ماذا يجري غرب العراق؟
د. مصطفى حكمت
في خطوات ظاهرها قانوني سليم لجهة منع المجرمين من الإفلات من العقاب وحقيقتها خطة ممنهجة تروم لإعادة إدخال العراق في دوامة من الإرهاب والجريمة المنظمة من جديد، اذ تستمرّ عملية انتقال مسلحي داعش من شرق سورية إلى غرب العراق باعتبارهم من أصحاب الجنسية العراقية المعتقلين لدى قوات سورية الديمقراطية قسد ، وهو ما أعلنته خلية الإعلام الأمني في بيان، إذ كشفت أنّ من خلال المعارك بين «قسد» و«داعش» اعتقلت «قسد» عدداً من الدواعش داخل سورية ومن جنسيات متعدّدة بينهم عراقيون يقدّر عددهم بأكثر من 500 معتقل يجري تسليمهم على دفعات للقوات العراقية، إذ تمّ تأمين وصولهم إلى موقع عسكري في القائم من قبل الجيش العراقي والقوات الأمنية.
وأوضح البيان انّ هذه العملية تمّت تفادياً لإطلاق سراحهم من قبل قوات «قسد» حيث جرى التحرك بسرعة لمنع إطلاق سراحهم والعمل على تسلّمهم من قبل الجهات الأمنية العراقية ليتمّ اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
إلى ذلك كشفت مصادر مطلعة انّ عدداً من المخيمات في الشرق السوري تضمّ آلاف العراقيين الذين انضمّوا إلى «داعش» هم وعوائلهم ومعظمهم من القيادات الميدانية الرئيسية الخطيرة في التنظيم، وقد استطاع عدد منهم الهرب من هذه المخيمات والدخول إلى العراق تمهيداً لاستئناف أعمالهم الإرهابية، وهو ما نراه من خلال الانتكاسات الأمنية الأخيرة التي حصلت في أكثر من مكان في غرب العراق ووسطه بالتحديد.
من جهة أخرى عبّرت العديد من القيادات السياسية عن خشيتها مما يجري لجهة الدور الأميركي المريب في صفقة عودة هؤلاء المجرمين إلى العراق حتى وانْ تمّ تسلميهم للقوات العراقية، اذ بات واضحاً دور واشنطن للحفاظ على أكبر عدد ممكن من العناصر المتطرفة ما يمهّد لإعادة تدويرهم والاستفادة منهم حينما تقتضي الحاجة لذلك، حيث أتهم الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي الولايات المتحدة بأنها تأخذ الذهب العراقي إليها وتحوّل الدواعش إلى العراق.
بدوره اكد النائب عن كتلة «صادقون» حسن سالم انّ الأميركان يعدّون لـ«داعش» ثان في العراق من خلال إعداد وتدريب 3000 داعشي في وادي حوران غرب الأنبار ومن جنسيات مختلفة بحسب تصريحه.
وأكد سالم أنّ الأميركان قاموا بنقل قسم من الدواعش الى الحويجة والموصل وصحراء الأنبار لإعادة الانتشار والقيام بعمليات أمنية.
وطالب النائب من الحكومة العراقية بضرورة القيام بعمليات عسكرية واسعة في وادي حوران والحويجة وصحراء الأنبار ضدّ الخلايا النائمة والمشتبه بهم.
وعبّرت فصائل المقاومة العراقية عن أسفها للصمت الحكومي المماهي لرغبات واشنطن التي تدير الأمر بدون رفض أو حتى سؤال حكومي عما يجري رغم البيانات الرسمية التي تدّعي غير ذلك، وتبيّن انّ الحكومة تسيطر على خيوط اللعبة وتعلم بكلّ ما يجري على طرفي الحدود العراقية السورية رغم انّ هيئة الحشد الشعبي أعلنت على لسان نائب رئيسها ابو مهدي المهندس انّ القرائن والدلائل متوفرة وموثقة لجهة بيان الدور الأميركي في ترتيب خروج الدواعش من سورية والتنسيق معهم لإعادة استعمالهم داخل العراق.
بالنظر لما سبق تجدر الإشارة إلى انّ الانتكاسات الأمنية الأخيرة سببها الأساس هو التماهي والتسامح مع بقايا داعش والركون لما تحقق من نصر كبير عليها، فـ «داعش» لم ينته وهو يستغل الواقع السياسي غير المستقرّ في تلك المحافظات اضافة لنشاط القوات الاميركية عبر قواعدها المنتشرة بشكل واسع في غرب العراق وصولاً لشماله وعلى طول الحدود العراقية السورية لتحقيق الهدف الأميركي المتمثل بقطع التواصل البري بين بغداد ودمشق وتثبيت الوجود الأميركي في هذه المناطق بحجة إعادة ظهور «داعش»، وهو ما يبرّر الدفع الأميركي لوكلائها في سورية من «قسد» وغيرها بإطلاق سراح الإرهابيين العراقيين وتسهيل عودتهم للعراق وتوفير البيئة الحاضنة لإعادة عملهم داخل البلد وهو ما بشرت بإفشاله فصائل المقاومة العراقية وعبّرت عن قدرتها على استهداف القوافل المحمّلة بداعش المحمية أميركياً الأماكن التي يستقرّون فيها مستقبلاً…