ثلاثة أهداف وراء إرسال سفن حربية بريطانية إلى الخليج

حسن حردان

تساءل المراقبون عن الأسباب التي دفعت بريطانيا إلى إرسال قطع من أسطولها الحربي إلى مياه الخليج، في أعقاب قيام حرس الثورة الإسلامية في إيران باحتجاز ناقلة نفط بريطانية، رداً على إقدام القوات البريطانية باحتجاز ناقلة نفط إيرانية في مضيق جبل طارق، وربط الإفراج عنها بأن تقدّم طهران ضمانات إلى لندن بأنّ الناقلة لن تتجه إلى سورية..

البعض رأى أنّ وراء ذلك قرار بريطاني أميركي بالتصعيد مع إيران مما قد يقود إلى مفاقمة التوتر الحاصل، وصولاً إلى اندلاع مواجهة عسكرية.. والبعض الأخر رأى أنّ هذه الحشود العسكرية البريطانية تندرج في سياق تشديد الحصار على إيران، فيما وضعها خبراء في سياق الإبقاء على التوتر في مضيق هرمز بغية تحقيق بعض الأهداف الأميركية البريطانية التي لا تصل إلى مرحلة تفجير حرب لا يرغب بها الجميع..

من الواضح أنّ وصول بعض القطع البريطانية إلى منطقة الخليج لا يرتبط بالإعداد لشنّ الحرب ضدّ إيران لأنّ مثل هذه الحرب سوف تلحق الضرر أيضاً بالوجود العسكري الأميركي البريطاني والقواعد والمصالح الأميركية البريطانية في منطقة الخليج، وذلك بسبب ما تملكه إيران من قدرات عسكرية نوعية وفعّالة للردّ على أيّ عدوان يستهدفها.. وهو ما أكدته التطورات على اثر إسقاط الحرس الثوري طائرة التجسس الأمريكية حيث اضطرت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى التراجع والامتناع عن الرد بتوجيه ضربة لإيران خوفا من الرد الإيراني وانزلاق الأمور نحو حرب واسعة مكلفة للجميع..

لذلك يمكن القول إنّ إرسال قطع حربية بريطانية مرتبط ببعض الأهداف الأميركية البريطانية التي يُراد تحقيقها من وراء الصورة التي تسعى كلّ من لندن وواشنطن إلى تظهيرها في المنطقة.. بزعم حماية ناقلات النفط من التهديد الإيراني، في حين يعرف الجميع أنّ من يقف وراء التوتر في الخليج هو الولايات المتحدة عندما أقدمت على الانسحاب من الاتفاق النووي وفرضت الحصار على إيران لمنعها من تصدير نفطها لإجبارها على الخضوع لشروط التفاوض معها، وفاقمت من هذا التوتر بإرسال حاملات الطائرات وسفن حربية أميركية أخرى إلى الخليج..

من هنا فإنّ الأهداف الأميركية والبريطانية المُراد تحقيقها إنما تتمثل في عدة عوامل، أوّلها هو تشديد حصار على الجمهورية الإيرانية الإسلامية، وتصدير صورة بأن طهران تهدّد الملاحة البحرية على عكس الحقيقة، وكذلك ابتزاز دول الخليج ودفعها للمزيد من شراء الأسلحة ودفع الأموال مقابل الحماية.

وهذا الأمر أماط اللثام عنه الرئيس الأميركي الذي تحدث مؤخرا أكثر من مرة، بشكل معلن، عن عدم استطاعته توفير الحماية للدول الغنية، في إشارة تحمل بين طياتها حث الدول على دفع الأموال لتوفير هذه الحماية، أو تأمينها بنفسها، إلا أنّ استمرار التوتر في المنطقة يصبّ في صالح الولايات المتحدة الأميركية التي تتقاضى المليارات مقابل صفقات الأسلحة والحماية وتغطية نفقات تواجدها العسكري في المنطقة..

لذلك فإنّ الأزمة بين بريطانيا والجمهورية الإسلامية تتجه للحلّ، خاصة بعد فتح قنوات تواصل مباشر وغير مباشر بشأن احتجاز ناقلتي النفط الإيرانية والبريطانية، وأنّ الأزمة باتت أقرب للحلّ، إلا أنّ المعضلة الآن تكمن في من يفرج أولاً عن الناقلة المحتجزة لديه.. بريطانيا التي بدأت بعملية الاحتجاز كما تطالب طهران أم إيران كما تطالب لندن..

قد يكون هناك مخرج بإطلاق الناقلتين في وقت واحد بحيث ترسو الناقلتان أولاً لدى طرف ثالث وسيط قد يكون عُمان.. على أنّ هذه المبادلة التي يجري الإعداد لها بطريقة من الطرق تثبت قواعد الاشتباك الجديدة التي فرضتها إيران وتقوم على الندية والردّ بالمثل على أيّ اعتداء يستهدفها في البر أو البحر.

كاتب وإعلامي

اترك تعليقاً

Back to top button