الضجيج الانتخابي ليس قوة… «إسرائيل» أوهن من بيت العنكبوت
ناصر قنديل
– عندما يكتفي رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو بتوضيحات الوسيط المصري عن ظروف الطقس التي أدت لانطلاق صواريخ فلسطينية على تل أبيب لأنه يخشى الذهاب إلى الحرب عشية الانتخابات، بعدما كان الذهاب للحرب وصفة انتخابية نموذجية، وعندما لا تنفع الهدايا الأميركية والروسية في منح نتنياهو الفوز الآمن والواثق فيتأرجح على صوت زائد أو ناقص، مع حزب ولد قبل شهور قليلة شكّله جنرالات متقاعدون، لم يقدموا أي رؤية سياسية جديدة، وتلاعبوا بالكلمات بخطاب الليكود ذاته. وعندما يتوسل نتنياهو للناخبين للذهاب إلى صناديق الاقتراع قبل ساعتين من إقفالها، لأن الناخبين لا يكترثون جدياً والمشاركة أقل من اي انتخابات سابقة، فهذا كافٍ للتحقق من أن الضجيج الانتخابي ليس قوة، وأن «إسرائيل» فعلاً أوهن من بيت العنكبوت.
– قوة «إسرائيل» موجودة فقط في خطاب فريق عربي، يريد التهويل بهذه القوة لتبرير الانهزام والتطبيع وتمرير ما يطلبه الأميركي، خدمة لـ«إسرائيل» الضعيفة من كيس العرب، فما تعجز أميركا و«إسرائيل» عن انتزاعه من الفلسطينيين، يُراد أن يتولى العرب انتزاعه، وحديث حكام عرب أو نخب عربية أو قادة سياسيون عرب فلسطينيون ولبنانيون، عن خطر صفقة القرن، وخطر ما بعد إعلان القدس عاصمة لكيان الاحتلال، وما بعد الاعتراف الأميركي بضم «إسرائيل» للجولان السوري المحتل، هو خوفهم هم على خطابهم الذي سقط وموقعهم الذي يهتزّ، لأنهم قاموا وبنوا سياساتهم، وتشكّل خطابهم على فرضية وجود مشروع تسوية مع كيان الاحتلال، وهم يرونه يتبدّد، ويرون السياسة الأميركية اليائسة من إيجاد شريك فلسطيني يوقع على دفتر شروط أمن «إسرائيل»، إخلاء للساحة لمعادلة صراع الوجود بدلاً من صراع الحدود الذي قامت عليه النظريات العربية الرسمية والحزبية لنصف قرن مضى. وهذا يعني التسليم بانتقال الراية إلى الذين قامت معادلاتهم من الأصل على عقيدة صراع الوجود لا صراع الحدود مع كيان الاحتلال.
– لا صفقة قرن ولا توطين، ولا ضياع للجولان والقدس، فكل ما يجري هو توحيد لمصائر الأراضي المحتلة عام 1967 بالأراضي المحتلة عام 1948، وهذه نعمة لا نقمة. وهي نقمة على الاحتلال وعلى الذين بنوا خطابهم على فصل المصائر بين المناطق المحتلة، فكانت المعادلة، أراضي العام 67 عربية وأراضي العام 48 إسرائيلية، والمتباكون على الاعترافات الأميركية الجديدة، لا ينكرون أنهم كانوا مستعدين لمقايضة اعتراف أميركي بعروبة أراضي الـ67 باعتراف عربي بإسرائيلية أراضي الـ48. وهذا هو جوهر المبادرة العربية للسلام، ولو كان ممكناً لـ«إسرائيل» تحمل كلفتها لفعلتها، وكسبت الفوز بأكبر عملية خلط أوراق في المنطقة، وقادت أكبر إحراج لقوى المقاومة وحلفائها.
– أهم نتيجة تقولها الانتخابات الإسرائيلية هي مقاطعة أكثر من أربعة أخماس الناخبين العرب لأن سقوط فكر ومشروع التسوية أعاد الشعور لأبناء المناطق المحتلة العام 1948 بوحدة المصير مع أبناء المناطق المحتلة العام 1967، ودفن الرهانات على كذبة الديمقراطية الإسرائيلية بعد إعلانها دولة يهودية، وللذين يعرفون عمق الرموز التي يكتبها التاريخ بمغزى خاص، يرد الفلسطينيون بإسقاط كذبة الديمقراطية الغربية، في ذكرى سقوط بغداد أمام الغزو الأميركي.
– لم يعُد مهماً مَن يشكل حكومة الاحتلال، فهي حكومة الفراغ والضياع والشتات وقد فرغت الأرانب من أكمام دونالد ترامب، وبات على نتنياهو الراغب بتشكيل الحكومة والمرشح الأبرز للمهمة أن يستعدّ لمواجهة ساعة الحقيقة، كيف ستواجه حكومة بيت العنكبوت أعشاش الدبابير التي تحيطها من كل حدب وصوب؟