا هي الذيل الأميركي منذ ان مدّت أميركا نفوذها نحو العالم.. وهي لا تريد ان تترك أميركا لوحدها على الساحة الدولية وهي أشبه بالجوارح التي تراقب السباع وهي تأكل فريسة اصطادتها.. ومتى شبعت تركتها وذهبت فتأتي الجوارح لتأكل ما تبقى من الفطيس.
وهذه صورتها في قرارها الذي أصدرته مؤخراً ضدّ حزب الله والمقاومة في لبنان…
حزب الله اللبناني قلباً وقالباً وإيماناً نعت بالإرهاب وهو لم يقم بأيّ عمل عدواني ضدّ أية سلطة او دولة خارج حدود بلاده، ولم يعرف إلا بعد مواقفه ضدّ «إسرائيل»، تلك المواقف التي أجبرت العدو على الانسحاب من لبنان…
نريد من أولئك الذين يدافعون عن الحرية ان يقولوا لنا متى وصفت «إسرائيل» بالإرهاب رغم كلّ إرهابها منذ أن فتكت بالقوة البريطانية في حيفا وقتلت كلّ أفرادها وعن بكرة أبيهم عام 1947… ورغم أعمالها في دير ياسين وقانا ومخيمات صبرا وشاتيلا في بيروت.
ماذا فعلت المقاومة اللنبانية التي يمثلها حزب الله حتى ينعت بالإرهاب؟ وعلى أيّ شعب او بلد اعتدت.
لقد ظهرت المقاومة بعد أن احتلت «إسرائيل» لبنان وتمادت في عدوانها… ورسمت مخططاتها بالسيطرة كما يصفها الصهيوني الملتزم فلاديمير جابونتسكي في كتابه الصادر عام 1923 «الجدار الحديدي ـ نحن والعرب».
إذ كتب: اما أن ينتهي الاستعمار الصهيوني واما أن يستمرّ ضدّ رغبة السكان الاصليين… التسوية الطوعية مع العرب لا وجود لها… فبدون السلاح لا يمكن أن يتحقق الاستعمار… فالصهيونية مشروع استعماري… من المهمّ التكلم بالعربية ولكن الأهمّ هو القدرة على إطلاق النار.
هذا الكلام وهذا التصرف لا يقابل بالأزهار والياسمين ولكن روح الاستعمار والسيطرة أملت على اميركا وبريطانيا جعل المقاومة اللبنانية إرهاباً لإخفاء الدور «الإسرائيلي» الحقيقي…
ويقول لينين في رسالته الى مؤتمر السلم الدولي الذي انعقد في لاهاي في شهر كانـون الأول 1922 ما نصه: «إننا لا نعطي للجماهير أية فكرة واضحة عن الأسباب التي تؤدي الى انفجار الحرب، والأسباب التي تقود إليها، ومن واجبنا ان نوضح للمواطنين الوضع الحقيقي، وان نكشف لهم النقاب عن أسباب تحضير النزاعات».
انّ قيام دولة اسرائيل واستمرار تفوّقها العسكري والصناعي ونموّها السكاني بحاجة منا لحزام أمان ردعي واقتصادي لا توفره الأوضاع الموجودة، وإذا أيقنّا انّ كلّ دول العالم وشعوبها تحسب مستقبلها لمئات السنين وتنظر الى الأفق وتخطط للبعيد وتعمل من أجل أجيال لم تولد بعد علمنا عندئذ بماذا يفكر اليهود ومن وراءهم وما هو مصيرنا ومستقبلنا…!
لذلك كانت المقاومة وكانت ضرباتها الموجعة والتي أحبطت المخططات «الإسرائيلية».. فمنذ مؤتمر بال في سويسرا عام 1896 إلى يومنا هذا واليهود يحدّدون أهدافهم ويرسمون خطواتهم لتحقيق تلك الأهداف بمنهجبة واضحة..
انّ تصنيف المقاومة بالإرهاب هو رداء لتغطية أهل الإرهاب من أعراب الخليج في حربهم على اليمن وتمويلهم الجماعات التكفيرية وتسليحها في حروبها وإرهابها بالشام والعراق ولبنان.
لم يوصف اليهود بالإرهاب رغم أنه أحد صفاتهم في مشروعهم قبل الاستيلاء على فلسطين والذي أعلنه مناحيم بيغن وابرهام شتيرن واسحق شامير وديفيد بن غوريون ويقضي:
1 ـ الضغط على الجيش الانكليزي يهدد وجوده ويرهبه فيضطر الى الانسحاب المبكر.
2 ـ إرهاب العرب يشكل يجعلهم يرحلون طلباً للسلامة.
ولتنفيذ الجزء الأول، قام مناحيم بيغن وابراهام شتيرن واسحاق شامير وديفيد بن غوريون بعمليات تفجير وإلقاء قنابل، كما عمدوا الى قتل الجنود البريطانيين وخنقهم بأسلاك البيانو، وتشويه جثثهم وإلقائها في العراء حتى تجدها السلطات البريطانية وترعب الجنود، ثم فجروا فندق الملك داوود في القدس وقتل فيه أكثر من مئة شخص، وابتكروا الرسائل المفخخة وأرسلوها حيث تنفجر وتخلق ضحايا، واغتالوا وسيط الأمم المتحدة الكونت برنادوت لأنه أظهر اهتماماً بحقوق الفلسطينيين وكتب تقريراً عبّر فيه عن رأيه وموقفه كان يحمل شيئاً من الإنصاف والنظرة المتوازنة إلى الأوضاع في فلسطين.
الإرهاب الذي توصف به المقاومة هو صنعة نفاخر بها ونعتز… إرهاب عدوّ احتلّ ارضنا وقتل وشرّد شعبنا هو معتقد روحي ووطني وأمر به الله حيث ورد في الآية الكريمة: «وأعدّوا لهم ما استطعتهم من القوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم».
ونعود لما قاله سعاده: «اننا لا نريد الاعتداء على أحد ولكننا نأبى أن نكون طعاماً لامم أخرى، اننا نريد حقوقنا كاملة ونريد مساواتنا مع المتصارعين لنشترك في إقامة السلام الذي نرضى به، وإنني أدعو اللبنانيين والشاميين والعراقيين والفلسطينيين والأردنيين إلى مؤتمر مستعجل تقرّر فيه الامة إرادتها وخطتها العملية في صدد فلسطين وتجاه الأخطار الخارجية جميعها، وكلّ أمة ودولة إذا لم يكن لها ضمان من نفسها من قوّتها هي فلا ضمان لها بالحياة على الإطلاق.
يجب أن نعارك يجب أن نصارع، يجب أن نحارب ليثبت حقنا. وإذا تنازلنا عن حق العراك والصراع تنازلنا عن الحق وذهب حقنا باطلاً، عوا مهمّتكم بكامل خطورتها ولا تخافوا الحرب بل خافوا الفشل».
عندما نتحدث عن الإرهاب والتوحّش فانّ كتب التاريخ تحدّد من هم الإرهابيون ونقول لحكام أميركا وبريطانيا والغرب اقرأوا تعرفوا من هم أهل الإرهاب وصنّاعه…! الإرهاب عقيدة دينية وفكرية وإيمانية لدى اليهود:
«لأنك انت شعبٌ مقدّس للرب إلهك، إياك قد اختار الرب إلهك لتكون له أخلص من جميع الشعوب الذين على وجه الأرض «سفر التثنية 70».
انّ العدوانية والحقد والكراهية في نفوسهم ليست وليدة نزوة أو حالة هستيرية يصابون فيها بلحظة ما إنها عقيدة إيمانية في نفوسهم مستمدّة من تعاليم دينية غذت في نفوسهم كره الشعوب الأخرى كرهاً بلغ حدّ القتل دون رحمة للشيخ والمرأة والطفل…
والصورة التي حملها بنو «إسرائيل» في نفوسهم عن يهوه، هي الصورة التي شكلوا خطوطها من أهدافهم، ومزجوا ألوانها من أطماعهم، وحدّدوها في إطار من الروح التي حملوها في صدورهم، أرادوا ليهوه أن يكون إلها قاسياً مدمّراً، يملي على شعبه الخاص دروساً في الحقد والوحشية، ولذلك أنت تتمثله، في قراءتك لكتاب التوراة العهد القديم قائداً يخطب في إحدى محاضراته الحربية بروح عنصرية ساخطة ناقمة حاقدة على جميع الشعوب وكأنه قائد مقهور يروي غليله وحقده العنصري، يتمثل دماء أعدائه تسقي الجبال، ونتانة جيفهم تصعد في الهواء ويلجم أنياب الانتقام التي تنهش صدره برؤية سيفه المتخم بلحم أعدائه وسهامه السكرى بدمهم، يقول أشعيا «إنّ للرب سخطاً على كلّ الأمم، ومحواً على كلّ جيشهم، قد حرّمهم. دفعهم للذبح فقتلاهم تطرح، وجيفهم تصعد نتانتها، وتسيل الجبال بدمائهم «سفر أشعيا 34». فهل هذه صفات رب البشرية الذي تؤكد الأديان انه رب الرحمة والغفران وانه سبحانه هو الرحيم على عباده؟
ونتمثل «رب الجنود يعرض جيش الحرب «سفر اشعيا» فيرتاعون ويبهتون لانّ يوم الرب قادم قاسياً يسخط وهو غضب، ليجعل الأرض خراباً… يزلزل السماوات وتتزعزع الأرض في سخط رب الجنود، وفي يوم حمو غضبه.. فيكونون كظبي طريد، وكغنم بلا راع.. يحطم أطفالهم امام عيونهم، وتنهب بيوتهم، وتفضح نساؤهم «سفر اشعيا 13».
«حين تقترب من مدينة لكي تحاربها استدعِها الى الصلح فإنْ أجابتك إلى الصلح وفتحت لك فكلّ الشعب فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك» سفر التثنية 10 و 11 .
وتتمثل الرب ياتي من بعيد، غضبه مشتعل، والحريق عظيم، شفتاه ممتلئتان سخطاً ولسانه كنار آكلة، ونفخه كنهر غامر يبلغ الى الرقبة «سفر اشعيا 30».
يخطب في شعبه المختار فيقول: «انا يهوه، وليس من إله معي، اسكر سهامي بدم، ويأكل سيفي لحماً بدم القتلى والسبايا، ومن رؤوس قواد العدو… الرب ينتقم بدم عبده، ويردّ نعمة على أعدائه ويصفح عن أرضه وعن شعبه سفر التثنية «وتتمثله وهو يملي على أتباعه شريعته المفعمة بمشاعر العدوان، ونزعة التعطش الى شرب دماء الأمم… فيقول بلسان النبي حزقيال: «لا تغفل أعينكم ولا تعفوا الشيخ والشاب والعذراء والطفل والنساء اقتلوا للهلاك» سفر حزقيال 9.
هذا هو الإرهاب ايها الأوباش.. أما المقاومة في لبنان فهي تحقيق إرادة الحياة ووقفة عز لأمة أبت أن يكون قبر التاريخ مكاناً لها في الحياة، وهي إيمان بأنه تمرّ على الأمم الحية ظروف عدوانية فلا يكون لها خلاص منها الا بالبطولة المؤيدة بصحة العقيدة…
المقاومة هي ترجمة الإيمان بالأمة والأرض والقوّة التي لو فعلت لغيّرت مجرى التاريخ، ولأنها فعلت وغيّرت مسار العدوان ونزعت أنيابه فقد وُصفت بالإرهاب!
كنا ننتظر مما يسمّى الجامعة العربية بياناً يستنكر القرار البريطاني ولكن ظننا خاب.. حقاً اذا لم تستح فأفعل ما تشاء…
المقاومة مؤمنة بأنّ طريقنا طويلة وشاقة وهي طريق الحياة ولا يثبت عليها إلا الاحياء وطالبو الحياة أما الأموات فيسقطون على جوانب الطريق.
يتهاوى الخونة ويرتفع الأبطال والشهداء الذين هم أكرم من في الدنيا والآخرة… كلّ مناضل في هذه الأمة مؤمن بأنّ الدماء التي تجري في عروقنا هي وديعة الأمة فينا متى طلبتها وجدتها… وليكن كلّ واحد منا مؤمناً بانّ من تقاعس عن الجهاد مهما كان شأنه فقد أضرّ في سير الجهاد وحياتنا مع وجود هذا العدو جهاد مستمرّ يجعل كلّ مواطن منا خفيراً ساهراً واعياً يقظاً في المدرسة والمتراس، في البيع والشراء في اليقظة والمنام، لانّ آلاماً عظيمة آلاماً لم يسبق لها مثيل في التاريخ تنتظر كلّ مؤمن فينا.
إرهابيون… نعم إرهابيون ضدّ أعداء أمتنا.. ونقول لهذا العدو: الجرح ينطق يا فم ودم الفدى يتكلم
فأسكت فأنك انْ تكلمت الزوابع أبكمُ.